أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - حوار حول العلمانية














المزيد.....

حوار حول العلمانية


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 5935 - 2018 / 7 / 16 - 17:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


البيئة التي دخلت فيها العلمانية مواجهاتها مع الفكر الديني الكهنوتي في الغرب كان لها التاثير الأكبر على حسم الصراع لصالح العلمانية ولم يأتِ الحسم نتيجة لقوة الإقناع الفكري.
لنفكر بالمدخل التالي: لدينا مقاتلان يلجان إلى ساحة حرب مشتعلة, الأول مفتول العضلات ولكن بدون درع أو خوذة, والثاني هزيل البنية ولكنه مدرع بأجهزة واقية. لو إلتقى الأول مع الثاني في حلبة ملاكمة أو مصارعة لما إحتاج الأول سوى لثوانٍ معدودات كي يلقي بالثاني أرضا, لكنهما في مواجهة نيران ساحة الحرب فإن من المتوقع أن يخرج الثاني سالما, بينما سيكون مقدرا للأول ان يكون ضحية لنقص تدرعه.
في مقدمة أنواع الدروع التي أعنيها هي أن العلمانية والتنوير الديني في الغرب لم يأتيا على هيئة فكر تبشيري متجرد من أسلحته المادية وإنما أتيا كحاجة لصراع موضوعي محتدم بين حركة علمية وإنتاجية وصلت إلى مستوى متطور كان أهَّلَها لكي تقاتل باسلحة فعالة وبدروع متينة جعلت أصحابها يتحملون الإصابات ويطاولون الصراع حتى النصر.
في أوروبا وقبل إنتصارها أتت العلمانية نتيجة لصراع بنيوي شامل ومركب ومتفاعل في ساحة المواجهة مع الكنيسة. كانت هناك الحاجة العلمية لحسم الصراع بعد أن إصطدمت حركة الإبداع والإكتشاف والإختراع مع الأيديولوجية الدينية المستندة إلى تكريس قيم ومثاليات دينية مطلقة ومتخاصمة مع جدلية الإكتشاف العلمي التي تبدأ من خلال إطلاق العقل في فضاء غير مقيد بالمثاليات الكنيسية.
مثلا كان هناك غاليلو الذي أكد على أن الأرض هي التي تدور حول الشمس ولهذا فهو كان حوكم وتهدد بأقسى العقوبات ما لم يتراجع عن نظريته تلك ويعود للإيمان بالنظرية التي تؤكد على أن أرضنا هي مركز الكون وسيدته في حين أن كل الكواكب الأخرى هي التي تدور حولها.
بعد ذلك تأكد أن أرضنا هي كالنقطة في كتاب لا يمكن عد صفحاته ولا كلماته, وأن من صفاته أن يظل مفتوحا إلى ما لا نهاية مستعدا لإحتواء حقائق جديدة تأتي بها إكتشافات مستندة إلى عقل غير مقيد بمطلقات الكنيسة ومثالياتها تلك التي تجعل العقل طرفا متلقيا لا وظيفة له غير تلقي تعليمات الكنيسة ومثاليات الكتب المقدسة.
ولو أن الكنيسة كانت هي التي حسمت الصراع في حربها مع العلمانية لظلت الأرض حكرا على الدواب والزواحف وما شهدت السيارة والقطار وحتى الدراجة, ولظلت السماء حكرا على العصافير ولما شهدت الطائرة والصاروخ, أما المركبات الفضائية الهادفة لإكتشاف الفضاء فكان مقدرا ان لا تتوقف عقوبة الحرق على القائل بها وإنما تمتد لتشمل جميع أهله من الأحياء وتنبش قبور أهله من الأموات. .
والنصر المتحق كما هو واضح لم يكن يعني التغلب على الدين وتعليم الناس ضرورة الإنصراف عنه, وإنما إجبار الكنيسة كي تعطي للعلم والمعرفة وحركة الإنتاج حرية النشاط وتتخلى عن قمعه أو تكفير القائمين به.
وما حدث ان العلمانيين لم يأخذوا رجال الكنيسة أسرى أو يغلقوا عليهم معابدهم بالشمع الأحمر, ولم تنته المعركة إلى وضع فيتو على نشاط رجال الدين وإنما أقنعوا الكنيسة على رفع الفيتو ضد الحركة العلمانية ثم اجبروهم على الجلوس في منابرهم يوم الأحد وترك بقية ايام الأسبوع للسياسيين لكي يتدبروا أمور الخلق.
في مرحلتنا الحالية العلمانيون في العراق وفي أكثر الساحات المجاورة يخوضون الصدام عراة بدون دروع وخوذ كتلك التي كان إمتلكها العلمانيون في أوروبا, في مواجهة فكر ديني مدرع ومجهز بكل وسائل الدفاع والهجوم.
ما كنت أراه أن الفكر العلماني في العراق سوف يبقى لأمد هو الطرف الأضعف لأن البيئة التي تحيطه قد جردته من دروعه وأسلحته وحرمته من أن يطور وسائل وأليات المواجهة التي كانت قد توفرت للحركة العلمانية في الغرب, ولذلك قد يرى البعض أن دورنا التنويري سيبقى فكريا تبشيريا يفتقد إلى البيئة التي تدرعه لحين تغير البيئة المتخلفة, علميا وإنتاجيا, بشكل يجعل عملية تلقي الفكر التبشيري والتفاعل معه والإستجابة له تاتي على شكل حاجة له ولا يأتي على شكل ترف فكري وزينة ثقافية.
لكن ذلك لم يكن ليس سليما بالمرة, فالطريق إلى العلمانية ليس واحدا. إذ هكذا كنت أتصور, لكن تطور الأحداث من حيث تركيبتها وسرعتها كان قد ألغى هذا الإعتقاد. لقد وضعنا أنفسنا حينها في خانق التطور الميكانيكي, لكن الإنسدادات التي جابهتها حركة الإسلام السياسي سرعان ما جعلتنا ندرك أننا بتنا في حاجة للعلمانية باشد ما كانت عليه أوربا في عصر التنوير, فإذ كانت العلمانية قد جاءت في الغرب لفصل الدين عن الدولة لأغراض تتعلق بإنصراف الكنيسة لواجباتها الروحية وترك الحكم للسياسين فإن حاجة البلدان المتخلفة لها تنطلق من ضرورات تتعلق بحماية هذه المجتمعات من الإنقراض لأن العالم بدأ يتطور بسرع صاروخية باتت تهدد بطرح أسئلة تتعلق بمدى حاجة العالم إلى بقاء مجتمعات قد باتت خارج مداره, لذلك تبدو العلمانية هنا كمناهج فكرية وسياسية وفلسفية تتحدث عن معنى بقاء هذه المجتمعات إذا ما بدأت تفقد لغة التخاطب مع العالم المتطور, وهذه هنا أي العلمانية قد صارت تتحدث عن حاجات بقاء وليس عن حاجات تطور, وفي المجتمعات التي تحتدم فيها الصراعات الطائفية, كالعراق مثلا, فإن بقاء الهيمنة الدينية يسرع ويعمق عوامل زوال هذه المجتمعات لأنه يعرقل ويكبح محاولات العبور إلى الحد الأدنى من مستويات السلام الإجتماعي وهو اللازمة المطلوبة لإجتياز حالات التآكل الداخلي.
.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السعودية وإيران .. الأخطر والأشد خطرا !
- مرة أخرى .. الشعب, ما هو الشعب
- العراقيون .. هل هم شعب لا يستحي ؟
- نعم .. الفقر رجل وبالإمكان قتله .. بمناسبة إستشهاد الأمام عل ...
- السباحة مشيا على الأقدام
- أول الغيث .. (بَيْدَ أن) .. ثم ينهمر
- تزوير التزوير
- نهاية عصر القمامة
- الإنتحابات العراقية .. النقطة الغائبة.
- عن إسرائيل وعن إيران وعن : عنا
- المالكي .. موناليزا العراق
- المجرب لا يجرب .. حَمَّال أوْجه
- القابضون على الجمر
- ثلاثة إسلامات ... الإسلام السياسي العربي السني
- خذوا كل ما تريدون وغادروا
- التاسع من نيسان .. حتى كأن الحرب لم تضع أوزارها بعد.
- العراق وإشكالية الديمقراطية
- العلمانية ضمانة بقاء العراق الواحد
- الحسناء والوحش .. جارتي الجميلة روبن* ورئيس جامعة ليبرتي
- وبمقياس الجمال


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - حوار حول العلمانية