|
فاما الأم مغربية ..الأم ياغوركي
محمد نور الدين بن خديجة
الحوار المتمدن-العدد: 5927 - 2018 / 7 / 8 - 02:51
المحور:
الادب والفن
فاما * الأم مغربية الأم ياغوركي ... ---------------------------------
امرأة نجمة تجر قطار الليل ولا تستريح .. امرأة نهر ربما أم الربيع أو سبو أو ملوية او نهر ليالي الرعب والعشق على مرأى الشهود ذبيح .. فاما مهرجان ماء يجتاز الجبال والسهول والهضاب ويسابق الريح .. فاما بندقية كانت أو جريدة أو أما تحمل سلة المعتقل للوطن السجين او الدمعة للشهيد فاما وتر منفرد على قيثارة يردد لحن الصمود شجيا جريح .. ... ... فاما لا أيقونة تكون ولا شاهدة قبر ... فاما مغربا يبكر لصلاة الصبح يهيء فطور الأولاد للأحفاذ والملابس المكوية للعمال والخادمات المحفظات المدرسية لصبيات وصبايا ورد يفيح على رحب النضال فسيح .. يخرج للشارع فمهمة أخرى لاتبغي التأجيل يجر قطار الليل ولايستريح ..
شعر : محمد نور الدين بن خديجة 7 يوليوز 2018 المغرب
تعريف موجز لابد منه : ** فاما : أو فاطمة عزاير بدأت مسيرتها النضالية من قلب الشاون، مسقط رأسها، أيام الاستعمار حين كانت طفلة ذات 14 و15 سنة عندما شهدت لمجزرة رهيبة ذهب ضحيتها ستة من أفراد عائلتها هم أخوالها وأعمامها حيث سقطوا تباعا من صهوه جيادهم برصاص عدو على يد عميل للاستعمار كان للمشهد تأثيره الخاص على نفسية طفلة تحمل بذرة ثأر أهل الريف.. انطلق نضالها بضرب مستعمر إسباني وسرقة سلاحه، كانت فاما تشتغل عند أحدهم حارسة لأبنائه حين سرقت سلاحه وهربت به (لجنان بريجة) حيث كان يختبئ المقاومون، وكانت بداية المشوار في 1953 للعمل في الخلايا السرية في تطوان ، كانت مهمة فاما جلب السلاح .... بعد الاستقلال كانت تزورهم مرة كل شهرين أو ثلاثة «وحين انقطعت أخبارها ثانية لمدة طويلة تحكي أختها لجأت الى ركن المتغيبين في الراديو لأبحث عنها ،لكنها سرعان ما عادت بعد الإعلان وقالت لي بأن لا أسأل ثانية عنها ولا أقلق عليها أبدا، فهي بخير، ثم اختفت، لتكرر زيارات سريعة ، كانت عندما تعود تضع الجلباب والنقاب كي لا يكشف أمرها ،مرة كنا نتسوق، فإذا بي ألتفت فلا أجدها، بحثت عنها طويلا ثم عدت للبيت لأجدها فيه، حين سألتها قالت لي أن أحد البوليس كان يلاحقها فاغتنمت زحام الدكان لتهرب من الباب الخلفي»?لم تذكر أختها أن جالستها لفترة طويلة بل كانت دائمة الترحال كزائر عابرلتعود لحياتها النضالية? من تطوان الى البيضاء انتقلت فاما لتلتحق بالمقاومين هنا فترة نجهلها لاشك أنها كانت مليئة بالعمليات الفدائية التي تحتفظ بها ذاكرة من تبقى من مقاومين? يحكي أحد المناضلين باعتزاز كيف كانت فاما تتقدم في بداية الستينات مظاهرات التضامن مع الثورة الجزائرية كل فاتح نونبر ، حيث كان الاتحاد الوطني يحيي ذكرى الثورة منذ 1959 وفي نفس الآن كان يطالب بإجلاء القوة الاستعمارية عن الجزائر ، يتذكر كيف كانت فاما تقود جحافل المناضلين من المدينة القديمة بالبيضاء وكانت تدخل مع البوليس في مواجهات حادة، وتخاطبهم (أنتم كذلك أولاد الشعب نحن نناضل من أجلكم)? وفي 16 يوليوز 1963 تحديدا عند اجتماع اللجنة الإدارية في الكتابة الإقليمية بالبيضاء في شارع علال بن عبد الله، اعتقل كل قياديي ومناضلي الحزب ومن بينهم فاما? بعد إطلاق سراحها نهجت فاما نهجا شجاعا وجريئا، جمع النقود وتوزيعها على أبناء المعتقلين مع تفقد عائلات المعتقلين والمفقودين وإعالة المعتقلين داخل السجون?? تذكر المناضلة جميعة أزغار أيام الجمر بمرارة ولا تنسى جلابتين خضراوتين لها ولأختها المناضلة زهرة أزغار مثلتا بهما في جلسة المحكمة، حيث تركهما الجلاد دون ملابس ملفوفات في غطاء (مانطة) يقي جسديهما الجريح من جراء التعذيب ?تقول جمعية «بعد إيداعنا الزنزانة حصلنا على (تريكو وصايا) من عند بعض المعتقلات ،لكن كنا نفكر كيف نتقدم للمحاكمة بهذه الملابس التي ليست على مقاسنا? حتى فوجئنا بالمحامي قبل الجلسة بيوم واحد يسلمنا كيسا بلاستيكا، وجدنا فيه جلابتين خضراوتين لم نعرف من أرسلهما لنا مع المحامي الذي لم يقل لنا بدوره عن الاسم ،كنا سعيدات جدا لأننا سنتقدم للمحكمة في هندام محترم? بعد إطلاق سراحنا مباشرة زارتنا فاما في البيت وساعتها علمنا أنها هي من أرسل لنا الجلابتين ومن ثم تكررت زياراتها ولقاءتنا وكنا نعمل معا في استقطاب نساء الحي المحمدي ونناضل في قواعده»? ويذكر المناضلون انتخابات 1977-1976 وكيف كانت فاما تؤطر النساء داخل الحمام ولا تخرج منه إلا وقد استقطبت عددا كبيرا منهن وضمنت عدة أصوات وكيف كانت فاما في الموعد دائما حتى ساعات متأخرة من الليل عندما كان سيتم الاتفاق على توزيع المناشير، لا تهاب شيئا أبدا ،جريئة وشجاعة بشكل كبير? كما يذكر مناضلو ومناضلات الاتحاد الوطني لطلبة المغرب سنوات 71-70 وكيف كانت فاما بجلبابها التقليدي وقامتها الطويلة ونظرتها النافذة تحضر اجتماعاتهم وتخبئ المناشير تحت جلبابها، ليلتحقوا بها في شارع النصر وهناك تسلمهم المناشير وتوزعها معهم ? يتذكر عبد الكريم المانوزي أوائل الستينات كيف كانت أمي فاما لاتكاد تغادر بيت مناضل إلا لتزور عائلة مختطف أو أبناء معتقل، كانت تجمع النقود من مناضلي الحزب وحتى المتعاطفين معه وتوزعها وكانت غالبا ما تذهب عند أقاربها بالشاون لجلب المال وجمع الزكاة? وكانت أول من يزور المناضلين في وقت كان يخاف اعتى الرجال من الاقتراب من بيوتهم ، هكذا يتذكرها ??امرأة لا تعرف الحديث بلغة أخرى غير لغة السياسة حتى بعد أن بلغت من العمر عتيا فإنها لا تقبل الحديث إلا على عالم يعج بالمناضلين والحزب والسياسة ومصير البلد ،لذا كان لا يحلو لأمي فاما المقام إلا عند أربع عائلات عريقة في النضال تعتبرهم عائلتها :عائلة المانوزي، عائلةالشافعي، عائلة بوشعيب الحريري، عائلة مولاي عبد السلام الجبلي وعند الأم زهور?ملابسها موزعة عليهم? كانت هموم المغرب هي حديثها، لم تجد وضعا مغربيا يريحها وضعا ناضلت كل حياتها من أجله وضحت بكل شيء من أجله ،هي التي عاشت تزرع بذرة النضال في الوطن وأوجدت حقولا شاسعة بشساعة هذا الوطن ،لم تستفد فاما في حياتها من أية جهة بأية مساعدة تعينها على الحياة في آخر عمرها? حتى طلب رخصة الطاكسي الذي قدمته للاستفادة منه في إطار المقاومة لم تتم الإستجابة له? وظلت طيلة حياتها تسكن جلابتها كما تقول دائما وزادها في حقيبة يدها التي لا تفارقها حتى تعبت صحيا، إذ ذاك طلبت من الدكتور عبد الكريم المانوزي الذي كان يتابع حالتها الصحية كي يقتني لها شقة وحددت له ثلاثة أشخاص يقصدهم دون غيرهم ،في مقدمتهم الحاج محمد الناصري (الذي نستسمحه في ذكر اسمه هو الذي ظل يصر على عدم ذكر اسمه في هذا الشأن ولكننا نذكره للأمانة التاريخية )? لبى الأستاذ الناصري فورا الطلب وتكلفت لجنة ثلاثية من اقتناء الشقة وتم تأثيثها بمساهمة بعض الأشخاص، كانت سعادتها لا توصف وهي تلج منزلا لها افتقدته طيلة حياتها وكانت أول ما طلبته حين دخلت هو تثبيث جهاز البث على قناة الجزيرة وقنوات الإخبار، جمعت كل حاجياتها من عند العائلات وأصبحت سيدة شقة في (مرسى السلطان) لكن سعادتها لم تدم سوى ثمانية أشهر حتى فارقت الشقة والحياة بعد أن أصيبت بتصلب شريان الدماغ الذي تسبب لها في شلل نصفي حيث تكلف بها الثلاثي الطبي (المانوزي - جبيهة - مزيان) الذين سهروا على صحتها وتداولوا مع مركز تأهيل ضحايا التعذيب لتخصيص منحة تعينها على فترة المرض بعدما تم نقلها للبيت ، وفعلا تم الترخيص للمنحة، لكن فاما كانت قد اختارت أن تموت غير مدينة لأحد كما عاشت طيلة حياتها التي أعطت فيها كل شي دون أن تأخذ شيئا.
#محمد_نور_الدين_بن_خديجة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إسكيتشات بالحبر الأسود في وصف حالتنا .. -قصائد
-
يتساقط زهر الغرام ..
-
عبد الغني القباج ..جرس بعيد يجلجل
-
وردة خلف متراس ..أو هكذا تصير شيوعيا
-
رماد الورد اداه الريح .... زجل مغربي
-
قصائد الشارع ..والورد يتفتح قبل الأوان ...
-
الحسيمة ..نجمة الصبح في الزنازين ..
-
واشرب على الورد من حمراء كالورد ..
-
المكاشفات قصيدة تتعرى ...قصائد
-
مر ظبي ..فكان رنين ..
-
من مجزوءات الكلبيين .. قصائد
-
نوبير الأموي* ..لايأس مع الطريق
-
قل للمليحة : لن أهجر الحانة .. - قصائد أخر الليل
-
قل للمليحة :لن اهجر الحانة ..- قصائد أخر الليل
-
علي يعته ..أخرج السلكة *
-
عبد السلام الموذن ..زهرة زرقاء ماكان يبغي
-
بن سعيد آيت يدر.. وطن بالوطن مشغول .
-
بوعبيد حمامة .. ساعي بريد الثورة .
-
ابراهام السرفاتي .. - كان شمعة حلم بيننا -
-
على دم وملح ..إلى رضوان أفندي المناضل زجلا زاجلا للعشاق
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|