محمود الزهيري
الحوار المتمدن-العدد: 5949 - 2018 / 7 / 31 - 04:18
المحور:
الادب والفن
تعاتبني عينيكِ حال وداعي , وأتلعثم حين أقول معذرة :
أنا لست مسافر
عينيكِ هما من سافرتا إلي حيث حنين الوجد
وأنا لم أرحل من وطن الشوق إلي وطن آخر مادمت في هذا الوطن .
مازلتُ أنا باقٍ علي جمر فراق عينيك
نظراتك حين رحيلك تؤلم قلبي
تعتصره نزعات الأوجاع كطفل يتيم الأب يكلله الحزن , وكأن أمه رحلت عنه بعيداً , ومازال يبكي قيد انتظار العودة , فهو متيقن من العودة , وحتماً ستعودين لحياتي حتى لا أتحول إلي عدم .
مازلت أنتظرك علي رصيف الشوق أحياناً , وعلي ميناء الانتظار بحرارة لم أعهدها من قبل , وبشوق لا يقاوم ولا مثيل له .
تعتصرني أحاسيسي بقوة وتستشعرني أني ضعيف أمام رؤياك , فأنت السيدة المثلي وأنا العبد , وأنت لك حق الأمر ولي واجب الطاعة , و ليس من حقي السفر , ومن حقك السفر أو الرحيل , مازالت مشاعري تتضرع إلي إحساسك الخلاق المحيي لما مات بداخلي , وصار كأنه عدماً , وهو لم يمت ولم يتحول إلي سديم بل قتل بفعل شوق إليك لم أتحمل طاقته وقوته وجلاله.
و أنتِ , أنتِ وحدك , من تمتلك العلاج والدواء ووحدك القادرة علي الشفاء وبعث الروح وإعادة الحياة لما مات , عفواً , عفواً , لما قتل , وليس مات ..
ليس لي ذنب , ولن يكون بذنب أو معصية أو كبيرة من الكبائر حينما أراك إلاهة من آلهة العقل والحكمة و الحب والعشق والهيام والوجد , إلاهة رائعة فاقت كل حدود الروعة والجمال والبهاء , أربكت كل ما فيّ , صرت شغوفا بتفاصيل عقلك وروحك ونفسك ووجهك وجسدك .
صرت مشغولا بالحيرة المربكة التي تذهب بي إلي كل مدارك رضاك وسماحك لي باستدراك كنه تفاصيلك , وقراءة عقلك وتفاصيل وجهك والسفر عبر عينيك والرحيل إلي حيث تكوني لي وطن أسكن فيه ولا أبرح , فأنت العقل و الروح والنفس وأنت الحياة وأنت حللت بكياني وسكنت بجسدي وهيمنت علي قلبي وأسرتِ مني كل الأحاسيس والمشاعر , وصرتِ بكل الكلام , وبكل الصمت , صرتِ وطني ..
أرجوك اقبلي مني أن أرفع راية وطنك , وأتلو نشيدك , وأتوضأ من نورك وأتعبد في محرابك , وأوقد كل شموعي حين تكون الأحلام .
وحين أفيق ولا أجدك , أوقدي شمعة واحدة , واحدة فقط ..
واكتبي علي قبري , هذا الذي كان , سكنت بقلبه ثم رحل إلي هنا !!
#محمود_الزهيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟