هاني عبد الفتاح
الحوار المتمدن-العدد: 5941 - 2018 / 7 / 22 - 09:39
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
إن "النص" لا يستطيع أن يعمل بنفسه، بل يعمل من خلال العقل"، فالعقل هو الذي يخلق ديناميكية الحركة في النص .. النص بدون عقل حروف خاوية ليس لها معنى، والعقل هو الذي يشكّل المعاني بداخله ..
نعم!! إن المعاني كامنة في النص، لكنها تبقى حبيسة، مسجونة بداخله حتى يأتي العقل فيطلقها.. النص بدون عقل جثة هامدة بلا روح، والعقل هو الذي ينفخ فيه الروح فيحيه مرة بعد مرة..
قف أمام أي نص دون أن تُدركه او تُعمل فيه أدنى فهم او تأمل؛ سوف تجد نفسك أمام مجموعة رموز صامته تشبه تماما الذي يقرأ من لغة لا يعلم عن معاني ألفاظها شيئًا، فلا تجيد شيئا غير قراءتها، لكن بمجرد أن يبدأ الذهن بفهم الفاظها؛ يبدأ العقل مباشرة بتشيكل وبلورة المعاني في الواقع، عندها، وعندها فقط، يتجلى النص إلى معانٍ حية..
فأنت لن تستطيع أن تدرك رائحة الوردة الجميل دون أداة لإدراك هذه الرائحة، وبدون حاسة الشم تبقى الوردة مجرد جسم نباتي يتكون من مجموعة أوراق، وحاسة الشم هي التي تدرك عطرها، وتجعل لهذا الجسم النباتي رائحة زكية يفوح عبقها، إذن فحاسة الشم هي التى تجعل عطر الزهرة يفوح، وبدونه فالزهرة تغدو نبات كباقي النباتات..
هلّا إذن أدركت أن آلة الإدراك هنا هي التي تجعل للشيء المدرَك وجودا.. قل ذلك في باقي المدركات الحسية كالسمع والبصر والتذوق .. كذلك العقل؛ هو الذي يجعل للنص وجودا، بدونه، أي بدون العقل، يظل النص مجرد شفرات كشفرات حجر رشيد قبل أن تُفك رموزه من قِبَل السيد "شامبليون" ..
وعليه فالعقل يعمل في النص وليس العكس .. و"العقل" يشكّل "النص" وليس العكس ..فالعقل فاعل والنص مفعول .. وعليه أيضا ؛ فالفاعل يحكم على المفعول وليس للمفعول أن يحكم على الفاعل..
وللإمام عليّ مقولة في هذا الصدد غاية في البيان، إذ يقول : " القرآن بين دفتي المصحف لا ينطق، ولكن يتكلم به الرجالُ".
#هاني_عبد_الفتاح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟