أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - ذكريات لا تنسى من يافا














المزيد.....

ذكريات لا تنسى من يافا


دينا سليم حنحن

الحوار المتمدن-العدد: 5937 - 2018 / 7 / 18 - 08:59
المحور: الادب والفن
    



لنعد إلى هناك...إلى ذلك الزمان...زمن النكبة
ثارت ثائرة الناس في حيّ العجمي اليافوي الذي يطلّ مباشرة على البحر، اهتم والدي بضبّ البسطة لذلك تأخر في العودة إلى البيت، انهمكت والدتي بضب أبنائها الثمانية من الشوارع، وعندما لملموا بعضهم ساروا نحو قرية الطيبة ونسوني عند ناهي التي اهتمت بي ريثما تعود والدتي بإخوتي فنرحل معا، متبرعة بمساعدة والدتي على حملي وأشيائي في الطريق الطويل.
رحلوا جماعة وتركوني في الغرفة منسيا عندها، جهزت ماما ناهي لي مذودا خاصا لتضعني فيه، دُرج سريرها الزوجي لكي يكون سريرا آمنا لي بعيدا عن أنظار العناصر التي بدأت تدخل البيوت بحثا عن المتخفين والهاربين والسلاح، إن حصل وداهموا البيت فجأة تجر الدُرج فينغلق تحت السرير، تخفيني عن أعينهم وتخرجني مجددا بعد رحيلهم، فرشت داخله شراشف عرسها ومناشف الحمام التي لم تستخدمها منذ زواجها والتي كانت ضمن جهازها، ناثرة تحتها ريش الدجاج الذي اقترضته من أم جويسم زوجة النجاد، عراقية الأصل والتي أقامت في قرية الشيخ مونّس المجاورة لمدينة يافا، حتى جاءت بعد ذلك تطالب بثمنه قائلة لها:
- اِنقهرنا عليج وانطيناج الريشات، كلنا بلكي الله ينقهر عليج ويدزلج من عنده جهال، بس لا حبلتي ولا حافظتي على الولد سلام، إنطيني الريشات دا أكولج!
- يعني يا أم جويسم ريشاتج هن اللي راح يطعموني الأطفال؟ أجابتها ناهي
- يا معودة، هاي الريشات كسبوني عشر جهال!
- كيف يعني ما فهمت، طيب دليني على الطريقة؟ سألتها ناهي محتارة
- يا خايبة، وشلون تريديني أكلج بالشغلات الزوجية! وشلون أخبرج إنو أبو جويسم يترسهم بمخده ويحطها جوى رجليه ويكمز عليها شهر كامل، الله يخليلي إياه ويطوّل لي بعمره يا رب.
وكعادتها تقول أم جويسم في سرها: (ويبعد عنا عيون الحاسدات الخاسئات وأولهن، ناهي وعنايات وريتا البخيت) تقصد نساء المدينة اللواتي لم ينجبن.
- يعني بدك تفهميني أن الطفل سلام نام على رائحة جوارب عمي أبو جويسم؟
- شلون شلون؟ هو شفايتله ريحة أحلى من هاي، هاظا أبو الزلم وخلفته رجال، عشرة مني وعشرة من الحجية زينات، ولو رهمت الظروف إنرزقنا بأكثر، على كل حال، ماكو أحد من اللي أخذوا الريشات إتعنفصوا إلا إنت يا ست الستات!
- سأدفع لك ثمنا مضاعفا لا تقلقي!
- مو غلط، جيبي الفلوس قبل لا نشد الرحال!
- إلى أين سترحلون؟
- راح نرجع إلى قاعنا ففلسطين ما عادت تحجي عربي، أشوفج بخير يا ست الستات.

أخبروني أنني لم أبكِ وبقيت هادئا ولم أطلب لنفسي الطعام، لذلك حصل هذا الخطأ التاريخي العظيم الذي يروى في كل مناسبة، وبما أنني طفل هادىء لم يشعر أحد بوجودي، لذلك رحلت أسرتي وتركوني وحيدا في يافا.



#دينا_سليم_حنحن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسرح شكسبير
- وأصبح النهار مراكب ذكريات
- الكذب
- بين أروقة التاريخ
- الحب المقدس أم الجنس المقدس
- قصة واقعية من قصص النكبة أبطالها من مدينة اللد
- سارقة الورد
- عن رواية -الحلم المزدوج- لدينا سليم: سيرة عن هجر الوطن وأوجا ...
- فيرونا
- لقاء بلا دموع
- قرين الحياة والموت
- رماد الحياة
- مشاهدات هذا اليوم
- مجرد رأي
- (بيتتا) الانتحاب الراقي لسيدة الكون
- الجوكاندا
- أنا ونوح وهواك
- لا أحد يطرق الباب
- عود قصب
- الشيطان بيننا


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - ذكريات لا تنسى من يافا