|
ملحمة سجون بشار والديموقراطيات الخرساء
محمد أحمد الزعبي
الحوار المتمدن-العدد: 5964 - 2018 / 8 / 15 - 17:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ملحمة سجون بشار والديموقراطيات الخرساء ! د. محمدة أحمد ألزعبي 14.08.2018
بينما كنت منهمكاً بقراءة كتاب يحمل عنواناً مترجماً هو ( عالم في حيص بيص) للكاتب والسياسي الأمريكي ريتشارد هاس ، الذي كان منهمكاً بدوره عبر صفحات كتابه ال 302 بالدفاع المستميت عن " سيادة " الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة ، وخاصة الدفاع عن سيادة " دولة الكويت " العضو فيهذه الجمعية الأممية والتي كان من المفروض – حسب رأينا - أن تكون تسميتها ( دولة الكويت ) السيادية (على غرار تسمية المملكة العربية السعودية ) " دولة آل الصباح العربية " ، وذلك ضد محاولة صدام حسين ( وقبله عبد الكريم قاسم ) ضمها الى العراق عام 1990 . أقول ، بينما كنت منهمكاً بقراءة هذا الكتاب ، رن جرس هاتفي ليخبرني الشخص المتصل بان أخاً لأحد اصدقائي المقيم في باريز ( عبيدة الدباغ ) ، والمعتقل ( الأخ ) مع ابنه الذي لم يكن قد بلغ سن العشرين ، منذ شهر ديتسمبر 2013 ، قد توفيا تحت التعذيب في سجون ( بشار الأسد ) و قد تم يوم أمس تسليم أخيه عبيدة تقريراً طبيا كاذباً ،حول وفاتهما ( الأب والإبن ) في السجن نتيجة أزمة قلبية (!!) ، وذلك استبعاداً لكونهما قد توفياً عملياً وفعلياً تحت التعذيب في سجون بشار الأسد ، وعلى يد شبيحته ، المدافعين بدورهم ،( مثل السيد ريتشارد هاس ) ، عن " سيادة الدول "، وهنا عن سيادة ( سوريا الأسد !! ). اتصلت بصديقي في باريز وعزيته بوفاة أخيه وابن أخيه ، وكانت " لاحول ولا قوة إلاّ بالله " جملة العزاء الوحيدة في مثل هذه الحالات . من جديد رن جرس هاتفي ، لأفاجأ بنفس الصديق الأول يسألني متألماً : كيف يستطيع بشار الأسد قتل هذه الآلاف المؤلفة في السجون والمعتقلات دون أن يخشى أية ردة فعل على فعلته من أي أحد ، سواء أكان ذلك في الدنيا أم في الآخرة ؟؟ ، سواء داخل سوريا أو خارجها ؟؟ ، سواء من الشرق او من الغرب ؟؟ . لقد أثار هذا الموضوع وهذا التساؤل حفيظتي ، واخرجني عن طوري ، فاخذت أشتم بانفعال - وأنا مازلت على الهاتف – كجواب على تساؤل هذا الصديق ، ليس بشار الأسد وشبيحته وكل من يمت إليهم بصلة وحسب ، وإنما أيضاً هذا العالم ( عالم الديموقراطيات ) الأبكم والأصم والأخرس ،والذي كأنه قد ردد مع نفسه قسم أبو قراط ( لاأسمع، لاأرى، لا أتكلم ) . وهنا تدخل الصديق السائل ليجيب بنفسه على تساؤله ، وليقول : إن سبب تمادي النظام وحلفاؤه الروس والفرس وحزب الله بهذه المذبحة ( مذبحة السجون ) غير الأخلاقية ، وغير المعقولة ، بعد كل ماسبقها من المجازر والمذابح ، هو ( برأيه ) من جهة ، ارتكان النظام بشبيحته وحلفائه إلى صمت المجتمع الدولي فيما يشبه الموافقة على مثل هذه المجازر وبمن فيهم صمت أمريكا ترامب ،وصمت العديد مما يعرف ب "الديموقراطيات " الغربية والشرقية ، وصمت كافة الدول العربية والإسلامية المخجل والمشين ، وذلك على قاعدة ( فرعون من فرعنك ؟ . مالقيت حداً يردني ! ). ومن جهة أخري لكي يلقن هذا الحلف غير المقدس المذكور أعلاه ، الثورة السورية بشبابها وشيبها ، رجالها ونسا ئها ، صغارها وكبارها ، درساً قاسياً وحاسماً يمنعهم من التفكيرمستقبلاً بأي حراك أو تحرك ديموقراطي أو غير ديموقراطي ، سياسي أو غير سياسي ، ضد حكم عائلة الأسد ، حتى في حال استمرار طابعه الطائفي والأقلياتي ، الأمر الذي ذكرني بما سمعته ذات يوم من مدير مخابرات القوى الجوية السورية السيد جميل حسن في مقابلة له مع الصحافي البريطاني روبرت فسك . قال هذا الجميل ( لافظ فوه ) ( لو أن الرئيس بشار ( يقصد الوريث بشار ) سمح له ( لجميل حسن )عند بداية الثورة بقتل مليون شخص لانتهت الثورة ( العصابات المسلحة على حد تعبيره وتفكيره ) في مهدها ( درعا ) . إن مثل هذا الأمر يشير بصورة لالبس فيها إلى أن نظام عائلة الأسد ، ذي البعد الطائفي ، مستعد لقتل ملايين السوريين سواء داخل السجون أو خارجها ، بل ومستعد أيضاً لتقليد هولوكست هتلر كما فعل في صينايا في سبيل بقائه في سدة الحكم ( !! ). إن ماينبغي ان يسمعه بشارالأسد ( الوريث ) وحلفاؤه من العرب والعجم ،ومن الروس والبجم ، من أحد أبناء الثورة السورية التي ماتزال جذوتها مشتعلة تحت الرماد : أيها السادة المحترمون (!!) من عرب وعجم ، ومن روس وبجم ، " إن الله يمهل ولا يهمل " وإن إرادة الشعب من إرادة الله ، وإن الشعب السوري بملايين شهدائه ، وبمئات ألوف المختفين قسرياً من أبنائه ، وبملايين المهجرين والمشردين في الآفاق منه ، وبآلاف القابعين في بطون أسماك القرش في البحر الأبيض المتوسط ، وأخيرأ وليس أخراً بهذه الألوف المؤلفة من الرجال والنساء والأطفال والشيوخ التي تموت بين يدي شبيحتكم الطائفيين تحت التعذيب في السجون ، كل يوم و كل ساعة بل وكل دقيقة ، يكل هؤلاء يقولون لكم ، بصوت مرتفع ومسموع : سيظل ( الشعب السوري ) يحوم فوق رؤوسكم وفوق عروشكم ، كطائر العنقاء ، إلى أن يأخذ كل ذي حق حقه ، إن لم يكن اليوم فغداً ، وإن غداً لناظره قريب ، فإلى اللقاء ايها القتلة المجرمون .
#محمد_أحمد_الزعبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أبو هشام في فقرات
-
نظام الأسد وإشكالية الهوية العربية ( إعادة نشر)
-
بعد سقوط درعا بيد بوتن، عود على بدء
-
الثورة السورية وصمت المجتمع الدولي
-
حوران بين فكّي بوتن وترامب
-
المعارضة السورية بين القول والفعل
-
حوران بين المطرقة والسندان في مثلث الموت
-
الثورة السورية وجنرالات الأسدين
-
شاهد عيان على ضياع الجولان
-
القضية الفلسطينية وأعداؤها الثلاثة
-
الرياضيات الأحدث (5+1)=(4+1)
-
موسم التهجير إلى الشمال ونصيحة قلم
-
ليس بين القاتل والمقتول شعرة معاوية
-
الثورة السورية والثلاثيات الثلاثة
-
الغوطة الشرقية بين الموت والتهجير
-
الضربة الثلاثية -أما بعد
-
مؤتمر أنقرة الثلاثي والأيادي الستة
-
الدول الكبرى وأكذوبة داعش
-
عيونهم تسأل ودموعهم تجيب
-
الثورة العصية على السقوط والقنوط السبع العجاف
المزيد.....
-
-مشهد مخيف هناك-: مراسل CNN يصف ما سببه تحطم الطائرة بمركز ت
...
-
حافلات تقل 50 جريحا ومريضا فلسطينيا تصل معبر رفح في طريقها إ
...
-
بينهم 18محكوما بالمؤبد.. دفعة جديدة من السجناء الفلسطينيين ا
...
-
تساؤلات.. صحة ومهظر مقاتلي حماس والرهائن الإسرائيليين بعد عا
...
-
شاهد لحظة إطلاق حماس سراح المواطن الإسرائيلي الأمريكي كيث سي
...
-
تسليم الأسير عوفر كالدرون إلى الصليب الأحمر في خان يونس
-
يعود إلى إسرائيل دون زوجته وطفليه.. الإفراج عن ياردين بيباس
...
-
ماذا نعرف عن تحطم الطائرات في الولايات المتحدة؟
-
مأساة في سماء فيلادلفيا: انفجار طائرة إسعاف طبية بعد إقلاعها
...
-
لحظة إفراج -القسام- عن الأسير الإسرائيلي الأمريكي كيث سيغال
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|