أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - صباح كنجي - برقيات الانتفاضة.. 4 انتفاضة الحرف وثورة الثقافة في العراق















المزيد.....


برقيات الانتفاضة.. 4 انتفاضة الحرف وثورة الثقافة في العراق


صباح كنجي

الحوار المتمدن-العدد: 5961 - 2018 / 8 / 12 - 02:32
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


برقيات الانتفاضة.. 4
انتفاضة الحرف وثورة الثقافة في العراق

اهداء الى المبدع عدنان الظاهر تواصلا مع تكريمه..
دخلت الانتفاضة في عهد التنظيم.. وبدأت معالم الفئات المشتركة فيها تتوضح.. للمثقفين والفنانين وأصحاب الرأي دورهم المشهود فيها في اكثر من مجال يبدأ بالتحريض والانتقاد ويمتد للمشاركة في قيادتها وتحديد اهدافها عبر محورين متلازمين هما الدعوة لإسقاط حكومة الفساد وازاحة اللصوص والحرامية من واجهات السلطة والبرلمان والاحزاب ومحاكمتهم ومحاسبتهم.. ورفع مستوى الوعي والادراك وتحديد الاهداف والمطالب وتجسد هذا الدور في عدة اشكال ادبية وفنية وشعرية ومسرحية وغنائية .. بالإضافة الى ما انتجه المنتفضون من شعارات وتعليقات ونصوص تقترب من الشعر الساخر ولكي لا نغمط دور من سبقهم في هذا المجال بحكم ولكي لا نغمط دور من سبقهم في هذا المجال بحكم تراكم المعرفة والجهود التي اثمرت هذه الاندفاعة والهبة الجماهيرية المتواصلة التي تحولت الى انتفاضة وثورة حقيقة يمكن القول والتأكيد انها في جوهرها انتفاضة للحرف وثورة للثقافة الفاعلة في وجهها المشرق الوضاء في مواجهة الوجه الكالح والقبيح للفساد والخراب وانحطاط مؤسسات الدولة وسلطة المعممين وبشاعة و رياء الدين..
التي تجسدت في الشعارات المحورية السابق للانتفاضة الموجهة لدور الدين في هذه المحنة حيث كنا نسمع ما يربط بين الخراب الراهن وحالة الفساد المستشري يوماً بعد آخر ومن بينها ..
ـ باسم الدين باكونة الحرامية ..
ـ قشمرتنا المرجعية وانتخبنا السرسرية ..
وعلى الصعيد الشعري.. كان للعديد من الشعراء.. دورهم المتميز في هذه المواجهة.. حيث يمكن ذكر العديد من الاسماء اللامعة في مجال الشعر لم تهادن السلطة.. استخدمت في قصائدها الناقدة.. الساخرة .. اقصى ما يمكن استخدامه من التعابير البلاغية الابداعية والمفردات.. كما هو الحال مع الشاعر الفقيد رحيم المالكي.. في قصيدته الساخرة و المؤلمة.. التي وجهها لعاهرة معروفة في التاريخ العراقي المعاصر بعنوان (رسالة للدكتورة حسنة ملص).. موضحاً .. بعد أن عجزنا عن مخاطبة الشرفاء لحل ما يدور في العراق، اضطررنا لمخاطبة غير الشرفاء.. وأجمل ما في القصيدة نهايتها حيث سجل فيها الشاعر قناعته بحدوث انتفاضة غضب كما ورد في البيتين التاليين ..
(باجر بإنتفاضة إنشكَ كثير احلوكَ
عرفنا الباكَنه ونعرف اليوميله) ..


رسالة للدكتورة حسنة ملص

ياهو المنج أشرف خاطر أشكيله
دليني يا حسنة وباجر أمشي له
أمشيله وأحجي كل الحجي المضموم
كَبل حفاي كَالوا هسة ماكو اهدوم
بيتي من القنابل والقصف مهدوم
وحكومة بلا حكومة بغير تشكيلة
تنازع على الكراسي والشعب حفاي
و أبشرج لا غذاء لا كهرباء لا ماي
إحنا أهل النفط والكاك عد زلماي
يا حسنة الحكومة تكَدر اتشيله
------
حكومتنا الرشيدة لييش هالتأجيل
أي مو مطرت علينا من السما سجيل
بلوة أبتلينا قابل إحنا أهل الفيل
أي مو هذا أبرهة خلوه يرد فيله
جوعنا أبرهة وجوع أبو الكفار
تلث اسنين أسمع ما أشوف إعمار
بس بعض الحكومة أصبحت تجار
بهاي أشهد يا حسنة ابيوم وليلة
--------
تجار الحكومة والشعب حمّال
وياهو اليجي باجر نغير الحال
من هاية السوالف حملنا اجمال
إذا إنعدل وضعه ينعدل ذيله
حكومتنا الرشيدة لييش هذا البوكَ
ترة لهذا الشعب قط ما تضيع احكَوكَ
باجر بإنتفاضة إنشكَ كثير احلوكَ
عرفنا الباكَنه ونعرف اليوميله

أما الشاعر ادهم عادل.. الذي يبدع قصائد فكرية يمكن اعتبارها قصائد موقف.. وهو يحفر عميقاً في الذاكرة ويغوص في النفوس لكشف جذور ومخالب العنف في ثقافتنا وتعليمنا و مدارسنا ..
وفي قصيدة له يقول: ..
هو الخلل بينة أحزابنة يعرفون
ما نحتاج واحد يضحك إعلينة..
عوفوا أطفالنا بلا مدرسة يكبرون
وخل نقتل بعض خلينة خلينة..
على ياهو الخليفة سنين صار نموت
أحنة أول شعب يكتلنة ماضينة..
هو أحنة أنّتهينة بعمر ست يسنين
من صار العشگ كل واحد ودينة..
من صارت مدارسنة غرف للموت
من تاريخنة اليذبح امانينة..
من صار الطفل يحلم يشيل سلاح
مسدس يشتري وبالعيد يرمينة..
طابوگ المدارس من نبوگّة نگول
هاي فلوس دولة وأحنة شعلينة..
على الحيطان نكتب هذا دم مهدور
ومن نّضوج نكتب كافي ملينة..
ثقافة رشوة وصلت بينة حد وحال
ناس تبوگنة وبالبوگ ترشينة..
مهزوزين ما عدنة قضية وراي
ناس تجيبنة وناس التودينة..
ما نخلّي البنية تكمل التعليم
بنت الجامعة سمعتها مو زينة..
مفهوم العشاير وصل للطلاب
إذا واحد رسب بالعگل هدينة..
بالغش تنجح وتحلم معلمة تصير
بعد شلون بالمدرسة تربّينة..
نهدم بالشواع حتى نبني بيوت
وبهاي البيوت أطفال ربينة..
نعلم أجيالنا أعلى الطائفة يحبون
وأصحاب المنابر عرسوا بينة..
گبل چان الحچي مثل أمي والجيران
تموت وما تگّلهم كلمة مو زينة..
جان الخبز يخلص والبطون تلوب
ومن جوع الليالي إحجارة تلگينة..
بس نبقى نحن ونستحي ونشتاگ
بكل زفة عرس تركص تراجينة..
گبل چان المعلم نبي بلا قران
هسة ندخن ودخانة بعينة..
بس ويانة واحد يختلف بالراي..
نسبة ولا نعرفنة ولا محاچينة..
عمانة الكره ما ظلينة شبر شوف
بس الموت ما يعّمن سچاچينة..
اذا ردنة الوطن يرجع وطن للخير
وبقية الدول ترجع تعترف بينة..
نبدي من الطفل والصحة والتعليم
نبّني أنسان يفهم كلنة من طينة..
منهاج للتسامح والوطن والخير
مو دم وحروب وطفل سابينة..
نأسس مجتمع يلتزم بالقانون
نشيل أسم العشاير من جناسينة..
وقبل لا نبني طابوگة بوطنة الطاح
نبي أرواحنا الهدّمتها چفينة..

وفي قصيدة ثانية بعنوان فتاة سنجار يرصد..
علموني أصلي شلون
بس من أدعي ،
ما فهّموني أدعي بشوگ
لو خايف وأريد أنهزم من النار
لو طامع بجنة و گاعد أتوسّل !!..

ونتوقف برهة عند صرخة الروائي علي العذاري التي اطلقها من اجواء انتفاضة البصرة الثائرة وهو محاط بجمهرة من الثوار المنتفضين والمحتجين على الواقع الفاسد والخرب في المحافظة القابعة على بحر من النفط ولا يجد اهاليها الا مياهاً مالحة تدمي عيون الاطفال .. واضطراره للعمل سائق تكسي لساعات طويلة كي يؤمن معيشة اطفاله في هذا الوضع الصعب .. ويتبين من عنوان كتابه ( صحوة رب ثمل ) .. الذي يرصد صورة الاوضاع الراهنة وانعكاسها على الوعي ودور المثقف الذي يرفض الصمت والابتعاد عن المواجهة ويعتبر ذلك جريمة اخلاقية ولكي يكون ضميراً حراً ومشاركا واعياً في التغيير يرفض ان يكون بلا موقف ويعتبر نفسه مسؤولا عن الحالة الراهنة ان لم يشارك في خلق البديل الافضل في النص الابداعي وخارجه حيث نجده مع المتظاهرين ضميراً انسانياً فاعلا ومؤثراً وسط الجمهور المنتفض ..





ونعود من جديد للبصرة لنتوقف عند قصيدة للشاعر ابو محمد المياحي بعنوان ( تسألني عن حالي ) التي يوصف فيها حالة العراقي وعذاباته المتسلسلة والمزمنة ويشبهها بالماشة التي توضع على النار لتبقى متروكة التي يقول فيها :
تسألني عن حالي

تسألني على حالي
و راح أخبرك بيه
تسألني على حالي و راح أخبرك بيه
مثل منگاش موگد وكتي خلاني
يستنگي الجمر بيّ و يعدل النار
و مرات شكثر عالجمر ينساني
لا تگلي شلون صرنا
و لا تهيّج همومنا و تنفخ جمرنا
تسأل و رايد جواب
و خايف يتعبك أمرنا
خايف لوحك زفير صدورنا و تكره شعرنا
خايف اتصوبك شظيه
من شظايا گلوبنا التنزف قهرنا
شلون صرنا؟
واحد يسليه نوحه...و واحد يقنّع بروحه
و واحد يضمد جروحه
و مثل عصرة ثوب بيد معدله وكتك عصرنا
صد على مجرى الدمع بخدودنا تعرف أمرنا
لا تگلي شلون صرنا
خلي سكون الليل يبدي
نسمعك انواع الشكاوي
خل سكون الليل يبدي انسمعك الوان النعاوي
بكل ضريح اتشوف اشكال الشكاوي
اتشوف اصغر طفل للنكبات راوي
و تدري من نتسامر بشنهو سمرنا؟
راح أگلك و أمري لله .. انت گتلي شلون صرنا
نحسب شگد الضحايا الطاحوا بسوگ المدينه
و نحسب إشچم أم حزينه
و چم طفل من عنده بس جنطه لگينا
هذا يالتنشد سمرنا
وهذا بعض من اللظى الماكل عمرنا
والله لو أيوب حاضر صار تلميذ بصبرنا
احنا طحنا ببير ما بيه كل نهاية
انريد واحد بيه وشاله من الضمير
ايكفر ذنوبه و يجرنا
يا سياسيييييين...يا أصحاب القراااااار
بعد ما يحمل جلد ورّم ظهرنا
صحنا... ما ظل صوت عندكم ينسمع ما بيه صحنا
صحنا...سمّعنا الصخر و احساسكم شو ما سمعنا؟
لخاطر الله... لخاطر عيون اليتامى... لخاطر عيون العراق
الينتظر لمة شملنه
يا اهلنا الفرقة نار
التفرقة طاعون قاتل يا اهلنه
خلي نزعه ونسكي بالحب
خلي نغطي الوطن بالحب
بالمحبة يصير هذا الوطن جنة
آنا أول وطن... آنا أول وطن ينولد فوگ الگاع
من سحگة جدم ادم مواليده
و آنا أول حرف و أول كلام انگال
و أول بلبل على غصوني تغريده
آنا أول عشگ مر على گلوب الناس
و بأرضي ابتدت أول مواعيده
و آنا أول تلاوه بحنجرة داود
و جبال التردد نغم تجويده
انا مهد النبوه الحضن نوح صغير
حد ما بينت اخر تجاعيده
أنا اسمي العرااااق
من الأزل لليوم لا يرضى بمذله
و لا رضى بقيده
للمشرّح... للمشرّح يهزني الشوگ
والمشرح هواه يحلى ... لمشاحيفه الغفن بالهور
لزنود الفلح ... لشباچة الصايود
للشدت بند بردي بخصرها حزام
والبردي بخصرها من الذهب احلى
واروح ويه النهر حدار
وتلفني بگصايبها المشطهن ما وصل لاطرافهن لسه
واوج ويه وجة التنور من أجهه بعيون التحبز النعسه
و أگلها بخجل وين آنا؟
تگلي مدللة ميسان: بجروفين الكحله
و أورق دفتر الدلال
و ألگى بكل سطر ذكرى
يا لايم والله لي ذكرى ... يا سامع والله لي ذكرى
أگلك و اليحب ما ينكتم سره
اذا شفت الگمر خجلان گول يغازل الشطره
عشگ ذي قار ما يبرى
عشگ ذي قار بيه ثورة
عشگهم للرصاص خبال
واحدهم اذا طاشت رصاصة غيظ دلاها على صدره

وأهيم...و أهيم و شوگي جنوبي
صعد عالي وكسر كسره
و توضه بمي ورد... مرتين مو مره
و لبسله حرام و أخشع و انحنى ظهره
سألته: شبيك يا شوگي لبست حرام؟
لا موسم حجيج اليوم...لا هو وكت عمره؟
يگلي إسكِت ولك يا فلان
ما تدري علي واجب أطوفن بيك سبع شواط بالبصره؟

ولصاحب قصيدة (الكوميديا العراقية) الناقدة والساخرة من همجية وجبروت نظام البعث المقبور في اوج قوته منتصف السبعينات .. الشاعر موفق محمد وقفاته الشعرية الشجاعة والثورية الساخرة في قصائده الموجهة سهامها بدقة للمؤسسات المنتجة للفساد في هذا الزمن المبتذل .. الذي يصفه ناجح المعموري بالـ (صوت الحاد والقوي في مواجهة طغاة العالم ).. فهو في قصيدة لا حرية تحت نصب الحرية مثلا يقيم الدين ولا يقعدها مستخدماً المفردات الشعبية واللغة الفصحى في توليفة ابداعية متميزة تتفق مع حجم الخراب والذل والاحتقار المتوارث من جراء تواصل المفاهيم البالية المغلفة بشعارات مزيفة تؤدي مفعولها السام والقاتل كأننا في حلبة صراع او غابة تسرح وتمرح فيها الوحوش كما في هذا المقطع البليغ ..(وما تحررت من وغدٍ قُتلت به إلا وجاءك وغد.. سرسري وأنكس)..




لا حرية تحت نصب الحرية

في الغروب الذي تلون الغربان أصواتها
من وحشته..
وتقيم أعراسها
فالعراق عصائب غربان تهتدي بعصائب
وقبل أن نفترق
وأمي حفنة من سواد فوق العتبة..
قال لي عزرائيل
وكانت المدينة خالية إلا من وجهه
إذا كنت راغبا فأصعد معي.. وأبتسم

وهو يشد العلم العراقي على دراجته الهوائية
التي يستعملها مقلدا ساستنا للحفاظ على البيئة
ناظرا إلي بجمرتين لاهثتين تحترقان في جسدي
شكرا لدعوتك.. ولكنّي لم أنضج بعد
فلم أنل حصتي الكاملة من الجحيم..
فما زلت ألهط وألطم
حاسداً شمهودة لأنّي لم أجد صغاراً ولا عشاءاً
ومازلت بين نيوب الكبار
أنصاف الآلهة..
أُقتل عضّاً ودفراً وصلخاً وشيّا
ولم أتفحم بسيارة مفخخة أو عبوة لاصقة
من صنع جيراننا..
ولم يتشرف رأسي بعد بتوقيع الأستاذ (كاتم)
ولم أُكمل أغنيتي عن (عنيد)
الذي تمنت زوجته أن يموت بدلاً من عجلها
الذي داسه الشمندفر ..
وتعني القطار النازل إلى الجحيم أو الصاعد إلى العالم السفلي
وهو يعرض الفيلم العراقي الرهيب
(جئنا لننتقم)..
منذ سقوط العهد الملكي وإلى يومنا هذا
وبقتل باهر
وهو يخطف الأوسكار لممثليه اللذين يخمطون
المليارات من خزائن هذا البلد المحروق
تاركين الكومبارس في الأرض الحرام
يعضون أصابعهم ندماً إن بقيت لديهم أصابع..
فبأي وجه سأقابل أصدقائي في مقبرة السلام؟
المدن مدن سلامٍ.. والمقابر مقابر سلامٍ
ونحن نفوج في طوفان الحروب
حفاةً عراةً..
وكيف سأعتذر عن هذه الميتة
التي نسيها العراقيون؟
وكانوا يسمونها أيام الخير (ميتة الله)
فلابد من ميتة تليق بي..
حيث لا قبر ولا وذرة أقف بها أمام الله
وأعتذر منك سلفاً لأنك لن تجد عندي ما تقبضه
سوى حفنة من رمادٍ تذرو بها الرياح..

قل لي أيها الموت
هل تسمع أنين الأطفال..
وهم يرضعون الحليب المعسل بالسرطان
من أثداء أمهاتهم؟
وهل تسمع دموع الآباء
وهم يبيعون بناتهم على الحدود؟
وهل تسمع دماء الأنهار
وهم يقطعون رقابها قبل أن تصل العراق؟
وهل أنت وحدك من يفعل كل هذا؟
أم إن لك عمالاً مهرة..
وهل تسمعني وأنا أغني لـ (عنيد)
الذي.. يسوى هلي وكل الكرابة؟
والذي هو نحن..
وأنا أغنيها على عناد زوجته
وشماتة بالمرحوم عجلها..

أفنيت عمرك لم تقم من وجعة إلا وطحت بأخرى.. سرمهر وأنكس
وما تخلصت من بورٍ لطمت به إلا تمنيته.. فالجاي جان أنكس
وما تحررت من وغدٍ قُتلت به إلا وجاءك وغد.. سرسري وأنكس
وتظل تقارن عمر مابين ذاك.. وذا
والصافي الك تصطلي بنيران شره.. وأذاه
لوكتله فدوة الشعب محروق كللك.. وإذا
ماطول أنا بالحكم حيل وعساه.. بأنكس
(لو كتله فدوة الشعب مجمور كللك.. وإذا
ماطول ماحصلت منصب عساه.. بأنكس)

وها أنت تهرس بين وغدين مبتهجين
منتشيين من فرط إحتراقك وإنتظارك..
شلّوا يمينك وأستعانوا بالذئاب على يسارك
هذا جزاءك أن تموت فدىً لصوتك وأختيارك
فإذا أدلهم دم الشهيد
وطغى الظلام على نهارك
ورأيت من كان المؤمل والمرجى والمقدس
لا يريد سوى أنكسارك..
فأقرأ على البلد السلام.. وقف الحداد على صغارك

والله لقد كانت زوجتي على حقٍ في أمنيتها
كون عناد ميت والعجل ظال.. يكابلني يا داده و ياكل نخال
وهي تراني آكلاً ما لا أستطيع أن أسميه الآن
بكى صاحبي ملسوعاً من هذا الضيم العاصف بالناس
فلا حرية تحت نصب الحرية..
ولا خمرة في كأس أبي نواس
والمدارس بلا صفوف ولا موسيقى ولا كركرات..
هم يرفلون بسياراتهم المظللة رباعية الدفع
ومكاتبهم المبالغ في أناقتها
ومدارسنا تزدوج على أطفالنا مثنىً وثلاثاً ورباعاً
ولم تعد من أخي الذي خرج مثل ملاكٍ
سوى يد محروقةٍ في زنبيل..
وأمي تتوسل كل ما تبقى من صوتها
وتولول.. كل ما أرجوه من قاتلي
أن لا يطرق إلا بالكاتم رأسي.. فأطفالي نائمون

أمن أجل هذا تطيل الذئاب لحاها؟
أسوة بالنبي محمدٍ سيروا في الأسواق
وتفقدوا الرعية بلا (ألف الصلاة) و(وخّر وخّر)
ولا رشاشات ولا حمايات..
إنهم يتعطرون على مدار الساعة
خوف أن تهبط عليهم الملائكة ناقلة تشكرات الخالق
لما أسدوه لهذا الشعب الغارق في الظلام..

الآباء رحلوا.. والبيت الذي لمنا صغاراً
فرقنا كباراً
الأرحام لعنتها حين تصير أوطاناً
وتكنس ساكنيها حطباً إلى الأرض الحرام أو المنافي؟
أنّى تطير
وقد خلقت بلا قوادم او خوافي
فأزحف فديت
خذ الفحيح من الزواحف والأفاعي
وأنسَ البلاد
فما البلادَ؟
إزاء تنور الطوائف
أنسَ البلاد التي أرضعتك حليب النخيل
ورأيت أنهارها تسيل مآذناً وكنائس
وبغداد التي تجري الأنهار من جدائلها
هي الآن معصوبة العينين واليدين
وأنا مدمنك يا عراق
لا أتوازن في الصباح
إلا حين أشرب كأسين من شمسك
وأتوضأ من رائحة قداحك
وأصحو في قاعة الدرس
أتهجى حروفك يا عراق
فتبتسم الأسئلة
وأنجح في الامتحان

لست مجنوناً
فالشمس تنغرس مثل مخيط
في عمودي الفقري
وظلي لا يتقدمني
وأنا أتلفت عليه
خوف أن يفلت
فعلى أي رصيف سينام حين تغيب الشمس؟
وأنّى له أن يصل إلى دارنا
والسونار يتنشق الضائعين في السيطرات
تاركاً المفخخات تعصف بأجسادنا
المنخورة من صراع الديكة الهابطين علينا
محفوفين بالملائكة..
من عواصم الثلوج..
ومن مزابل السيّدة..
ومن صناديق القمامة في قم.. للمعلم وفّه التبجيلا
وهم يحملون معهم وظائفهم الألهية
تحت شعار (لو وزير.. لو ميصير)
وصاروا وزرا
وتصايحوا.. عراق أتجمع.. أسترح.. أستعد
إلى الوراء در
وتوقفوا عند تلّ حسون
وكونوا زاهدين
وأخشوشنوا لتستريحوا في الكهوف
وأفرنقعوا عنا في الطرقات
فإننا لا نرحم..
إنهم يرموننا أرضاً
ويلعبون الدومينو على مؤخراتنا المكشوفة
عندما تمر مواكب الآلهة
وقبل أن ينفتح السير في السيطرات

اللهم إنا نشكو إليك سوء ساستنا
فقد قتلوك فينا
وها هي دماؤك..
تنز من أسماعنا وأبصارنا
وهم ينظرون إلينا مبتسمين..

قال لي بلبل فضل عدم ذكر إسمه
كلما خمرتُ تينة
أستهدفها غرابٌ مدلهم ظلامه
وبكى..
فإلى من أرفع شكواه؟
سنصنع من النحيب الذي
يولول في صدور أمهاتنا.. ناياً
يصل إلى عنان السماء
لنُسمع شكوانا إلى من يهمه الأمر

فما زلنا في المربع الأول
واضعين الحصان خلف العربة
وعندما نتفق أو نختلف..
لا فرق
نقتل الحصان والسائق..
ونحرق العربة
ويقتل بعضنا بعضاً
في الفيلم العراقي الرهيب
(جئنا لننتقم)..
فمن ينتقم من من؟
ولا رابح في العراق
سوى المقابر.. .

وللغناء الاصيل دوره المتميز في مواكبة الاحداث سأقتصر مكتفياً بالحديث على ما انشدته حنجرة بيدر البصري في ( غوث ) التي نبهت عبر صوتها الأوبرالي الجميل الى عمق الخراب الذي حصل في مجتمعنا رافضة الحديث عن وجود احياء في المخيمات من بين الناجين من براثن الموت والارهاب قائلة في مقطع من اغنيتها المصورة.. هذا مو موت ؟! .. لم تكن اغنية بل ناقوس جرس ينبه لحالة الموت غير المعلنة في مخيمات المنكوبين المنتشرة في ارجاء المدن المهجورة والخربة .. لتشكل رائعة البصريين .. الموسيقار الملحن حميد البصري - ابو نديم.. الذي كانت نغمات عوده تندمج مع نزف الروح وهو يجتمع مع ابنته الاروع بيدر البصري بصوتها الجميل ومشاركة مصطفى زائر.. لينتجوا غوث.. غوث ليس اغنية.. بل نداء انسانياً يلامس الوجع العراقي.. و أنين النازحين.. في خمسة دقائق اختصرت تاريخ العراق و محنه ..
اغنية تدين الارهاب والظلاميين و القتلة والموت الرخيص .. تغرس الامل ليصبح سلاماً .. وتقول للمجروحين المنكوبين هذا العالم الجميل يجب ان لا يترك للوحوش والسفلة ..
وقبل ان اختتم الحديث عن انتفاضة الحرف وثورة الثقافة متجاوزاً العشرات من الاسماء المبدعة التي لا يسمح المجال لذكرها الآن.. انوه للدور الذي لعبه الفقيد المخرج الثائر هادي المهدي .. في مجالات الكتابة والفن المسرحي ومسلسل قفشاته والبرامج النقدية الجريئة في مراحل صعبة بعد سقوط النظام المقبور .. ناهيك عن مساهماته المباشرة في مظاهرات عام 2011 .. وما رافقها من اعتقال وتعذيب قبل اغتياله ..
ستبقى انتفاضة الحرف وثورة الثقافة.. جزء حياً وفاعلاً في مسيرة الكفاح من أجل الحرية والانعتاق في بلاد الرافدين المبتلية بالطغاة والمستبدين .. و سيتواصل دور الثقافة والمثقفين كالضمير الحي النابض ليؤجج شعلة الحرية والأمل بيقين الثوار المنتفضين للخلاص من سلطة اللصوص والحرامية..
ـــــــــــــــــ
صباح كنجي
11-8-2018

ـ مع الاعتذار عن طول هذه البرقية



#صباح_كنجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- برقيات الانتفاضة البرقية الثالثة.. الى منظمي المظاهرات ولجان ...
- برقيات الانتفاضة ..
- درجة 73.. فيلم باز البازي عن القمع الاجتماعي والعنف الديني ف ...
- الحزب الشيوعي العراقي ملامح ازمة بين الاحلام الجميلة والأوها ...
- هل يمكن التنبؤ باتجاه التطور في العراق بعد الانتخابات؟!!..
- التصويت في انتخابات أيار لصالح من يمثل المنكوبين العراقيين ف ...
- لا أعترف بحق الأبوة!
- اياد جلال بابان يعيد افتراءات المندوب السامي البريطاني
- رواية قواعد العشق الأربعون
- توما توماس في اوراقه.. مآثر رجل وتاريخ بطولة..5
- الجَحْشنة تجتاحُ العالم..!!
- العنف في الاديان كتاب صادق إطيمش الجديد
- ببلوغرافيا الدم الشيوعي ..3
- حملة فهد الشاعر ..
- توما توماس في اوراقه... مآثر رجل وتاريخ بطولة.. 4
- توما توماس في اوراقه... مآثر رجل وتاريخ بطولة.. 3
- توما توماس في اوراقه... مآثر رجل وتاريخ بطولة.. 2
- برزخ أم مزبلة للتاريخ ؟!
- توما توماس في اوراقه... مآثر رجل وتاريخ بطولة..
- نحو حل انساني لمشكلة الأطفال الابرياء..


المزيد.....




- هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال ...
- الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف ...
- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - صباح كنجي - برقيات الانتفاضة.. 4 انتفاضة الحرف وثورة الثقافة في العراق