|
انتخابات باكستان على الأبواب.. والتوقعات صعبة
عبدالله المدني
الحوار المتمدن-العدد: 5934 - 2018 / 7 / 15 - 11:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في الوقت الذي يتراجع فيه نفوذها في أفغانستان لصالح لاعبين إقليميين آخرين، وفي الوقت الذي تتعرض فيه لضغوطات هائلة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لتطهير بيئتها الداخلية من شبكات الإرهاب وغسيل الأموال، تقف باكستان على أعتاب انتخابات تشريعية عاصفة ومثيرة وصعبة التكهن بنتائجها، بل تصدق عليها مقولة المواجهة ما بين مكونات الدولة العميقة ممثلة بالجيش وأجهزة الأمن والاستخبارات والبيروقراطية الحكومية من جهة والساسة المدنيين من جهة أخرى. ففي الخامس والعشرين من يوليو الجاري سوف يتوجه الباكستانيون إلى اختيار برلمان جديد، علمًا بأنه مكون من 342 مقعدًا تتنافس عليه أحزاب رئيسة في مقدمتها حزب يمين الوسط ممثلاً بـ«حزب الرابطة الإسلامية (جناح نواز)» بزعامة شهباز شريف شقيق رئيس الوزراء السابق نواز شريف الذي عزلته المحكمة العليا من منصبه في يوليو 2017 بدعوى أنه لم يكشف عن كامل ثروته وقت ترشحه للانتخابات السابقة، ولذلك فهو «غير مؤهل» للحكم، وذلك على خلفية الكشف عما سُمي بـ«وثائق بنما». وقد حكمت عليه المحكمة مؤخرًا بالسجن غيابيًا لمدة عشر سنوات وبغرامة قدرها عشرة ملايين دولار، إلا أنه لا يزال ناشطًا في الخارج ومتعاونًا مع شقيقه شهباز شريف وابنته الديناميكية وخليفته المحتملة مريم شريف لتعزيز النفوذ السياسي للعائلة في إقليم البنجاب تحديدا الذي يأتي منه معظم شاغلي مقاعد البرلمان (كونه أكبر أقاليم البلاد الأربعة لجهة عدد السكان)، وبالتالي يمثل عامل الحسم في أي انتخابات عامة. أما الحزب الثاني المتنافس فهو حزب «حركة الإنصاف» الذي يتزعمه لاعب الكريكيت السابق عمران خان المتعطش للسلطة بشراهة، بدليل خوضه كل المعارك الانتخابية على مدى السنوات الماضية من أجل الوصول إلى الحكم، بل إقدامه على تلويث سمعة منافسيه بإطلاق الإشاعات ضدهم كيفما اتفق (مثلما فعل تحديدًا مع عائلة شريف)، طارحا نفسه منقذًا للديمقراطية الباكستانية الموصوفة بـ«ديمقراطية الأشخاص المتنفذين والسلالات العائلية والعسكر المديرين لخيوط اللعبة من وراء الكواليس». ومن بين حملاته ضد حزب الرابطة الإسلامية ونواز شريف تلك الحملة التي تهكم فيها ضد بلاده، واصفا إياها بـ«جمهورية الموز» وذلك على خلفية استدعاء نواز شريف لقيادات حزبه، ومن ضمنهم رئيس الوزراء الحالي «شاهد عباس خاقاني» ووزراء الخارجية والداخلية والمالية إلى لندن في أكتوبر 2017، أي بعد ثلاثة أشهر على القرار القضائي بعزله. كما ينافس في الانتخابات «حزب الشعب» الذي يستمد نفوذه من قاعدته الشعبية في إقليم السند مسقط رأس آل بوتو، لكن استطلاعات الرأي لا تعطي لهذا الحزب، الذي قاد باكستان في سنواتها الحالكة في حقبة ما بعد انفصال باكستان الشرقية، سوى نسبة متواضعة من مقاعد البرلمان؛ بسبب عاملين، أولهما غياب الشخصيات الكاريزمية عن قيادته بعد اغتيال رئيسة الوزراء الأسبق السيدة «بي نظير بوتو»، وثانيهما تهم الفساد الذي لاحقت الكثيرين من رموزه، الأمر الذي أثر سلبًا على حضوره خارج إقليم السند. وهناك بطبيعة الحال الأحزاب الدينية مثل «الجماعة الإسلامية» و«جمعية علماء الإسلام» اللذين شكلا تحالفًا انتخابيًا لتقديم مرشحين مشتركين. كما توجد أيضا الأحزاب العرقية مثل «رابطة مسلمي باكستان» و«حزب عوامي الوطني»، إذ ينشط الأول في كراتشي كبرى المناطق الناطقة بالأوردية، بينما ينشط الثاني في إقليم «خيبر بوختونخوا» الذي يستمد منه نفوذه القبلي البشتوني منذ تأسيسه على يد «عبدالغفار خان»، الشخصية المناهضة لجميع أشكال العنف إلى درجة أنه سُمي «غاندي الحدود». المراقبون المهتمون بالشأن الباكستاني يجمعون على حقيقة واحدة، هي صعوبة التكهن باسم الحزب الذي سيحصد أكبر عدد من مقاعد البرلمان القادم، على الرغم من أن استطلاعات الرأي منحت حزب الرابطة الإسلامية (جناح نواز) النسبة الكبرى. صحيح أن هذا الحزب يملك التأثير في حسم النتائج كما قلنا بسبب خلفيته البنجابية، إلا أنه يعيش الآن أسوأ أيامه بسبب انقسامات داخلية، ناهيك عن انفصال الكثيرين من مؤيديه عن قيادته المتهمة بالفساد، وإعلان العشرات من رموزه داخل البرلمان الحالي النأي بأنفسهم عنه وقرارهم بالترشح مستقلين في انتخابات يوليو 2018، خصوصا بعدما رفع الحزب عقيرته ضد الجيش وجهاز الاستخبارات متهما إياهما بالتآمر ضد نواز شريف. وفيما خص حظوظ عمران خان وحزبه، فقد يحقق الرجل مفاجأة غير متوقعه بسبب حروبه الإعلامية وديناميكيته وقراره خوض الانتخابات في ثلاثة أقاليم من أصل أربعة، ناهيك عن نشاطه الدؤوب في معقل الطبقة المتوسطة المتعلمة بكراتشي دونما اكتراث بحقيقة كونه بشتونيا يتحرك في مدينة لا تحتضن سوى أقلية بشتونية ضئيلة. وهناك من يقول إنه قد يدخل في مساومات مع العسكر من أجل تفويزه في الانتخابات وإيصاله إلى الحكم. ولعل أحد عوامل صعوبة التكهن بنتائج انتخابات باكستان المقبلة هو أن الناخب الباكستاني يتحول من حزب إلى آخر بسهولة إذا ما اقتضت مصلحته الخاصة ذلك. وبكلام آخر، قد يمنح صوته في الانتخابات القادمة إلى حزب كان قد حجب عنه صوته في انتخابات ماضية بتأثير من الإعلام الصاخب والدعاية الانتخابية والشعارات الطنانة والشائعات المضللة والمال السياسي. وفي هذا السياق ذكّرنا الزميل عمر فاروق المتابع للشأن الباكستاني في تقرير نشرته صحيفة الشرق الأوسط (1/7/2018) بما حدث في انتخابات 2008 حينما ابتعد ناخبو حزب الرابطة الإسلامية المؤيدة آنذاك للجنرال برويز مشرف عن حزبهم ومنحوا أصواتهم لحزب الشعب، ليبتعدوا في انتخابات 2013 عن حزب الشعب ويعودوا إلى التصويت لحزب الرابطة الإسلامية.
#عبدالله_المدني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الديكان.. ترسانة الإيقاعات الشعبية
-
النفط.. مرتكز العلاقات الخليجية الهندية
-
خليفة البنعلي.. زهد في السياسة من بعد حماس
-
قمة «سانتوزا».. لا تزال موضوعًا للجدل
-
الشعوان... حفر اسمه على جبين الخُبر
-
ماذا بعد مقتل «الملا راديو» قاتل الأطفال
-
صاحب مصطلح «زراعة النفط»
-
غموض كوريا الشمالية يتبدد
-
خسرت الهند في سيشل وربحت في إندونيسيا
-
عودة الإرهاب إلى إندونيسيا.. من المسؤول؟
-
البشتون يتحدون الجيش الباكستاني
-
«المحبوب» و«المحبوس» يغيران المشهد الماليزي
-
ارتياح في تايبيه.. وغضب في بكين
-
الدفّاع.. من رعاية الغنم إلى رعاية العقول
-
القمة التي سرقت منها الكوريتان الأضواء
-
النجم.. نغم يسري في وريد البحرين
-
درس كوري لأوطاننا العربية الممزقة
-
المر.. ثقافة موسوعية واهتمامات لا حصرية
-
ماذا تريد طوكيو من واشنطون قبل قمة القرن؟
-
من «أنشاص» إلى «الظهران».. قمم عربية عادية وطارئة ومصغرة
المزيد.....
-
رغم الحذر السائد قبيل قرار ترامب مؤشر أسهم أوروبا يقفز لمستو
...
-
قراءة الإعلام المصري لصورة السيسي في -جيروزاليم بوست- الإسرا
...
-
قوات كييف تقصف جمهورية دونيتسك بـ 119 مقذوفا في غضون 24 ساعة
...
-
وزير الخارجية الأمريكي ونظيره السعودي يناقشان مستقبل غزة وال
...
-
فوتشيتش يصف الاحتجاجات في صربيا بأنها محاولة لتدمير البلاد م
...
-
أنباء أولية عن سقوط قتلى في تحطم طائرة في فيلادلفيا الأمريكي
...
-
إعلام أوكراني: سماع دوي انفجارات في كييف ومقاطعتها
-
المبعوث الأمريكي الخاص: إنهاء الصراع في أوكرانيا يصب في مصلح
...
-
تاكر كارلسون: زيلينسكي باع أوكرانيا وتحول إلى خادم للغرب
-
-إم 23- تواصل زحفها شرق الكونغو الديمقراطية
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|