سامى لبيب
الحوار المتمدن-العدد: 5962 - 2018 / 8 / 13 - 22:22
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
- نحو فهم الإنسان والحياة والوجود (85) .
- خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم (78) .
المنطق هو أسلوب عقلى للإستدلال على الحقيقة وصحة الأفكار , لتأتى المغالطات المنطقية كخطأ في الإستنتاج والتفكير نتيجة زاوية رؤية ضيقة أو إختزالية أو قاصرة أو متعسفة تتم عن تسرع وتبسيط وتسطيح أو عن سوء نيه وقصد بغية نصرة أفكار ورؤى ذات خصوصية وإعتناء .
الحجج القوية تكون خالية من المغالطات المنطقية , بينما الحجج الضعيفة تستخدم المغالطات المنطقية لتظهر أقوى مما هي عليه .. هذه المغالطات هي عبارة عن خدع وأوهام في التفكير ,وهي تستخدم عادةً بشكل خادع من قِبل الدينيين والسياسيين والإعلاميين لخداع الناس .. ومن هنا سأقدم بشكل موجز مجموعة لأشهر الأخطاء المنطقية التي يقع فيها كثير من المتحاورين داعيا للتأمل والتفكير فيها , فعندما نصحح مفاهيمنا المغلوطة سندرك مفاتيح فهم الحياة والوجود والإنسان .
- هناك فرق بين الاعتقاد بأن كل شئ يحدث من سبب ما , والاعتقاد أن كل شئ يحدث لسبب ما .
- لكل حادث من مُحدث ولكل سبب من مُسبب ولكل مَفعول من فاعل .. هذا الكلام صحيح ومنطقي ولكن هناك مغالطة دائمة في التعاطي مع منطق السببية فلابد أن تثبت بأن هذا السَبب جاء من ذاك المُسبب وهذا الحادث من هذا المُحدث وتلك العلة من ذاك المعلول حصراً .
- عندما تعتمد منطق للبحث والإستدلال فلا تهمله وتلقيه وراء ظهرك متى وصلت للنتيجة المرجوة , كحال تعاطي المؤمنين مع منطق السببية للإستدلال على وجود الإله , لتجدهم يلقون السببية وراء ظهورهم عندما يتم السؤال عن سبب الإله .!
- هناك مغالطة أخرى فى التعاطي مع السببية والتصميم , فلا يجوز تعميم صفات البعض على الكل , لأن معاينة مُسببات الكل هنا مُمتنعة , فقولك مثلا أن حك عود الثقاب يشعل ناراً لا يعنى ولا يسمح لك على الإطلاق بالقول بأن كل نار قد صدرت من حك عود ثقاب فليس مصدر كل النيران جاء من عود كبريت .
- هناك خلط بين العلاقة الترابطية أى الأشياء التى تحدث معا أو في ترتيب معين , وبين العلاقة السببية أي أن يكون شيء ما سبباً في حدوث شيء آخر , ففي بعض الأحيان يكون الارتباط مجرد مصادفة , وفي البعض الآخر يكون المُسبب مُشترك .
- هناك مغالطة إلتفافية قائلة ليس معنى عدم إكتشاف الشئ يعنى عدم وجوده .. هذا قول حق يراد منه باطل ولكن عدم وجود أي دلالات بدئية عن شئ فهو غير موجود .
- عندما تُطرح إدعاءات غير عادية فهى تحتاج إلى أدلة غير عادية لإثباتها , والقول بالحكمة وراء تلك الإدعاءات يعنى التهرب والخجل من تهافتها أو قل شكل من أشكال النصب والاحتيال .. كذا لا صحة في القول بأن مسؤولية إثبات صحة أو خطأ حجة ما لا يقع على الشخص الذي أتى بها , وإنما تقع على عاتق قدره شخص آخر على دحض هذه الحجة أو نقضها.! ..فعبء الإثبات يجب أن يقع على عاتق الشخص الذي قام بطرح وروج لهذه الفرضية وليس على مدى استطاعة الآخرين دحضها .
- يكفي أن تعجز عن دحض إيمانه ببعث بعد الموت في العالم الآخر مثلاً حتى يطمئن إلى سلامة معتقده , وكأنه لا يملك ولا يمكنه أن يملك من دليل إثبات سوى عجزك عن الإتيان بدليل نفي ! .. فالقول بفكرة الحياة الأخرى يشبه أن يقول لك أحدهم إن "العنقاء" موجودة مُتحدياً إياك أن تُثبت أنّها غير موجودة !.. فأنت من ينبغي أن تأتي بما يقيم الدليل الواقعي على أن العنقاء غير موجودة ! أما هو فيرى أنه مَعْفي من الإتيان بأي دليل واقعي على وجود العنقاء بدعوى أن ثمة حقائق لا يمكن الوصول إليها بالعقل أو التجربة وإنما بعقلٍ ثان لا وجود له في دماغك هو الإيمان , ومن هنا خرجنا عن دائرة العقل والمنطق .
- مغالطة محاولة إثبات صحة فرضية ما عبر الإستناد لشعبيتها أو توافقها مع العرف السائد .. هذه المغالطة شائعة تتلحف بشعبية فكرة ما ولكن هذا لا يعنى بالضرورة صحتها , فلو كانت الشعبية والعرف السائد دليل على الصحة لكان علينا التسليم الآن بأن الكرة الأرضية مسطحة لتتناسب مع الاعتقاد العام للحقبة الزمنية الماضية .
- إستخدام السُلطة أو التوسل بالسلطة لإثبات صحة وقوة الأفكار .. هذا منطق مغلوط يعتمد على تبني فكرة شخص ذو شهرة أو مكانة أو سُلطة معينة لرأي معين ليرى أن هذا يعنى صحة هذا الرأي , فمثلا وجود عالم يتبنى الإلحاد أو مشهور يعلن عن مسيحيته أو لاعب مشهور يعلن عن إسلامه , فهذا يعنى صحة التوجهات والفكر .!هذه المغالطة لا يجب أن تستخدم لتجاهل آراء الخبراء أو الإجماع العلمي فى قضايا علمية ولكن عندما يتناول العالم أو المشهور أمور خارج علمه وإختصاصه فهنا يقع تحت مقصلة الحوار والمناظرة والنقد .
- من التهافت أن تعتمد وتؤسس إيمانك بفكرة ما على وجود مجموع يؤمنون بذات الفكرة أو هناك مشاهير يؤمنون بمثل إيمانك فهنا لا يوجد منطق أو عقل بل ثقافة وميديا القطيع .. هذه المغالطة شائعة ولا تركز على منطقية الحجة بعينها وإنما تقوم بالتضليل وصرف الأنظار عن منطقية الفكرة إلى وجود مجموع حاضن لها , فهل تصح هذه الرؤية إذا كانت أكثر الإيمانات فى العالم مثلا لمعتقدات وثنية ليست إبراهيمية .
- المنطق الدائري من أكثر المغالطات شيوعاً عند الدينيين , فهو منطق شديد التهافت هذا إذا صح تصنيفه كمنطق , فصاحبة يستعين بالفرضية التى يريد إثباتها ليقدمها فى مصوغات إثباته , كالسؤال: من قال أن القرآن والكتاب المقدس كلام الله لتكون الإجابة : الله هو من قال هذا فى قرآنه وكتابه المقدس .!
- الرد على النقد بالنقد شائع فى الحوارات بين الدينيين بعضهم مع بعض , وبين الدينيين والملحدين بتجنب التعامل مع النقد الموجه وذلك بتحويله لنقد مواجه للفكر الآخر كأسلوب خير وسيلة للدفاع هو التهجم ,ولكن هذا لم يحل مشكلة النقد .
- مغالطة التذرع بالإستثناءات أو تغيير دفة الموضوع عندما يم إثبات أن إدعاءك خاطئ , كأسلوب نفسى بعدم الإعتراف بالخطأ أمام الآخرين , فبدلاً من تصحيح الأخطاء يتوجه لإختراع أسباب للتمسك وتبرير الأفكار القديمة.. فمن الطرق السائدة التي يستخدمها الناس لذلك هي إختلاق الأعذار ليستمروا في تصديق ما يدعوه بدلاً من تغييره , فعادة من السهل كثيراً أن نجد أسباباً للاستمرار في تصديق شيء نحبه ليكون ثمن الوصول للحقيقة هو التسليم وعدم التفحص فيما إذا كانت رؤيتنا للواقع صحيحة أم خاطئة , فداء تبرير نظرتنا الحالية للعالم حتى لو كانت خاطئة .
- من المغالطات أو قل المراوغة أن تسأل سؤالاً يحوي افتراضاً مسبقاً بحيث لا يمكن للطرف الآخر الإجابة على السؤال دون الظهور بصورة المخطأ , هذه المغالطة فعالة في تغيير مسار النقاش الموضوعي حيث أنها تضطر مُتلقي السؤال إلى أن يُحشر فى زاوية معينة مما قد يجعله يبدو كالمخطأ , كالسؤال الذي يسأله المؤمن للملحد عن مَن خلق الكون والحياة ؟ فهو هنا حدد الإجابة بوجود كيان عاقل بإستخدام كلمة (من) .
-المغالطة بإستخدام التمييع وتعمد إستخدام معاني مزدوجة أو مُبهمة لغوياً بغرض التضليل والتحايل أو تحريف الحقيقة , وكمثال سأل القاضي المدعى عليه : لماذا لم تدفع غرامة ركن سيارته في مكان ممنوع , فأجاب بأنه لا يتوجب عليها دفع الغرامة لأن اللوحة كانت غامضة حيت أشارت إلى منع الوقوف في أوقات الذروة , ولكن اللوحة لم تحدد ماهي أوقات الذروة بالضبط .!
- التعميم بإفتراض أن إثبات صحة جزء واحد من شيء ما يدل على صحة أجزاءه الأخرى أو بعض منها..نعم كثيراً ما تمتد صحة الجزء لتشمل صحة الكل إلا أن هناك استثناءات لهذه الحالة مما يعني أن هذه الحالات لا تقبل التعميم , ومن هنا لابد من إظهار حجة موضوعية تدعم صحة جميع الأجزاء .
- مغالطة الثنائية الحادة .. أى عرض خيارين على اعتبار أنهما الخيارين الوحيدين المتاحين كالأبيض والأسود , بينما في الحقيقة هناك خيارات أخرى ممكنة .. إشكالية هذا التكتيك أنه يظهر وكأنه مبني على منطق سليم بينما يتطلب الأمر من الطرف الآخر تجاوز الخيارين والنظر خارج الإطار للخيارات الأخرى المتاحة .
- إستخدام تجربة شخصية أو مثال معزول بدلاً من حجج أو إثباتات موضوعية , خصوصاً في محاولات تفنيد الإحصائيات .. ففي الغالب يصدق الناس التجارب الشخصية حينما تستخدم لدعم صحة حجة معينة بدلاً من فهم الظروف الموضوعية المعقدة التي أنتجتها .. إلا أن الرجوع الى دراسه علمية أو إحصاءات تمثل أكثر من تجربة واحدة فهي بلا شك الطريقة الأكثر دقة لتقييم الحجة المطروحة .
- مغالطة الانتقائية وهى الوسيلة التى يلجأ لها البعض فى اختيار وإنتقاء معلومات دون سواها لإثبات حجتهم وإهمال القسم الذي لا يثبتها , ومثال هذه المغالطة كمثل الرامي الذي يدعي حسن الرماية بينما في الحقيقة أنه قام بالرماية عشوائياً على الجدار ثم بعد ذلك رسم دائرة حول الجزء الذي يحتوي على أكبر عدد من الثقوب , فظهور نتائج معينة أو تجمعها في وقت ما وظهورها على نمط معين لا يدل بالضرورة على أن هناك علاقة أو ترابط بينها .
- مغالطة منطق الوسطية .. أى تلمس حلول وسطية بين نقيضين متصوراً أن هذا هو الحل والصواب .. قد تكمن الحقيقة فى الوسطية بين متناقضين ببعض الأحيان إلا أن هذا ليس على الإطلاق فهناك أمور موضوعية لا تقبل الحلول الوسط , ففي بعض الأوقات يكون الرأي أساسا خاطئ ومحاولة التوسط فيه لا يقلل من خطأه , فمنتصف الطريق ما بين الحقيقة والكذب لا يزال كذباً .
- النظرية هى تحويل الواقع لصورة فكرية .. أما منطق تحويل النظرية لصورة فكرية فهو الهراء واللامنطق وتمرير الخرافة .
- إذا كان أمامك عدة طرق مختلفة لتحمل حيرة فأيهما تسلك ؟ تأكد أن أفضل الطرق المنطقية هو طريق الطبيعة .
- المنطق وسيلة عقلية بشرية للبحث والإستدلال فلا يجوز إستخدام المنطق للإستدلال على وجود إله , فبالرغم من تهافت الأساليب المنطقية ومغالطاتها التى تستدل على وجود إله , فلا يجوز التعاطى منطقياً لكون الإله المُفترض غير مادي وليس كمثله شئ فلا توجد هنا وسيلة عقلية منطقية للإستدلال .
- فهمنا المغلوط للوجود وخلقنا للخرافة والأوهام وتعاطينا مع منطق مغلوط لكوننا نرى الإنسان مشروع ومضمون الحياة وليس موضوع من مواضيع الحياة .
دمتم بخير.
"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " أمل الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .
#سامى_لبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟