أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سامي البوهي - أصوات نعرفها : مجموعة قصصية















المزيد.....

أصوات نعرفها : مجموعة قصصية


محمد سامي البوهي

الحوار المتمدن-العدد: 1502 - 2006 / 3 / 27 - 10:02
المحور: الادب والفن
    


أ- أصــوات نعرفهــا
(دق جرس الهاتف بمنزلنا )...

تسابقت الأيدي لإلتقاط السماعة – فكنت الفائز – صوت رقيق إخترق مسامعي ...تسألت :

- من أنت؟

نظرت للجالسين ثم تلوت عليها اسمي .إنخراط متبادل في الصمت ، خذلتني موسيقى إنقطاع الخط . - أكيد لست أنا المقصود – جادت علىّ نفسي بالكلمات تصبها داخلي . إلتفت أصابعي بسماعة الهاتف إحتضنتها إحتضان طفل صغير ، حتى مارت الأسئلة بوجداني .

- من تكون؟
- من تريد؟

كثرت إفرازات الأحرف والعلامات ،دارت الرحى برأسي .ألقى علىّ الجالسون نفس السؤال فكانت مني اللاإجابة بالصمت الطويل . لم يعبأوا بالأمر ،عادوا إلى نقر الكلمات بعيدا عن الحدث .لكن عقلي رفض أن يكون بعيدا . الرحى طحنت عظام الرأس بالفعل.

- من تكون؟
- ماذا تريد؟

توقفت الرحى لتأخذ قسطا من الملل . هبط عقلي للجالسين شاركهم نقر الكلمات . إزداد الإحتدام إندمجت الأصوات واخترق الجرس النبرات . لكن هذه المره جرس باب منزلنا الصغير . انتهى وقت الملل عادت تدور توحشت في الدوران بدأت تهشم نتوءات الجمجمة . تسابقت الأيدي لفتح الباب . فاز أخي الصغير بالجولة ، الكل يترقب ...... إلا إثنين من الجالسين إندمجا سوياً في نقر الكلمات . ألقيت نواظري على أعتاب الباب. أسمع صوت تهشم العظام برأسي :

- من يكون ؟
- أه قد أخطأت السؤال. أقصد :
- من تكون ؟
- من تريد؟

نواظري مازالت عند الأعتاب تنتظر الإجابة ... إنفتح الباب ..هـــه .. إنه بائع جوال . لم أهتم بما يبيع قدر إهتمامي بالشعور الذي غرسته أمي داخلي تجاههم وأنا صغير . حتى هذا الشعور مر عبر جسدي سريعا .شكرته قبل الإنصراف ، ذكرني بأمي - سامحه الله - .أعلمني إنغلاق الباب ماقاله أخي للبائع،عاد ليأخذ حظه من نقر الكلمات .تعودت على صوت التروس الدائره داخلي ونفس السؤال :

من تكون ؟
من تريد؟

خفتت الأصوات مع الأضواء بانزلاق بسيط نحو السكون . لحظات وبدأ يوم جديد غير مسار الإنزلاق. كان أخي أول من قص شريط نقر الكلمات ، و تهافت الأشخاص . انتظرت الأماكن أصحابها على مؤدبة الطعام، وقد حان اللقاء . اختلطت الكلمات بصوت طحن الأسنان ، رنين الأطباق يتطاير هنا وهناك حتى ارتطم بجرس الهاتف . لم تتسابق الأيدي فالكل قد انشغل بالطعام . ففزت بالسماعه بالتزكية أمسكتها بيدي أسندتها على راحة يدي الأخرى صمتت قليلا ،رفعتها نحو أذني ، ثم هتفت بعبارة استهلال المكالمات . فإذا بصوتها قد عاد من جديد . لم تسألني من أنا بل رددت اسمي ملتهجة بالسؤال .أجبت وقد تعطبت الرحا، ولم أعد أسمع صوت التروس للحظات لكنها لم تعد لتأخذ قسطا جديدا من الملل .

-نعم أنا .

ضحكة خفيفة أطلقتها ، وأعقبت بالسؤال عن أحوالي وأخباري فأسددت الأسئلة ثم هاجمتها بالسؤال :

من أنت؟

ضحكتها الخفيفة أطلقتها ثانية لم يصلني منها سوى ترجرج الأنفاس ، ثم موسيقى التتر التليفونية تنهي الإتصال.

عاد السؤال : من تكون ؟

التففت ناظرا مؤدبة الطعام حيث لم يعد أحد من الجالسين الكل لم يعبأ بالأمر . غادروا كي يلحقوا بأماكنهم مجددا في منظومة الطوابير . لكن السؤال جال وعادت التروس بالدوران .

من تكون؟

فهي تعرف من أكون . فقد سألتني عن أحوالي كأنها تعرفني عن قرب . تسألت باسمي كأنها اعتادت على النطق به . الأفكار صارعت الأفكار، وقضيت الأفكار على غيرها من الأفكار، ودق الجرس ليس جرس انتهاء جولة المصارعة كما تظنون إنه جرس منبه أخي الكبير يداعبه قبل موعد الإستيقاظ . لم أره منذ أمس . سمعت باب غرفته يزاحم الهواء . أدلف إلى الصالة متلفعا بمنشفته قابضا بيده مبعثرا بها ما تبقى من الكرى عن جفونه . بدأ هو بنقرالكلمات بعد أن انكشف الستار سألني باندهاش عن بقائي، وتخلفي عن ركب منظومة الطوابير . نظرت للهاتف وأسقطت الكلمات باللاكلمات، و بعد انتظار سألني :

هل سأل أحد عني أمس؟
- قلت : لا.
- ولا اليوم ؟
قلت : لا .

رفع كتفيه ثم أنزلهما واتجه للداخل صوب دورة المياة، وهو يجر خلفه صوت ارتطام نعله العتيق بأرض المنزل الخشبية ، وعاد السؤال :

من تكون ؟

تنهدت وملأت رئتي بالهواء ثم اتجهت لغرفتي لإلتقاط حقيبتي المملؤه بهموم الناس . أسرعت كي لا أتخلف عن الركب المنشود . لكن عاد طابور الأجراس يشق جدران غرفتنا المستطيلة . اتجهت حيث تقبع الأصوات تحت الوسادة . إنه هاتف أخي الخلوي كاد أن يمزقها بنغماته. لم أهتم بالأرقام الظاهرة فأنا ممن يكرهون لغة الأرقام . حملت الهاتف إليه .انتفض في يدي كالطير الذبيح . صوت زخات المياه تتقابل معي واندمجت الأصوات مع صوت أخي المبلل بالمياه :

- رد على التليفون .

بحثت عن زر الاستقبال رفعت الهاتف نحو أذني وقبل التساؤل صدمني الصوت . صوت الفتاه ...... نفس النبرات .. نفس اللهجة . دارت الحرب داخلي بين الشك واليقين . ارتمت في الحديث ظنا منها أنني صاحب الهاتف . لم أسمع ما تقول ، فقد طغى صوت المعركة على الكلام . أخبرتها بأنني لست المقصود كما تظن . فكانت نفس الضحكة .... سمعت صوت تحطم الألات في عقلي ، وتحرك لساني بالسؤال:

-أنت؟
أجابت بضحتها التي ملأت أجواء الحديث :
- نعم أنا . ألا تعرفني؟
حركت رأسي المثقلة بصمت النفي . فألقت بالإجابه كي تغلق الألات من زر التشغيل وكأنها رأت تحرك رأسي المنهك .
-أنا أختك الصغرى . ألا تعرف صوت أختك الصغرى ؟
بالإجابه تفتحت جميع المسام واتسعت الحدقات . سمعت ضحكات أعضاء جسدي ، وقد سخرت من العقل المتخم بالأجراس والأصوات وهموم الناس. وأطلق اللسان سهم التعجب :
-أختي ؟
تسألت بغيظ مكنون :
-لماذا أخفيت هويتك عني ؟
أجابت وهي على عجلة من أمرها وبدا لي من الأصوات التي التهمت صوتها الرقيق أنها بالعمل :
- سوف أخبرك في وقت لاحق فقد دق جرس المدرسة وأريد أن ألحق بالطابور كي لا أتخلف عن زميلاتي من المدرسات.
- مع السلامة ... مع السلامة.
تهبط موسيقى التتر كي تنهي الإتصال.



#محمد_سامي_البوهي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...
- -القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب ...
- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سامي البوهي - أصوات نعرفها : مجموعة قصصية