أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبدالعزيز - الشاعر حسن البصام.. رومانسي بوجع سومري!















المزيد.....

الشاعر حسن البصام.. رومانسي بوجع سومري!


وجدان عبدالعزيز

الحوار المتمدن-العدد: 5947 - 2018 / 7 / 29 - 20:31
المحور: الادب والفن
    


هذا الشهر والذي قبله حفل عندي بقراءات شعرية كثيرة ، كان اخرها الدواوين الثلاث للزميل الشاعر حسن البصام ، صدرت له في اوقات متقاربة ، وحملت رومانسية شفافة جديدة ، لكننا شئنا ام ابينا ، انها تلك الرومانسية التي تبلورت عن مذهب ادبي ، يهتم بالنفس الإنسانية وما تزخر به من عواطف ومشاعر وأخيلة أياً كانت طبيعة صاحبها مؤمناً أو ملحداً، مع فصل الأدب عن الأخلاق. ولذا يتصف هذا المذهب بالسهولة في التعبير والتفكير، وإطلاق النفس على سجيتها، والاستجابة لأهوائها. وهو مذهب متحرر من قيود العقل والواقعية اللذين نجدهما لدى المذهب الكلاسيكي الأدبي، ويحتوي هذا المذهب على جميع تيارات الفكر التي سادت في أوروبا في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي وأوائل القرن التاسع عشر. والرومانسية أصل كلمتها من : رومانس romance باللغة الإنجليزية ومعناها قصة أو رواية تتضمن مغامرات عاطفية وخيالية ولا تخضع للرغبة العقلية المتجردة ولا تعتمد الأسلوب الكلاسيكي المتأنق وتعظم الخيال المجنح وتسعى للانطلاق والهروب من الواقع المرير، ولهذا يقول بول فاليري: "لا بد أن يكون المرء غير متزن العقل إذا حاول تعريف الرومانسية".واعتقد ان البعض ينظر للرومانسيه من منظور ضيق على انها هى مشاعر الحب بين الطرفين على الرغم من ان الرومانسيه لها معنى اشمل وادق من ذلك ، المرء قد يكون رومانسى لنفسه, لذاته، فالرومانسية مع شخص اخر..هى احد الاحاسيس الناعمة الرقيقة التى نشعر بها عندما يملئنا حب الحياة والاستمتاع بجمال الطبيعة ان يتولد لدينا رغبة في الحب والجمال .. فحينما تتصارع الرومانسية وتتلاقى ومشاهدة قطيرات مطر دافئه تتساقط والشعور بالسعادة و عندما نتابع النجوم وهى تلمع وتتألق بالسماء الصافية ويمر فى ذهنك حينها شريط من الذكريات السعيدة وخاصة ابتسامة الحبيب ... لاقول اذا استطعت ان ترى كل مايحيط بك جميلا ونظرت لايجابيات الامور وتجنبت السلبيات المحيطه بك حتما انت رومانسى ، فكن جميلا ترى الوجود اجمل فالرومانسيه انصهار فى الطبيعه وامتزاج مع الحياه ببساطه وعفويه ، وامتزاج مع الذات الاخر الذي هو صنو الحب والجمال، ورغم مافعله هنا الشاعر حسن البصام من انفعال وثورة ممزوجة بقلق وعدم الثقة ، بقي ينشد الرومانسية المغمسة بالذات الثائرة التي تطلب الامان والسلام بالحب لاغيره .. وعليه فان ديوان (فنجان قهوة مع زليخاي) ، الذي جاء عبارة عن قصيدة رومانسية واحدة تعددت اوجه اللقاء أي الحضور والغياب فيها ، وراحت هذه المقاطع الشعرية تعزف لحنا واحدا ، تتوالى نبضاته ونغماته في قلب الشاعر بين الانفعال وقلق الغياب والفقدان ، وبين الحضور وامتلاك لحظات اللقاء ، وهو في حيرة من امره ، حيث يقول :

(كم يلزمني
لاقلع ظلك
من قلبي
ان انزف دما)

ليؤكد حضورها الثابت في قلبه ، رغم الغياب المتعدد الاوجه حسب الرحلة الشعرية والديوان اعلاه ، وكانت هي ، تلك التي ملكت زمام قيادة اللحظات الشعرية سواء كانت واعية او لاوعية ، فبقيت الاطار العام الذي تتحرك في فضاءاته رؤى شاعرنا البصام في كل انتاجه الشعري .. فمثلا قصيدة (شفة الانتظار) الى قصيدة (سراب) وغيرها ، عاش الشاعر فيها عوالم الغياب المر ، لتأتي قصيدة (غواية) التي عمقت رؤية الشاعر في التمسك بالحب والحبيبة وجمالية الحضور ، وامتلاك لحظة الحب ، ولحظة الشعر .. بقوله :

(قصصت جناحيه ..
لغيرك قلبي لايطير ..
امطري يا سحب القطيعة
حافيا امشي ..
ارتقي تل الغواية
اضيء الغابة بالصبر
واشق بأظافر العناد
طرقا في الليل ..
تؤدي اليك )

اما ديوان (عشقتك عن ظهر قلب) ، فقد جاء امتدادا للرومانسية الحافلة بالحضور والغياب الجمالي ، الا ان هذا الديوان كان الاكثر تمسكا بالحبيبة ، وطرزات العشق التليد .. يقول فيه البصام :

(ولاخير في عاشق
يمد يده الى عطايا القلوب
او يحتمي بوساطة الورد
لا يبصر القلب بعيون غيره
المروءة
ان لا تصنع من نفسك بطلا من قش
وتذروه في عيون الاخرين
او تقشر لحائك المتيبس
على سابلة العابرين
ففاقد الحب لا ظل له يفيء على غيره)

وهنا تتجلى رؤيته الرومانسية في حب الحياة والتمسك باخلاق الحب الصادق النقي ، وحينما نمعن الدقة والنظر نجد ان الرومانسيين هم اقوى انواع البشر بصدقهم ورقة مشاعرهم وليسوا اضعفهم .. والرومانسيون يتعاملون مع الحياه ببساطه وبصدق وبنقاء برغم انهم يعيشون احلاما ، و الحب مقياس...للتضحية ....الصدق....الكمال....الايمان. .....الشوق....الاحلام ، وهذا تأكيد ان الرومانسية خليط من الحب والانسانية والرحمة ، وانها خليط من المشاعر الصادقة ، واجد ان قصيدة (اشراقة الغياب) ، تؤكد ما ذهبته اليه من حالات التمسك بالحب ، و تمسك بالحياة بلا ادنى شك .. يقول البصام :

(لا أدري ان باستطاعتي
ان احبك اكثر من هذا
كان يمكن ان ترميني بطلقة غيابك
وترديني في النسيان
لكنك كلما ابتعدت
اشرقتِ من المغرب
قمرا اجمل مما كان)

وهذه مسكة رؤيوية واضحة ، بأن مسارات الحياة يسيرها الحب ، مهما كانت مؤلمة وموجعة ، كما يصورها الشاعر البصام في مجمل صوره الشعرية ، ذات الايقاع الرومانسي ..

لكن في ديوانه الثالث في هذه الفترة الزمنية المحصورة بين 2015 و2016 م الموسوم بـ(النهر الثالث) ، انحرفت به بوصلة الرومانسية "البصامية" بملامسة الواقعية ، فبدلا من الهروب الى الخيال الجامح ، حصل الالتجاء الى احضان الالم الواقعي ، حيث تماهت قصائد الديوان مع تاريخ الوجع المتصاعد من لهيب الحروب المتكررة قبل سقوط الصنم ثم الارهاب الاشد وجعا بعد سقوطه .. هذه الاشكالية جعلت الشاعر البصام منفعلا في كسر حالة التوقع والانتظار بقوله : (حين اغلقت الريح الباب خلفها/كنت على يقين أنها لن تعود/كم اكره "لن"/وكم اكره الباب الذي يُغلق فجأة/وكذلك الريح/ولكن ما يدهشني حد الجنون/كيف عادت/لتجلس لصق روحي/وبعيني هاتين رأيتها قد غادرت/والباب خلفها اغلقته الريح!!) ، هذا الانفعال والحيرة والقلق وكسر حالات التوقع ، تدل ان هناك تماس قد حدث مع الواقع ، ولم تفلح محاولات الهروب منه ، كما فعل الشاعر الرومانسي ، ولهذا عاش اتون واقع الحرب والعداوة والكراهية ، حتى تكون في رؤيته نهر ثالث مع نهري العراق الخالدين دجلة والفرات ، وهو نهر الدماء العراقية التي لم تجف منذ اكثر من ربع قرن ، وهي تجري دما عبيطا .. وحاول الشاعر البصام الخروج من مأساة الحروب والهروب بالمقارنة بين الاخضرار بعلة وجود دجلة والفرات .. يقول البصام :

(يالنهرنا الثالث .. يادمنا المراق تحت الشمس
آويت حيتان الليالي
اذهلت المياه .. ابتلعت زهو الضفاف
حصدت سنابلنا التي فاءت على احلامنا
ماهكذا لغة الحمام ..
كنا جميعا ننثر الحب لتسمن حوصلة السلام
تستحم الان بغيوم الله
تمطر دما
في المدارس والكنائس والجوامع)

اذن الشاعر في هذا يحمل ثورة احتجاجية انفعالية ضد القتل الذي لم يترك الا عويلا في المدارس والكنائس والجوامع ، وكأني به يقول ان الارهاب لم يترك احدا الا وقتله لايفرق بين دين واخر ولا قومية واخرى ولا عصفور ولا حمامة ، انه مغمس بكره الحياة ، لذا الشاعر يلجأ لحبيبته بقوله : (امطريني مسرات على ربوعك/ساغسل كل اروقة الجسد وثنايا الروح/واضمد القلب بالقبلات) .. (فالاديب انسان يعيش ضمن مجموعة من البشر يتبادل معهم التأثر ويشاركهم الهموم والتطلعات ، فهو لا يعيش في فراغ زماني ومكاني ، ولكنه يعيش ضمن مجتمع حي متحرك ، يسعى الى التطور والرقي نحو الافضل ، كما يسعى الى معالجة قضاياه الاجتماعية التي تقف عائقا في طريق هذا التحرك المستمر والمتجدد)ص9 كتاب الادب والفن ، وهذا التجديد في رومانسية الشاعر حسن البصام عبر دواوين الثلاث الصادرة حديثا ، اضفت على اشعاره مسحت التميز والحضور الثقافي ..



#وجدان_عبدالعزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكاتبة رامونا يحيى، وصراعات الزمن ..!
- الشاعر ناجح ناجي من حساء العافية الى طبق الحنين !!
- الشاعر احمد الشطري/الحب والشعر عنده تجربة والتزام ..
- الكاتبة ميرنا دقور وتأملاتها الوجودية في الكون والحياة !!
- الشاعرة ليلى غبرا، مختبر لانتاج طاقة الحب .. !!
- سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وقصيدته (عراق...... يا منار ...
- الكاتب أياد خضير وايحاءات الرمزية ، قصة (ثوب الثعبان) أنموذج ...
- الفواز والحقيقة البيضاء ، يكسران خاطر الحرب !! اهداء للزميلي ...
- الرقص الدرامي: الحركة لغة..!
- ديوان (جسر من طين) للشاعر المغفور له رحيم الغالبي لفتات احتج ...
- الكاتب حسن عبدالرزاق، والواقع المعقد في روايته (تل الذهب) .. ...
- الفنان -ابو عهد الشطري- شَكّلَ جَوادَ الحُسين كرمزٍ للشجاعة ...
- الشاعرة واجدة العلي، تحاول التمرين على لعبة التخفي .. !
- الشاعرة جنان الصائغ، رؤية ذاتية بانفعال التوقيعة الشعرية ..!
- الشاعر الدكتور حازم هاشم، بين التصور الذهني والتصور البصري . ...
- الكاتب علي لفتة، يعيش صراع الازمنة ..! رواية (الصورة الثالثة ...
- الشاعرعبد جبر الشنان.. نصوصه تعلن حالة التخفي!!
- الكاتب الباقري، وأشاراته الخفية في المعالجة ..!
- الشاعرة اسماء الحميداوي ، بين تجربة الشعر والنزعة الانسانية ...
- التجريد افتراق ولقاء لتأصيل الوعي الفني .. لوحات الفنان اسعد ...


المزيد.....




- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
- -المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية ...
- أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد ...
- الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين ...
- -لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبدالعزيز - الشاعر حسن البصام.. رومانسي بوجع سومري!