|
دعوة لاتحاد الغرباء
شاهر الخضرة
الحوار المتمدن-العدد: 1502 - 2006 / 3 / 27 - 10:03
المحور:
الادب والفن
دأب الوسط الثقافي العربي كحالة السياسة على الإنشقاقات واللاتوافق وكما تتعدد مطامع السياسة كذلك تتعدد وتتشعب مصالح أهل الوسط الثقافي وأمراض السياسة خطيرة وقد تودي بأوطان في مهب الرياح ولكني هنا بدأت كلامي بهذه المقارنة لا لأعقدها بل لأجعلها مدخلا للحديث عن الحياة الثقافية في عالمنا العربي وهو ما يهمنا وكوني أرى أن الثقافة في حياتنا العربية في كل أحوالها هي تبع للسياسي إن موالاة وإن معارضة عكس ما يجب أن يكون وذلك لضعف السلطة الثقافية في المجتمعات العربية فمن استعراض بسيط لحالة اتحادات الكتاب في كل الدول العربية نرى أن قيادات هذه الاتحادات مرتبطة بالنظام السياسي لكل بلد وتدير الثقافة وفقا لرغباته فتقصي وتدني حسبما تريد هذه الأنظمة فلم نسمع حتى يومنا هذا أن اتحادا عربيا وقف مناهضا لسياسة حكومة ما في موقف يتعلق بمصير الوطن أو مصير الثقافة ككل ولم نسمع وهو أضعف الإيمان عن اتحاد اتخذ موقفا حقيقيا من اعتقال كاتب أو شاعر أو معارض يتخذ من الفكر الكتابي طريقا فالسجون العربية شهدت دائما اعتقالات من هذا النوع ومن هؤلاء من أمضوا عقدا أو عقدين في معتقلات الأنظمة وهذه الهيئات الثقافية لا تحرك ساكنا ويمكن مثلا أن تطالب هيئات ثقافية من بلد غير البلد المعتقل فيه الكاتب وتندرج كلها تحت مسمى واحد من الاستعراضات الثقافية والمهرجانية وتوقيع العرائض التي لا تسمن المعتقل ولا تغني أسرته من جوع فلذلك يبرز السؤال هنا ما مبرر وجود مثل هذه الاتحادات وما جدوى الانتساب إليها أهي لمجرد بطاقة العضوية التي يمكن أن يستفاد منها في مكاتب الطيران وحجوزات الفنادق أم لنيل المساعدة في نشر كتاب والكتاب أصلا يجب أن يخضع لمقاييس السلطة السياسية وتابعتها السلطة الثقافية تلك هي الحالة المزرية التي أوصلتنا إليها قيادات الإتحادات في الدول العربية فكم سمعنا عن طرد كاتب وفصل شاعر وحرمان آخر من كافة حقوق تداول كتبه ومنع آخر من النشر بأية وسيلة إعلامية وأقولها بكل وضوح فهي إما تحصل بتوجيهات أجهزة الأمن أو بالتنسيق الكامل بين اتحاد الكتاب وأجهزة الأمن ولنا في عهد علي عقلة عرسان خير مثال على وضع الإتحاد في سورية وليس في باقي الدول العربية الحال بأفضل منه في سورية وقد كنت أظن أن الحالة في سورية هي حالة العقلية البعثية ولكن شاءت الظروف وعرفت رؤساء اتحادات عربية أخرى عن قرب وفوجئت حقا إذ أن العقلية نفس العقلية وكأنها تنّين موزّع الرؤوس الجسد واحد والرؤوس متعددة ولكنها تمتح عقليتها من نهم واحد لحب السلطة وحب الإقصاء وحب الإلغاء والشجب والطرد وما عرفناه من قواميس الأنظمة الشمولية بعروبتها الأكثر تحجرا من وهّابية ابن لادن وفي قوة الدفع الأمريكي للمنطقة نحو ما يسمى الديموقراطية وخوف الحكومات من ذلك الدفع أفرجت بعض الحكومات عن التغيير فبتنا نشهد انتخابات جديدة في اتحادات الكتاب العربية وتغيير الطواقم القديمة التي استهلكت تماما بطواقم جديدة ولكن لا يمكن أن تكون هذه الطواقم من المؤثرين الحقيقيين في الثقافة بل تكون كالعادة من الموالين المهيئين لتنفيذ مآرب السلطات السياسية إنما بلبوس جديد من الثعلبة الثقافية وزيفها وأعجب أكثر ما أعجب لوجود أحيانا في تلك الهيئات كتابا مبدعين ويبررون بأن وجودهم أفضل من ترك الساحة لأولئك المزيفين في الثقافة والإبداع ومن العجب العُجاب في اتحاد الكتاب في سورية مثلا أن يطرح تكريم المرحوم الكاتب المسرحي العالمي الكبير سعد الله ونّوس والشاعر الكبير المرحوم نزار قباني وهما واحد لم يأبه مرة لهذا الاتحاد كونه يعرف علام قام وعلام تأسس وسعد الله ونوس الذي كلنا يعرف أنه أمضى معظم عمره في الاتحاد محاربا من قبل علي عقلة عرسان شخصيا وفئويته البعثية وانتهى بالانسحاب من هذا الاتحاد احتجاجا على قرار السخرية قرار طرد أدونيس من اتحاد الكتاب العرب ومن السخرية الأكثر مرارة أن تدور في الكواليس كواليس الثقافة والإعلام واتحاد كتاب سورية مسألة تكريم المرحومين الذين لم يعد بمقدورهما رفض أو قبول هذا التكريم ولكن أن يطرح تكريم الشاعر السوري اللبناني العربي العالمي أدونيس فمسألة جد مسخرة وهكذا كما ينشئون الخطابات الإرتجالية في أعراس الثقافات المهرجانية يستسهلون الأمر وكأن أدونيس نسي الإتهامات والتخوين والشتم وقرار طاقم علي عقلة عرسان بطرده من الإتحاد وحتى لو كان بمقدورهم فصله من العروبة واللغة العربية وحرمانه من زيارة ضيعته قصابين إحدى قرى جبلة السورية كما فعلت سابقا الحكومات الوطنية منذ منتصف الخمسينيات حتى السبعينيات لما قصّروا ما شاء الله صح النوم هل نسي الإتحاد في سوريا أن الشاعر أدونيس مطرودا من الاتحاد بقرار رسمي أما كان عليهم أن يلغوا القرار أولا ويعتذروا على الأقل من هذا الشاعر العالمي العظيم لا بل يدان القرار ويحاكم من فبركه ثم بعد ذلك يصار إلى لأم الجرح كلنا يعلم مدى ارتباط الشاعر أدونيس بدمشق وكلنا يعلم إنتماء أدونيس للغته وكلنا يعلم مدى أهمية وفاعلية هذا الشاعر المبتكر والأستاذ والمفكر والمبدع ، وما يعانيه من هذه العقليات الاتحادية القاصرة أقل بكثير من أن ترمش له جفنا إنما الحسرة كل الحسرة علينا نحن الذين ما نزال دون ريش إعلامي نطير به ودون سند من تلك الهيئات لا السابقة ولا حتى المتجددة بأثوابها ولهذا أدعو أخواني الكتاب والشعراء الذين إما لم ينتسبوا للإتحادات بعد أو الذين طردوا أو انسحبوا منها أن يشكلوا رابطة تربطهم تسمى رابطة الكتاب الغرباء ويكون مقرها في منطقة محايدة جغرافيا وشعارها البومة لعلّها تدلنا على الخراب الماضي والخراب القادم أيضاً 26-3-2006
#شاهر_الخضرة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفنان جمال سليمان يوجه دعوة للسوريين ويعلق على أنباء نيته ا
...
-
الأمم المتحدة: نطالب الدول بعدم التعاطي مع الروايات الإسرائي
...
-
-تسجيلات- بولص آدم.. تاريخ جيل عراقي بين مدينتين
-
كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل
...
-
السكك الحديدية الأوكرانية تزيل اللغة الروسية من تذاكر القطار
...
-
مهرجان -بين ثقافتين- .. انعكاس لجلسة محمد بن سلمان والسوداني
...
-
تردد قناة عمو يزيد الجديد 2025 بعد اخر تحديث من ادارة القناة
...
-
“Siyah Kalp“ مسلسل قلب اسود الحلقة 14 مترجمة بجودة عالية قصة
...
-
اللسان والإنسان.. دعوة لتيسير تعلم العربية عبر الذكاء الاصطن
...
-
والت ديزني... قصة مبدع أحبه أطفال العالم
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|