|
المجتمع العربي ماذا والى أين .. - رؤية -
يوسف يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 5955 - 2018 / 8 / 6 - 10:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
( تنسب بعض آراء سقراط الى تلميذه أفلاطون الذي تبنى أفكار أستاذه مع بعض التغيير ، وحين سئل أفلاطون : لمَ تخالف أراء أستاذك سقراط ؟ قال : أحب أستاذي ، ولكن أحب الحقيقة أكثر ) .. أستهلال : المجتمع العربي ، بلغ تعداده 359 مليون نسمة ، ويشكلون حوالي 5 % من سكان العالم - هذا حسب صندوق الأمم المتحدة للسكان ، ويشكل المسلمون به الغالية العظمى فيه ، أذن كلما يرد كلمة دين فالمقصود بها الأسلام . رؤية : 1 . المجتمع العربي ، في القرن 21 يحتضر !! ، يحتضر لأنه لم يقدم أية أضافة للحضارة الكونية الأن ، مجتمع أرتدى جلباب الأسلام صباح مساء ، فخسر نفسه كمجتمع مترابط ، ملغيا المواطنة من دستوره ، وأعتمد الدين كمحرك ، فقبر الأبداع ، مجتمع فقد وجوده المؤثر في العالم ، لأنه دفن نفسه في العقيدة ، المجتمع العربي .. كان ولا زال قامعا في قمقم الدين ، بل توغل في ذلك بدفن حتى الأجيال الواعدة . الدين الذي " أصطبغ " به المجتمع العربي أفقده الحس الحضاري ، لأنه جعل الدين شغله الشاغل ، لذا كان الدين محور المجتمع ، بدل أن تكون الحضارة محوره ، فبقى المجتمع يعيش حاضر اليوم وهو في داخله يعيش الحقبة محمدية الماضوية ، غير مكترثا بالمستقبل ، لذا ظل المجتمع دون حراك حضاري . 2 . ما يزال العرب عالقين في الماضي ، لأن العرب أمة ماضوية ، أن التشبذ بالدين الأسلامي ، كقياس ومحرك لمجتمع اليوم جعل من المجتمع العربي يفقد أهليته بالوجود في المجتمع العالمي ، بات على الباحث أن يلاحظ على المجتمع العربي ظلال عميقة كي لا تشرق الشمس عليه مرة أخرى ، فبعد أن خرجت أوربا من العصور المظلمة ، التي هي أنور من عصور العرب المظلمة اليوم ، نرى أن العرب دخلوا عصرا أشد ظلمة من العصور الوسطى لأوربا ، العرب اليوم مجتمعات تكفيرية ، لا تعترف بالأخر بل ملغية له ، ولا زالت تبني أسوارا بينها وبين الأخرين ! ، لذا المجتمعات العربية مجتمعات هجرتها شمس الحرية والمعرفة . 3 . حال العرب بات كقول الشاعر اليمني عبدالله البردوني / عندما يحدثنا عن مدينته صنعاء - اليمن : ماذا أحدث عن صنعاء يا ابت ؟ مليحة عاشقاها السل والجرب سوريا وليبيا تفتك بهما المنظمات الجهادية ، بأسم الأسلام ، من القاعدة والنصرة وداعش والعشرات غيرها ، وفي حال سيطرت هذه المنظمات على الحكم سيقلبان هاتين الدولتين الى العصر الجاهلي ، كمثل ما حدث في الموصل / العراق ، حين أقامت داعش دولة الخلافة هناك .. أن الدين حالة عقائدية للمجتمع ، ولكن لا يمكن أن يكون وجها حضاريا للمجتمع ، لأنه أن حكم فأنه سيجر المجتمع خارج حركة التأريخ ، وسيخلق أنقسامات مذهبية وعرقية وأثنية ، وسيدفعهم الى الوراء أكثر مما هم فيه ! ، وأورد هنا ما قاله الدكتور سلطان الزغول / شاعر وناقد أردني ( ما زال العرب يعيشون خارج حركة التاريخ منذ انسحبوا من المشهد الحضاري في القرون الوسطى ، فإنجازاتهم الحضارية محدودة جدا ولا تكاد تذكر ، وهم يكتفون بالتلقي السلبي . أما واقعهم السياسي الاجتماعي فقد صارت تسمه الانقسامات على أسس مذهبية وطائفية ودينية ، وهي انقسامات تترسّخ يوما بعد يوم . ) . 4 . لا يوجد دورا تأريخيا أيجابيا موجها للمرجعيات الدينية الأسلامية عربيا ، فمصر التي كانت " أم الدنيا " ، والتي كانت مركزا للأدب والثقافة والفن ، باتت جماعة الأخوان والأسلام السياسي والجماعات التكفيرية يسيطرون على معظم طبقات المجتع فيها ، أما الأزهر كمؤسسة دينية - سنية ، والذي سخرت له الدولة كل المتطلبات المادية والمالية ( تفاصيل مشروع موازنة الأزهر الشريف للعام المالى 2018/ 2017 ، وخصصت وزارة المالية للأزهر موارنة تقديرية تبلغ 12 مليارا و821 مليونا و561 ألف جنيه .. / نقل من موقع اليوم السابع ) ، الأزهر شيخا وشيوخا وكوادر ، أمسى موقفهم يقترب من السلبية ، فبكل هذه الأموال من الممكن أن ينجزوا الكثير ، ولكن لا زالت مناهجهم على حالها وسياساتهم نفسها ، أما أبواقهم فتصب على الوسطية بالأسلام !! ، وما أقدموا عليه مؤخرا فضيحة حضارية ومجتمعية ، حيث قاموا بأنشاء " أكشاك للفتوى " ، أن المجتمع بحاجة للوعي والتثقيف والتنوير ، ونشر المحبة والتسامح بين المواطنين ، وليس لأكشاك للفتاوى !! ، متى ينهض الأزهر بواجبه الوطني قبل الديني .. والأرهاب يقصف بمصر ، وأخرها حادث مسجد الروضة ( تم استهدفت عددًا من المصلين أثناء تأديتهم صلاة الجمعة بمسجد الروضة بمركز بئر العبد بمحافظة شمال سيناء ، وأسفرت تلك العملية الإرهابية عن استشهاد 305 أشخاص من المصلين من بينهم 27 طفلًا كانوا برفقة ذويهم وإصابة 128 آخرين / نقل من موقع الوفد ) ، والأزهر / بكل سلبية ، فقد يدين ويشجب ويستنكر !! . 5 . والعراق ومرجعياته الجعفرية ، لا زالت تغض الطرف عن مايحدث في المناسبات الدينية والزيارات من أعمال مستهجنة ، حيث لا زال اللطم و التطبير والزناجيل ، وقع صداها في كربلاء والنجف !! ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ، المرجعيات صامتة عن الظلم المجتمعي ، من جراء الدور التخريبي ، من سرقات لقوت الشعب ، الذي تؤديه الحكومة والبرلمان والأحزاب الدينية السياسية ، متناسية من أن " الساكت عن الحق شيطان أخرس ، والناطق بالباطل شيطان ناطق" ، أن العراق قبل سيطرة رجال الدين كان دوره حضاريا ، أما الأن وصل الأمر بالمجتمع من أنه يفضل أي حكم / حتى لوكان كافرا ، بأستثناء حكم العمائم !! ، أن رجال الدين يؤدون دورا تخريبيا في المجتمع ، لأنهم ساهموا في تجهيل وتغييب الشعب ، وكانوا عاملا مساعدا في أنتشار الكثير من المظاهر غير الحضارية ! . أن رجال الدين لم يساهموا في تثقيف وتوعية المجتمع العراقي ، بل أنهم شاركوا في تعطيل حركة وعجلة تطور المجتمع العراقي حضاريا !! . 6 . الدعاة ينثرون التراب على عيون المسلمين ، من أجل تخديرهم ، وحجب الحقيقة عنهم ، ويؤكدون من أن الحضارة الأسلامية كان لها الفضل على حضارات العالم ، ومن شاكلة هؤلاء د.عدنان أبراهيم الذي يقول في أحدى محاضراته ( من أن الأسلام العظيم هو الذي أنشأ أوربا العظيمة .. ) ، والعاقل يقول عن أي أسلام تتكلم !! ، فالأسلام من نشأته بني على الدم والقتل والصلب وتسمير عيون والحرق والسبي والفتوحات وأسلمة الشعوب بالسيف ، ماذا قدم الأسلام للعالم ، نعم له نتاج تواضع في بعض الجوانب .. ، ولكن الحضارات لا تبنى على هكذا جهود ، وحتى هذه المشاركات أصولها كتب مترجمة في الطب والنجوم والهندسة والآداب .. ، ومنها أعمال إقليدس والمجسطي لبطليموس ، والمترجمين ليسوا بعرب وغير مسلمين ، ففي عهد " بيت الحكمة " / في خلافة هارون الرشيد ، كان من أبرز مترجمي الدار يوحنا بن ماسويه وجبريل بن بختيشوع وحنين بن إسحاق والكثير غيرهم من العلماء وهم من اليهود والنساطرة والفرس ، أي الأصول أجنبية والمترجمين غير مسلمين وغير عرب ، فأي حضارة ، أن الحقيقة مرة وقاسية ، وفي مجال كشف الحقيقة ، يقول الكاتب الروسي العظيم فيودور دوستويفسكي ، بهذا الصدد مايلي : ( إن من يكذب على نفسه ، ويرضى أن تنطلي عليه أكاذيبه ، يصل من ذلك إلى أن يصبح عاجزاً عن رؤية الحقيقة .. ) .
7 . ( " أنا أفكر أنا إذن موجود " / ديكارت ، فخاصية التفكير هي حقيقة الوجود البشري وإذا توقف الإنسان عن التفكير توقف عن الوجود ) ، يجب أن نفكر وأن نبحث عن الحقيقة ، وأن نقول : أن المجتمعات العربية تائهة في طرق مظلمة / خلقها لهم شيوخ الدين ، لم تحضى المجتمعات بالحقيقة التي نشأت باحثة عن أركانها ، وعن مفهومها ، لو أستقرينا التأريخ ، لتوصلنا الى أننا مجتمع مفقود لا زال يعيش على أمجاد قادة وأمراء وخلفاء كانوا بعضهم أولاد زنى / زياد بن أبي سفيان ، أو لوطيين / الأمين بن هارون الرشيد ، فأي حضارة أمتلكنا ! سوى حضارة السيف .. سأذكر جزئية حضارية طبية واحدة ، حول الأشعة في المجال الطبي ( الأشعة السينية وتسمى أيضًا أشعة إكس ، واحدة من أكثر أنواع الطاقة فائدة . وقد اكتشفها العالم الفيزيائي الألماني ويلهلم رونتجن في عام 1895م ) ، ودورها في مجال الكشف عن الكثير من الأمراض ، والذي تطور منها لاحقا جهاز " الماموكرام " ، وهو جهازٌ حديثٌ متطورٌ للكشف عن سرطان الثدّي ، ونحن في مجتمعاتنا الأسلامية ، لا زلنا نتكلم نتخبط تارة عن شرب بول البعير وأخرى عن الحجامة والحبة السوداء ! ، فأي جانب حضاري كان للمسلمين في عالم اليوم !.
أضاءة : المجتمع ينهض : بالمواطنة الحقة ، وبالأعتراف بالأخر ، وبعدم تكفير المخالف ، وبالأنفتاح المعرفي على المجتمعات الاخرى ، ينهض : بالتعليم الهادف والتثقيف والوعي ، وحب الفنون ، وبنشر المحبة ، ومن الضروري تعميم دولة المؤسسات ، التي يجب بها سيادة القانون المدني وليس فرض الشريعة الأسلامية .. أما دور الدين الأسلامي في المجتمع الأن ، فهوعامل للتمذهب والتفرق والطائفية ، وقد أصبح الدين تجارة ووسيلة للتربح ، وأختم مقالي بما قاله أبن خلدون بهذا الصدد : ( الفتن التي تتخفي وراء قناع الدين تجارة رائجة جداً في عصور التراجع الفكري للمجتمعات .. ) .
#يوسف_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أضاءة .. الأسلام السياسي في العراق / مابعد 2003
-
أضاءة فكرية حول أيدولوجية الأسلام السياسي
-
الأسلام بين مفهومي المحبة والكراهية
-
قراءة في حديث - العشرة المبشرين بالجنة -
-
أزمة عرض قيم القرأن بين حقيقة النص وبين الأسلام كفكر
-
قراءة في - بدعة - التصوف في المسيحية
-
الداعية / عمرو خالد .. والسقوط الفكري
-
الأزهر بين منهجي الوسطية والأرهاب
-
الدين والأنسان والتخلخل الحضاري
-
قراءة عقلانية في نصوص قرأنية تخاطبها - بصيغ مختلفة -
-
قراءة في حديث رسول الأسلام - فتن أخر الزمان -
-
حلم / رؤية علمانية .. للأسلام
-
قراءة في ... هل القرأن مخلوق أم موجود منذ الأزل بين المعتزلة
...
-
الأمير محمد بن سلمان .. بين السياسة والدين
-
مهزلة عقائدية ، أن - الرحمة للمسلمين فقط -
-
قراءة في أية - أن الدين عند الله الأسلام -
-
قراءة حداثوية .. لقصة زواج الرسول من زينب بنت جحش
-
قراءة في - تغيير النصوص القرأنية خلال مدة أكتمال القرأن -
-
قراءة عقلانية للأيات القرأنية
-
قراءة في أزمة فهم النص القرأني
المزيد.....
-
محمد رمضان يثير الجدل مجددا بفيديو ساخر.. -رمضان أحلى-
-
نتنياهو يغادر إلى واشنطن ومكتبه يوضح الهدف من الزيارة
-
بوتين: ترامب سيعيد النظام بسرعة كبيرة والنخب الأوروبية سترضخ
...
-
الشرطة البريطانية تعتقل رجلا حرق القرآن في بث مباشر غداة مقت
...
-
ترامب وزوجته ونائبه -يرثون- حسابات أسلافهم على السوشيال ميدي
...
-
مكالمة السيسي وترامب في الإعلام المصري: -التوتر يتراجع ودعوا
...
-
اتفاق مصري جيبوتي على استعادة الأمن وحركة الملاحة في باب الم
...
-
لبنانيون يحاولون العودة إلى بلداتهم رغم وجود الجيش الإسرائيل
...
-
بوتين: ترامب سيعيد النظام بسرعة كبيرة والنخب الأوروبية سترضخ
...
-
إسرائيل تستأنف الإثنين المفاوضات مع حماس بشأن المرحلة الثاني
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|