|
كلمة الدكتور شعبان في ندوة أعمدة الأمة الأربعة
عبد الحسين شعبان
الحوار المتمدن-العدد: 5948 - 2018 / 7 / 30 - 17:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
وفّر منتدى الفكر العربي، الذي هو صرح فكري وحضاري تأسس منذ ما يزيد عن ثلاثة عقود ونصف من الزمان ، فضاءً لمثل هذا الحوار، فقد كان هناك حوار عربي- كردي قبل نحو 4 أشهر، وقبل ذلك التأم حوار عربي – تركي وآخر عربي- فارسي. واليوم فإن هذه الندوة التي تضمّ نخبة متميّزة وكوكبة من المثقفين والأكاديميين والفاعلين المدنيين والممارسين السياسيين، يمكن أن تدير حواراً جامعاً ومتنوّعاً فيما يتعلّق بعلاقات الأمم الأربعة بما يعزّز فرص التفاهم والتعاون فيما بينها من جهة، ويقوّي من لحمة المشترك الإنساني من جهة أخرى . وأعتقد أن الأساس الذي ينبغي أن يقوم عليه هذا الحوار، هو المكاشفة والشفافية فيما يريده كل طرف من الأطراف الأخرى، كما لا يُفترض فيه أن يستغرق في الماضي وملابساته وعقده، بل يتطلّع إلى المستقبل لتعزيز أواصر الصداقة والتضامن كجزء من التاريخ الجديد لعلاقات متكافئة ومتساوية وعادلة. امتلاك الحقيقة وبهذا المعنى فهو حوار لا يستهدف المغالبة أو ادعاء امتلاك الحقيقة والأفضلية، وإنما هدفه بكل تواضع البحث فيما يمكن أن يقدّمه من معالجات لتقريب وجهات النظر وتذليل المصاعب والعقبات التي تعترض العلاقات التاريخية المركّبة بكل ما لها وما عليها، وأفترض أن كلاً من جانبه يهدف لتعظيم الجوامع وتقليص الفوارق، سواءً من موقعه في إطار النخب الثقافية والمدنية أم بالتواصل مع أصحاب القرار في بلده، وتلك واحدة من الرسائل الفكرية الأساسية للمنتدى. والأهم من ذلك إعلان كل منّا، ونحن لا نمثّل سوى أنفسنا، عن تمسّكه وعدم خرقه للقيم الإنسانية المشتركة أولاً وقبل كل شيء، وهي قيم الحرية والسلام والتسامح والمساواة والعدالة والشراكة والمشاركة والإقرار على المستوى الفردي والجماعي، وكل من موقعه أيضاً على وضع تلك القيم والمبادئ موضع التنفيذ في علاقاته مع مثقفي الأمم الأخرى. وبتقديري إن أمم الإقليم ودوله ستتمكّن من مواجهة التحدّيات الداخلية والخارجية بصورة أكفأ وأسلوب أجدر فيما لو كانت متعاونة بين بعضها البعض وموحّدة الأهداف، بما فيها من تنمية بكل جوانبها، سياسياً واقتصاديا واجتماعياً وصحياً وبيئياً ومائياً وخدماتياً وغيرها، وبالطبع فذلك يتطلب أولاً وقبل كل شيء وقف الحروب فيما بينها سواء المباشرة أم بالواسطة، واعتماد الحوار والحلول السلمية وسيلة لوضع حدّ للصراعات القائمة. وإذا كانت الحروبُ تبنى في العقول، فإن حصون السلام تبنى في العقول أيضاً، حسب دستور اليونسكو. ويتطلّب الحوار احترام الخصوصيات والهوّيات الفرعية وحقوقها ومستقبلها القائم على المصالح المشــــتركة والمنافع المتبادلة، إضافة إلى حقها في تقرير مصيرها وفقاً لرغباتها الخاصة ومصالح أممها مع مراعاة مصالح الإقليم وأهدافه المشتركة. فالصراع الذي يتّخذ شكلاً طائفياً في منطقتنا بين الشيعة والسنّة أو بين الأمم تبعاً لبعض المصالح الضيقة، هو في حقيقته وفي جوانب منه صراع بين قيم بعضها ينتمي إلى الماضي والتي تمثل التعصّب والتطرّف والعنف والإرهاب والاستعلاء، وبين قيم تنتمي إلى الحاضر والمستقبل تتعلّق بالتسامح والتعايش والتواصل والسلام وحقوق الإنسان، وهو صراع جيوسياسي حتى وإن اتخذ طابعاً دينياً أحياناً باستهداف المسيحيين وطابعاً قومياً باستهداف المجموعات الثقافية، سواء أكان على المستوى الداخلي في كل بلد أم على امتداد الإقليم. ولعلّ مثل هذا الحوار هو حوار ثقافي متميّز، ويأتي تتويجاً لحوار ونقاش وجدل بين نخب مختلفة ومتنوعة ومن مشارب شتى فكرية وسياسية ومرجعيات دينية وإثنية، وقد سبق أن التأم تمهيداً لذلك في ملتقى تونس مثلما شهدت بيروت إعلاناً عن قيام منتدى للتكامل الإقليمي، وهذا يعني ارتفاع رصيد الفكرة حيث توفّرت قناعات مشتركة وواسعة من لدن العديد من النخب في أمم الإقليم التي تلمست بصورة عملية أنه لا سبيل لحلّ المشكلات العالقة إلّا باعتماد طريق الحوار الذي لم يعدّ مجرد نزوة فكرية، بقدر ما هو حاجة ضرورية وملحّة.وأعتقد أنه لا مناص من الحوار كوسيلة فعّالة للتفاهم والتعاون بين الأمم والبلدان، وسيكون نقيضه أما استمرار الحال على ما هو عليه من تنافر وتباعد وانغلاق وتشظي وتشتت وانقسام، أو حتى تفاقم الأوضاع وازديادها سوءًا، بما يعطّل التنمية أو يضع عراقيل أمامها، فضلاً عن تعقيد أوضاع الإقليم وعلاقاته ككل، وسيعطي للقوى الخارجية مبرّراً لاستثمار الخلافات لإخضاع دول وشعوب المنـــــطقة للهيمنة والاستتباع. تقارب وتعاون وإذا كان العالم يتجه أمماً وشعوباً نحو التقارب والتعاون والتكامل، فإن شعوب الإقليم وأممه ما زالت تعيش حالة من عدم الثقة والنزاع والاحتراب في حين يفترض فيها التلاقي والتراضي والتشارك، لما يجمعها من تاريخ مشترك وديانة وقيم مشتركة وعلاقات اجتماعية متداخلة وإمكانية تكامل اقتصادي وغيرها. ولعل هذا الأمر سبب آخر لراهنية الحوار وضرورته ونأمل أن يكون حواراً معرفـــــياً مفتوحاً بما يعزز القيـــــــم الكونية- الإنسانية التي تجمع بين مثقفي الأمم الأربعة على أساس المساواة والشراكة والتكافؤ والاعتراف المتبادل وبما يعزّز أواصر التعاون. الحوار بهذا المعنى يصبح ” فرض عين وليس فرض كفاية”، خصوصاً حين تواجه دول الإقليم ظواهر التعصّب والتطرّف والطائفية والعنصرية والإلغاء والتهميش، فضلاً عن العنف والإرهاب، بل وتهديد الدول الوطنية، وأعتقد أن نموذج داعش ينبغي أن يظل ماثلاً نصب العين. * كلمة ألقيت في افتتاح ندوة الاعمدة الاربعة الذي اقيم في عمان 22/7/2018
#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ظاهرة عمل الأطفال في العمل الإسلامي وسبل التصدّي لها
-
الرئيس الأمريكي والكتب
-
هل تفلح انتفاضة الكهرباء في العراق في تعديل مسار العملية الس
...
-
55 عاماً على حركة معسكر الرشيد - استعادة شخصية
-
مستقبل الإقليم.. تكامل أم تناحر؟
-
لبنان الحائر والمحيّر!!
-
فيليتسيا لانجر شاهدة بأم العين
-
سلام عادل ..الشيخ راضي ينفي تعذيب أمين عام الحزب الشيوعي ويؤ
...
-
سلام عادل .. عبد الناصر يعيّن هويدي سفيراً في بغداد ويرد الس
...
-
مشكلة «أطفال الدواعش»!
-
سلام عادل ..الاستخبارات الأمريكية تنصب إذاعة في الكويت لبث أ
...
-
سلام عادل ..أهم خدمة تقدم للعدو هو إخفاء أخطاء الحزب والزعم
...
-
سلام عادل ..الرجعية جزء من مذبحة كركوك وتراجع الحزب الشيوعي
...
-
سلام عادل ..الترهل في جسد الحزب الشيوعي منعه من قرارات حاسمة
...
-
سلام عادل .. كلوا فالحزب يريدكم أقوياء - ح2
-
سلام عادل .. الدال والمدلول وما يمكث وما يزول ح1
-
العنف «الإسرائيلي»ضد الأطفال نموذجاً
-
الاستبداد الناعم
-
الصين تتغير
-
قول آخر في «الدولة المدنية»
المزيد.....
-
سقطت بعد ثوانِ من إقلاعها.. شاهد الفوضى بعد تحطم طائرة في في
...
-
تحليل بيانات يكشف ما فعله قائد طائرة الركاب -قبل ثانية- من ا
...
-
مدى الالتزام بتوجيه ولي العهد السعودي في المدارس بلبس الزي ا
...
-
السعودية.. فيديو احراق سيارة متوقفة بالطريق والداخلية ترد
-
-ديب سيك-: أسرار وراء روبوت الدردشة الصيني الجديد، فما هي؟
-
شرطة لوس أنجلوس تنقذ مسنة عمرها 100 عام من حريق في دار المسن
...
-
في دولة عربية.. أول عملية عسكرية للجيش الأمريكي ضد -داعش- في
...
-
صخب ترامب مؤشر على الحالة الأميركية
-
زوجة الضيف للجزيرة نت: لم يتنكر كما كان يشيع الاحتلال ولم يغ
...
-
قبل موتهم جميعا.. كشف آخر ما فعله مسافران قبل اصطدام طائرة ا
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|