أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم الفياض - مجموعة النصوص النثرية الكاملة















المزيد.....



مجموعة النصوص النثرية الكاملة


كاظم الفياض

الحوار المتمدن-العدد: 5926 - 2018 / 7 / 7 - 18:03
المحور: الادب والفن
    


مجموعة النصوص النثرية
________
-1-
إلهي

ليست السواقي من يصنع نهرا
ولا الصحراء الواسعة الميتة من يشربه
إنما الأرض كلها
وعليّ أن أجد النظام لها
أنا المأخوذ برسم حروف حبالها
المشدود إلى سحر وثاقها
من آفاق سعتك
بصوت مياهك التي تبلل ريقي أسبح:
إليك مدّت أغصانها
شجرة نفسي.
_________

هنا النص المنشور في كتابي "تتمات العقل"
وأظن إنني وضعته بما يقرب بناء الجملة فيه من الكلام المحكي.


-2-
الفقر
يكسب العاطفة طعم الرغيف
وينمو على أكتاف الشارع مثلما ينمو المارة.
**
أشعر بميوعة الضوء
وهو يكتنف شرشف السرير
ويحمل إليّ المرأة التي هي حلم بالقوة
**
حلم أنتِ
**
ولكن ما هو الداعي لمقولة تعبى تحصي عماء الفكر ، وتتشرد تحت أيقونات هاربة من ترف الذهن ؟ هذا الذي يتشدق بالمعرفة ليس رأسي ! إنني أتجاهل روحي وهي تتوقف أمام عمل ما . وإنني أنثني في الغالب أمام صلابة الواقع، هذا الذي يجعل من الصفحة المملوءة بالحروف ميدانا مفضوحا لمرونة الإدارة.
ولكن الأمر مختلف بالنسبة للمرأة
لذلك أقول: "انغرزي"
وأنا أشعر بانتفاضة عارمة تعمّ جسمي ! وتجعلني أتحرك دائما نحو الأسرة الدافئة.
هذا ما نطالب به دائما، ولعلنا على حق ! فبالرغم من قيام الناس وقعودهم، وكثرة المشاغل الإنسانية، إلّا أن الأصح دائما هو إننا خرجنا من مكامن ليست سرية؛ ولكنها غامضة! من مكامن محاطة بالظلمات، وهي رهينة دائما بما نعيه. حتى لحظة الولوج الأسمى نحو الغاية سامية تتم عن طريق مبتذل، يتوقف عنده العارف لمعقولية حجم الأشياء المجهولة، والتي تعبر دائما عن حقائق مجتزأة تصلح لأن تكون عتلة أمام عامل ميكانيكي، أو حرفة عفا عنها الزمن، حياكة السجاد مثلا.
إنني كأي شخص أحاول تبرير ما يمنحني الخبز والقوة. ما يجعلني أتدفأ بأجهزة، وأنام تحت أجهزة مكيفة للهواء، في ظروف مختلفة تخص الفصول. وتعمل على جعل بشرتي أكثر إشراقا، وعيوني أوسع! لكن الأمر دائما مختلف، ذلك إنني أفكر بحمامات تحمّر، وبطولات خارقة ليست مرئية من الجميع، ولكنها متوفرة عند أغلبهم.
كما أظن أن الأعوام السالفة ليست كاللاحقة. وتماما ما يحدث اليوم قد لا يشبه عمل البارحة، ولكن الأمر مرهون بنا نحن أيضا، حتى نظن ذلك! في الليل، أنا مثلا، اشعر أحيانا بحاجتي إلى رؤية عيون الآخرين وهي ممتلئة بوجهي.
إن كلامي ليس كافيا في أفضل الحالات! ولكنني منغمر تحت هواجس يومي، وهذا ما يجعلني أفكر بالماضي أكثر ...يا أبي توقف عن عجن أيامي
بماء يديك!
أترك لي فرصة الإختيار ...
هذا ما أقوله دائما! خصوصا إذا ما شعرت بميول أكثر شراسة حيال امرأة من جنس آخر، أعني من طبقة أخرى .
ودون مثل أستطيع أن أبرهن بكلمات قادرة على وضع حجمي أمام المرايا، وهي تستقيم ليستقيم هو الآخر، ثم من أجل أن يتجزأ جملة وتفصيلا! أمام المرايا السعيدة هذه يأخذ أنفي استقامته كاملة، وتتسع عيناي بما يثير الفضول، وتبدو على شفتيّ رقة متعبد زاهد، وتختفي أسناني تحت بروز الضوء الباهر. إنني أبيض إلّا من النعمة.. وعلى العموم يكفيني هذا لأنام أحيانا على فراش مطمئن.
وهذا ليس كل شيء، ذلك أنني في الغالب أتحدث بكلمات لا تكون جملا، وأعني بها أشياء غاية في الوضوح، وهي تقوم بذلك خير قيام! وليس هذا كل شيء أيضا ذلك إنها لا تأخذ الأمر كله! لعلني قلت: أحيانا إنها تقوم بذلك خير قيام. إذ لو حدث هذا دائما لكان المجنون أفضل مني بما أعرضه الآن. هل يحدث هذا؟ بمنتهى البساطة أقول: نعم! وهو يحدث لكم أيضا. وهي حالة مرعبة. ولكنها ليست كذلك في أغلب الأحيان.
إنني أنتصر، ربما، عندما أبحث عن بداية ليست بايلوجية تماما لحياتي!
أيتها المرأة، يا حبيبتي، ابحثي عن نعيك في نهاية هذا النشيد.
يا من كنت تتشظين دائما في سالف أيامي! راقبي الحياة!
ليس هذا وقتا كافيا للإقترب من ميثولوجيا هوميروس.
هوميروس مات.
ربما استوعبنا هزيود.
ولكن الأمر منوط بمن جعل السحب العمياء تمرّ عبر الأمواج المظلمة، بعيدا عن النور الذي وضع في مشكاة ! ثمّ باختلاطهما معا. مما جعل الحياة ممكنة بقليل من اللطف، وهو أمر حسن كما تعلمين، لولا حاجتي لك في النهاية.
آه حبيبتي! لقد اكشفت اليوم أن أيامي السابقة تتحرر مني أكثر مما أّتحرر أنا منها، وهذا ما جعلني ابتسم! إنه إحساس بالقوة! هذه الهيمنة تجعل مني إنسانا قادرا على إزعاج الأشياء الأخرى! وهي دليل حياة.
ما ينقصني حقا هو التفكير المسبق بجدوى الزمن! إذ يهيأ لي في بعض الأحيان إنني لا أصلح حتى مجرد جوف له! إنه يتوغل فيَّ، لا معي، ما كريات الدم إلاّ خرز مسبحته التي يطيب له العبث بها!
باختصار
أنا خندق لحصار يسمى بايلوجيا
لذلك دونما طائل أتلهى بك أيتها الانقسام الجميل! يا حلمي الذي يعبث بي! يا أنشودتي! يا شق الطبيعة الباسل.
هكذا أعلنت قيامتك الأخرى
ما سحا من تأريخك ضلع آدم
واهبا إياك لقب "امرأة"!
أيتها المرأة! يا من تتصاعدين حلقة، حلقة، إلى النور
يا من تهبطين حلقة، حلقة، من الضوء،أيتها الضوء،
يا لون الفرح، يا حبيبتي: انغرزي أكثر!
هكذا ينتابني الخوف منك! هكذا يفشل الغزو!
هكذا أهبط إلى الأرض غير مقتنع بالسلام، وعاملا به! إذ لا يمكن مقاطعة الزمن في اللحظة المنظورة فيك، هذه اللحظة التي تتحولين فيها باستمرار، وهي تندرس تحت صليب مومياءات، وعلوم جافة.
إنني
أنحني
أمامك لتمرّ العاصفة!
وإذ أقف متذكرا عمق أيامي أجدك ماثلة في السطح، وصورتك مرسومة في القعر، وما بينهما عصير الفرح الذي أشربه الآن.
بغداد 1984م
نشرت في جريدة بابل بتاريخ 23/8/1993 م
وفي مجموعتي "تتمات العقل" طبعت خريف سنة 1999م

________

كتب في 8/2/2018م
-2-

الفقر يكسب العاطفة طعم الرغيف
وينمو على أكتاف الشارع
مثلما ينمو المارة.
**
أشعر بميوعة الضوء وهو يكتنف شرشف السرير
ويحمل إليّ المرأة التي هي حلم بالقوة
**
حلم أنتِ
**
ولكن ما الداعي لمقولة تعبى تحصي عماء الفكر ، وتشرد تحت أيقونات هاربة من ترف الذهن ؟ هذا الذي يتشدق بالمعرفة ليس رأسي ! إنني أتجاهل روحي حين تقف أمام عمل ما . وأنثني في الغالب أمام صلابة الواقع، ذاك الذي يجعل من صفحة مملوءة بالحروف، ميدانا مكشوفا لمرونة الإدارة.
ولكن الأمر مختلف مع المرأة ، لذلك أقول: "انغرزي" وأنا أشعر بانتفاضة عارمة تعمّ جسمي ! وتسمعني حسيس الأسرة الدافئة.
هذا ما نطالب به دائما، ولعلنا على حق ! فبرغم من قيام الناس وقعودهم، وكثرة المشاغل الإنسانية، إلّا أن الأصح دائما هو إننا خرجنا من مكامن ليست سرية؛ ولكنها غامضة! من مكامن محاطة بظلمات، وهي رهينة دائما بما نعيه. حتى لحظة الولوج السامية، نحو الغاية الأسمى تتم عن طريق مبتذل، يقف عنده العارف! لمعقولية حجم الأشياء المجهولة، والتي تفصح دائما عن حقائق مجتزأة تصلح أن تكون عتلة أمام عامل ميكانيكي، أو حرفة عفا عنها الزمن، حياكة السجاد مثلا.
إني أحاول فهم ما يمنحني الخبز والقوة. ما يجعلني أحيا تحت أجهزة مكيفة للهواء، في ظروف بفصولها. وتجعل بشرتي مشرقة، وعيوني أوسع! لكن الأمر يختلف دائما، ذلك إنني أفكر بحمامات تحمّر، ببطولات ليست مرئية من الجميع، ولكنها فيهم! وقد باضت وأطفلت.
أظن أن الأعوام السالفة ليست كاللاحقة. اليوم لا أمس له، وكل شيء مرهون بنا، ونعرفه! في الليل، أنا مثلا، اشعر دائما بحاجتي إلى رؤية عيون الآخرين وهي ممتلئة بوجهي.
كلامي لا يكفيني كل الوقت! أظلّ منغمرا في هاجس يومي، أفكر بماضيي: "يا أبي توقف عن عجن أيامي بماء يديك! أترك لي ما أختار" هذا قولي كلما شرعت بميل شرس حيال امرأة ليست من جنسي . هل من سانحة فأختار! دون مثل أبرهن بكلمات قادرة على وصف هيئتي أمام المرايا، فتقوم ما نشز، ثم من أجل أن يتجزأ كلي! أمام المرايا السعيدة هذه يأخذ أنفي استقامته كاملة، وتتسع عيناي بما يثير الفضول، وترسم شفتيّ رقة متعبد زاهد، ويخفي أسناني فيض من لمعان. إنني أبيض إلّا من النعمة! ويكفيني هذا لأنام أحيانا على فراش مطمئن.
وهذا ليس كل شيء، ذلك أنني أتحدث أحيانا بكلمات لا تتمّ جملا عن أشياء واضحة، وتفهم! وليس هذا كل شيء أيضا ذلك إنها لا تحيط بالأمر كله! لعلي قلت: "إنها (أحيانا) تبلس" فما يبلغ من حديث تمام فهمه إلّا لمجنون! وهذا يحدث لي بيسر! ولكم. ويرعبني هو، غير إني لا أجد وقتا لآبه.
إنني أنتصر، ربما، عندما أبحث عن بداية ليست بايلوجية تماما لحياتي!
أيتها المرأة، يا حبيبتي، ابحثي عن نعيك في نهاية هذا النشيد.
يا من تتشظين في عين أيامي! راقبي الحياة!
ما لدينا ليس كافيا لنقترب من هوميروس. هوميروس مات. من هزيود ربما. ولكن الأمر منوط بمن جعل السحب العمياء تمرّ عبر الأمواج المظلمة، بعيدا عن النور الذي أزهر من مشكاة ! ثمّ باختلاطهما معا. بقليل من اللطف أصبحت حياتنا ممكنة، وهو أمر حسن كما تعلمين، لولا حاجتي لك في نهايته. وإنني لا أكف عن طلبك في أشواط الطواف جميعها.
آه حبيبتي! لقد عرفت اليوم أن أيامي تتحرر مني أكثر مما أفرّ منها! ما جعلني ابتسم! وإنه امتلاء بالقوة! وإنه هيمنة تجعلني قادرا على إزعاج ما حولي! وذاك دليل حياة.
ما ينقصني حقا هو التشبث بجدوى الزمن! يخامرني شعور أحايين كثيرة أنني لا أصلح حتى مجرد جوف له! إنه يتوغل فيَّ، لا معي، ما كريات الدم إلاّ خرز مسبحته التي يطيب له العبث بها! بكلام موجز: أنا أسير جسمي. وظائف أعضائه، أنسجته العضلية، عظامه، تأمرني وأمتثل.
وأنا خندق لحصار يسمى بايلوجيا
لذلك دونما طائل أتلهى بك أيتها الانقسام الجميل! يا حلمي الذي يعبث بي! يا أنشودتي! يا شق الطبيعة الباسل. هكذا أعلنت قيامتك الأخرى! ما سحا من تأريخك ضلع آدم! واهبا إياك لقب "امرأة"!
أيتها المرأة! يا حبيبتي! يا من تتصاعدين حلقة، حلقة، إلى النور
يا من تهبطين حلقة، حلقة، من النور
أيتها الضوء، يا لون الفرح، يا حبيبتي: انغرزي أكثر!
هكذا ينتابني الخوف منك! هكذا يفشل الغزو! هكذا أهبط إلى الأرض غير مقتنع بالسلام، وعاملا به! إذ لا يقاطع الزمن في لحظته المنظورة فيك، هذه اللحظة التي تتحولين فيها منك، من نفسك، ومني، بلا توقف، دون هوادة، هي التي تندرس تحت صليب مومياءات، وعلوم جافة.
إنني أحني رأسي أمامك لتمرّ العاصفة!
وإذ أقف متذكرا عمق أيامي أجدك ماثلة في السطح، وصورتك مرسومة في القعر، وما بينهما عصير الفرح الذي أشربه الآن.
بغداد
8/2/2018 م
_______________

-3-


أصبح كل شيء سهلا! وعليّ أن أكتم هذا
ناشرا للنور صحفا غير مقروءة
وغرفا متعفنة
واثقا إن ظلالي ماكثة فيها
وإن ظلال الآخرين تحت مصابيح النيون جاهزة للمحو
وإن المطلع واحد!
لكن! هيهات! ليست الجملة "لي وحدي" تعي هذا الانفصال اللزج
ليس الألم واحدا كما يقال، وشعرنا
لسنا كثيرين، ولا منعزلين
ولا وشائج بين السلم والضمادة
وما من طريق إلى الصخور العالية بأقدام كثيرة وأصوات مختلفة
لكنني أشعر بالفرح!
كل شيء سهل، صاف، بسيط، ومبهج
لريح لها حفيف، خارج البيوت، أصغي
للشجر المنزوي حيث يشهق عاشقان
هكذا يقنع الحلم بي
أيتها الشراشف النظيفة في البيوت
أيتها اليطغات المسروقة، البالية، في ليل المعسكرات
لا قصور بأعمدة من ذهب وفضة خارج الذاكرة
لا جنائن معلقة تلوي الأعناق
ولا صبية مشرقة في الظلام
البلاد نائمة
الأرض نائمة
الصبية خلية نحل نائمة
وليس هنالك ما يثير العجب
أيتها المقدسات في الأماكن القديمة العامرة
أيتها الصبية في الساعة الثانية صباحا على فراش النوم
لا يصحّ هذا! إنني أشعر بالفرح
كلّ شيء سهل، وحقيقي
دون أن أعي هذا اللقاء الجاف بين الشمس والمياه
دون أن أجزئ المسافة بين السجن والمدرسة
دون أن أطمر آلام رأسي
اندرسي يا حماقة
ويا شيخ لن يصبو قلبك
يا شمس لن أمسد بأنامل جافة ما غمض عنك في بر وبحر
ليس ما هو أعلى من أرض أقف عليها
وليس هنالك ما هو أجدى من قول: "لي وحدي"
ربما في ليال لاحقة عندما أفكر لأخاطب
وأكتب ولا أنسى
يحدث شيء
وربما لن يحدث
إنما سهل كله! وأريد أن يظل سهلا
ولا أكتم منه شيئا
¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬_______
-4-
(لا أحد معي)

ينفش الاستعمال أشياء غرفتي وأرتبها
واضعا كلّا في مكانه
أنا و هي حديقة ونباتات لا تنفك عن جذورها
بابنا مغلق! ونافذتنا لم تدفع ستارها كفّ هواء غريب.
منذ سنين، منذ أن أبصرت عينيّ في مرآة
عرفت أن "لا أحد معي"

________
-5-
الفجر الذي أجرجره مثل حبل! انقطع.
لكن البلل في كل مكان
في عينيك! في كل شيء
لهذا لم أعتد عليك بعد
لم أر وجهك في ذقني صباحا
ولم أذق طعم نومة تطبخينها
ليكن هدوءك فوضى
هذه شفتاك طاحونتان
هذه كفي فك
وليس من قبيل الصدفة مصادرة الأهواء
وحبس لساني على إنه عقل
وبياني فيك على أنه تبيين
هكذا ينفضّ الزمان! يخرج من الغرف الباردة
وشوارعي التي تتزاحم تحت قدميك تبشر بي
هذا المساء! والبعير في المدن
كمشاهد مغروسة
مثل أشجار حديقة
على أرق ناعم وصقيل
**
تماما كعينيك هذا المساء حال يومي
قريبا من نصبي الفخ
أوإشعارك بأقداس لم تكن لتخطر ببال عينيك
ذلك إن الهواء في كل مكان
وجسدي مبتل
وعيوني جافة
**
هنا المساء /حبل البعير المنقطع
**
رفقا بي!
لأكن شخيرك المتواصل في ممرّ نومي
لأكن عزاءك في نهاية العرس
هذا طقس جميل!
طقس اللقلق
برزخ بين لونين مهمل
لم يكن انقطاعا قط! كان تحولا
نهر مرسوم بين يومين
هلال يناديك
وأشهد في عزّ نومي: أن الظهيرة أشدّ الحرّ
وأبعد من هذا! من أن تكوني أنت أكثر مما أنا فعلا
أمر ليس فيه بداوة
**
نقطة تحولي إذن
هي: يوم
وثلاثة أوقات
و"أنا" عديل الفراغ!
ربّ دمِ النعمة
ليّن الحجر
احبس الجراد والرمل في الصحراء
أطلق حبيبتي
سمّن القمح.
**
الفجر الذي أسحبه هزيل
وعيون المارة مرصوفة في الجدران
إذن أنت معي
يومي كله معي
والمكان: "حصان أعرج يبول"
ارفعي عينيك! أنت سادية: هذا فراغ يتحرك
مع ذلك زمني هش
وركامي متماسك
**
أيتها الأنثى! ارفعي ذيل المنافسة، سيكون حفل التتويج ماضويا
هكذا: عندما مرّ الذين تركت أيامي على سلال مجاعتهم
وكان وقت مسا! والشمس يدبّ بأوصالها الرمل
والأرض تَصْفرُّ، والريحُ تَصْفَرُ
تدلت حنطة روحي
وجاع الجراد

________
-6-
تتمات العقل
- تتمة أولى-


هل أشعر من حولي بتفوق وعيي الخالص؟ هذا ما يجب أن أفكر فيه! ولكن حرية شيء ما تتعلق دائما بمدى إيجابية أفعاله. وعن نفسي فعامة أمري تشعر أنني بخير. وأن قيودي الغليظة ليست لي. وأنني من قلائل يملكون سجنا واعيا لمفردة الحرية. بينما لم يعد مكان لحلم بحت! مكان لا يمكن تصوره، ولا تمثل أشياءه. كيف نقيس الزمن ولا حركة فيه؟ أن نؤلف مدى مُحرّكا؟ أو فراغا قابلا لأن يمتلئ ولا زمن له؟ وغير هذا كيف نفهم أرض كل معنى، وما من مجرد ليدرك فيها؟ الزمن والمكان والعدد حبال توثقنا فما نحلم، فما نبدع حلما؛ حلما بحت. الحلم البحت يجعلني أفكر بقصوري على كل شيء، ورجحان كفتي فيما عدا ذلك. إنه زمن ليس إلّا، زمن بحت لينفي أي مكان محدود لهذه المفردة المسماة "حرية" .
________
-تتمة-
آخر ما أكتبه هنا، في هذه اللحظة، ينزل مثل ظل، يموء كقطة!
لكنه حافر فرس يشبه وقع خطى المدينة وهي تعبر الفراغ البري
باتجاه الصحراء.
ليس من أمل ما يمسه هذا الحافر يصحر.
هكذا فهمت تلكؤ أجدادي بردم حياتهم، وهكذا فهمت ما يتركه الأحياء دائما.
نعم! لم يعد شيء بخير. الآخرون رميم أمانيهم، ضفادع
في وحل روحي تموء
_________
- تتمة -
روحك جرس
روحك ضوء
أنبض
شع
هذه نارك
نار اللغة التي تتشمّع في السمع
زعانف كائن يسمى الهواء
بقايا مرض
فراش عينيك
حروف بحرك
نهارك كله، ومنامك
أنت من بقي لها
وهي ما خلق لأجلك
________
- تتمة-
ليس جميلا منظر الفقر، جرثومة الواقع التي تتنفس ببطء تحت هدهدة السعالي
"الليل يخشى الصغار" حلم لفتاة بثوب شفاف على سرير فخم
هكذا يغني كإناء ممتلئ بماء صوت عرش في زوايا رأسي
حلم هو ليس إلّا لفتاة تقنع بالنوم على حافة سرير بال
ووعد مبحوح
________
- تتمة -
ينبغي أن أحرك مفصلا من عظام اللغة
ينبغي أن يتحرك جليد المناطقة
عن مكان يجب الصيف
فيه
______________
- تتمة –
ليكن يومي هذا ذا شأن! كل مساء أرمي بنهاري خارج وقتي، عزاء لثوان تمضي كي يصبح يومي ذا شأن! لكن الوقت حصار الفعل،حساب دقائق، شيء يتحرك، نحصيه .
_______________


- تتمة -
ليكن كل شيء سهلا وميسورا! كوني أنت في كل وقت، ما من داع لمراعاة شجرة التنظيم. الأمر سهل وميسور. ارفعي يديك في حديقة عامة، أو في غرفة مظلمة. ما من فرق! المشكل في النسق: في الفجر لأنه أبيض، في الدنيا على أن لها حدا هو تلة بيضاء، في أسنانك فإنها بيض، في أنياب الفيل كذلك. وفي الليل الأسود، في شعرك، في حزني عليك، في قلب الصياد، في السواد كمفهوم. المشكل في التنظيم، في استخراج شبيه من عديم جدوى، في القرار على ذلك، وفي الخوارزمي .. اسمعي هذا الضوء:
أيتها المراكب في عرض البحر
يا من تحملين القمح، مرهق الجسد، اسلكي طريق الواحة
إنها نشيد يستمني الحدث
واقعة سَمُها الروح
دونها الأصابع ملامح جن
دونها عيناي لا تستقران على شيء (حصان أعرج يبول)
المشكل في التنظيم إذن، في استخراج ما هو كائن فعلا من مفترض. مع إننا كلنا بوصفنا كائنات موجودة نظل محاولة في افتراض العدم على أنه موجود وحقيقي! لذا: أيتها المراكب في عرض البحر
ابحثي عن قعرك
فيه.
_________
- تتمة-
حسن
ما يفعل الفقر
فهم يموتون بصمت
وإنهم ليحلقون مثل عصافير الجنة
صوب مراقدهم
الواطئة
**
الحياة
تزفر ما شهقت
ستحملني مشاغلي إلى قبر
**
يا حياة
أيتها الجميلة
لم هجرت زينتك؟
**
ما نقول في رمّة
وما سمعنا من رنّة
فساد هواء! وهواء مراث يذهب جفاء
**
لا شيء نحن
وهم وخطأ أنا وأنتم
لا شيء يملأ العالم. لا شيء نحن

_____
-7-
(موسيقى الأعشاش المهجورة)


1
لمن ينبغي أن أسمع هذا النشيد
في نشيج الماء ثمة صاعقة تتوالد
فقاعة تلتهم اللحظة.
كسفينة في إعصار
أترنح
ماذا أفعل. ،؟
هل من غاية. ،؟
هكذا أشهق زفير البحر.


2


أتأنى عادة حين أمرق بين تجاويف اللحظة
لكنني ألتهم العادة حين أتحدث عن أشياء ثابتة.
ألتهمها كي أوفر جزء من الحيوية التي تقطر في قارورة العدم.
دون جدوى أقوم مسارا مراوغا.
أيها الفلك، يا عاصفة الوقت، توقف
إنه حزن دقيق منثور على مادة غير منظورة.
هل يمكن حبس الوقت؟
هل يتوقف؟
هل يختلف عن كونه صورا مطبوعة في ذهن أو على ورق؟
لنجعل قارورته المضيئة بلا حياة! الرموز المحكية التي تتكاثر بفعله
لنجعلها تخلد إلى النوم بهدوء.


3
الشعر كهف يخرج أزهارا مضيئة
صمت يتكلم داخل قارورة من دوي
فم يرى
عين بلا حدقة.


4
هذا
ليس فتحا
ولكنه حلم بيدق
يعبر المستنقع الأسود
حلم الرجال بعيدا عن أيائل سنة ألفين
هواء ملطخ بعبرة منسية
سنين بلا كفاف
خفقان من أجله امتلأ النبات بالهواء
من أجله عبرت سحابة جسد الإناث العريض
خفقان ليس إلا
خفقان غير منتظم
يخرج بالبيت من هوان العوز
يبث في الأواني رائحة كرائحة الثراء
ويجعلني أقف منتصبا فوق ساقي
هكذا أفهم حلمي! ولهذا لم أستدر
حين مرت حياتي وهي تصرخ مثل طفل: "تيقظ!
تيقظ أيها الرجل"


5


كيف يمكن قياس اللذة التي تجد طريقها عبر الحقول
هل يمكن سماع الموسيقى المهجورة في الأعشاش
هيكل واحد يصمد تحت واقعة الصمت
هيكل ممجد.
قاس
يتناسب وطول الحقول العريضة التي لم يرها كوكبي في السماء
أيتها الطبيعة افضحي عريك وألبسيني
بديعا من كل شي
وخالصا
وعلى وجهي آثار ابتسامة مثل كهف بعيد.
أفاعي الجبل
وضِباب الصحارى
والقردة التي تتناسل فوق الأشجار، جاهلة كل هذا
وغائبة عن أمري!
مرتج فيها كثرة الكم
وكيف الأشياء،
وما آل إليه حالي


-6-


السماء التي أنجبت شتاء قارسا، جافا
وفرقته بمقادير فوق الحقول
وحدها من يقيس اللذة
وحدها من يجد طريقه عبر الحقول
وحدها من يسيل دمه في جرح المياه الزرقاء
ممجدة في ثيابك الواسعة يا أم
ممجد لازورديك المتخثر من وميض الحر
لا صيف أرقّ مما أرى تحتك
ولا غيوم أبيض من غيومك
يا سحاب لتكن مياهك بحرا، ونحافتك صباحا مشمسا
خارج المألوف! ليس هنالك ما هو أبعد عنقا
من أصابعي باتجاه القبر
الواسع.

________
-8-


هل
أخرج من داري
واضعا قدمي على شارع خرب؟
الشمس بيني وبين الليل
وبيني وبين ثيابي الهواء
سأقيم جسرا مع المنطق
السنين أبنية
غرف متراكم بعضها فوق بعض
جدران تخفي جدرانا
وعيناي تتأملان كل شيء بوضوح
طوبى لك! لظلامك المضيء، لمياهك السوداء
من أجلك أحمل وردة، وأمشي فرحا
في شارع خرب
**
غيمة في صحراء أنت
حين تضحكين! مسامة في جلد عريض
مسامة صغيرة جدا في جلد المنطق الجاف
ترتعش حبا
طوبى لك!
هلال تحت غصن خريفي يفكر بك
أنت هواء لامع يضيء موجة النهر
عين ذاكرة رمداءَ

________
-9-
(ينبغي أن أمرّ)
-1-
ليست سماء هذه التي تحت! تزرقّ بين المعاطف
كتلة من الوجوه والنوافذ تنعطف على بعضها
فيما يتنفسني شرق مشمس
-2-
يتورم الشق الأسفل من فم الخريف...
رمد يلون ...
من نهاية الجفن الأعلى
-3-


جسدي يتكور
نهر الفرات يجف
فخامة أسمي تأخذ حيزها كاملا
من أجله أعبر الشق الأعلى
وساقاي ترتجفان
وعيناي
-4-


أتحدث
عن لحم يتحرك
أو ينعطف على جدران مألوفة
-5-


أتحدث
عن سماء فسيحة،
ورقٍ أزرق نظيفٍ، يبلل بداية الجمل
-6-


عند نهاية الجفن الأعلى يخضرّ أيلول! لماذا؟
-7-


لماذا أسميك نهاية كل شيء
وأنت بداية حقل
أظنها عابرة؟
-8-


يجب أن أتهجى خرافتي
-9-


يجب أن أتهجى خرافتي
أن أدعها تؤثث شكلها في مح المعقول
ليس لها أرض، ولي لسان ينطق الشيء! أو ينحته
في صمتي تتجدد اللغة، أو يهرم الشكل
كتبت: "المعرفة سلحفاة هائمة في صحراء"
وكان الرمل ورق الكتابة
أو هو ما يتغير بين اللحظة والغيمة
هو ما يكسب المعرفة طابعا أرضيا! حيث ينبغي أن أمرّ
وهكذا طويت صفحة صفراء
مهيئا كل حراشف المعرفة
لانزلاقي الرتيب
جلية القبب السبع على ضفاف الصحراء
ورائعة أسماء أحبابي وهي تتقافز في ذنب العاصفة الأصفر
كيف يورق هذا الحلم: "سبع جنائن كزقورة من تراب
وفتاة هادئة كأغان تملأ العرصة"
أحلام تشايع الخريف
حياتي ليست شيئا يومض غامضا فوق غيمة
كي أندفع بها وأنا أصرخ: "لا ضير"
عليّ أن أجدد المرح في كل حادثة
وأن أفجر الظل
وأمسك اليرقان
ليست أرادة من لا تقاوم
ليست سهولا من لا أتقاطع معها
يجب أن أغير هندسة الظل، هو وجه المعنى
وتابوته! كأن أقول: "رأسي عال، وأطرافي جنرالات"
وأعني وسع الفضاء، وأني أملأ ثقب إبرة
خطأ شائع
برار وجبال جباه أمثالي
خطوط كفنا مائعة، متشابكة لا فرق فيها بين خط وآخر
مثل نساء في ليل
مثل رجال في غابة
هي نحن
هكذا هي
هكذا نحن
متشابهون جميعا أمام الخطأ
الآخرون خطأ، آخر يفترس، ومثلهم أنا
حين رأيت زهرة الشمس هتفت: "ظهرت زهرة الشمس
أم اضطربت العاصفة؟"
أحلام تشايع الخريف!
رأيت رجالا يدخلون البحر
بالية أسمالهم تحت المطر
بريئة أسماؤهم وهي تتقاذف في الريح
شممت رائحة السمك الذي يعوم في أفكارهم
رأيت مدنا لم أرها في عيونهم
وكائنات غريبة تشرد أمامهم
سمعتهم يتحدثون عن غد واحد، ونساء واحدة
عن عشبة خضراء تحيط أكواخهم
وهم يحسبون هذا فتحا! هو ملك ليس إلّا
ظهرت زهرة الشمس
أم اضطربت العاصفة؟
ظهرت زهرة الشمس واضطربت العاصفة!
حين جاء آخر! فهمت أن مدينةً فارغةً
كان الشتاء تجففه النوافذ
والممرات إفريزها نساء
فهمت أن المدينة منديلها أبيض: "ربما عبرت غيمة من هناك"
ربما لأن البحر لا بديل له
يرشح هواؤه من زجاج النوافذ
عميقة صبيحة أيامي هذه
أفضل من يطرد الذباب عن حكاية ولد نائم
دكاكين تالفة الفاكهة
أقول: " وحدها الريح تحمل الفراغ
كما يحمل الناس أسماءهم، كما تحمل هي
ورق الربيع الأصفر"
يجب أن أؤسس خرافتي!
أن أدعها تؤثث شكلها في محّ المعقول
أن لا أهملها!
أو
أهملها
كحديقة لمقبرة.


________
-10-


لم تأخذ الريح المولولة في الخارج بلحيته ولا برأسه
مغلق بابه، وعليه أغطية ثقيلة.
**
الصباح ليس بعيدا
سيقلب بضعة أوراق وينقضي الليل
سينقضي الليل! ينقضي الليل! الليل! الليل
الليل لون النافذة
الليل دمعة كبيرة تبلل السواد
**
يفكر بما عنده من حمق مزهر
وفكر بزرع يذبل
**
كان أصفر كالذهب
يتمايل دون ريح
يرنو إلى متاعه
وخيوله التي تهدمت بين يديه

________
-11-


-1-
في البدء
وهو من إليه أنتهي
في الآنية التي شبه (الآن) أو تابوتها
أضعك أيتها المفردة، وأنا أتصبب عرقا
أرجوك كوني معي
أرجوك أيتها اللحظة
-2-
المدينة تتحرك!
حين أرفع منديلي أشعر بها تتحرك
وأشعر بحرها يسيل على زجاج النافذة
-3-
هذا يوم ساكن
يوم مرّ في الخريف الذي نما في طحلب الظل
كان هواؤه يأتي من النافذة
هواؤه الذي يخرج من المرعى
يأتي من النافذة
لأنه يوم ساكن
ولأن يدي لا تهش الذباب عن الزهرة اليابسة
-4-
سبع سنين سنينُ يوسف
كان عليّ أن أتغير
هل أطفئ مصباح غرفتي في النهار
كي تنمو الشجرة المضيئة
وعليها اسمي وأسماء آبائي مغناة
-5-
الفضاء معي! كله بين ذراعي
والطريق ممدود! بضعة أمتار من قماش أصفر
يعنّ لي الليل مفترشا الأسيجة
الشقائق مالئة الفراغ
هذا نهار لم ينقض بعد
هذا فراغ غبار يملأ الصور
تحت الأريكة أنت! أو فوق
أنت عتبة الباب! أو شبّاك الدار
السلالم وأذرع البيت كلها تشير إليك
-6-
النافذة
عين الدار
لكنّ المنافذ مغلقة
تلك الستائر تلوح لمن؟
-7-
أنا
هنا
فوق أعلى جبل
وهو
معك
تحت شجرة، في سهل ممدود، يمتدّ
وعقاربه
معي
-8-
النساء، بالونات النهار، يضئن الأرصفة
لا جدوى من قدوم الليل
يومي معي
أمسي ورائي
أيها السعيد اجلس هنا، وصفّر.

________
-12-


ألبا
محاطة بالبحر
بقطع من الموج متراصة، ومتلاحقة
محبوسة
فيها الطيور
ترى كم تبعد الشمس عن ألبا؟
**
ها
أنا
أجلس منذ أمد
يدي إلى كتفي مشدودة
وروحي لزجة
**
منذ أمد
وأنا أضع الأسس التي ترفع الأعمدة
- "الأعمال الحرة، العظيمة
لا أسس تقوم
عليها"
**
الأرض البور لا فصول لها
شهور معطلة
خريف دائم الجريان
**
أحسّ بسبخ الأرض يلتفّ حول جفني!
وطأ قدميّ من سنين
**
ها
أنا
أهيئ فراشي
أتدثر جيدا
أفكر: "الشهور المعطلة لا تتكرر"
**
يتكرر دوران الشمس
الأرصفة تتكرر، الجدران، أعياد بأهلة
ينبح في أرجائها السواد
الأرغفة تتكرر. تتكرر العادة.
يتكرر النسيان.
**
بقايا وهم يلهث فوق سطوح الضوء
اليد عين اللسان!
الصمت يتكرر
الظلام
**
لم أنتشل انتصاري من العدم
لم أكمله في النسيان
لأنه موت
ولأنها قبر
فتوحي المجيدة لم أعد أتذكرها
**
ولكن ما الكلمة التي أنبتت زهرة الشمس
في الأرض المحروقة؟
ما النسيان؟
رجل في إعصار المحارب في سريره
**
قريبا من المنضدة تكرر المراسيم
ماذا تركت هناك!
وهم المائدة أم نطع المقصلة؟
**
وهم يشبه الصليب يعامد الأنف
أين مستقرك أيتها الروح؟

__________
-13-
سفن لا نجوم لها ولا رياحا
دون بوصلة ومراسيم
أقلعت
متهادية، كئيبة، في زرقة مطلقة
..
ما كل هذه الأشرعة؟ جفني يغمض
دون حلم
..
آلامك! رحلة التيه! أنشدت الأغاني
سرّحت مياه البحر موجة، موجة باتجاه الشمس
ما لون الشمس؟ الفضة التي يلقيها البحر
على أسيجة من خشب؟
ما الحداد؟
أيها البحر قبرك حنجرة
مياهك نهر بعضها بعضا! موجك أدافع
أسفل السفينة!
هنا، بعيدا في القاع، لا منافذ للهواء
ولا سواحل مغمورة في الزمن
أبدأ من فمي! بحر دون ساحل
أم جزر بلا ضفاف؟
أصدق العين ترسم وجه اليابسة
إنني أنكشف! أشرعتي بيض، وسفني مذعورة
أمامي الطرق، رمادية، ترفرف
لا شكل للموسيقى
خشب السفينة العابرة يحبس الهدوء
الهدوء ينخره الصمت
الصمت
يتفتت
فمي يغمغم: ما أجمل الشلال؟
وضوح يتساقط
سكوت يكرر نفسه
..
السواحل بلا ضفاف صحراء واسعة من المياه
هي تفلت الآن
من جفنيّ
..
سفن يغفو بين جدرانها النسيان
دون غاية
أقلعت
وهي
تمرح الآن!
فوق مياه البحر الواسع
بعيدا عن صخور الجبل الهادي
بعيدا جدا! عن نبتة الربيع الطرية

_________
-14-
الخطوط المستقيمة تصفف الذهن
تزيل الحركة الفائضة
أشعر بها كأنني أشعر بحياتي
كأنها حياتي
كأنيها
إني هي
هل أزيل الغموض عن الحلم؟
وأنا أرفع بياض الكفن عن ملامح الشك قدت الصواب إلى جادته؟
أم اللسان إلى فمه؟
هل قلت لعينيّ أنظريا: هذا عالم معتم؟
أنظريا: خلف البناية ظل يتكاثر
هي عزلتي! خميرة في ظل
سوف أخرج رأسي من النافذة! يتطاير شعري
أنظريا: طفل نزا من فراغ! نعم! فراغٌ زجاج النافذة.
دوار حركة فائض يبحث عن أقواس مستقيمة
ليرمم جدرانها برماد أبيض
سأدثر حقلي ببضعة أمتار من قماش لامع
أتمتم: أنا من يعنيني من الكلام!
لا حقل أوسع من دانتيل
لا امرأة تضيء أكثر من شمعدان على جبل يهوي
أنا ألثغ من فراغ
ألثغ بأصابعي
خمسة أوجه لفكرة الرجل الحي:
"أقف. وأفعى تسيل من فمه مسيل الكلام. ويموت
وأنا أوصوص من النافذة. وأسعل به"
كتفاي شجرتا صبار يأكلهما العث!
ويرفرف هو كطريق وعر
لا برّ أمام هذا الحشد الهائل من الحيوات
كلما رددت الستارة تدخلين
ويسعل يباب
سمعت طنين الضوء وهو يغادر الفراش
رأيت النساء وهن عارض مرّ
رأيت جوهر النساء الكالح وهو يثقب الزمن
كأنني أرى لصخوري وهي تتدحرج عبر السهل
أرنو إليها وهي ترعب المراكب التي يصهل بها الأبد
يا شبقة!
يا من تندرسين على مرأى من حياتي
بياضك لمن؟
ودماثة خلقي؟
إنني أشيد بك
بغيابك المكين فيّ
بفحولة أصلابي وهي تؤثث الغيب
تعالي بصوتك الذي يرجرج الماء
بثيابك التي تقشر الجنة
بسهلك الذي تقطعت أنفاسه تحت قدميّ
ائذني للجبال بملء البصر
ولحدائقك المتنافرة بسعادتي
**
المكان مفصل الزمن
مائدة الشمس، ووسادة الظل
هو انتفاخ الهيئة، وبروز الملامح
أعتصره
وأعبر فوقه
لا لأن جسمي هواء يتخلله الزمن
ولا لأن الفارزة عثرة أحسب الورقة بساطا، والحروف ظلا
إنما لكي أجلك بثياب اللحظة، وأعبر خطأك كأنني أخطو على ماء
ولا لأن جسمي هو هو، إنما ثيابي مناديل المراكب الضائعة
يا ريح أنت بشراي
أنسج على نولك وجه اللحظة
أترنمك امرأة جميلة في مهب الريح
-2-
لأنني أصدق الصوت الذي يسيل في أنبوبة الزمن أترنمك
أبارك احتفالك الغامض بالجسد
أنت بالون النهار. أنا إبرة الجمل
لا فاصلة بين المكانين
الحقيقة ترفع جدرانها، وأنا أضعك بين ثيابي
-3-
أفكر
بك
بوهج قديم
برغوة من لمعان يخفت
أدخل! الحنين لا يهيج المعدن
مقبض الباب لا أمسّه
أمسها هي! أنت
إخطبوطك أضلاعي

_______
-15-
ما شأني ؟
ما شأن الناس، عابري السبيل؟
حين رقصت عارية هذه المرأة ظنت النوافذ مغلقة!
والستائر منسدلة ... .
..
أسعى
لدحر فكرة الصواب
غير آبه للفوضى التي تخلف الغلبة
من أجل نفسي أفعل! من أجلها أتوغل..
أنا خائف يزيح ستارا عن نافذة البيت الوحيدة
يفتح بابا صدئ مفتاحُه!
سأرى العالم
وأحياه.
لكنِ! ماذا؟ يا حجر الرصيف لا يمكنني أن أكون أنت
ولا أنت! يا طريق يمكنك أن تكون أنا
ويا أيها العابرون لست كلكم
انا واحد فقط.
..
المدن الغريبة مدن غريبة
ما الذي تقدمه لمحترفي أحلام؟ باذري كلمات؟
للذين حرثوا البحر! الذين أكلتهم دودة العقل
بأصابع رقيقة! بأجساد باهتة ماذا يفعلون في مدن غريبة ؟
مدن تضيء السواحل
وحدائقها تتسع باضطراد
هذه الأراجيح التي تهتزّ
هذه المقاعد الدوارة التي تريح الزمن، غمغمة فاترة
هذه الغرف النظيفة ورق ملوث
سأسعى لدحر فكرة الصواب
فلست حجر الرصيف الجاثم على قارعة الطريق
وليس الطريق أنا! ولا كلّ العابرين.
أنا واحد، كثير، فقط.

_______
-16-


(مقدمة لدحر العدو)


عندما
يضيق صدري
أمنح قلبي دم الخرافة
وأرسم روحي على ورق تالف كعيونكم .


وعندما
يضيق جدا
ويصبح حرجا، شديدا
أنسلّ من ثيابي
وكسحابة بيضاء أحلق فوق التلال المريبة..
فوق قبوركم.
1/1/1985

________
-17-
المستشفيون هنا على هذه الأكمة
المرتفعة قليلا
والمنبسطة من أعلى
وضعوا أشجارا مقطوعة
على إنها أسرّة
وأمروا مرضاهم أن يلتحفوا الغيوم...


د. عبد المنعم وجهه أبيض وأسنانه بيض.
كان يوصوص ،هناك، بين غصنين أخضرين
من شجرة خروع .
***
ما كنت مريضا فقط
... صبيّ قيده الوهن
اندسّ في ثوب أخضر
وأطلق صوته من قفص فمي
ورحت أرقبه وهو يحلق عاليا بين العصافير.
***
لم تكن لغة التخاطب بيننا سهلة
في الصباح، وفي المساء تتغير أعدادنا
وحين ينقضي يومنا يبتسم جميعنا
نتذكر إننا لم نقل شيئا
وإنّ جميعنا لم يكن أيّ شيء
فقط هناك بيت واسع وكبير
مشيّد من حجر الألم.
***
الرجل ذو الصدرية
الواقف في قلب الردهة
شعره المجعّد شتته يوم طويل.


كان يتأمل أسرة مرضاه
دون أن يشعر بتعدد صورته الواضحة البيضاء
في عيون مرهقة
ترقرق في مياهها الألم.


لم يحسب يوما الردهة كهفا
وربما فكر طويلا: إن سرنجة واحدة
تكفي لحمل بحر.
"ما من ليل غير سواد شعري" قال في سّره.
وقال أيضا:- "شعري فراش يوم طويل
وبعده تماما
بل فوقه ترقد السماء وحيدة
دون عينيّ"
***
-18-
(روح الصدفة)


كان مكان ليس طريقا ولا مأهولا
لم تعرفه زهرة
هواءه ماء وتراب
وجميعنا مغمورون بروح الصدفة
تلك الكائنة في عقل مصائرها
لم نخسر شيئا
... هل نفقد مجهولا؟
زهرتنا لم تخسر أيضا
مرّ عليها زمن لا تعرف، ويمرّ...
الزهرة تخرج ثمرة
وربما نحلة.
فالكائن مختلف.
معنى القدرة أن نتبدل
أن يقطع أحدنا صدفته حقّ الزمن المبتور
وأن يفقد صيرورته في جسم آخر.


أمس وكنت أجرّ مكاني
فوق جدار انقضّ على رجل مثلي
- "أمي
وهم أعمارنا".
***


-19-


(أرنو لمنبع فكرة)


"كلّ شيء يبرد" أحاول أن أنشط ذاكرتي
كي تعطيني الأشياء أسماءها.
يتراءى لي أنّ شرخا واسعا يستبد بواقعية التواريخ
يحيل الرماد الذي على الأرض
الرماد القادم من الجهة التي صنعت الشمس
إلى حريق.


وحدي أتذكر، ومن غيري؟ مرارة حزني
مرارة اليوم الذي بدت فيه الضفادع كالأفاعي
حين تصاعدت دخانا
في سماء خالية من النجوم والصحو
أعفيه من التسمية، يومي المعلّم بصاعقة
تشقّ سماوات علقت بفيء
اختبريني أيتها الضجة كسماسرة يلون الذهب.
لمي وضوح المياه إلى واحتي
فعيناي اتسعتا كنافورتين
أيتها المرارة.
أجلس تحت حنجرة فاتح.
حشود تتابع نضالها
ومدينة تحرر من الألفة.
ماذا أقول لهرم خوفو
لدجاجة منزوية في بطن ثعلب
لربة بيت
لنفسي
لغبار يتراكم في أرض دهليز
... الورم يختفي مع الجوع
وكذلك النجوم عن الأرض العطشى.


هنالك باب يفضي إلى ممالك الأسرار
وصوت يستقرّ في خاصرة الجمهرة
هذه الذئبة البشرية التي تبحث عن موطئ قدم في بؤبؤ رجل
الأساور ملكة
وكذلك الأقراط تحت سمع الثراء..


أنا راغب عنك يا طيور، ممجد لك أيتها السماء الفسيحة
وحدك يا مقابر ستظلين معي الآن
وأمس.


لا بديل عن ورق التقويم
تفاجئني الساعة بدقة رتيبة
وتحملني البهجة إلى مدنية الجشع الغالي
الممجد تحت وطأة القيلولة
ورحمة الفاتح المحتشدة فوق الورق
وعلى الأبواب، في الغد
والآن.


للا شيء ومعتقداته الكثيرة
للاشيء وضجة تتكوم تحت الأطر المستنغلة كنت أمضي
كربّ بيت إلى كرنفال السوق..
تحت عجلة مسرعة لسيارة فخمة
تركت كل ما أتذكره عن الصحراء
وها هي البنت المقلية بالذهب تسيل لعابي
وتتركني أتذكّر الأشياء التي تنساني دوما....
مهلك أيتها اللحظة النافرة كحصان
مهلك أيتها العجيزة الصاهلة
أيها الغناء المبارك – أيتها المندسة كحرير ناعم فيه
أيتها المضرجة بأقواس انكساراتي
الساطعة
الغائبة عن الوعي
هذا رضّ بسيط في قدم الرغبة
وعكة في أنوثة التويج.


فرسخ خضرة لا طحلب ماء آسن
يدك على قلبي
أيتها البنت
الحلوة.
__________________


-20-


(الرحلة)


ما زال الفتى المسافر الصغير
يحمل نتن البحر ذكرى
وقبلة ريفية مهووسة الإيقاع
أكان يراقب السحابات المتجهات نحو الخريف؟
هو لا يعلم
ويذرف على الدروب أغانيه القديمة
ويحمل غضب الله كساء كل يوم
ولعنة ووليمة


عندما كان يطاردني الثور الأليف
تحدثت إليه
كانت عيناه المغبرتان شمعتين
وأنامله الطويلة في المساء
أودية كثيرة الشكوك
وفي النهار ، عندما يقتادني الظلام إليه
وتوصد الأبواب أمام الدعاء
كان يجثو أمام الله
ويبكي
كثيرا
كالنجوم .


-2-
وفيك نجمة متعبة
تذوي في سماء الراحلين
وشوقا يا سيد الرحلة إلى الشاطئ البعيد
يكبلني كالأضلاع
ويتركني قصيدة .


-3-
رحلوا
وكنا بعدهم آتين
شريط من مآقي العين يتبعهم
وبقايا ذاكرة هامت في بقاياهم
فكيف أجلوهم؟
وصبيرتي ما مالت على أخرى
وقرنفلة كأن فيها بعضا من حماقتهم
تندي كما الليل
على رمل كاد يعلوها
ويعلوني .
يا سيدي
يا سيد الرحلة والحسرة الحرة والأصابع
تركتهم ينزفون
وعدت إليك
حاملا بشراي إليك
حجرا ينزفون
على أحجار منفاي
والرماد كالسماء ، والنجوم كالعيون
حدق
حدق فديتك في سكون .
إن رمحا جارحا في عتمة القلب
يقتادني إليه
كلما فسخت أضلاعي
وقلت: لم أجده
عدت ثانية
ولم أجده
لكني وجدت سيدا آخر مثله
يملك عينين
وأذنين
وجسدا مترعا حتى الأنف بالرذيلة
يقارع النجمة الذاوية الوحيدة
في سماوات فزعي المرير
ويتركني قصيدة


أكانت الأحلام نافذتي إليك ، عبر الهموم
أكانت المحارة صدفة وضعت في إنائي المحموم
بعدما ضيعها البحر الكبير
واستقرت في صدغها براءة الحقول
أكانت ...
وتفسخت الأضلاع
وقلت للساقي ، ما نسيت ،
إذا ما أصبح الفجر يؤلمه .. أنا المقتول .


-4-
يتعاط سمر الخمارين وجهي
وعلى أنخابه المرة يشربون
لأول مرة يتآمرون
هم والخمر على قتلي
وكانوا مثلي
يعيشون قتلى أبدا ، ولا يقتلون .


-5-
هكذا هم راحلون
ونحن في خطوهم سادرون
نحمل مما تحمل الأرض عنّا
ونشرب مما تهبنا
وكانوا مثلنا يفعلون ...
- عانقني أصبح فراشة
ويصبح لي وقع حبيبة
وشظايا نار توقد فيك الجمر الخابي
فأنسيك ، أيها العاشق المنسي
وأزرع في زوايا عينيك وهج الشموس قرنفلا
- والقنفذ المكسو بالخوف
ألا يحمل العقاب على ظهره كالجريمة
خذ أسلابي إليك
فكلها غنيمة
ولكن
دعني أمام الله أجثو
لعل سحابة تغادر الخريف
فتبدأ الرحلة حيث يبدأ الطريق
وتنتهي حين ينته الطريق
لتبدأ من جديد .
___________
*هذا النص كتبته وعمري خمسة عشر عاما .
وهو أول نص لم أمزقه . احتفظت به لأني عرضته على أصدقائي ، وكانت لهم قراءات قليلة ويحبون الشعر .
لم أكن مطلعا على علم العروض .
ولا معرفة لي بقواعد اللغة العربية .
ولم أتذوق الخمر إلا مرة واحدة بعد أعوام من كتابتي هذا النص .

______
-21-
(مقدمات حرة)
-1-
في طريقك فؤادي سلة فارغة
بين سلال أخر.


-2-
(كما في روحي)


في طريقك على أرض جرداء
أغصان شجرة خاوية
ابتهلت.


-3-


) صلوات )
هنا بقايا شجر متحجر
آثار سيول
من هنا عبر الغزاة
وجوه تفجرت حيوية
ذات يوم
رمالا كانت الأرض! وكذا ظلت
ما تبقى رياح
صلوات
ها هي تعبر
مثل سحاب له هيأة الحجر المتراكم
أو تنهار مثل جبل


-4-
(في زمن غائم)


بيد ضارعة، يد أرهقها القنوت
أرسم وردة!
أم ألوّح للنور؟


-5-
وردة انبثقت من جوف صخرة
فمي على تراب
مقدمك.


-6-
(محاطا بهالة من نور)


بعين دامعة
بجسد أنحله الخشوع
أقف
على بابك
قلبي
على لساني
اسمك
وفي قلبي
محاطا بهالة من نور.
ت2/ 1999 مa

_______
-22-*


أحبك
أحبك
يا من لوثتني بنار أرزك
وعمدتني بماء ليلك
ودثرتني بصوف صبحك
وجعلت جرسك في أصل الشجرة
حتى عمّ نباح الأرض
-1-
رجل يوصوص من نافذة
والمرأة الجميلة تهيم في البريّة
عيوني حقول
عيونها زنابق.
للرياح التي ائتمرت بردائه
للغيوم التي قادها صولجانه
يطلّ من كوة على رماد.
جلعاد عباءة سوداء
تسيل دموعه ثلاثا، ثلاثا، من الماعز
نحو النهر!
حين أنام تغفو أيقونة على جدار
حين أصحو يرفع صبار رأسه عن الأرض
ثلاثة أيام
كثلاثة أدعية
يكرزن في شعاب الجبل.
قريبة هي السماء
وذراعي لا تقوى على رفع جلدة الحليب الأزرق
أتنفس شتاءها كاملا
انتصب أكثر مما يجب
وعظامي حرّاس البراري السود!
يتقافزن على رماد
ربّ لا يدي محراث
ولا لساني بيت
ما جدوى زراعة قمح ميت؟
ما جدوى كوخ أساسه ملح؟
ربّ طهرني بماء وهن!
ما جدوى نهر فاسد؟
-2-
أجلس على ضفة نهر عريض
أجلس كعوسجة على هيأة الرجل القاعد
وأنشد: "أنا لحبيبي
وحبيبي لي"
-3-
إليك في الملحف القديم
إلى وجه الشجرة الأبيض في الجانب الآخر
مجد هذه المرثية.
-4-
كقطيع من الماعز على جبل جلعاد قلب حبيبي
-5-
أيتها الصائتة في البريّة
يا من تبحثين عن الأعمدة المنكسرة في أعالي النهر
وتضربين الدفوف!
ما ولول السرو! فما سقط الأرز
-6-
كثرت الأرضة في حواشي الأرض
قل نحاس أواني الذبح
صدأ الذهب
أيتها الجميلة بين النساء
أيتها السوداء رغم صيام الشمس
فاسد ذبح التضحية
خبز التقدمة أكله الدود
والهيكل ارتفع إلى السماء.
1991م
___________
* نشر في جريدة الجمهورية عدد 8631/ بتاريخ 21/12/1993ميلادي وفي مجموعتي "تتمات العقل" نسخ نهاية عام 1999 ميلادي تحت عنوان " أغنية إلى سين شديدة الصمت"

_______
-23-


أحنك
أحنك*
يا من لوثتني بنار أرزك
وعمدتني بماء ليلك
ودثرتني بصوف صبحك
وجعلت جرسك في أصل الشجرة
حتى عمّ نباح الأرض
-1-
رجل يوصوص من نافذة**
والمرأة الجميلة تهيم في البريّة
عيوني حقول
عيونها زنابق.
للرياح التي ائتمرت بردائه***
للغيوم التي قادها صولجانه
يطلّ من كوة على رماد.
جلعاد عباءة سوداء
تسيل دموعه ثلاثا، ثلاثا، من الماعز
نحو النهر!
حين أنام تغفو أيقونة على جدار
حين أصحو يرفع صبار رأسه عن الأرض
ثلاثة أيام
كثلاثة أدعية
يكرزن في شعاب الجبل.
قريبة هي السماء
وذراعي لا تقوى على رفع جلدة الحليب الأزرق
أتنفس شتاءها كاملا
انتصب أكثر مما يجب
وعظامي حرّاس البراري السود!
يتقافزن على رماد
ربّ لا يدي محراث
ولا لساني بيت
ما جدوى زراعة قمح ميت؟
ما جدوى كوخ أساسه ملح؟
ربّ طهرني بماء وهن!
ما جدوى نهر فاسد؟
-2-
أجلس على ضفة نهر عريض
أجلس كعوسجة على هيأة الرجل القاعد****
وأنشد: "أنا لحبيبي
وحبيبي لي" *****
-3-
إليك في الملحف القديم
إلى وجه الشجرة الأبيض في الجانب الآخر
مجد هذه المرثية.
-4-
كقطيع من الماعز على جبل جلعاد قلب حبيبي******
-5-
أيتها الصائتة في البريّة
يا من تبحثين عن الأعمدة المنكسرة في أعالي النهر
وتضربين الدفوف!
ما ولول السروِ! فما سقط الأرز*******
-6-
كثرت الأرضة في حواشي الأرض
قل نحاس أواني الذبح ********
صدأ الذهب
أيتها الجميلة بين النساء
أيتها السوداء رغم صيام الشمس*********
فاسد ذبح التضحية
خبز التقدمة أكله الدود
والهيكل ارتفع إلى السماء.
1991م
__________
أضع الهوامش هنا من الذاكرة:
* من رسالة "اطلعت عليها" لحبيبها ! كتبت فتاة تركت التعليم مبكرا، فكانت تخطئ بوضع النقاط على الحروف! فخطت أحنك أحنك وتقصد أحبك أحبك.
** {9 حبيبي هو شبيه بالظبي أو بغفر الأيائل. هوذا واقف وراء حائطنا، يتطلع من الكوى، يوصوص من الشبابيك} نشيد الإنشاد2
*** فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ ﴿٣٦﴾ سورة ص
**** "عوسجة على هيأة الرجل القاعد" هذه الجملة قالها دليل جيش العراق بقيادة خالد بن الوليد لنصرة المسلمين في اليرموكِ! وقد سلك بهم طريقا غير مطروق. وكانت العوسجة دالته على عين ماء استقى منها وأبوه مرة واحدة حين طفولته.
***** {3 أَنَا لِحَبِيبِي وَحَبِيبِي لِي. الرَّاعِي بَيْنَ السَّوْسَنِ.} نشيد الإنشاد 6
******{5 .. شَعْرُكِ كَقَطِيعِ الْمَعْزِ الرَّابِضِ فِي جِلْعَادَ} نشيد الإنشاد 6
*******(سفر زكريا 11: 2) وَلْوِلْ يَا سَرْوُ، لأَنَّ الأَرْزَ سَقَطَ، لأَنَّ الأَعِزَّاءَ قَدْ خَرِبُوا. وَلْوِلْ يَا بَلُّوطَ بَاشَانَ، لأَنَّ الْوَعْرَ الْمَنِيعَ قَدْ هَبَطَ.
******** أواني الذبح وكذلك ذبح التضحية وخبز التقدمة تسميات ترد في طقوس تقديم القرابين في هيكل سليمان
********* (سفر نشيد الأنشاد 1: 5) أَنَا سَوْدَاءُ وَجَمِيلَةٌ يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ، كَخِيَامِ قِيدَارَ، كَشُقَقِ سُلَيْمَانَ.
(سفر نشيد الأنشاد 1: 6) لاَ تَنْظُرْنَ إِلَيَّ لِكَوْنِي سَوْدَاءَ، لأَنَّ الشَّمْسَ قَدْ لَوَّحَتْنِي.

________
-24-


-1-
أجف
فوق ربوة عالية
بينما
الريح
تبحث عن جسد .. آخر


-2-


عندما أسمع زقزقة عصفور في جسد امرأة
أو أتلعثم في مياه وجهها
أصبح راكدا
يابسا
أسمع
تكسر أعضائي


-3-


أسمع
وقع خطىِ!
الريح في الممرّ
تكنس ما تيبس من سلالات
هل اهتدت إليّ؟


-4-


أخيرا وجدتني عاثر الحظ
في ممرّ ضيق
بين ربوتين
إحداهنّ .. عالية.
______
-نشر في جريدة بابل مع الورقة الأولى يوم 8/1/1992
-وأعادت نشره يوم 11/1/2003
-نشر في كتاب "تتمات العقل" نسخ في 1999
كل ذلك تحت عنوان " أغنية إلى س شديدة الصمت"
_________


الورقة الأولى
10/1/1990
_________


نتحد بخوذة اللحظةِ
أو ننفجر فوق سهول جبال حمرين ..
الجذوة الخضراء تشتعل تحت بريق البرد
الثآليل ترتجف كذلك قلبي حين يعم خصائص الاشتراك
غير مقترن بشيء.
من هذه المرأة التي تجوب محنتها قدور الحانوت
وليس من شيء يجلس بين فخذيه
كما هي؟
الليل أسود
جبال حمرين حمراء
رؤوسها البيض تشعر السهل بالنعاس
والرجل بالفراش
لكن حمرين لين
حمرين رجل كهل ملطخ بالسليكون
تسير دموعه متعرجة بين أكداس الثيّل
وخضرة الصبّار.
هنا توقف لمحنة دراوشكة*
يمتحن القلب بالخوف
والوحل بأقدام الكائنات الباقية بعد "رحيل القرى إلى السماء"**
ليت أيامي كلها في بيت يحرس ساعاته
هنا البِرّ بَرّ البرد
تتلألأ جمجمته فوق الشوك متناثرة، بيضاء!
متخذا من ذهابي إلى مقر اللواء دليلا قاطعا
على عدم جدوى التفكير في الذهاب إلى بنيات عالية
وأسرة دافئة.
هنا عتمة قلبي دليل على سياج اللحظة
دالة تشير إلى نقطة غائرة في ضوء الأمس
لكن الليل يأتي بشبابيك النور
لكن الجندي يهمس في الظلام :
"الله معي"
لكن الدمع ماء العين، ماض مغروس في صخرة كباشي***
الآجر أخضر! لنقل القرميدة الخضراء تشتعل في مفازة صغيرة
من حمرين
حمرين ورم لا جدوى من إزالته يتفاقم تحت السماء المسلوقة، في
العاشر من كانون الثاني، ولأجله تمسكت بطائري
تركته ينساب تحت بويضات الزغب
دون شعور صادق بحذفه
تذكرت لهجة هذا الانسياب
تذكرت أن المرارة عضو من أعضاء الجسم
ورفعت رأسي لأتذكر! كم كنت عجيبا
وأنا أتلف حريتي كما أتلف الأوراق الزائدة في قلم السرية.
________
*نقطة تفتيش أخذت اسمها من المكان
**عنوان فيلم سينمائي أجنبي
*** نقطة تفتيش أخذت اسمها من المكان
_________


الورقة الثانية
10/1/1990


كذلك اصطفت الكواكب في هذه الليلة
المريخ جاهد ضد نفسه
والزهرة أفصحت عن مشاعر ليست مألوفة للجنود
فيما وقف المشتري أعرج تحت قوائم الكرسي
هكذا انحسرت ليلتي عن مكنون ليونتها
عاصفة في طريق التبّانة.
يوم كثير الغبارِ!
من سيرفع إصبعه بوجه العاصفة؟
هل تقول المرأة للجنين: "كفّ عن الصراخِ! لا توقض الرجل"
في هذه الليلة خرجت الأحلام إلى الطريق
بدا بإذن لامعة دبّ الأرق
ليلة معلوكة! لا حليب أبيض فيها
خرج الأولاد من بطون أمهاتهم حاملين قطع الحديد
مازال دخانها في الجيوب الأنفية لحمرين
للآن يتصدع الجبل من كثرة الضجيج
حصير واحد يقطع المسافة من قلم السرية إلى امرأة
تجلس دافئة بين فخذيها
نسيج من الدمامل مبكر مع صفير البوق
يقف وراء أنفه في ساحة العرضات
-" لا ضير " يردد كل كاتب جديد
لكنها ليست قناعة
فحرب الحواس تشتعل مع الموقد النفطي
وحركة المكنسة الصامتة
وإناء القصعة
البرد يلف الرجال! لكنهم ينهضون.
سبعة كواكب تحرس الصراخ المكبوت في عنق زحل
معلقة شريط عريف الخفارة حول خصره
كأنه قوس السحابة
أو كحل امرأة نهضت باكرا.
السماء تنغرز في مسامات الجبل
السليكون لا ينتظر التذكير بتأريخ العناصر
لأنه دمامل الجبل، حماقاته، رؤاه التي لا يمكنه الانقطاع عنها
لذلك بحث المعتمد في جراب ذاكرته
تأمل طبقات وجهه، وتذكر ..
تذكر القيح الذي انفجر على الطاولة
كان حالة مستعجلة، وقد بالغ في ظنونه
رغم أنه كان يغادر أي باب في حمرين مصفرا
وغير ذي أهمية.
______
نشر في جريدة بابل يوم 14/1/1992 وفي "تتمات العقل"
_________


الورقة الثالثة
15/1/1990


أحسّ بلزوجة الوقت
وهو يندرج أسفل قائمة متعرجة
أحسّ بدنوّ أجل قبضته حمرين
السماء بعيدة عن يده
وحمرين يحمرّ بوجه المعتمد
ويشتدّ حمرة لولا حمله مشيب الشتاء على رأسه
حمرين إغفاءة الحرس المنضبط فوق راحة العنكبوت المسمى كباشي
حمرين وهن يلف السطوح
حمرين ارتجافة تبحث عن نساء
الوقت المرن، ومطاوعته، تعطيه خصلة الصلابة
لكن المعتمد الذي يحفظ طريقه إلى الحمّام الجديد عن ظهر قلب
أمام مجموعة الأحجار غير المصفوفة بعناية
أمام السماء الواسعة المتراكمة منذ عصور
أخذ يحدق بتراكمه المستمرّ في الحمّام
دون انقطاع، ولأيام، لم يجد شيئا يسميه منظرا طبيعيا
أو شجرة شريرة، ولكي يكتمل المشهد أصبحت حمامتان تألفانه
دمه يتدفق في عروق المكان
في أسلاك الهاتف
وفي الجدران المحشورة حشرا في قلب حمرين
إلى الكراسي التي تتابع مللها
إلى الأقلام التي تختفي وتعود
إلى أنف حمرين الذي أخذت ديوكه بالصفير والنواح حال مرور ..
من أجل ماذا يُثقب غرابٌ الأرض؟
كما لو لم تكوني امرأة تمنيت لك أن تكوني كذلك
كي يتسارع سقوط الطيور
كي تهرم السلاحف بانتظار الماء
كي يبدو حمرين مشيدا بأيامه القادمة
وهو يغفو في جراب
المعتمد
_____
نشر في جريدة بابل يوم 21/6/1992
_________
الورقة الرابعة
16/1/1990


الأرض تشتعل
غير محصورة بين فرجال مهندس
..
كانت الأرض تشتعل
لاقت تصدعها في وجوه النساء المسنات
وهبّت رياحها
..
لم تتحدث شجرة البرتقال إلى برتقالة
ولا لأحراش الأرض
وهي تهمس لفسيلة : كوني امرأة
..
هناك حين تنمو نبتة لتسمى فتاة
وتنبثق غابة! وتكون نساء
تسقط عيني في دورق مدرس الكيمياء وتفور دموعي
واهبا لك حضن رجلِ!
أصرخ: "واهبا لك حضن الرجل"
كانت الأرض تشتعل
..
لكن الرجال الرجال وقد حصروا بين زاويتين، تذكروا،
وهم بملابس مرقطة؛ أن الحياة كثيرة الأوجهِ!
وأنهم مجموعة ألوان مغبرة
تحت شمس بليغة
وصافية
..
كانت الأرض تشتعل
ليذهب سدى مجد عشرين سنة من الأحلام المكظومة
والملحقات الفاشية، والزغب الزنجي الذي يلوح تحت المناخر
كمكنسة ملحقة بذمة جناح
أو سرية
..
في الطريق الذي له وجه السابلة، سمعت ثلاثة جنود يتحدثون
عن خرافة: (باب القلعة* المكسور)
كانت الأرض تشتعل
..
مئات من الجند. حديد وتراب مفخور
دون حمامات ولا نعومة
أماس رطبة. كبرياء قصير
هناك الأرض لا تشتمل على كائن واع
مجموعة من الحيوات المقيدة بايلوجيا، وأيضا بالحديد
/كثيرة الاعتداد بنفسها دودة الحرس وهي تحاور
انضباطها الدائم/
بملاعق المساء المفقودة
بأحزمة الحديد اللامستعملة
بخروج سجين
بشكوى المعتمد المندفع إلى أمام حيث: -
كانت الأرض تشتعل
_____
*معسكر لواء القوات الخاصة 66 في خانقين! وقد بني بهندسة القلاع القديمة . واستخدم قبل أن ينجز بناؤه.

________
-25-
(رأسي ليس خاملا)


-1-
(ذكريات فقط)


لأنني مجموعة من الخطوط المتشابكة والمرسلة بلا نهاية
مجموعة من الذكريات
لأنني ذكريات
فقط
أتسلى بوحدتي
كما يتسلى الماس بلمعانه


-2-
(كلها، كلها قاطبة)


لا الآجر الأخضر أخضر حقا
ولا الحشائش الكنسية شديدة السواد خضراء
ولا الرفوف الممتلئة بالكتب تقول شيئا عن اخضرار الذهب
أقول كلها ، كلها قاطبة
لا تدرك ازرقاق دمي ، أو اخضرار عروقي
أو تحملني على نسيان ذلك
أبدا


-3-
(طرفا العالم أو رأسي ليس خاملا)


ها أنذا أقف بقدمين مفتوحتين على طرفي العالم
بين يدي الريح وخلفي
أفكر وجبيني منخفض، وعنقي منحن تماما:
هذه مملكتي التي يوسوس في أرجائها الخراب.
أمامي الطرق المزروعة
ومعي كلابي وحاشيتي
إنما رأسي ليس خاملا


-4-


هذه الممرات التي أحسبها ثابتة
هذه النتوءات المزينة بأشجار الصنوبر العارية
وأفاعي الجبل المتساقطة كالورق الميت
ليست لي
ليست لأحد
ليست ثابتة أبدا.
أمد يدي دون أن أمدها إلى حجر فأكلمه
لصوتي جناحان
ولي عرش بأربع قوائم
ومائدة طويلة من الأبنوس
وأضاح حية
وخلفي هذا الطريق الذي لا يشبه الذكريات
ملفوفا بنسيج الأبد
الغيوم التي تقودها الريح باتجاه معاكس تسير معي
أرواح هائلة تضع أحلامها في الطين
عين مطفأة
شجرة خاوية حاسة الزمن
أنا تأتأة الريح
أنا ظل عوسجة منحن على نفسه
أنا النهار الذي لا يشبهه النهر
أنا طين فمي
أفتح ذراعي: أنا غاية كل شيء
قماش أزليّ تبلله الذكريات
وأحلق دون أن يلامس أنفي التراب
أحلق لأنني أضعك على أرض صخرية أيتها الكلمة
الماء مجلوبا لك
والصخور مرفوعة عن أرضك
أتمتم: أجلب لك الماء، وعن أرضك الصخور أرفعها.
هكذا أسعى لجس نبض الحيامن، وهي تغرد في آخر القافلة.
هكذا أحاول وصف النتوء بالاستقامة
والكلمة الصالحة أزرعها في دمي
أنا أنت أيتها الريح
أستمطر الغيوم الخفيضة في الممرات الباردة
وأرفع جسمي قليلا عن الأرض
أنا أنت أيتها الأرض
إنني أخشى العصي المتساقطة من الجبل كالأفاعي
وأوجس خيفة من يدي
لأنها تكلم الحجر
ولا تحصي الينابيع


-5-
(أكرر، رأسي ليس خاملا)


رأسي ليس خاملا
أفكر بجبين منخفض
وأهش بعصاي على غنمي باتجاه الزروع
إنما رأسي ليس خاملا
أكرر، رأسي ليس خاملا.
ومعي كلّ هذا الخراب.


1993
نشرت في جريدة الجمهورية في نفس العام أو الذي تلاه، غير متأكد.

_______
-26-
فوق الخيال
على قمم ناعمة
أعلى قليلا من ذاكرة جليد يجف
وما يتضح من مهاو تحته
وفوق الرياحِ! وتذهب أدراجها الورقة الخريفية
حين الكلمة فخا! ويصبح وقتا
لن تعود نضارة بشرتك
"أيها العجوز" هناك فرق
بين وجه متغضن
وآخر يتغضن
آه لا تخفي شيئا هذه الثياب الجديدة.
آب/200

_______
-27-
قبل أن يسرع الوقت
وسهول ثلجية تنزلق ببطء على أحداقنا.
قبل أن تصّاعد مسرعة قطعان خيول بيض في أصداغنا.
قبل أن يهوى الإنسان وأعمدة الشيب تتهاوى مثل أشجار بيض.
قبل أن ينشر الخريف عرصته في معظم الرأس.
لا ننسى إنّا كنا هناك في أعلى القمم
بعيدين! لا ننسى إنّا كنّا هناك
بعيدين جدا
جدا
فوق الخيال
23/6/2010

______
-28-
من دمشق
إلى صباح حسن ناهي

لست في واحة
وقلبي لا يمكن إرواءه
هذا العمران الذي يركم الناس في منازل متصاعدة
هو شيء من امتثال لعدم
يشبهني لا وجوده .
أحييك ..تحييك الكلمة الأقلق معنى .

__________________
-29-
(إلى خالد جابر يوسف)

الظلام يقترب
وجه يطل أم شجرة تحاول الوصول؟
الظلام خراب محض
حيّز واسع لحركة معدومة
صرخة متواصلة
انهيار ينتظمه السكوت
الظلام تل شفيعه السواد
صورة الضد
قبو الماسة
حدائق خلو من اللمعان
والمداخن مطليّة بلون نفسي
من يحرك هذه العتمة
أنا أرتجف
الظلام يرتجف
محض خراب هو أو ضوء محض
أرى نهرا عاليا
وقطيع حدائق جافة يهبط التل
أرى قطيعا متواصلا من العبث يخرج من ثيابي
أنا صاحب السفينة التي يعذبها الموت
مرساتها في يدي وعلى متني حبالها
بيني وبينها الريح
وتحتي وتحتها الماء
ادخلي السهل
نصف إغماضة ، ثمّ يممي شطر الخراب
ما اسم من أنطقه وأنا هو وأبشر بغزو نفسي
أنت غير الماء
وأنا غير الهواء
يمخرنا السكون الذي يشع منك
وأنا سمعك
ارجعي زبر الحديد إلى فمي
أوقفي تناسل أعوامك على وجهي
أنا سندانك وأنت جيشي
أنت كمن يده حبل حول عنقه أنت لي.
يعذبني النمل الذي يسيل على خشب الصارية
تعذبني ثقوب جدرانك
تحت قدمي الماء الذي يحملك
وفي يدي مبخرة قديمة ( كان
أمامي القرصان يئن
وكنت أنا في قبر من خوف...)
لا آخر للمفازة التي يسلكها صوتي
ولا أول للبحر الذي دخلت فيه
..
الظلام عينك
أنت ما أراه
عيناي الواسعتان تتأملان لا شيء
ظلام محض نفسه
غياب تام
صمت

________
-30-
شجرة البمبر المتصل قيامها إلى السماء
الراغبة بوجهها إلى أعلى
الخاشعة أبدا
بورع انتصب جذعها مجلّلا برحمة القنوت .
الأوراق الضارعة على أغصانها
وظلالها الضارعة
مجموعة عظيمة من الأكفّ تصاعد ابتهالاتها .
تموجات حنانية واسعة من الخضرة والإذعان
تتدافع إلى أعلى
شلال من التسبيح
نهر من غيوم خضر
غنج ملائكي يجتبيه الشوق .
مثل شجرة تامة خشية خرجت إلى الكمال
على هيئة شجرة ، شجرة بمبر
خاشعة .
إلى أعلى ، قبل أن تجتثها الذاكرة
أو تدخل هيئتها في الكتمان
ارتفعي يا عين .
السماء .. السعادة حبل عال بيننا
وعلى الأرض شجرة بمبر
وكلب حراسة يقعي
أمامها ، وأمامه
بضعة أرانب جاثية .
سعادة ملونة بالخوف .
الحقيقة رؤى ممكنة
هل تتحرك الحدود فيتداخل المشهد
وتدحل الموجودات في بعضها
أنا هي
أنا فقط
هي أنا
أرى
أخالط .
4/7/2001

_____
-31-
الشتاء ينمو خارج النافذة مثل شجرة احتمالات.
أغصان قريبة من يدي
عصافير تزقزق
أغان مرحة أسمعِ!
ليت أذني تسمع
فيما قدمي تدب على أرض شتاؤها ينمو
مثل شجرة احتمالات
حسنة.

______
-32-
بينما شجرة البمبر تقرب أغصانها
وجه يطل من وراء الزجاج
له ملامحي
أرى غرابا
أو قطعة من ليل فاحم كغراب
يقلق، أو تقلق، بياض النهار.
..
أنا شامة النهار!
أضع يدي حيث تسقط العين، أو ترتفع الفراشة
جفوني بارزة
أحلامي مبعثرة في المكان
..
العين ترتقي الشجرة
عش غراب هنا وموت سنبلة؟
متى تسقط العين! فراشة تخفق حالمة في الهواء
مقتربة من يدي
..
في مكان ما ، ممتد وواسع
في مكان ما ، تحت سماء واسعة
أتأملك أيتها الحرية.
..
بسبابتي! من مكان ما، أشير إلى الشمس
وغيوم تغسل شعري
أنا شامة النهار! قلبي فراشة
بغداد 2002

________
-33-
بعين يملؤها الخريف أنظر
من يعيد لهذه الشجرة ثوبها الأخضر
نضت عنها ورقها
وغدت عارية
مثل جثة على مغتسل.
لا
ليست شجرة هذه
أسمع نواحا
ملأ الحديقة
وصك كل مسامة في جلدي
حزيران/2001م

_______
-34-
(عبور وادي السلام)*
أتخطى مواطئ الألم
تطفو قدم
وتنغرز أخرى
رخو ما عليه ثقلي
أرض تتعشقها آلام جسومنا
هي تحت! تحتي
وأنا فوق! فوقها
كرمح يشكّ أسى
- "يا أم
أيتها الأرض.."
20/11/2002

________
-35-
الكلمة المناسبة عندما تكون "خضراء"!
الغابة السعيدة تجرجر أذيالها فوق سهل الحياة القفر.
الكلمة المناسبة عندما تكون "فجر" أو "وليد"
الشرشف الأبيض ينطق برائحة الجسد
ما هو الرماد؟ ها هو يحترق!
عينان زرقاوان تلتهبان.
شعر أصفر ناريّ.
الكلمة المناسبة عندما تكون "سوداء"
يكتم الليل زينته
النجوم تختفي.
عندما تكون " سوداء" الكلمة المناسبة
الليل ونجومه فتاة أحلامها متناهية.
الكلمة المناسبة عندما تكون "عماء"
الغابة المختبئة أشجار منطفئة
غصون مضفورة بسواد محكم.
من يحرك هذه العتمة يرفع إصبع الفانوسِ!
مياه سوداء كثيفة تنزاح عن حدقة المبصر
فيما تيجان ذهبية تطفو على بحيرة مظلمة.
وهناك! في طرف الغابةِ! الأشجار الأشد سوادا
تتمايل على أغصانها ثمار مضيئة.
هل تصبح اللفظة شجرة مضاءة بوجود تام؟
المتجسد يسيل على نقيضه بلا دالةِ!
كلاهما أصم.
لن أدع رمادك يلوث نقاء الورقة قبل أن تضيئي
بين أصابعي أيتها الكلمة! أيتها الكلمة
المناسبة.
1/7/2002

________
-36-
(القوس الزائل للكلمة)
لا يتكلم أبدا هذا السنجاب الذي كانه معطفك
داخله صار كله خارجا
لم يبق إلّا فروه الناعم
يقرض البرد الراعش على كتفيك
حين الربوة التي تعلو عند كل استدارة من جسمك
تجعل النهار غيوما تتكاثف صاعدة نازلة
بين الليل وشبيهه
أنا من يراكِ! أحلامي تصرخ
حجر يسقط فجأة في بحيرة راكدة
أسمعه! أسمع هديره المتناغم مع السكوت
هواء رقيق تحرره المزامير حروف اسمك .
تقاطيع وجهك سابحة في ذهولي* .
أتسمعين! هذه موسيقى تموج أضوائك
تلفظها أوتار نفسي .
أكان عليّ أن أسترق السمع إلى هذه الأخاديد
الذاهبة في جسد النور؟
هل تخرج الهيأة من خفوت البريق
إلى صراخه؟
أمام اتضاحك , العين التي تخترق , تحيط .
كف بلا أصابع
وهي أصابع فقط .
تشبهك النسمة التي يحدثها جناح طائر .
بعيدا عن سنجاب الغابة، أو معه
أنت ثبات يتقدم مشتعلا في ملابس الذهول .
_______
اسمك شده بال / * عريان سيد خلف

________
-37-
(القوس الزائل للكلمة)
لأنه ما عليّ سوى أن ألتمسك في نشوة الانجذاب
أنت الكامنة تحت تراكم أغطيتك
الشوق والضوء يقتسمان جلدك البضّ .
ها أنا أنزع نحوك
مأخوذا بجمالك .
يا من أخلدت إلى الأرضِ! ها أنا أخلد إلى النوم فيك
محاطا بفرو ثمين .

________
-38-
(القوس الزائل للكلمة)
جحور نفسي وكهوفها امتلأت بالسلام
اكتست أرضها بزهر الربيع
وشع من جدرانها نور
لم يبق للأفاعي السود من أثر
ولا للأعشاب السامة
وأصبحت , أنا الذي كنت أمشي مكبا على وجهي ،
أتطلع بعينين ثاقبتين .
البريق خفّ
والهالة اختفت عن السطوح
صارت الأشياء ، وليل يحبو فوقها ، فما يهمس
صار الكائن شوقا غطس في ماء كينونته
صوتا خلع سرمد الكتمان .
صار هيأة بلا جهات ، نقطة
غير محاطة بشيء
أو واقفة على شيء
صار شيئا بحتا أراه أمامي وهو فيّ
جزء من عيني التي تراه .
***
ليدي التي هي شيء
لعيني اللتين تمجدان شيئيهما
أنا القوس الزائل للكلمة
أمجد الحضور
أدنس العزلة .
تموز/ 2001
_________
-39-
(الشهاب)
الشهاب الذي لمع في بداية الهواء
لم يضيء غير نفسه
سارعت إليه الظلمة
فشا في وضوحه الكتمان
وصار منسيا إلى الأبد
تنتهي الحسرة على شيء مضى
ينتهي ذبول اللحظة
الفتية
الشهاب الذي لمع عند نهاية الهواء
لم يضئ كان بعيدا
صغيرا
لم أره .
2001
__________
-40-
(الشهاب ذاته)
الشهاب الذي لمع قبل أوانه
وانطفأ قبل أن تراه عين .
السبابة المضيئة التي أشارت إلى خصلة من شعر الليل .
وخدش ظفرها جلد النسيان
ولم تكن شيئا ابدا .
الحدث الذي لم يتضمنه حديث .
السبات النيّر .
الشمس الصغيرة جدا .
حمصة العدم المتلألئة في إناء الوجود الفاحم .
جرح السواد المندمل بلا أثر .
قطرة الضياء المنسابة كالرحمة بلا سطح .
الضجيج الساكن الذي يشبه شهابا انطفأ قبل أن يضيء .
الشهاب ذاته
الشهاب الصغير البعيد
الشهاب الذي لم يره أحد ولم أره .
أضاء سماء حياتي كلها
كلها مرة واحدة
مرة واحدة تامة
تامة أبدا
أبدا
إلهي.. إلهي يا رحمن .
2001
________
-41-
أيها الحزن! الدمعة جعلت كمالك يسيل
حزيران / 2001
______
-42-
الدمعة أغرقت الشمس! ابتلعت القمر
لكنها لم تفعل شيئا للظلام
ظلّ غامضا
مبتلا
يشبه انطباقة جفن
حزيران / 2001
________
-43-
(لصق عالم بعيد)


غمغمة
نبر يتخافت
نفس ريحه تنهشها الشفة
دون المعنى تتوالى أصوات
إمعان أدنى من أذن
صمت
تقلقه ريح واهنة.
لساني سوط يوجعني
اللفظة ألم
أيها الألم يا صديق تشبث بكمال الحرث
كل جمال جسم
الجسم صوت
آخره! آخر الحرف، نهاية الرنين
أنة يبعضها الألم
آلام تجمعني
لسان.
ألآن, في هذه اللحظة, أيتها البرهة
يا نغمة الخلق الكاملة
و أنا أتأمل شلال سحرك ينهر ظمأ عيني
قلبي سراج المغزى، عين القبر، أضاء ملكوت الكلمة
الفضاءات الشاسعة لغرف متعاقبة من الأصوات المضيئة
نهر لامع ينشط في ارض نسيئة أجهدها النوم
ثمة روح! ريح أشجارها ساكنة
أعلى من عارض يعتلي الأرض
واقرب من المعنى
اقرب للسمعِ!
شفتاي اللتان تنشان الأحرف غير المسموعة
وتظهران شكر الرحمة
تمجدان النهر
إلى أقصى لمعانه
صخور اللذة وفراشها تتداعى منجرفة
بلا سكينة فوق سفوح من المتعة الراعشة
ابعد قليلا عن كاهلي انتصبي يا أعمدة العالم
ويا جدران احملي عاليا سقفا واسعا تتدلى منه النجوم
مصابيح الليل، متمايلة مع ريح الفتنة
حنانات ضوئية كاملة هذه النجوم
هذه الروعة المفضية الى سواد عينان خلف جفنيهما
تنشران بركا محاطة بأسوار
وبحارا تحيط العالم
تنسجان قماش الدهشة حيث الحرائق المتهاوية في ليل العالم تواصل التهليل
تشيعان البريق
أنصت :لنجمة تنشد :بي يكتمل العالم
ورقة بمبر صفراء من حرث النسيان تهمس : العالم أكمل معي
أيها العالم يا موجود يا واسع يا كبير أنت تملأ قبضتي
تسند قدمي، تحيط بي
أنت معي, يا عالم, يا موجود
بك امتلأت البرهة
أيتها البرهة
أيتها السموات التي اشهق
أنت فيّ وتحت عيني الحدائق المجبولة بطينة النور تتبدد
الثمار وقيعان مساقطها عصافير تتمذهب كل في اتجاه
آخر ما أراه طرف لساني
لا استطيع السكوت
احملي فتاك
احمليه
لقد أخلد إلى صوت أحرف مضيئة
اتكأ بمرفقيه على شؤون لا قواعد لها
ظللته أمان أنبتتها ذرائع
واضعا رأسه في أكثر أماكن العالم سعة وترفا
بين جدران طاهرة أنشأت شجرة سبحها
في سمع كل أذن
دون ارض
لم تكن ارض
ظلام يتراكم تحت قدميه
فقط ظلام يتراكم
وظن أنّه يرتفع
أرضه رحم يرتفع
سهول عالية أنبتته
ها هو يلقي بشغف عينيه على بريق زينتك
وقد أحاط به طهر بهر سطوعه ليل الكلمة
دون أن ينبس ببنت شفة
دون أن يسمع
هوى! كرة ملتهبة من النور في ظلام تام
في غيابة جب بعيد
لصق عالم لا يمس

________
-44-
أريد أن أخط الآن! على ورقتي هذه، كل شيء
يجب أن يسع بياضها الجائع، المحدود، جسد العالم
وأن يلفه مثل كفن
____
-45-
أيتها الشجرة! ليست غصونك جناحي عصفور
لكن حياته تحملك معه أينما طار
لأنك ورقته!
بينما شجرتي أنا ورقتي هذهِ!
وأريد أن أضع فيها الآن! ومرة واحدة: العالمَ كله
حزيران /2001
__________

-46-
أيها العالميون! أيها العالميون! ورقتي هذه كتفكم
وأنا أربت عليه
الآن.
حزيران /2001

¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬___________
-47-


أريد أن أخط الآن! على هذه الورقة، كل شيء
يجب أن يسع البياض الجائع، المحدود، جسدَ العالم
وأن يلفه مثل كفن
..
ليست غصون شجرة جناحي عصفور لتطير
وتعلو وترتفع! لكن حياته تحملها معه أينما طار
فالشجرة ورقته
بينما! شجرتي أنا ورقتي هذهِ
وأريد أن أضع فيها الآن، ومرة واحدة، العالمَ كله
..
أيها العالميون! أيها العالميون! ورقتي هذه كتفكم
وأنا أربت عليه
الآن.

___________
-48-
(العالم برهة)


هذه البرهة التي أنا فيها الآن: أنا!
صغيرة لا ترى
وكاملة..
شيء من حشوها العالم!
بذرة مثل شجرة
ظلام أخرج مصباحه
عين لفظها العالم
يا برهة! أيتها الواسعة! يا حدّ الأبد
عيني تحت جفنك بلا حدقة، ثقب جائع، بئر يخرق النهار.
عذبة! يملؤك العذاب.
شعيرة الجسد إليك في ظلامة الروح
والضياء الخافت عن ربيع الظل
يا أقطار الأرض المهملة
يا مسالكها الضيقة
يا دوني من الجهات
هذي قدمي جهة
هذا فمي جرح بعيد! لا حد لآلامه
مثله كلمة نبتت على ماء
وماء رفع الكلمة سفينة مخارجها بيضاء بيضاء
من سيقف ووجهه يصّعد عن العالم
قلبه منديل أبيض! ناصع البياض
وأمامه سفن راسخة في النور
مبهورا، وخارجا من كل شيء
هو المحاط بطمأنينة لم تقلقها ريح ارتجّ عليه أمره
ناداه شتات من كل شائبة صفا عنها العالم
تحت بكاء العالم! رياح العالم تمرّ واضحة،
مرئية من الجميع.
إذن العين المبتلاة بالدموع جافة
والدمعة تسيل يابسة
ما البراءة إن لم تكن غيمة مبثوثة في عروق الخضرة
الخضرة ثوب الأرض
الأرض غيمة تعلو
الأشجار الضخمة جثث منتفخة بالحياة
هل أنسى إنني منك؟ ممتلئ بك؟
وإنك معي؟ وأمامي؟ وخلفي؟ مزروعة في الظلامات كلها؟
يا من هي معي، وأمامي وخلفي، ليست البراءة فكرة!
البراءة نفرت مني! قطيع خراف جائع باتجاه العشب
فهل أصبح الجوع جسدا
أم الدمع نباتا
البراءة ليست يدا
ولا العشب فكرة
سئمت غناء المنجل يجزّ عشب البرية الممتلئ إيمانا
تاركا الشر ينبت في كل أرض
وقد نبت في كل أرض
وقد شغلني ما أراه
عما أتذكره
عندما حملتني مياهك المتفجرة من عين التضرع
على مركب الطهر الراسخ في النور
حيث الغشاوة محيطة بالشكل
والحركة كامنة في الطريق
متبصرا في ما للغشاوة من شكل
وما للطريق من قدم
أو هاربا من البؤس بأجنحة عليلة
أنا الذي ضربت الريح طويلا دفعت الليل
حتى التصق بالنهار
وكنت أرتق فتق العالم
كاتما لساني فيه
أو تاليا في التو أصوات حروفك بلهفة
أنت يا من حدقتي تحت جفنك نهار تطوقه حديقة
امكثي فقد دب الوهن في عروق التراب
ولتمكث آلامك المنيعة كحصن أمام التراب
هنا! أسمع صوت الروح يصعد في نسغ الشجرة
أسمعه في ملح الأرض يشرب الضياء المنسكب من الشمس
أسمعه في مرونة الثيل حين يصعد مطمئنا إلى فم الخروف
نأمة خفيفة ممتدة دون انقطاع
تصل ما نظنه منقطعا من جسد العالم المتجسم والمتلاشي
مت جسم
مت لاشي
أبدا أبدا لتكن بديلا عن إثم مشاخصنا رحمتك يا إله
¬________
-49-
( آخر المتحدثين )


يعرف آخر المتحدثين أنني من يليه
وأنه آخر رجع لصوتي .
___________
-50-

(وردة جرسها من نحاس مسرة)

وردةٌ فمي
على خدك
أصغ لموسيقى جرسها يا حزمة عالية
من ألوان سمر.
***
كي نزرع وردة معمرة لها جذر
من شذى
ينبغي أن تكون لها أرض
ترابها روح.
زرعُ قدسٍ فمٌ على خدٍّ
أو وردة ينبغي أن تكون
معمرة.

لموسيقى أصغ
لرنين نحاس ملائكي.
***
حزمة عالية من ألوان سمر ملفوفة بأقمشة من سرور
وأيضا عروج في رأسه جرس يتوازيان.
أفكر بقول "حزمة ألوان"
وبقول "أنتَ"
أو "أنتِ يا حزمة عالية"
شفتاي جرس على خد..دٍ ..دٍ نحاسه مسرّة
أصغ لروح الوردة
أصغ معي
لموسيقى أريجها
لصوت نحاس مسرور
نحاس ملائكيّ
يترنم.

2005
__________

-51-

(حيّات مخيلتي)


سوادُ قدمٍِ الليلة يخطر فوق الغصون
صوتُ طقطقةٍ يأتي من النافذة
وظلامٌ يقبر المشهدَ
ما يلقي خريفٌ تحمل ريحٌ
وتلبس أرضٌ ديدانها ورقَ شجرةٍ تعرت
والترابٌ يلبسُ ديدانه ثيابَ شجرةٍ كلماتٌ يدثر منطقُها
حيّاتِ مخيلتي.
__________________

-52-
شكرا لك يا إلهي
حمدا لك
أي ربّ
الشمس الساطعة
حجرك الكريم الأعظم ألقا
أقرب إلى أصابعي
من خاتم فضة
يزينه عقيق يماني.



#كاظم_الفياض (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أرنو لمنبع فكرة (الكتاب كاملا)
- خاطر 11
- خاطرة 11
- عن جدارية محمود درويش
- عن القضية الكردية
- دعوة
- خطرات عن المهدي /ج2
- فرية الغدير
- مؤتمر باريس
- رسالة إلى شعب العراق
- الموات
- يا قوم اتبعوا المرسلين
- أرنو لمنبع فكرة
- ناقة صالح
- الشرخ
- الموسيقى تقول: الحرية موجودة
- شعر- فهم واقعة المرور بحديقة عامة يشطر أحداثها:
- سرد حر- خاتم فضة
- لا أحد معي
- سرد حر- إلهي


المزيد.....




- زاعما سرقة فكرته.. المخرج المصري البنداري يحذر من التعامل مع ...
- جرأة محفوفة بالمخاطر.. شهادات علنية لضحايا اعتداء جنسي تتحدى ...
- الفرانكو- جزائري يخرج عن صمته ويعلق بشأن -فضيحة حوريات-
- نافذة جديدة على العالم.. مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة ا ...
- شون بين يتحدث في مراكش عن قناعاته وتجربته في السينما
- تكريم مؤثر للفنانة المغربية الراحلة نعيمة المشرقي في مهرجان ...
- بوتين يتذكر مناسبة مع شرودر ويعلق على رجل أعمال ألماني سأله ...
- على طريقة أفلام الأكشن.. فرار 9 سجناء من مركز اعتقال في نيس ...
- -الجائزة الكبرى للشعر الأجنبي- في فرنسا لنجوان درويش
- الخنجر.. فيلم من إنتاج RT يعرض في مسقط


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كاظم الفياض - مجموعة النصوص النثرية الكاملة