أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد رمضان على - -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية -الجزء الثانى عشر-














المزيد.....

-الصمود والهوية في لوحات فلسطينية -الجزء الثانى عشر-


سعيد رمضان على

الحوار المتمدن-العدد: 5945 - 2018 / 7 / 27 - 10:19
المحور: الادب والفن
    


الفنانة هناء حمش
----------------

ريشة الفنانة الفلسطينية " هناء حمش " ليست مخصصة لإبداع مواد للتجميل ، وحتى عندما تمارس فنها على الجدران بشوارع غزة ، فهي لا تكتفى بإعطاء شكل جمالي للمكان .
إن أعمالها تملك قيمتها الجمالية ، لكنها في المقام الأول تعتبر سلاح ، تستخدمه في حروبها النضالية، وبطريقتها، تبعث برسالتين :
رسالة تبث فيها جماليات النضال والصبر و تقص فيها اجمل قصص الصمود .، ورسالة أخرى للأعداء تؤكد أن الظلام الذين يعيشون فيه لن نسمح بان يمتد ليكون ظلامنا ، وان الحصار الذى نعيش فيه لن يجعلنا أبدا نسقط طالبين الاستسلام .
تواجهنا الفنانة هناء حمش بلوحاتها بتيماتها الإنسانية، بصمودها ، بذاكرتها الوطنية ، بموضوعاتها النابعة من عمق الواقع . وحتى أثناء تجسيدها لرموز ثورية ، فهي تجسد فلسطين اكثر مما تعبر عن فصيل ، جسدت الشهيدة دلال المغربي عن حركة فتح، و"الخنساء" أم نضال فرحات عن حركة حماس، وليلى خالد عن الجبهة الشعبية، والأسيرة المحررة فاطمة الزق عن حركة الجهاد الإسلامي.
إن هذا الحس الفني الطبيعي يقترن لدى هناء بالقوة والإخلاص للوطن، وهو ما مكنها من رؤية أشياء كثيرة بعيون مفتوحة ، متحررة من التحيز الذى يثيره التعصب ، لذا فقد امتلكت القدرة على استخدام ملكتها الإبداعية في ممارستها لفنها متخلصة مماهو عاطفي ومبتذل ، رافضة أي إبداع من اجل فصيل بعينه، بل هدفها هو الإنسانية، محاولة أن تستنطق الصمت ، والسكوت المدوي ضد اغتيال الوطن .
إن العالم الإنساني الذي تحاكيه لوحاتها، يقوم بتطوير مفهوم الألم والنضال والمأساة ، سواء عبر المعطى اللوني أو الرموز الفلسطينية كالعلم الفلسطيني والكوفية ،و في لوحة "طفولة فلسطينية" تخفى تلك الرموز وراءها رصيدا كبيرا من القوة، قوة الذاكرة ، قوة النضال ،قوة الأمل في المستقبل ، فيسلمنا رمز العلم الفلسطيني لوطن مغتصب ، يستدعى تاريخه حكايات طويلة من الألم ، ومن الكفاح والتضحيات ، و الكوفية الفلسطينية تسلمنا إلى القائد الرمز، الذى قاد هذا النضال الطويل ، فيما تسلمنا رموز أخرى كالطفولة إلى المستقبل أو اللون الرمادي أو البيوت المنهارة إلى الآخر المدمر والذى لا يملك أي حس إنساني ..
في "لوحة السلام" ، صبى ينظر لحمامة بيضاء يرفعها بيده عاليا ، من خلفة دمار وانقاض،
. هناك حوار متفجر بين روح الصبى وما بين الخلفية الرمادية ،. هذا الحوار يأخذ طابعاً دراميا ، يحمل في طياته صراع الظلام والنور، وهو صراع غير قابل للتصالح ، فالدمار لا يتصالح مع الحياة ، والضمير الميت لا يتصالح مع السلام إن روح الصبى تقاوم وتحتج وترفض ، بفعل بسيط هو رفع الحمامة عاليا والتطلع اليها بجمال . ومنذ مشهد الحمامة الممسكة بمنقارها غصن الزيتون، وهى تحلق فوق سفينة نوح ، تحولت رمزا للسلام ، لكنها أيضا ترمز لعالم جديد وحياة جديدة ، باعتبار أن غصون الزيتون جاءت من ارض جديدة ، بعد طوفان نوح.
هنا تحول هناء حمش ريشتها المبدعة إلى سلاح ، معبرة عن احتجاجها ورفضها بصمت مدوي، يهاجم ويرفض الواقع . وبعناد تواجه الآخر، الذى يطاردها ويقمعها ويغتصب أرضها ويشرد أهلها .
برفع حمامة بيضاء ونظرة صبى ، تقوم بإخضاع الظلام ، وتمنحنا الشعور بالجمال ، وتكشف عن ذلك الثقل الذى يرزح تحته العالم ، عالم صامت عن الدمار ومساهم فيه .
حقا هنا في خلفية اللوحة ، تكرار للموت ، تكرار للقصف ، تكرار للدمار ، لكن يبدو الصبى هنا بنظرته لحمامة فاردة أجنحتها كرمز للتسامي الروحي ، يقذف نفسه بفانلته الحمراء لخارج نطاقه ، مغادرا الموت والدمار، لعالم ارحب واكثر جمالا ، بلا حروب أو ظلم أو عدوان ، عالم آمن وسلام .
يستوقفنا لون الفانلة الحمراء، كأنها مخضبة بالدم ، والدم شرط الحياة ، لكنه خارج الجسم يعبر عن النزيف ، التضحيات ، الجرح والشهادة، من اجل بلاده ، كدليل على الوطنية .
اللوحة تعرّي حالة العالم ، لكنها تكشف عن قوة " الصبى" بما يحمله من أمال وأحلام ، نرى ذلك في تلك المنحنيات الدقيقة للصبى ، طول ذراعيه وأصابعه ، وتقاطيع وجهه القوية وبسمته الهانئة بدون خشونة ، وعيونه الحالمة المفتوحة على الأحلام الطائرة ، والتي تمنحنا شعور بافتتان غريب .
تنسجم الغيوم في السماء مع نظرة الصبى ، كأنها سفينة تنطلق حاملة أحلامه ، وتطوف بها في السماء، حتى تحط أخيرا على الأرض أو المكان الأم فتمنحه الحياة .
تعزف هناء بريشتها على أوتار الوجع .. الدمار والأحلام والآمال ، في لوحتها الرائعة التي ترسمها بعمق حتى لكأنها تُشبهُها في نضالها الدافئ .
هنا تكشف لنا الفنانة هناء حمش ، عن الوعي بالدور الحيوي للفن ، الذى يحفظ للأمة وحدة شخصيتها، ويبعد عن الفلسطينيين عوامل الضياع والاندثار، فبعد عقود من الاحتلال ما يزال الفن الفلسطيني عامر وموجه للمقاومة.



#سعيد_رمضان_على (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء االتاسع-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء العاشر-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء االسابع-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية -الجزء الثامن-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء االخامس-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء االسادس-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء الثالث-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء االرابع-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء الثاني-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية -الجزء الأول
- تخريفات مفلس للخروج من الخرابة
- تأملات بشرى في الاحوال البشرية !!
- سيناء وضحايا الأكاذيب الكبرى
- مقدمة لديوان (على ذاك الكثيب)
- قراءة في مجموعة - لم يكن حلما -
- اسكت، حتى ياتى يوم ذبحك
- غزة ، مشاهد من الحياة
- في الانتصار المدوي للمقاومة
- غزة ، والحكايات
- إسرائيل, السحره والنساء


المزيد.....




- قبل إيطاليا بقرون.. الفوكاتشا تقليد خبز قديم يعود لبلاد الهل ...
- ميركل: بوتين يجيد اللغة الألمانية أكثر مما أجيد أنا الروسية ...
- حفل توقيع جماعي لكتاب بصريين
- عبجي : ألبوم -كارنيه دي فوياج- رحلة موسيقية مستوحاة من أسفار ...
- قصص البطولة والمقاومة: شعراء ومحاربون من برقة في مواجهة الاح ...
- الخبز في كشمير.. إرث طهوي يُعيد صياغة هوية منطقة متنازع عليه ...
- تعرف على مصطلحات السينما المختلفة في -مراجعات ريتا-
- مكتبة متنقلة تجوب شوارع الموصل العراقية للتشجيع على القراءة ...
- دونيتسك تحتضن مسابقة -جمال دونباس-2024- (صور)
- وفاة الروائية البريطانية باربرا تايلور برادفورد عن 91 عاما


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد رمضان على - -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية -الجزء الثانى عشر-