|
أعباء أغسطس
احمد ابو ماجن
شاعر وكاتب
(Ahmed Abo Magen)
الحوار المتمدن-العدد: 5960 - 2018 / 8 / 11 - 00:30
المحور:
الادب والفن
قد لا أتمكن من رؤيتك وأنا اعتصر عيني لأجل قراءة جملة صغيرة كما كنت أفعل أثناء الدراسة لكنني أراك بوضوح كلما اغمضت عيني وكأنك مرسومة على جفنها من الخلف السر في ذلك مجهول عندي إلا أنه معلوم عندك لأنك فيما مضى قلبت طاولتي وزينتي ما أخشاه قلق ووقفت خلفي كسنبلة فتية تقبلين ما أتركه من ظل لئلا أرى على وجهك الناعم خشونة الخجل..
__________________
عندما تعظم مأساة الوطن ينتكس صمود الشعب ويكون الحال حينها أشبه بحال عاشق وعد حبيبته المراهقة بأن يحبها بطريقة الحرب أما النصر أو الموت لكنه ما إن خاض جشاعة القتال واستنزف كل طاقاته القديمة وخسر ماخسره بين ساتر وأخر حتى جفت ينابيع الحرب بخسارة فادحة أرجعته معاقا فتركته حبيبته نعم تركته دون عكاز يئن مثل توسل النايات...
_____________________
ولأنني شحيح الدمع كانت أمي تخشى علي من العمى حتى كبرت أنا وتوأمي فصرت متظاهرا باسلا وصار أخي جنديا في مكافة الشغب وعندما احتدم الصدام بيننا رماني بغاز مسيل للدموع واتصل بأمي يبشرها (بأنني بكيت) !!
_________________________
دعينا نتدحرج ياحبيبتي بعد كل قباحة لنجعل الطريق مستويا لمن يتبعنا ونلقي أنفسنا كبحرين على جحيمهم المعتاد بعد كل كراهة منبثقة من بين أقدام لسانهم البغيض كراهة لاتجيد سوى أن تستبدل وجه المحبة بوجه أكثر قساوة من المقص وقبل أن اختلي بك على ظهر غيمة سأقف بينك وبينهم وأقول: ارجميني ياحبيبتي بالكثير من الحب لأطهر زوايا روحي من دنس الغياب.. حينها سنستخدم المشرط نفسه الذي شرح أمامنا جسد العمر بحجة الحرام شرعا
______________________
إن زاحمني تراكم الحال سأكون مجعدا كل الوقت ولن انقاد كشعر سلس تحت مشط ابتعادك
____________________
ماتنفضه الحياة من تراب في وجوه صباحاتنا ماهو إلا حسرة كبيرة على ماتعانيه شجرة الجوع من انكسارت في أغصانها الرطبة
______________________
الأوجاع التي تعانيها أقدامنا عند النوم ماهو إلا حنين لتلك الخطى التي حالت دون وصولها سلسلة جبال البعد
______________________
تعالوا معي نعتصم إمام باب الحياة ونلوح لها بملابسنا الداخلية البيضاء حصرا علها تفهم أن غايتنا ناصعة لتسحب عن سقف أعمارنا كل هذا السواد !!
_____________________
لم أر بذاءة أسوأ من أن يكون الوطن حرفا لامحل له من الإعراب في جيب جاهل مسلح لايجيد سوى مهنة الترقيع للحمقى بأصابع من رصاص..
____________________
العراقيون قوم أحكم الله عليهم بالبكاء جبرا لئلا يأتونه مغبرين ببشاعة الحروب
___________________________
لأن الله عظيم يود أن نرجع إليه ناصعين مثلما خلقنا أول مرة فقد أحكم علينا بالبكاء طويلا لنغسل أعمارنا من أدران الفقد
______________________
أغسطس وحده يعلم إننا متعبون كثمار الرطب نتقلب عراة من سطوة الحر على أرضية منزلنا الجاف حتى ينضج نصفنا السفلي وتبقى رؤوسنا صلبة محشوة بأعراف القبيلة
_______________________
قد تكون طريقة ناجحة إن جمعت كل ما أملكه من ثياب ووضعتها في الثلاجة قبل أن أشرع بارتدائها لأنها ستكون مزدانة بالانجماد وحالما ارتديها تذوب بالتدريج حتى يبتل كل جسدي فأكون شبه عار على الأقل حينها أفرح كثيرا لأنني نجوت من مخالب الحرارة لكن... ستقتلني القبيلة !!
_____________________
أغسطس وحده يعلم إن كل من في منزلي متساوون بالحقوق والواجبات والمعاناة كلنا نتذمر من سياط الحرارة ونشتم قساوة التيار الكهربائي ونضرب الصنبور بعنف عله يبكي ويسقى شفاهنا العطشة دون أن نفكر لحظة بأننا أغبياء جدا نعتاش على خرافة ذات صلاحية محدودة خرافة بعين واحدة لاتدمع وإن شائت أن تمد يد العون فأنها لم تتردد أبدا بتقديم الخلاص لنا بطريقة أنسب من الحرب كتفجير بيتنا مثلا !!
______________________
أغسطس يعلم كل شيء إلا أن يفضل أن يرانى هكذا ممددين على الجمر ليأنس بنغمات آهاتنا الهجينة ربما لأنه ولد من بين تجانس الغجر قبل أن تزيحهم صفعات المعابد فلم يرث من قبائلهم سوى التخفي وبعض لدغات الحياة أحيانا يرأف بنا أغسطس فينفخ أجسادنا البلونية ببعض الأحلام وحين نشعر أننا قد بلغنا حدود الانتفاخ نعود ادراجنا نحو جادة الترهل بمشجارة عشائرية بدينة ترقص بينا وعلى خصرها وشاح مطرز بالرصاص الحي
______________________
أغسطس يعلم إن الذين يهدرون دماء الفرص هم أولئِكَ الذين تأنى الله في خلقهم حيث كانوا يبيعون الماء البارد في موقف الباصات فيرسل الله شخصا لطيفا يشتري منهم كل الماء ويوزعه بالمجان على جميع المسافرين إلا أنا وأمي كنا لا نشرب كنا نرتوي بالقليل من ماء المروءة وهو يزين جباه الرب الآن أنا وكل من حولي يقطع أحلامنا العطش وليس في جعبتنا نبي يمكن أن يضرب بعصاه الحجر لتنفجر منه اثنتا عشرة عينا فأنا وأنت يا أغسطس نعلم إن الله خص العصمة في أنبيائه فمن أين جاءت بالعصمة تلك الرصاصة التي ما اخطأت قلب الوطن !!
#احمد_ابو_ماجن (هاشتاغ)
Ahmed_Abo_Magen#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماتعنين لي
-
أكاذيب عارية
-
انا العراق
-
مساعي
-
إغلاق باب القيح
-
لابد من الطوفان
-
حديث صبرائيل
-
سفر التكوير
-
قارعة الثراء
-
وليمة السهر
-
ملامة الحرير
-
ما لايفضحه النطق
-
أفواه مقبورة
-
أضواء مهشمة
-
أسلاك شامخة
-
لوازم الهرب
-
أنهار من يباس
-
أشلاء الغمام
-
حالي
-
يانفسي
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|