أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مظهر محمد صالح - تأملات في البداوة السياسية: ثرثرة فوق النيل/الجزء ١














المزيد.....


تأملات في البداوة السياسية: ثرثرة فوق النيل/الجزء ١


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 5950 - 2018 / 8 / 1 - 04:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تأملات في البداوة السياسية:
ثرثرة فوق النيل/الجزء ١
                                        د.مظهر محمد صالح
 
     الليلة اكذوبة بما هو نهار سلبي !! هكذا عبارة قالها نجيب محفوظ في روايته ثرثرة فوق النيل  وهي العبارة الشامخة التي ستظل موفرة لواحدة من الحقائق السياسية المهمة في حياة الامة مصرية، حيث يمضى الرئيس ليلته الاولى في سجن (طرة) و يالها من ليلة! انها ليلة استيقظ فيها الرئيس من نومه العميق وهو في زنزانته في السجن……  مطلقا صرخته المدوية : ( نحن لم نتفق على ذلك !!!) وقد اجاب الشارع المصري كله في يومها ((ميهمش يا ريس!!!)) ولا احد يعرف مع من كان الرئيس مبارك متفقاً! ولااحد يعلم سر ذلك الاتفاق وكيف نكثت الوعود!
كان وصولي الى قاهرة وقضائي ليلتي الاولى فيها مفارقة حادة في تاريخ مصر السياسي . انه يوم 4 حزيران 2012 وهو اليوم التالي لليلة التي امضى فيها الرئيس يومه الاول في سجن (طرة) وانها بالتأكيد الليلة الاولى التي سأمضيها في مصر لاستقبل في اليوم التالي الذكرى 45 لحرب 5 حزيران 1967 تلك الحرب التي غزت فيها اسرائيل اراضي ثلاثة دول عربية في حرب خاطفة لم تدم الا اياماً قلائل بدأت صباح الخامس من حزيران من العام 1967 وسميت بحرب الايام الستة وهي الحرب التي احتلت فيها اسرائيل كامل شبه جزيرة سيناء المصرية والمدن الرئيسة فيها اضافة الى هضبة الجولان السورية والضفة الغربية من فلسطين . وذكرتني تلك الحرب بحجم الصرخة التي اطلقها الرئيس المخلوع حسني مبارك عندما صحى من نومه بعد ان قضى ليلته الاولى في سجن طرة وهو يقول نحن لم نتفق على ذلك ، كي اقول بنفسي : هل الساسة العرب لم يكونوا متفقين على ذلك !! عندما استيقظوا جميعاً من غفوتهم صبيحة يوم 5 حزيران 1967 ليجدوا اراضيهم ومدنهم حبيسة الاحتلال الاسرائيلي … لاندري !!!
كانت اقامتي في فندق فاره في جزيرة القاهرة حيث احتلت غرفة نومي الطابق التاسع عشر لتطل على قلب النيل في تلك البقعة الرائعة وامامي في وسط النهر نافورة مياه اصطناعية تزينها الاضواء ليلاً وعندما تسائلت عن سر تلك النافورة الغريبة اخبرني صاحبي الذي استقبلني بقلبه المنفتح وكرمه الاصيل ليسرني عن مغزى النافورة التي تتوسط مجرى النهر ، ذاكراً انها الغطاء الشكلي لحجرة العمليات العسكرية التي تغطس تحتها و التي قادت الى انتصار مصر في حرب 6 اكتوبر – تشرين الاول – 1973 ضد اسرائيل . و اصبح الجميع يعرف اليوم سر تلك النافورة في وسط النهر والحجرة التي تحتها  والممر السري الممتد الى الضفة اليمنى حيث منزل الرئيس الاسبق انور السادات . انها النافورة التي تحمل رمزيات كثيرة في حياة مصر السياسية وحجرة العمليات التي تحتها التي ادارت ارادة مصر في الحرب والنصر والسلام وعادت سيناء الى حضيرة مصر .
  تركت فندقي في المساء نفسه لاقضي بعض الوقت قبل ان استلق في فراشي . انها ليلتي الاولى في القاهرة وهي الليلة الثالثة التي يمضي فيها الرئيس حسني مبارك ايامه في سجن طرة .
   توجهت مع صاحبي الكريم الى كورنيش النيل في قلب القاهرة وهو الجانب الايمن من النهر حيث كان يسكن الرئيس  انور السادات والى جانب داره كان هناك اصطفاف جميل من العمران المطل على النيل . وامضيت ساعات رائعة في مساء ذلك اليوم وانا اتطلع  من المقهى الذي جلست فيه ،وامامي تدفق النهر الذي يسير في مجراه عكس انهار العالم كما تقول الجغرافية الوطنية ، وفي مخيلتي حضارة مصر وتاريخ وادي النيل العريق . و تذكرت وانا اراقب مجرى النهر وسريان مياهه،كم هو طغيان الامبراطورية الفرعونية؟ والآية القرآنية التي تقول : ( .. ان فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين) وقد اجابني نجيب محفوظ في ثرثرته فوق النيل وهي اجابة مازالت محفوظة في ذاكرتي وتصف الطغاة هي الاخرى قائلة: لم يكن نيرون وحشاً ولكن عندما وجد نفسه امبراطوراً قتل (امه ) فلما صار (إلهاً ) احرق روما .. وقبل ذلك كان مجرد انسان عادي عشق الفن !!.
لفت نظري وانا اتطلع الى امواج النيل ومياهه المتدفقة العالية في هذا الموسم من السنة ، ان ثمة قوارب نهرية متوسطة الحجم تقترب بصورة متكررة من حافات مقهانا . وان كل قارب كان يضم عدداً محدوداً من الأسر او العائلات المسحوقة ممن اكل عليها الدهر وشرب وهم يطلبون العون او الصدقة ،حتى و ان كانت من فتات موائدنا في ذلك المقهى الشاسع الذي كنا رواده في تلك الليلة او غيره من المكانات المطلة على الماء ،التي يرتادها عادة الميسورين والطبقة الوسطى المصرية والسياح او غيرهم. وسألت صاحبي الكريم الذي يقيم في القاهرة منذ سنوات بعيدة عن هذه الظاهرة في التعاطي الانساني ، فأجابني ان تلك القوارب (المتحركة) تحمل على ظهرها قوى بشرية مسحوقة من سكان مصر ، تفترش النيل وتعيش وتتقلب على ظهر النهر في قواربها … انها حياة متحركة تماثل حياة البدو الرحل في الصحراء في رحالها وترحالها ولكن اسمها هذه المرة المياه وليس الرمال. انها تتعاطى بعض الصيد وتكابد من اجل البقاء . انها عائلات تقضي ايامها ولياليها بصورة متواصلة في ممارسة العيش والحياة في هذه القوارب (انها جمال فوق الماء) تسير بالعشرات ان لم تكن بالمئات وعلى نحو لاينقطع و ان الليل والنهار لديها سواء!!!
انها اعداد غفيرة وسلاسل طويلة من تلك القوارب التي لم تنته وهي تكابد من اجل البقاء حتى غادرنا مقهانا ، انها حقا اسر منهكة تعج بها مياه النيل في حياة عائمة تصارع بلا هدف من اجل البقاء تتحرك مع التيار او ضده على سطح النيل واعماقه تغتسل فيه وتروي عطشها منه  وتتطلع الى المجهول وان مثل هذه العائلات قد ندركها : على انهم مصريون ، انهم عرب ، انهم بشر، ثم ربما انهم مثقفون ، فلا يمكن ان يكون هناك حد لهمومهم ، .. وقد يجيبوننا : الحق اننا لامصريون ولا عرب ولابشر ، نحن لاننتمي لشيء الا لهذا القارب (او العوامة) المتحركة !نحن نستمر حتى يسحقنا اللاشيء! .



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات في البداوة السياسية: ثرثرة فوق النيل/الجزء ٢
- تأملات في البداوة السياسية: الكعكة المنقوصة
- نساء على سقوف من زجاج.
- الإغتراب الصناعي والتقسيم الدولي الجديد للعمل
- علم الاقتصاد الطبيعي :بين دارون و آدم سمث
- تاريخ الكلام: بين دارون وتشومسكي
- التاريخ والمستقبل الغامض للكتابة الخطية
- أسماك ساحل الذهب
- الثورة التكنولوجية الثالثة
- الثورة التكنولوجية الثانية والعصر الفكتوري
- الثورة التكنولوجية الأولى ... بداية التحول!
- الطرق الناعم على الجدران الرقمية .
- نساء في مشاغل العمل
- ركود الاجور في العصر الرقمي/الجزء(٣)
- ركود الاجور في العصر الرقمي /الجزء(٢)
- ركود الاجور في العصر الرقمي/الجزء(١)
- عصر الماركنتالية المالية
- الانسان والآلة
- الآلة وأجر العمل
- بيوتات المتاجرة لاتنام


المزيد.....




- ترامب يأمر الجيش الأمريكي بتنفيذ ضربات جوية في الصومال
- تظاهرات في مدن ألمانية ضد سياسة الهجرة المدعومة من البديل
- نتنياهو: سنواصل العمل لتحقيق أهداف الحرب
- شاهد.. نيران وحطام طائرة متناثر في الشوارع إثر الحادث الجوي ...
- مصر.. اجتماع عربي لرفض تهجير الفلسطينيين
- صحيفة: في الغرب يدركون أن بوتين يعرف نقطة ضعفهم
- اختفاء معلومات وبيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية من ...
- السودان.. الجيش يعلن استعادة السيطرة على عدة مدن في ولاية ال ...
- دانماركي يحرق مصحفا أمام السفارة التركية في كوبنهاغن (فيديو) ...
- واشنطن: يجب إجراء انتخابات في أوكرانيا


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مظهر محمد صالح - تأملات في البداوة السياسية: ثرثرة فوق النيل/الجزء ١