أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر خدام - هزيمة الشعب















المزيد.....

هزيمة الشعب


منذر خدام

الحوار المتمدن-العدد: 5965 - 2018 / 8 / 16 - 15:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد التغيرات الميدانية الحاسمة لصالح الجيش السوري خلال عامي 2017 و 2018، وبالتالي لصالح النظام بدأت أصوات "معارضة " تعلن هزيمة المعارضة بشقيها السياسي والمسلح، وبدأ بعض من يحسبون انفسهم على المجال الثقافي-السياسي بمحاولة "نقدية" لمسار الأحداث في الأزمة السورية ليس من اجل فهمها، كما ازعم، بل من أجل نوع من التطهر وتبرئة الذات من المسؤولية المباشرة عنها، أو المسؤولية الأدبية في الحد الأدنى. الذي انهزم هو الشعب السوري وليس المعارضة فقط، ولم يكسب، بطبيعة الحال، النظام.
كانت احلام السوريين كبيرة، احلام طالت كل جوانب حياتهم، أحلام بالحرية، وبالكرامة، وبحكم القانون، احلام تطمئنهم إلى لقمة عيشهم وإلى مستقبل اولادهم، احلام بأن يكون حكامهم من طينة البشر، يصيبون ويخطؤون، ويمكنهم مساءلتهم، لا من طينة "القديسين" لا يخطؤون، وويل لمن يجرؤ على نقدهم. بكلام آخر كانوا يحلمون بالتغيير والانتقال من النظام الاستبدادي إلى النظام الديمقراطي، إلى فضاء مشبع بقيم الحرية والمسؤولية والقانون.
ولتحقيق هذه الأحلام انتفضوا ثائرين ضد نظام فاسد مستبد، وقدموا على هذا الطريق مئات آلاف الشهداء، وملايين المشردين، عداك عن تدمير غير مسبوق في التاريخ للبنى التحتية والعمرانية للبلد. لقد تكالب النظام والمعارضة وجميع الدول التي دعمت النظام او المعارضة ضدهم فهزمتهم للأسف، لكنها الهزيمة التي تستثمر في التاريخ.
بحسب تقرير حديث صادر عن البنك الدولي فإن الخسائر التراكمية في رصيد رأس المال المادي في سورية من جراء الأزمة بلغت 226 مليار دولار أي نحو أربعة أضعاف الناتج المحلي السوري في عام 2010. يشير التقرير أيضا إلى أن نحو 7% من المنازل في سورية قد تم تدميرها كلياً، إضافة إلى نحو 20% منها قد طاله التدمير الجزئي. يقدر معدو التقرير الخسائر البشرية بين 400 و470 ألف وفاة، عداك عن نزوح نصف سكان البلد عن أماكن سكنهم. وإن تعطل التنظيم الاقتصادي تسبب بأضرار تفوق حجم الأضرار المادية. لقد أدى الصراع إلى تدمير عوامل الإنتاج وإعاقة عمليات التواصل الاقتصادي بين مختلف المناطق السورية، بل حطم في كثير من الحالات الشبكات الاقتصادية والاجتماعية وسلاسل التوريد، مما حد كثيرا من الحوافز لمتابعة الأنشطة الاقتصادية. تقدر الخسائر الناجمة عن كل ذلك بما يتجاوز خسائر تدمير رأس المال بـ 20% في السنوات الأولى للصراع، وتسبب في تراجع الاستثمار بنحو 80% وذلك من جراء تزايد المخاطر وتراجع مؤشر الربحية.
وتشیر التقديرات إلى أن إجمالي الناتج المحلي في سوریة انكمش بنسبة 63% بین عامي2011و2016 بالقيمة الحقيقية، مقارنة مع مستواه عام .2010 وقد أدى ذلك إضافة إلى تعطيل الشبكات الاقتصادية، ورأس المال البشري، والقدرة على التواصل إلى تفاقم الأضرار المادية على الخدمات العامة. لقد كانت الأضرار مرتفعة في قطاع الصحة، إذ تعرض نحو 16% من المنشآت الصحية في ثماني محافظات إلى تدمير كامل، في حين طال التدمير الجزئي نحو نصفها، وفي قطاع التعليم طال التدمير الكامل نحو 10 % من المدارس في حين تضرر جزئيا نحو 53% منها.
لقد كانت الأضرار الناجمة عن الصراع بالغة على الأرواح البشرية نتيجة التشرد والمغادرة القسرية لمكان السكن والعمل. لقد تشرد أكثر من نصف السكان الذین كانوا یعیشون في سوریة قبل الصراع. ووفقا لمفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، فإن العدد الإجمالي للسوریین المسجلین حالیا كلاجئین خارج البلاد في لبنان وتركیا والأردن والعراق ومصر وشمال أفریقیا یبلغ 4.9ملیون. وبالإضافة إلى ذلك، فأن أكثر من 800ألف مواطن سوري طلبوا اللجوء في أوروبا في عامي 2015 و .2016. ولا تشمل هذه الأرقام حوالي 0.4ملیون إلى 1.1ملیون لاجئ سوري غیر مسجل في لبنان والأردن وتركیا والعراق. وبلغ عدد النازحین في الداخل نحو 5.7ملیون شخص في ینایر/كانون الثاني 2017، وظل نحو 56 % منهم داخل محافظاتهم . لقد كان أثر الصراع بالغا على معدلات الخصوبة، وعلى العمر المتوقع فتراجعت كثيراً.
أدى الانخفاض السریع في فرص العمل وتقلیص برامج الضمان الاجتماعي إلى زیادة تفاقم الأزمة الإنسانة . فمنذ بداية الصراع تقلصت كثيرا فرص العمل بنحو 538ألف فرصة عمل في السنة بين عامي 2010 و2015. أكثر من ثلاثة من كل أربعة سوریین في سن العمل، أو تسعة ملایین فرد لا یشاركون في أي نشاط یولد قیمة اقتصادية، وبلغت البطالة بين الشباب نسبة 78% في عام 2015. في ضوء هذه الوقائع فإن 6 من 10 من السوريين يعيشون تحت خط الفقر المدقع بحسب بعض المصادر.
وبالعودة إلى تقرير البنك الدولي المشار إليه فإن الخسائر الاقتصادية التي يقدرها بنحو 226 مليار دولار تشمل رأس المال المادي الذي تم تدميره ، وليس رأس المال المادي الذي تم تهجيره. فبحسب مصادر عديدة تم نقل الكثير من المصانع السورية ورؤوس الأموال إلى الخارج، وهي بحسب أقل التقديرات لا تقل عن نحو 50 مليار دولار. من جهة أخرى فإن الأرقام المتعلقة بالخسائر في الأرواح غير دقيقة، فعدد القتلى من مختلف الأطراف لا يقل عن 700ألف قتيل، عداك عن الجرحى المعاقين بسبب الصراع، واللذين لا يقل عددهم عن نحو 1.2 مليون شخص. هذه الخسائر البشرية سوف يترتب عليها مشكلات اجتماعية خطيرة في المستقبل لجهة إعادة التوازن بين عدد الذكور والإناث في المجتمع السوري. بحسب بعض التقديرات فإن أكثر من مليون أنثى في سن الزواج لن يجدن فرصة للزواج. يضاف إليهم خروج نحو أربعة ملايين طفل من دائرة التعليم، وهؤلاء سوف يشكلون عبء على المجتمع والاقتصاد في المستقبل. خسر المجتمع السوري واقتصاده أيضا كوادر عديدة تقدر بما لا يقل عن مليون شخص صرف عليها مليارات الدولارات لإعدادها وتأهيلها، عداك عن خسارة دورها في إعادة الإعمار.
تسبب الصراع المسلح أيضا بخسائر كبيرة غير مادية نجمت عن تحطيم منظومة القيم العامة، وإعادة تكوين الشخصية السورية من منظور قيم استسهال العنف، والسرقة والخطف، والغش، عداك عن سوء التغذية الناجم عن ارتفاع الأسعار. أضف إلى كل ذلك فقدان سورية لاستقلالها السياسي وتوزيعها إلى مناطق نفوذ لعدد من الدول المتدخلة في شؤونها الداخلية، وانقسام السوريين بينها.
تقدر بعض المصادر أن اعادة اعمار سورية سوف يستغرق زمنا لا يقل عن ثلاثة عقود، تحتاج خلاله البلد إلى اكثر من 400 مليار دولار للعودة بسورية إلى مستواها الاقتصادي في عام 2010، وسوف تحتاج إلى أجيال لترميم العلاقات الاجتماعية بين السوريين. في ضوء ما سبق قوله صار واضحا أن الذي انهزم هو الشعب السوري، وليس المعارضة فقط، وحتى ان نصر النظام هو نصر بطعم الهزيمة.



#منذر_خدام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المفاوضات في غياب القطب الديمقراطي
- لا أمل
- هل -السورية- هوية وطنية جامعة
- إضاءات- مواقف وسلوكيات للمعارضة خدمت النظام
- إضاءات- رؤية بشار الأسد الإصلاحية
- إضاءات- لقاء صحارى التشاوري
- نقد العقلية البعثية(عقل السلطة)
- إضاءات- قول في الدستور السوري لعام 2012
- إضاءات - طبيعة النظام السوري
- إضاءات- الحكم بالقوانين الاستثنائية في سورية
- قراءة متانية فيي القانون 10 للتنظيم العقاري
- ما مصير القطب الديمقراطي السوري المعارض
- العدوان الثلاثي ومصير الحل السياسي
- وطن في بازار سياسي
- قراءة متانية في ورقة - اللاورقة - للدول الخمس
- قراءة متانية في البيان الختامي لمؤتمر سوتشي
- سيناريو المر الواقع للحل في سورية
- قراءة متانية في وثيقة - اللاورقة - لدي مستورا
- المصالح الدولية في سورية وفرص نجاح الحل السياسي
- ماركة سياسية


المزيد.....




- كيف سيغيّر مقتل يحيى السنوار مسار الحرب؟.. الجنرال باتريوس ي ...
- ترحّمت على يحيى السنوار.. شيخة قطرية تثير تفاعلا بمنشور
- صورة يُزعم أنها لجثة يحيى السنوار.. CNN تحلل لقطة متداولة وه ...
- استشهد بما فعلته أمريكا بالفلوجة والرمادي وبعقوبة.. باتريوس ...
- قائد القيادة المركزية الأمريكية يهنئ الجيش الإسرائيلي بالقضا ...
- سوء الأحوال الجوية يؤخر عودة مركبة Crew Dragon إلى الأرض
- رماة يتألقون في عرض -يابوسامي- ضمن مهرجان الخريف بمعبد نيكو ...
- الحرب بيومها الـ378: مهندس -طوفان الأقصى- يودع ساحة المعركة ...
- الأزمة الإنسانية تشتدّ... المنظمات المحلية طوق نجاة السوداني ...
- علماء يرسمون خارطة للجدل البشري قد تساعد في معالجة الندوب


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر خدام - هزيمة الشعب