صناعة البطل ومواصفاته

وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 5963 - 2018 / 8 / 14 - 21:57
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

صناعة البطل ومواصفاته

من نماذج البطولة عند العرب كليب بن وائل . وردت قصة كليب بن وائل في كتاب رياض رمزي ( الدكتاتور بطلا ),حيث دخلت الى اراضيه ناقة تعود الى البسوس اخت جساس .قام بتوجيه سهمه نحو ضرع الناقة فقتلها .جاء جساس الى كليب فقتله .

اذن سبب الحرب رغبة كليب ان يفرض ارادته ,والارادة هي ان تحرك مايقع تحت سيطرتك بحرية كاملة .كان كليب يمتلك جروا بمواصفات معينة , من اهم خصاله ان له صوت من طبقة السوبرانو العالية .عندما يدخل كليب ارضا يطلق جروه كي يصل الى ابعد مسافة .كان يقول بعدها :ارضي هي مساحة عواء جروي .اي ان كليب يمنع اي متطفل من الدخول الى تلك المساحة من الارض.

وان خامر احد الاشخاص شعور او رغبة بانتهاك تلك المساحة سيقابل بالردع .ان مهمة كليب ان يوقف نفسه للدفاع عن ذلك الحيز من الارض وتوسيعه.من يصل الى مرحلة الارادة الحرة مثل صدام حسين تزال المحرمات على افعاله.انه قادر على شن الحرب وقتال اعداءه .

انه لايخضع سوى لارادته التي عند وصولها الى المرحلة الحرة تعمل وفق منطقها الخاص. لقد قام صدام باعدام رفاقه من قيادة الحزب بمجرد الاختلاف في الراي او التنافس على القيادة او الاشتباه بالخيانة , فلدى صدام قول مشهور ( الخيانة بالنوايا ), حيث القوانين الدولية لاتحاسب على النوايا بل على الافعال , بينما صدام يقوم باعدام من يشك بخيانته اعتمادا على النوايا .لقد اخضع صدام الجميع لارادته . مثلما قام صدام باعطاء الاوامر بقص القصب في الاهوار تحسبا لمعركة قريبة ,مع العلم ان القصب يعود للنمو ,لكنه ارسل رسالة واضحة ان لااحد بمقدوره الوقوف ضد ارادته ( ان كنا قادرين على معاقبة الطبيعة فكيف حالكم انتم بني البشر ؟).

ان الاشخاص على طراز صدام يحتاجون دوما الى افعال صادمة ومدوية لكي يؤكدوا حضورهم وهم يعيشون في عالم متخيل ,لذا فهم يجهلون قوانين الواقع وبذلك ينفصلون عن الواقع .في اللقاء الاخير بين الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد وصدام حسين قبل الغزو الامريكي على العراق قام صدام بتعريف عبد الرزاق عبد الواحد على قادة ثلاثة فيالق للجيش العراقي.فاستقبلوه بابيات من الشعر . تخيلوا ان اللقاء تم قبل ايام قليلة من الحرب على العراق وقادة الفيالق لاهم لهم سوى امتاع صدام حسين والشاعر عبد الرزاق عبد الواحد .

مايميز البطل انه متطرف في افعاله ,لان النموذج الذي يتبعه هو نموذج متطرف .يقول رياض رمزي في كتابه ( الدكتاتور بطلا ):
( لاتوجد تفسيرات منطقية لكثير من حوادث التاريخ , لان الحقائق التي استند اليها البطل في افعاله هي اوهام فيه تلبست لبوس الحقائق ).ان صدام حسين يتصرف وفق موروثاته الفكرية وكتب التراث .لقد كان لديه توق لنقل الصراعات الى ساحات المواجهة ,لانه كان مشبعا بفكرة عنترة :البحث عن عدو ضعيف يوجه له ضربة قاصمة .من كتب التراث والمعلقات وسير الابطال الشعبيين جاء الفكر القومي العربي حيث بعث تراث وامجاد العرب .بعدعام 1948 .كالقصيدة الهابطة التي قالها احدهم :

اطلق لها السيف لاخوف ولا وجل

اطلق لها السيف وليشهد لها زحل

اطلق لها السيف قد جاش العدو بها

فليس يبنيه الا العاقل البطل

لقد رسخ صدام وجوده بافعال مدوية , مثل احتلاله الكويت ..

انه مغرم بانه ( اول من )..

اول من خاض اطول حرب في المنطقة العربية امتدت لثماني سنوات .
واول من ضرب شعبه بالقنابل الكيمياوية ..

واول من ضرب اسرائيل بالصواريخ ..

واول من احتل بلدا عربيا كاملا وابتلعه ..

صدام حسين شخص يسكره التملق ويحب صوت التصفيق الهادر .حاز على سلطة مطلقة حصل عليها بالقوة والذكاء والخديعة ,لن يدعها تقلت من يديه مهما كان الثمن .تحول الى شبه اله . تلبسه وهم بعصمة.لم يراوده الشك في انتصاره على دول عظمى , ساهم الاعلام الغربي في تضخيم صورته وشيطنته بتلفيق قوة قاهرة لديه .

عندما امن بقدراته الخارقة فوق الطبيعية استحال عليه العودة الى حالته الطبيعية , فانقطعت علاقته بالواقع وراح يرعى عظمته بقدر مايتاح له من اوهام .عندما بدا الغرب يروج لبطولاته قام باستعراض جيشه , اطلقت دباباته المستهلكة عادما غطى سماء بغداد حتى اليوم التالي .

كان ثملا ببطولاته واوهامه . ولقد قام قادته باعطاءه النصائح التي يحب سماعها وفعلت مثل ذلك اجهزته الامنية .وكلنا نتذكر , والكلام لي وليس للمؤلف,الاستعداد لمعركة بغداد كيف تم حرق اطارات السيارات في جميع مناطق بغداد للتشويش على رادارات الطائرات الامريكية , وهي فكرة غبية لاعلاقة لها بالواقع . انتهت صلاحية صدام حسين لحظة تركه بغداد وهروبه بعد دخول الدبابات الامريكية الى مركز بغداد عابرة جسر الجمهورية من جانب الكرخ .

الكل صعب عليهم تصديق نهاية صدام حسين , كيف قاد البلاد لفترة تزيد على ثلاث عقود من دون اية شرعية ؟عندما انهزم صدام انهزمت معه قوات حمورابي حرس جمهوري التي هدد بها الغزاة .

مقالات ذات صلة :

مقالتنا (صناعة الدكتاتور : صدام حسين نموذجا ) والمنشورة على ىالرابط التالي :

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=607892

#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات