|
في ذكرى رحيل كارل ماركس - خطاب على قبر كارل ماركس
فريدريك انجلز
الحوار المتمدن-العدد: 7550 - 2023 / 3 / 14 - 22:05
المحور:
الارشيف الماركسي
توفي ماركس يوم 14 مارس 1883. و بعد ثلاثة ايام القى انجلز هذا الخطاب باللغة الانجليزية على ضريح ماركس بمقبرة هايغايت بلندن حيث دفن هناك. تكلم انجلز بالانجليزية و ظهر الخطاب في صحيفة المانية في ترجمة المانية ثم نشر الخطاب بالانجليزية مترجما عن الالمانية. في الرابع عشر من مارس و على الساعة الثالثة الا ربع ظهرا توقف اعظم مفكر عن التفكير. لقد ترك وحيدا لدقيقتين بالكاد و حينما عدنا و جدناه جالسا في كرسيه نائما في هدوء و لكن الى الابد. انها خسارة لا تقاس ضربت كلا من الطبقة العاملة المناضلة في اوروبا و امريكا و علم التاريخ بوفاة هذا الرجل. ان الثغرة التي نجمت عن رحيل هذه الروح العظيمة ستبرز بجلاء قريبا. فمثلما اكتشف داروين قانون تطور الطبيعة العضوية اكتشف ماركس قانون تطور التاريخ البشري: الحقيقة البسيطة التي تخفيها هيمنة الايديولوجيا و هي ان الانسان يجب اولا ان ياكل و يشرب و يجد الماوى و الملبس قبل ان يصبح في استطاعته الاهتمام بالسياسة و العلم و الفن و الدين الخ... و بالتالي فان انتاج الوسائل المادية الضرورية للعيش و من ثمة درجة التطور الاقتصادي المحققة من طرف شعب ما او في حقبة ما تشكل الاساس الذي تقوم عليه مؤسسات الدولة و المفاهيم الشرعية و الفن و حتى الافكار حول الدين التي يختص بها هذا الشعب او ذاك و على ضوئها يجب ان تفسر و ليس العكس كما هو الحال. و لكن ليس هذا كل ما في الامر. فقد اكتشف ماركس ايضا القانون الخاص بالحركة الذي يحكم نمط الانتاج الراسمالي لعصرنا و المجتمع البرجوازي الذي خلقه هذا النمط من الانتاج. ان اكتشاف فائض القيمة سلط الضوء فجاة على المشكلة محاولا حل ما عجزت عن حله جميع البحوثات السابقة من لدن الاقتصاديين البرجوازيين و كذلك النقاد الاشتراكيين. ان هذين الاكتشافين لامر كاف في حياة شخص. و سيكون سعيدا ذاك الذي يتسنى له تحقيق ولو احدى هذين الاكتشافين. علاوة على ذلك فانه و في كل حقل بحث فيه ماركس – و لئن بحث في حقول عديدة و لم يكن ذلك بسطحية في اي منها - حتى في حقل الرياضيات قام ماركس باكتشافات مستقلة. هكذا كان ماركس رجل علم. الا ان ذلك لم يكن يمثل ولو نصف هذا الرجل. لقد كان العلم بالنسبة لماركس حركية-دينامية- تاريخية و قوة ثورية. و مهما كان سروره عظيما باي اكتشاف جديد في العلوم النظرية و لئن كانت تطبيقاتها مستحيلة البلوغ فانه كان يعيش سرورا من نوع اخر حين يشمل الاكتشاف الجديد تغييرا ثوريا مباشرا في الصناعة و في التطور التاريخي عموما. فعلى سبيل المثال كان متابعا عن قرب لتطور الاكتشافات المحققة في مجال الكهرباء و اخرها تلك لمارسال دوبريMarcel Deprez. كان ماركس قبل كل شيء ثوريا. و كانت مهمته الاولى في الحياة المساهمة بطريقة او باخرى في الاطاحة بالمجتمع الراسمالي و بمؤسسات الدولة التي جلبها معه و كذلك المساهمة في تحرير البروليتاريا الحديثة الذي كان اول من جعلها تعي بموقعها و حاجاتها و تعي بشروط تحررها. لقد كان الكفاح امرا اساسيا بالنسبة له فكافح بحب و عزم و نجاح لا ينافسه فيهم الا قليلون. و كان عمله في الجريدة الرينانية الاولى-1842- و في الى الامام الباريسية- 1844*Vorwarts - و في جريدة البروكسالي-Brussler - الالمانية-1847 – و في الرينانية الجديدة-1848-1849. و في التريبيون النيويوركية-New York Tribune-1852-1861. و بالاضافة الى ذلك اشرافه على نشريات نضالية و عمله في منظمات في باريس و بروكسال و لندن و اخيرا توج كل ذلك بتكوينه جمعية الرجال العاملين العالمية. كان ذلك انجازا بامكان محققه ان يفخر به حتى و لو لم ينجز شيئا غيره. و كنتيجة لذلك كان ماركس افضل المكروهين و اكثر المشهرين بهم في عصره فقامت حكومات مطلقة و جمهورية على حد السواء بترحيله عن اراضيها و تنافس البرجوازيون من المحافظين او من اقصى الديمقراطيين بالتشهير و الثلب لشخصه. لقد ازاحوا ماركس كما تزاح خيوط العنكبوت. لكن لم يعر ماركس اهتمامه بذلك و لم يرد الا عندما دعته الضرورة الى الرد. و مات محبوبا ممجدا و نعته الملايين من العمال الثوريين- من مناجم سيبيريا الى كاليفورنيا و في كافة انحاء اوروبا و امريكا. و لمن المهم القول انه برغم خصومه العديدين فبالكاد ان كان له عدو شخصي واحد. سيخلد اسمه على مر العصور و كذلك اعماله! *rtsäVorw : جريدة جذرية – راديكالية – للاشتراكيين الالمان في الهجرة و كان ماركس احد المساهمين فيها. و قد ظهرت بالالمانية في باريس سنة 1844.
#فريدريك_انجلز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
مقدمة في -المخطوطات الرياضية- لكارل ماركس
/ حسين علوان حسين
-
العصبوية والوسطية والأممية الرابعة
/ ليون تروتسكي
-
تحليل كلارا زيتكن للفاشية (نص الخطاب)*
/ رشيد غويلب
-
مَفْهُومُ الصِراعِ فِي الفسلفة المارْكِسِيَّةِ: إِضاءَةِ نَق
...
/ علي أسعد وطفة
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 5 :ماركس في عيون لينين
/ عبدالرحيم قروي
-
علم الاجتماع الماركسي: من المادية الجدلية إلى المادية التاري
...
/ علي أسعد وطفة
-
إجتماع تأبيني عمالي في الولايات المتحدة حدادًا على كارل مارك
...
/ دلير زنكنة
-
عاشت غرّة ماي
/ جوزيف ستالين
-
ثلاثة مفاهيم للثورة
/ ليون تروتسكي
-
النقد الموسَّع لنظرية نمط الإنتاج
/ محمد عادل زكى
المزيد.....
|