|
البطاقة التموينية طوق نجاة للفساد ام حبل مشنقة للفقراء
فارس عبد الوهاب أمين
الحوار المتمدن-العدد: 5954 - 2018 / 8 / 5 - 03:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الحصة التموينية أو البطاقة التموينية واحدة من الاشكالات الاقتصادية الاكثر تعقيدا في العراق منذ تغيير النظام الدكتاتوري عام 2003 بسبب ما تتضمنه هذه البطاقة من مسالك عديدة للفساد والسرقات دون ان تحقق اي منفعة اجتماعية أو جدوى اقتصادية مقارنة بما يخصص لها من اموال وتخصيصات ضمن الموازنات العامة كل سنة. في السنوات الماضية حاول المشرع الاقتصادي ايجاد حلا لمشكلة البطاقة التموينية لكن جميع الحلول تصدم بماكنة اعلامية وتحشيد الرأي العام من قبل مافيات تتحكم بجميع مراحل التخصيص والاستيراد والتوزيع، وهذه المافيات الفاسدة تمنع وضع حلول حقيقية لهذا الاشكالية. الحل الوحيد الذي وضعته الحكومة قبل عشر سنوات هو حجب البطاقة التموينية عن الموظفين الذين تتجاوز رواتبهم مليون ونصف دينار ولكن من خلال استطلاعات الرأي والاتصال المباشر مع عدد من الموظفين الذين تنطبق عليهم شروط الغاء البطاقة التموينية تبين أن هذا القرار لم يحقق نتائجه لانه لم يطبق فعليا وانما كان دعاية اعلامية. ولو عدنا لموضوع البطاقة التموينية وعلاقتها بالشعب العراقي وتأثيرها على مستويات المعيشية للفرد والمجتمع لابد من المرور على المراحل التاريخية التي مرت بها الحصة التموينية. تاريخيا استخدمت البطاقة التموينية كتجربة فاعلة واداة مساعدة لانعاش الواقع الغذائي للمواطن لاسيما الطبقات الفقيرة في بلدان مثل بريطانيا وفرنسا وايطاليا والولايات المتحدة ودول اخرى، وفي العراق استخدمت للمرة الاولى اثناء الحرب العالمية الثانية عندما قامت وزارة التموين انذاك بتوزيع الغذاء والمواد الاساسية خلال الحرب على المواطنين، ومع انتهاء الحرب انتفت الحاجة اليها بعد ان باتت جميع المواد الغذائية والاستهلاكية متوفرة في الاسواق. المرة الثانية التي استدعت الضرورة اللجوء الى البطاقة التموينية كان عام 1991بعد الحصاراللعين الذي فرضته الامم المتحدة ودول التحالف على العراق وعدم قدرة الاسواق على استيعاب حاجة المواطن في ظل انقطاع الاستيراد، لذلك عاد مشروع البطاقة التموينية كحل يفرض نفسه على الواقع العراقي من جديد، في السنوات الاولى من تطبيق نظام البطاقة التموينية شكل هذا المشروع احد مرتكزات انعاش المواطن وتأمين ادنى حد من احتياجاته لكن بعد الاعلان عن برنامج النفط مقابل الغذاء الصادر بموجب قرار مجلس الأمن الرقم (986) لعام عام 1996 وموافقة العراق عليه وعودة انتعاش السوق العراقية باتت الحاجة الى البطاقة التموينية تتضائل بشكل تدريجي غير ان سيطرة العائلة الحاكمة للطاغية المقبور على مفاصل عملية الاستيراد والتوزيع للبطاقة التموينية وتنفيذ مشاريع فساد ضخمة حال دون انهاء العمل بها على الرغم من انها في السنوات الاخيرة في عمر النظام اصبحت واحدة من اوجه الفساد للكثير من ازلام النظام الصدامي وحاشيته. وبعد عام 2003 وجد سماسرة الفساد في البطاقة التموينية منفذا مهما لتحقيق مكاسب بطرق غير مشروعة وباتت الاموال المخصصة لها تذهب لحساب مسؤولين واحزاب دون تحقيق حتى الحد الادنى لمتطلبات المواطن، وتحولت وزارة التجارة الى اكبر قاعدة مالي لتفشي الفساد وانتشاره في جميع مفاصل الدولة، وهروب وزير التجارة الاسبق بسبب اتهامه بقضايا فساد خير دليل على حجم السرقات التي تحصل باسم قوت الشعب، وتحولت البطاقة التموينية من اداة رحمة وانعاش الى اداة سرقة وفساد. السؤال الذي يطرح الان، هل العراق يحتاج الى البطاقة التموينية؟ ومن الجهة التي يجب تخصيص البطاقة التموينية لها؟ أن الوضع الاقتصادي في ظل وجود التجارة الحرة والسوق المفتوحة وتراكم المواد الغذائية والاستهلاكية في الاسواق وباسعار مناسبة يستدعي اصدار قرار بانهاء خدمة البطاقة التموينية ووضع حد لعمليات التلاعب بالمال العام وانهاء مهزلة الفساد التي تتعكز على البطاقة التموينية بذريعة ابناء الشعب، ويجب أن تخصص البطاقة التموينة لشريحة محددة من المجتمع وهي الطبقة الفقيرة وبالامكان التنسيق مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لتقديم قاعدة بيانات بالعائلات المتعففة والعاطلة عن العمل وحصر البطاقة التموينية بهذه الشريحة فقط وتقديم مبالغ نقدية لها بدلا من مواد غذائية الكثير منها غير صالح للاستهلاك البشري، كما اقترح الغاء وزارة التجارة واعادة توزيع كادرها على الوزارات الاخرى وتشكيل هيئة تعني بمتابعة القضايا التجارية والاقتصادية وحركة السوق ترتبط برئيس مجلس الوزراء من اجل اعادة هيكلة الاقتصاد العراقي ورسم استراتيجية جديدة للحركة التجارية . أن البطاقة التموينة مشروع متآكل انتفت الحاجة اليه وآن الوقت لوضع جدولة اقتصادية لانهائه والقضاء على عمليات الفساد والاستفادة من الاموال المخصصة له في تحقيق مشاريع تنموية حقيقية تخدم شريحة الفقراء على المدى البعيد .
#فارس_عبد_الوهاب_أمين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أستراتيجية تحقيق الأمن الغذائي في العراق
-
الهاشميون بين البقاء والانهيار
المزيد.....
-
راكبة تلتقط بالفيديو لحظة اشتعال النار في جناح طائرة على الم
...
-
مع حلول موعد التفاوض للمرحلة الثانية.. هل ينتهك نتنياهو اتفا
...
-
انفصال قطعة كبيرة من أكبر جبل جليدي في العالم!
-
15 قتيلاً على الأقل خلال انفجار سيارة في مدينة منبج في سوريا
...
-
روسيا تعلّق الطيران في عدة مطارات عقب هجوم أوكراني بالطائرات
...
-
عواقب وخيمة لوقف أمريكا المساعدات الخارجية.. فمن سيعوضها؟
-
الصفائح الجليدية في القطب الجنوبي أكثر قدرة على الصمود
-
انتشال رفات 55 شخصا ضحايا اصطدام طائرة الركاب بمروحية عسكرية
...
-
لبنان .. تغيير أسماء شوارع وساحات تذكر بالنظام السوري السابق
...
-
الرئيس الجزائري: أبلغنا الأسد رفضنا للمجازر بحق السوريين
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|