هاله ابوليل
الحوار المتمدن-العدد: 5926 - 2018 / 7 / 7 - 02:45
المحور:
الادب والفن
ابتسامة أمي الراحلة لا يمكن نسيانها ولن أكون مبالغا إذا قلت لكم إن لون رأسي لم يشهد شعرة بيضاء إلا عندما ماتت أمي في فراشها كما أرادت.
نعم لقد غزا الشيب رأسي في أواخر الثلاثين من عمري عندما ماتت وتذكرت قصة ماري انطوانيت وفلسفة أمي عندما قالت لم يتحول شعرها الأصفر إلى أبيض بسبب الخوف ,بل بسبب الندم .
يا لها من فيلسوفة , جديرة بالإحترام.
وأنا أيضا ندمت لأنني لم أستغل آخر أيامها لكي أقضي وقتا أطول معها ولولا مزاولتي لبيع الورود لما وجدت وقتا لكي أقضيه معهم فبعد أن ماتت زينب وطفلتي بقيت في بيتي مع ذكرياتي وورودي .
كانت الورود سببا في زيارتهم و طريقة مهذبة من الإعتذار لبعدي عنهم
كنت أستغل قبيل اقتراب الورود من الذبول- تلك التي لم تبع , فكنت أصنع لها باقة جميلة أحملها مع بعض الحلوى . كنت أعرف إنها تعرف طريقتي تلك ولكني كنت مجبرا على ذلك فلا يوجد زبائن للورود كما هم على محلات الطعام, فلم يكن ينفع تعليم الشعب العربي لتلك الحكمة الصينية" إن كان لديك رغيفان فبع أحدهما واشتري بثمنه وردا "
فالعراقي لن يشبعه رغيفان بل يريد خمسة , كما كان يعارضني أبي كلما فسرت لهم سر تحولي لبائع زهور .
كنت أشتري رضا أمي بالمن والسلوى الذي تحبه أو طبقا من الشعبيات المحشوة بالقيمر كهدية إعتذار و غفران , فكانت تتقبلها بإمتتان , وكنت دائما أجد بإنتظاري طبق من الزلابية أو المهلبية المغطاة بالمكسرات أو الزردة العراقية المطبوخة بالرز والزعفران والهيل
فقد كان والدي رجلا يعشق الحلوى و متطلبا دؤوبا لملء بطنه ولم تكن أمي كسولة يوما في عملية تثخينه ( تذكرت السندباد و عملية تسمينه لأكلي لحوم البشر . قصة طريفة .هذا ليس مكانها )
قامت والدتي بتسمينه . حتى أصيب بالسكري فاقلع قليلا عن التهام السكريات ولولا السكري لأكل والدنا كل الحلوى والسكر الموجود بالعالم . فقد كان رجلا نهما ومتينا بحجم فيل ضخم حتى أن فاطمة الصغيرة في سن الثالثة كانت تبكي عندما تراه فتبتعد عنه لضخامته ,فيغضب ويزدرد الحلوى وخاصة التمر , مثل وحش يظهر في قصص الأطفال المرعبة .
#هاله_ابوليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟