سعيد العليمى
الحوار المتمدن-العدد: 5936 - 2018 / 7 / 17 - 16:42
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لايجب ان يستند اى جدال ديموقراطى ثورى حول حقوق المواطنة الى فقهاء العصور الوسطى الاقطاعية المتخلفة قياسا بزمننا ، فضلا عن النصوص الدينية الأصولية المشروطة تاريخيا بزمنها ، وانما على حقوق الانسان والمواطن التى ابدعها عصر التنوير الاوروبى وثوراته البورجوازية والامريكية التى باتت تراثا انسانيا وحضاريا مشتركا - والتنوير العربى من المعرى وابن الريوندى والرازى وابن حيان وتراث القرامطة حيث : ( لم يفرضوا جزية على مخالفيهم فى العقيدة - وتركوا المساجد لمن اراد الصلاة ولكنهم لم يصلوا ) وعلى أفضل مافى التراث النهضوى العربى فى اواخر القرن التاسع عشر ومطالع العشرين وخاصة على الحلقة الاولى من الثورة البورجوازية المصرية التى نشبت عام 1919 ، وكذلك على حقوق الكادحين والمستغلين التى ابتدعتها كومونة باريس ، والثورة البلشفية - لا ينبغى أن تستمد حقوق المواطنة من اى عقيدة دينية ، أو من أى جزء من تراثها الكلى ، أى من الوقوف على نفس أرض الأيديولوجية الدينية - ولاأ ن يكون هناك امتياز لعقيدة على اخرى حتى تتفضل بالتسامح معها - اخرجوا الجدال من دائرة اهل الذمة - ففى عصرنا الراهن لاينبغى أن تعنينا الوصايا أو العهود والمواثيق " التاريخية " القديمة فاتخاذها مرجعا الان هو علامة تخلف المجتمع تاريخيا سواء كانت صحيحة أم مدرجة ، قد تجاوزتها ظروف العالم المعاصرة فى كل الأحوال - لذا لا يجوز الإستناد عليها .
علمنة الدولة والمواطنة تتطلب : فصل الدين عن الدولة واعتباره قضية خاصة لادخل لها به - والاستقلال الكامل للمؤسسات الدينية التى يجب ان تعيش على هبات المؤمنين بعقيدتها - فصل الدين عن التعليم والاعلام - ازالة كل اشكال التمييز الاجتماعى والسياسي والقانونى المؤسس على الدين - ازالة كل مايشير لدين المواطن فى الاوراق الرسمية - لاحظر لعقيدة ولا حظر لحرية عدم الاعتقاد - قانون موحد غير تمييزى لكل دور العبادة - قانون موحد للاحوال الشخصية فى الزواج والطلاق والارث وماشابه - تجريم كل اشكال التمييز ، واثارة الفتن الطائفية بتحديدات دقيقة تستند الى الافعال لا الاوصاف - الحق فى البحث العلمى النقدى التاريخى فى الاديان -
فى بلد ديموقراطى حقيقى ودولة مواطنة غير طائفية لاتدس انفها فى الدين ولاتضعه رديفا ايديولوجيا لجهازها القمعى ، تروج بحرية كل العقائد والمذاهب والملل بلا استثناء . وهذا هو الوجه الاخر للمنافسة الحرة الاقتصادى . ان كان المرء مقتنعا بنقاء عقيدته ، وسلامتها ، بمنطقها وقوة حجتها لن يعتمد على القوانين والمحاكم والشرطة القمعية لحمايتها . وعندئذ يمكن لاحدهم ان يوزع الفيدا الهندوسية ،واخر كتاب بوذا المقدس ،ويبشر اخر بالهيدونية اليونانية , بينما يرسم واحد علامة الصليب باسم الاله الواحد والروح القدس على دن من الخمر , ويعلن اخر عن قطع قلفة ابنه باسم عهد بين اباءه وبين يهوه , ويرجم اخر الشياطين كما شاء من قمة جبل . هذه هى دولة المواطنة الديموقراطية لاامتياز لعقيدة ولاملة ولامذهب على اخر يبرر تفاوت الحقوق والحريات السياسية .
#سعيد_العليمى (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟