|
المقاومة ..والدفاع عن الوطن ..! !2 2
هادي فريد التكريتي
الحوار المتمدن-العدد: 1500 - 2006 / 3 / 25 - 09:23
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
من المسلمات به في العمل السياسي ، بأن أي فكر أو نهج سياسي ، غير قادر ، مهما كانت قدرته على الإقناع ، بزج أية فئة أو مجموعة من أتباعه في عمل ما ، دون أن تكون مقتنعة فيه ، وإن حصل كرها ، أو ضد إرادتها ، فلن تحقق نجاحا ، هذا في المجال السياسي ، فكيف إذا كان هذا العمل يتوقف عليه مصير بلد وحياة الكثير من أبناء الشعب ؟ ف " المقاومة " قناعة واختيار ، ولا يمكن إجبار أو إكراه أحد من الناس ، أو فرضها على مجموعة منهم ، دون أن تتوفر أسباب مقنعة للمقاومة ، وتجربة الأنصار بهذا الشأن في كوردستان غنية النتائج ، عندما أُجبر البعض على خوض التجربة . شعبنا وأغلب قواه السياسية ، بعد سقوط النظام ، رفض كل دعوى للمقاومة ، وهذا خيار شعب يجب احترامه ، بدليل ليس عدم انخراطه فيها ، وإنما خاض متحديا هذه " المقاومة " بتجربتين ناجحتين لانتخابات عامة ، لاختيار ممثليه في الجمعية الوطنية والمجلس النيابي ، وثالثة باستفتائه على الدستور ، ونهجه هذا كان دليل رفض وإدانة لهذه " المقاومة " ، كما هو دليل واضح على انعزال لأصحاب نهج المقاومة ، والمحرضين عليها ، من بعض من يدعي حرصه على الشعب والعمل في سبيله ، وكذا لا يحق لعاقل يدعي الوطنية أن يقف مع هذه القوى ونصرتها ، أو يطلق عليها مسميات شرف ووطنية ، وهي فاقدة لهذه الصفات والمسميات ، على ضد من مصالح الشعب ، ورغبته في خياره واختياره للنهج الذي يسلكه . "المقاومة " تقرن دائما بالوطنية ، لما توظفه من آليات عمل شريفة ونزيهة لخدمة مجتمعها الذي تعيش فيه وتدافع عنه ، ومن البديهي ، أن تكون لهذه المقاومة مقومات فكرية واضحة المعالم ، وأهداف وطنية معلنة ومعروفة ، تجمع عليها أغلبية من مكونات الشعب ، مفروض بها أن تمثلها مرجعية معروفة من الرموز الوطنية ، الغير ملثمة ، وأساليب عملها شريفة تنسجم مع أهدافها الوطنية . فهل تتوفر مثل هذه الصفات فيمن يحمل سلاح " المقاومة " ويدعيها ، وهو يفجر عبواته الناسفة على الطرق ، تصادف طفلا أم عاجزا ، ومفخخاته وسط الأسواق ودور العبادة تزهق أرواح أطفال ونساء وشيوخ أبرياء ، وتفجر أجساد عمال تبحث عن لقمة عيش لعائلاتها ، كما تستهدف الجندي وقوات الأمن والشرطة ، الذين هم أبناء لهذا الوطن ، يبغون لقمة عيش شريفة ، ورهنوا أرواحهم حماية لأمن وطمأنينة المواطن ، وبالتالي لو قارنا بين ضحايا الشعب الذين استهدفهم إرهاب " المقاومة " وبين ضحايا الاحتلال ، لتأكدنا من أن هذه " المقاومة " موجهة ضد أبناء الشعب العراقي وليست ضد الاحتلال ، لكثرة ضحايا الشعب ، مقارنة بما عند قوات الاحتلال . ولنا أن نسأل المدافعين عن نهجها ، هل بإمكانهم أن يدلونا على مرجعيتها و من يمثلها ؟ وماهية الأهداف التي يرومون تحقيقها ؟ وهل تتماهى أهدافهم ، إن كانت " شريفة " ، مع أساليبهم في الذبح والخطف والتفجير وانتهاك أعراض المحصنات من النساء ؟ وغيرها من وسائل سافلة ارتكبوها في دور عبادة ومقدسات الشعب ، أجمع على حرمتها كل مكونات ، المجتمع بدياناته وأعرافه وتقاليده المختلفة ، فهل هناك من يجهر علنا ، ويسفر عن انتمائه من ارتكب ونفذ تلك الأهداف ؟ ولماذا ؟. لقد عانى الشعب العراقي كثيرا من النظام الفاشي ومن جرائمه ، فبعد مغامرته المجرمة في الكويت وهزيمته منها ، تفجرت إنتفاضة الشعب في العام 1991 وسيطر المنتفضون على 14 محافظة من مجموع 18 ، وكادت أن تطبق الانتفاضة على النظام كله ، لولا التدخلات الخارجية ودعم القوات الأمريكية للنظام ، هذا الواقع دلل على كره الشعب لهذا النظام وقادته ، الذين أذلوه وجوعوه ودفنوا أبناءه في قبور جماعية ، وبددوا ثرواته على بناء قصور لمجد كاذب ، وشكلوا جيوشا لحماية عرش منهار ، هرب قائدها قبل أن تنهزم هذه الجيوش ، وسلم بغداد وبقية المدن لأسياده ، لينجو بنفسه كجرذ مرعوب ، قبل أن يخرجوه من حفرته القذرة التي اختبأ فيها ، هذا الواقع بحد ذاته يمثل إدانة للرأي المساند " للمقاومة " وينزع أي شرعية وطنية عنها وعن القائمين بها ، ومن يحاول أن يجد تبريرا لمثل هذه " المقاومة " وشرعيتها لِمَ لَمْ يطرح مبرراته وبنفس الوقت لِمَ يتجاهل رأي غالبية الشعب المعارض لهذا التوجه ؟. في غمرة الهجوم الأمريكي ودخول بغداد ، لم نر مواطنا واحدا دافع عن هذا النظام ، فالشعب قد هلل لسقوط النظام والطاغية ، إلا أن فرحته قد شابها الحزن والأسف ، لسقوط النظام بيد وفعل قوى أجنبية وليس وطنية ، فالشعب العراقي بفطرته الوطنية ، يناصب كرهه للمحتل ، إلا أن سقوط النظام ، بغض النظر عن القوى التي ساهمت في سقوطه ، يعني أن مرحلة جديدة قد بدأت في حياة الشعب ، برغم الدمار الهائل الذي أحدثته قوات الاحتلال ، وأعداء الحضارة والتقدم من الأجانب ، وأعوان النظام الساقط ، وما تسبب فيه كل هؤلاء ، من حرق ونهب لمؤسسات الدولة ، ولتراث العراق في متاحفه ومكتباته ، وما رافق المرافق الخدمية من تخريب ودمار . كل خراب أحدثته هذه القوى سيعاود شعب العراق الجبار ، بناءه وإعادته بأفضل ما كان ، من سابق عهده ، ولكن ليس قبل أن يحقق نصرا على قوى الإرهاب ، ويكنس قاذورات أفكارهم الهمجية والمتخلفة التي أطلقت عنانها قوى الردة ، من التكفيريين وأعوان النظام الفاشي التي يطلق البعض عليها اسم " المقاومة " ، فخلاص الشعب العراقي من قوى الاحتلال والإرهاب مرهون بحكومة وطنية تمثل الشعب ،وتمتلك السيادة واستقلال القرار ، وهذا ما ستحقق بارادة ونضال شعبنا . أما الخلاص من قوات الاحتلال ، فهو أيسر ألف مرة من احتلال داخلي عنصري وفاشي ، أحرق الحرث والنسل ، ووطن نفسه للبقاء مئات السنين كاتما لحرية الشعب ، تتداول الحكم فيه سلالة حقد وكراهية ، من رعاع وسوقة ، متخلفين وهمج ، بعضهم ُقبروا ، والبعض الآخر لا زال يرينا وقاحته متنمرا ، ويحلم بعودته منتصرا ، إن انتصرت مقاومتهم ( لابارك الله فيهم ولا بمن ينصرهم بالقول أو بالفعل ). خلاصنا من الاحتلال ، حتمي بمختلف أساليب النضال السلمية والعسكرية ، وكل شأن مرهون بوقته وبظرفه ، ولكن ليس قبل أن يستتب الأمن في عموم الوطن ، واستعادة لحمة التآخي لقوميات وطوائف شعبنا وهي تتفادى حربا أهلية وشيكة الوقوع ، تساهم في إشعالها قوى الظلام والرجعية والتطرف ، وما تسمى ب " المقاومة " وفي حقيقتها هي قوى لإرهاب طائفي وقومي عنصري أعمى ، تناضل ضدها كل جماهير شعبنا التواقة لغد أفضل وأسعد .. لا يجوز لقوى تدعي التقدمية والوطنية أن تتحدث عن مجهول لا تعرف كنهه وطبيعته ، تدعمه وتسنده ، بما يخفي وبما يعلن عن جرائم يرتكبها بحق الشعب ، ولا يحق لها أن تمنح القائمين بكل هذا ثقتها ، عن حسن نية ودون تبصر ومعرفة أكيدة ، فحسن النية كثيرا ما تودي بصاحبها إلى مأزق ، ومأزق المثقف والمفكر ، وخيم النتائج ، لأنه يجر خلفه الكثير من الواثقين بمذهبه إلى الهلاك ، وهذا ما يدعو إلى مراجعة المواقف الخاطئة ، فالخطأ والصح مرهون بنتائجه على واقع شعبنا سلبا أم إيجابا ، والتحليل السليم البعيد عن المواقف المسبقة ، الذاتية والمتشنجة ، هو ما يقودنا ويدلنا على أن من فقدوا امتيازاتهم هم من أتباع رئيس وقادة النظام السابق ، وهم من يقود هذه " المقاومة " ، أدواتهم بقايا جيوشه التي شكلها للدفاع عن عرشه وسلطانه ، وما استجلب من قوى دينية تكفيرية ، متطرفة في نهجها وظلاميتها ، من بقايا الأفغان العرب وحكم طالبان وابن لادن ، وكل هؤلاء يسعى لإعادة ظلم وقهر الأمس ، ضد إرادة شعبنا وحريته وأمنه واستقراره ورفاهيته ، ضد تطوره وتقدمه . تاريخ الشعوب إبان الحرب العالمية الثانية وقبلها ، عرف الكثير من أنواع المقاومة ومارسها ضد المحتل ، ففي إسبانيا كانت مقاومة الشيوعيين وأنصار الجمهورية ضد الجنرال فرانكو الذي اغتصب الجمهورية في منتصف ثلاثينيات القرن الماضي ، وأثناء الحرب العالمية الثانية عندما غزت النازية الألمانية الاتحاد السوفيتي ، والمقاومة الوطنية الألمانية ضد دولة هتلر النازية ، كيف تعاملت مع احتلال حررها وأسقط حكم هتلر .؟ وكذلك كانت هناك مقاومة وطنية فرنسية ضد النازية ، وضد حكومة فيشي العميلة ، وضد فاشية موسليني في إيطاليا ، ( كل أوطان هذه المقاومات حررتها قوى أجنبية ) وغيرها الكثير في اليونان وبلغاريا ويوغسلافيا والصين ، كل هذه الأنواع من المقاومة ، كانت لها أهداف ، ومرجعيات معلومة ومعروفة ، على مستوى الوطن ، وحتى الخصم كان له اطلاع ومعرفة برموزها وقياداتها وأهدافها ، كانت هذه " المقاومات " تخدم أهداف شعوبها في التحرر والخلاص من المحتل الفاشي والنازي ، هدفها هو المحتل تطارده وتوقع خسائرها في قواته ، أما أرواح أبناء وبنات الشعب فكانت أمانة بيد المقاومين ، وملكية الشعب ومرافقه المدنية كانت تحميها وتحرسها المقاومة من تخريب المحتل ، وما كانت تمارس لا قتلا ولا خطفا لأبناء شعبها ، فأين هي من كل هذا " مقاومة " كتاب ومثقفين معادين للنهج الوطني ..؟
#هادي_فريد_التكريتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المقاومة ..والدفاع عن الوطن ...!! 12
-
الدجيل ..وحلبجة ..!
-
المأزق العراقي ..والحل في قراءة التاريخ ..!
-
الحكومة العراقية..متى ..؟!
-
الصب تفضحه عيونه -..! -
-
المرأة العراقية ..والديموقراطية ..!
-
غلطة الشاطر قاصمة..!
-
أين الحقيقة ..ياحكومة !!
-
تفجير المراقد المقدسة ..والقادم أدهى وأمر ..!
-
عمرو موسى ..عذر أقبح من ذنب ..!!
-
صح النوم ..يا سيادة الوزير ..!
-
خطوط حمر ..تصبح ِبيْضا-.!
-
ميليشيات العشائر ..!
-
الدم العراقي المهدور في شباط الأسود ..!
-
الاستحقاقات ..والمحاصصة ..!
-
ليوم الشهيد ..تحية وسلام ..! - بمنايبة يوم الشهيد الشيوعي
-
الرصافي شاعر التحرر..يحاول إيقاظ الرقود ..!
-
الانتخابات ...وتقرير البعثة الدولية لمراقبتها...!
-
أيها العراقيون ..لا زال العراقي الفيلي مهَجرا..!
-
عندما يتحول البغض إلى حب ..!
المزيد.....
-
الحزب الحاكم في كوريا الجنوبية: إعلان الأحكام العرفية وحالة
...
-
عقوبات أميركية على 35 كيانا لمساعدة إيران في نقل -النفط غير
...
-
كيف أدت الحروب في المنطقة العربية إلى زيادة أعداد ذوي الإعاق
...
-
لماذا تمثل سيطرة المعارضة على حلب -نكسة كبيرة- للأسد وإيران؟
...
-
مام شليمون رابما (قائد المئة)
-
مؤتمــر، وحفـل، عراقيان، في العاصمة التشيكية
-
مصادر ميدانية: استقرار الوضع في دير الزور بعد اشتباكات عنيفة
...
-
إعلام: الولايات المتحدة وألمانيا تخشيان دعوة أوكرانيا إلى -ا
...
-
نتنياهو: نحن في وقف لاطلاق النار وليس وقف للحرب في لبنان ونن
...
-
وزير لبناني يحدد هدف إسرائيل من خروقاتها لاتفاق وقف النار وي
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|