|
دكتور لام أكول في حوار الساعة يتجاوز بشجاعة الخطوط الحمراء و يرد على القضايا المسكوت عنها 2-2.
عبير سويكت
الحوار المتمدن-العدد: 5925 - 2018 / 7 / 6 - 01:07
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
دكتور لام أكول في حوار الساعة يتجاوز بشجاعة الخطوط الحمراء و يرد على القضايا المسكوت عنها 2-2.
حاورته عبير المجمر (سويكت)
لا يمكن القول بأن الطرف الوحيد المستفيد من إتفاقية النفط هو الشمال فقط بل هي عملية تبادل منافع و حسب أراء الخبراء آبار البترول في ولاية الوحدة تحتاج إلى ثلاثة شهور حتى يضخ النفط فإذا صدقت نوايا الحكومة خلال الثلاثة شهور ستكون هناك حكومة وحدة وطنية غير الموجودة حالياً و الجنوب هو المستفيد.
طبعا ليس من الممكن أن تتنازل يوغندا و كينيا عن حقهما في الرسوم الجمركية و الإستفادة من نفط الجنوب إذا افترضنا جدلاً أنهما نجحتا في مد أنابيب البترول و تصدير نفط الجنوب فالتجارة هي تبادل منافع و كذلك حال الخرطوم.
ليس صحيح أن المستفيد الوحيد من إتفاقية النفط هي الخرطوم و من يقول ذلك لم ينطق بالحق.
الجنوب هو المستفيد من إتفاقية السلام لأن 2.50 مليون جنوبي لاجئ، و حوالي 2 مليون نازح، و ربع مليون في مركز الأمم المتحدة لحماية المدنيين، و نصف سكان الجنوب يطلبون الإغاثة الإنسانية.
ما فعله سلفاكير ليس تنازلاً بل عاد إلى صوابه التنازلات عليه أن يقدمها في طاولة المفاوضات و سنرى إذا تقدم بتنازلات فالاتفافية جارية الآن على قدم و ساق .
ليس لي تعليق على تصريح دينق ألور لأني لست متأكد إن البشير فعلاً قال له أنه نادم على الانفصال و قبل موته سيعمل على أن تكون هناك وحدة أو حكومة كونفدرالية.
الشعب الجنوبي لا يرفض وجود جيش واحد و لكن يريد جيش قومي يمثل قومية البلد و تنوعه و يشعر كل شخص أنه جزء منه فالجيش أحد رموز السيادة الوطنية كالعلم و النشيد الوطني.
مفوضية الحقيقة و المصالحة في جنوب افريقياtruth and reconciliation كانت تتعامل بشروط و حتي يعفو الشعب و تسقط المساءلة القانونية لابد من توفر تلك الشروط حتى لا نشجع المجرم على إرتكاب نفس الجرائم مرة أخرى.
العدالة الانتقالية تضمن العفو و المصالحات و تعمل على تضميد الجروح و كذلك تضمن عقاب مرتكبي الجرائم .
الأمل معقود الآن حول هذه الإتفاقات التي تدور في السودان و نتمنى أن تتوج بنجاح سريع حتى تعود الأمور لنصابها فالمباحثات الجارية حاليا هي الآمل لأنها أن سارت على ما يرام ستجلب السلام لأبناء الجنوب.
السياسة و العلاقات الدولية هي خيارات و معطيات و آنذاك كانت هناك معطيات أدت إلى إنفصال الجنوب و لم يكن أحداً يتصور يوماً ذلك و لعل معطيات أخرى تؤدي إلى توحد البلدين.
جميع الأشياء تأتي عن طريق الإقناع و الإقتناع و لا تفرض ،فإذا اقتنع شعبي السودان و جنوب السودان بعودة الوحدة أو أن تكون هناك علاقات كونفدرالية سيحدث ذلك.
الجزء الثاني و الأخير
البروف المهندس دكتور لام أكول أجاوين ،و عندما أقول البروف أنا أعني درجة البروفيسور التي تمنحها الجامعة لأصحاب الدرجات العليا وفق إنتجاهم الأكاديمي و وفق نشاطهم التأليفي الغزير، فدكتور لام أكول أجاوين أستاذ سابق بجامعة الخرطوم و من قدامي الحاصلين على درجة الدكتوراه في الهندسة، فهو جدير بهذه الدرجة العلمية. و معلوم أن الراحل المقيم الأستاذ على ألمك كان يحمل درجة الماجستير من جامعة الخرطوم و نسبة لإنتاجه الأدبي الغزير منح درجة البروفيسور و صار مديراً لدار النشر بجماعة الخرطوم فما بالك بالدكتور لام أكول أجاوين!!! هل نستكتر عليه هذه الدرجة العلمية التي أستحقها بإمتياز و قد صارت اليوم في السودان تعطي بسهوله لكل من هب و دب من تنابلة النظام. ما علينا المهم أن الرجل ترك بصمته واضحه سواء في مجال عمله الدبلوماسي أو السياسي بشهادة الأعداء قبل الأصدقاء. و هو وطني غيور يحمل الوطن في حدقات عينيه و في سبيل ذلك دفع الثمن غاليا و ظلم أحيانا نسبة لأفكاره و مفاهيمه و سياسته التي لم تفهم لدي البعض بشكل صحيح. حاورناه بمناسبة لقاء الخرطوم للفرقاء الجنوبيين الذي جمع بين الخصمين الرئيس سلفا كير و دكتور رياك مشار بواسطة الرئيس عمر البشير. و لأول مرة يلتئم صف المعارضة الجنوبية مع الحكومة الرسمية من أجل السلام ذلك الحلم العزيز الذي عز على أبناء السودان جنوباً و شمالاً فحاورناه حول هذا الموضوع ،و الآن إلى مضابط الحوار لنقرأ ماذا قال :
دكتور لام أكول بعض أبناء الجنوب يتوجسون و يقولون أن أصحاب الأجندة الخاصة و تجار الحرب يرجون فشل إتفاقية سلام الخرطوم حفاظاً على مصالحهم لذلك حاولوا التشويش و أسموها إتفاقية النفط بدعوة أنها ستخدم إقتصاد الشمال فقط دوناً عن الجنوب فما هو هو رأيكم فيما ورد ذكره ؟ أولاً النفط يستخرج من الجنوب و لذلك من المستحيل التحدث عن أن النفط سيفيد إقتصاد الشمال فقط بدون إقتصاد البلد الذي سيستخرج منه النفط هذا من الناحية المنطقية، لكن في الواقع عملية استخراج النفط تحتاج إلى وقت طويل و بعض الخبراء قد رأوا أنه حتى تعود آبار البترول في ولاية الوحدة هذه العملية تحتاج على الأقل إلى ما لا يقل عن ثلاثة أشهر، لذلك إذا كانت النوايا صافية و الإرادة قوية من المفترض في خلال الثلاثةأشهر أن يكون قد حل السلام في جنوب السودان و الحكومة الآتية من المفترض أن لا تكون حكومة سلفاكير بل حكومة الوحدة الوطنية الجديدة الناتجة عن إتفاقية السلام الجديدة.
حسناً، بما أن حكاية النفط هذه شغلت مواقع التواصل الإجتماعي و الميديا و أصبحت حديث الساعة ففي الوقت الذي يتوجس فيه بعض الجنوبيين من هذه الإتفاقية في الجانب الآخر الأصوات الشمالية ترى أن أي دولة يمر بها أنبوب البترول لابد أن تستفيد هي أيضاً من هذا النفط و أن تكون المصلحة و المنفعة متبادلة و هذا أمر مسلم به عالمياً فعلاما الخلاف إذن؟ حسب ما قولته أن النفط تستفيد منه الدولة التي يستخرج من اراضيها و الدولة التي تمر أنابيب النفط منها لتصديره من الطبيعي أن تستفيد هذه الدولة أيضاً فهي مصلحه مشتركة بين الدولتين فأي شخص يقول أن المستفيد من بند النفط هو طرف واحد فهذا غير صحيح و من يقول ذلك ليس على حق.
نعم، أظنكم مراقبون لتطورات هذا الموضوع فقد أخذ موضوع النفط حيزاً كبيراً في الأوانه الأخيرة فكانت هناك تغريدات سودانية تقول :(إذا افترضنا جدلاً أن يوغندا و كينيا نجحتا في مد أنابيب البترول و تصدير نفط الجنوب، فهل هاتين الدولتين سوف تتنازلا عن حقهما في الرسوم الجمركية و يتم تصدير النفط مجاناً لوجه الله؟؟؟) فما هو تعليقكم على هذه التغريدات؟ طبعاً لا ليس ممكناً لأنها تجارة، و التجارة معناها تبادل المنافع، و هناك بالتاكيد رسوم على أي خدمات تقدم من قبل أي دولة من دول أفريقيا.
بعض المعارضين الشماليين يتهمون البشير بأنه الرابح الوحيد من سلام الخرطوم الذي أسموه "بصفقة البترول"، و في الجانب الآخر تعالت بعض الأصوات المعاكسة بأن السياسة مصالح مشتركة، ليس هناك عداوات دائمة و لا صداقات دائمة، بل هي فن الممكن و هناك مصالح دائمة، فما هو ردكم على ذلك ؟ أنا لا أرى مشكلة في أن يكون البشير هو الداعم لخطوة السلام عن طريق إتفاقية الخرطوم ،و طالما أنه ستكون هناك منافع مشتركة بين الدولتين، و المستفيد سيكون هو جنوب السودان الذي هو مشرد الآن (2،50 مليون جنوبي لاجئ)، و حوالي (2 مليون جنوبي نازح)، و( ربع مليون جنوبي في مركز الأمم المتحدة لحماية المدنيين) ، و (نصف السكان يطلبون الإغاثة الإنسانية)، كل هذه الأشياء بسبب الحرب و اللجوء، فالإحتياج الإنساني للإغاثة هو بسبب الحرب، و لذلك إذا توقفت الحرب سيعود من نزح إلى دياره، و المزارع إلى زراعته، إذن جميع تلك الممارسات القبيحه التي أدت بالجنوب إلى هذا الوضع المأساوي ستتوقف إذا جاء السلام، و شعب الجنوب هو الرابح الأول و المستفيد.
تمام، المراقبون لتطورات الأحداث يرون تطوراً إيجابياً في موقف سلفاكير، و أنه قد قدم تنازلات حتى و إن كانت موضوعية و ينتظرون في نفس الوقت من المعارضة أن تساعده بتقديم تنازلات حتى تنعم الدولة الوليدة بسلام حقيقي؟ و الله أنا ردي حول موقف سلفاكير كان واضح و سبق و قلت لك سلفاكير لم يقدم أي تنازلات.
لكن دكتور لام أكول الا تتفقون معي في أن الرئيس سلفاكير كان موقفه في السابق متشدد و متطرف حيال السلام و الآن قام بنقله إيجابية من خانة رفض الحوار و النقاش مع المعارضة إلى خانة القبول الإيجابي و بداية الميل خطوة الأشياء تأتي شيئاً فشئ ؟ أنا لا أعتقد أن هذا تنازل، فالتنازل الحقيقي عليه أن يقدمه على طاولة المفاوضات و الآن المفاوضات جارية على قدم و ساق و سنرى هل سيقدم تنازلات أم لا؟.
و لكن دكتور لام أهلنا في السودان يقولون دوماً (شئ خير من لا شئ)، نعلم جيداً أن هناك بعض الأطراف المعارضة عندها تحفظات على بعض جوانب هذا الإتفاق، لكن إن كان هناك بصيص أمل و فرصة للم شمل الفرقاء و تضميد الجراح حتى يتعافى جسم الدولة الدولية، فماذا تنتظرون؟ أليس الصحة و العافية و التعافي أفضل من مرض الأختلاف و التناحر و الانشقاق و الحرب، فالدولة الوليدة أصبحت تشكي الإعتلال في جميع أجزاء جسدها، و أنتم خير العالمين و الدليل على ذلك الإحصائيات التي ذكرتموها فيما يتعلق بعدد النازحين و اللاجئين و المتواجدين في مخيمات الأمم المتحدة و طالبي الإغاثة الإنسانية هذا بغض النظر عن العدد الخيالي للموتى و الجرحى و النساء المغتصبات؟
رد قائلاً : لكن هذه الاتفاقية لم تأتي من قبل سلفاكير فقط و هو لم يقدم تنازلات ملموسة في طاولة المفاوضات.
قلت له : نحن لم نقصد ذلك، لكن قلنا أن هناك تغيير إيجابي في موقفه المتشدد سابقاً حيال السلام و الحوار مع الخصوم.
رد قائلاً : كما قلت لك سلفاكير لم يتنازل و لكن عاد إلى صوابه.
قلت له ضاحكة :طالما أن الله هدأه و عاد إلى صوابه، فهذه خطوة إيجابية، فلماذا لا تدعمونه و تشجعونه حتى يستمر في هذا المسار الإيجابي و لا ينحرف عنه.
رد ضاحكاً :أن كان الأمر كذلك فعلى الناس أن تشجع الجميع و ليس سلفاكير وحده، حتى يجلس الناس في طاولة الحوار لمناقشة القضايا المطروحة.
حسناً نتمني أن يحدث ذلك، قول لي دكتور لام أكول أجاوين ما رأيكم في تصريح السيد دينق ألور بأن البشير قال له :(انه نادم على إنفصال الجنوب و قبل موته سيعمل على عودة الوحدة أو الكونفدرالية) ؟ رد قائلاً :ليس لي تعليق على مثل هذا القول لأننا لا ندري فعلا إن قال البشير فعلا هذا الكلام لدينق ألور أم لا .
قلت له :تصريح دينق ألور نشر في الصحف السودانية الرسمية، و أكيد أن البشير إطلع عليه و أن كان الكلام غير صحيح كان بإمكان البشير أن ينفي أو يعلق ، لكن طالما أنكم لا تريدون التعليق على ذلك فلن نختلف، لكن على الاقل أريد أن أعرف رأيكم الشخصي في إمكانية عودة الوحدة بين الشمال والجنوب أو أن تكون هناك علاقات كونفدرالية مستقبلاً؟ رأيي الشخصي أن العلاقات الدولية كل الخيارات فيها متاحه من كان يعلم أنه في يوم من الأيام الجنوب سينفصل من بقية السودان ؟؟؟، و هذا حدث ، و لماذا حدث؟ لأن كانت هناك معطيات معينة قادت شعب جنوب السودان إلى أن يصوت للإنفصال، و نفس الشعبين في جنوب السودان و السودان يستطيعا كذلك أن يتوصلا إلى تفاهمات ربما تؤدي إلى علاقات أوثق بينهما و ربما تقود إلى كونفدرالية أو وحدة و أنا لن أستغرب أن حدث ذلك، لكن هذا يحتاج إلى زمن و إرادة سياسية و الي توفر الظروف الموضوعية للشعبين و أن يقرروا هم إتخاذ هذا القرار يعني الوحدة لن تفرض عليهم و كذلك الكونفدرالية لن تفرض عليهم إلا إذا أقتنع الطرفين بذلك ،إذن جميع الأشياء تأتي عن طريق الإقناع و الإقتناع.
المعروف أن الجيش القومي هو دائماً صمام أمان الوحده و الإتحاد فكيف تفسرون موقف تلك الأصوات التي تطالب بجيشين في دولة واحدة؟ شعب جنوب السودان لا يرفض وجود جيش قومي و إنما يقولون أن الجيش الحالي قبلي و إستخدم لأجندة قبلية لذلك شعب الجنوب يطالب بإعادة تكوين الجيش حتى يصبح جيش يعكس الصورة القومية لجنوب السودان و التنوع الموجود فيه، جيش يعتز به الجميع و يشعرون أنهم جزء من هذا الجيش و يجدون أنفسهم فيه، فكما قلتي الجيش هو رمز من رموز السيادة الوطنية مثل العلم و النشيد الوطني لذلك لا يرفض احد مبدأ الجيش الواحد و لكن جيش قومي يمثل الجميع.
دكتور لام أكول بعض الأصوات الحالمة بالسلام و تشتاق روحها له ترى أن هناك بعض التيارات تسبح في الإتجاه المعاكس و تفتح مواضيع ليس الزمان و المكان مناسباً لها، و لا الحدث يسمح بطرحها ، و تربط تقدم عملية السلام بها، على سبيل المثال لا الحصر :قضية الحدود، علماً بأنها ليست بقضايا تحسم بين يوم وليلة، و هذا ليس فقط فيما يخص السودان و جنوب السودان، فعلى سبيل المثال الجزائر و المغرب مشكلة الحدود لم تحسم حتى الآن و الحياة مستمرة، كذلك إثيوبيا و إريتريا، و السودان و مصر، و في الجانب الآخر ربط تقدم عملية السلام بالمساءلة القانونية التي تجعل الأطراف المتورطة تنفر من الإلتفاف حول عملية السلام و العمل على تحقيق ذلك خوفاً من المساءلة، لذلك ظهرت أصوات تطالب بإتباع نهج الإعتراف بالذنب و العفو و تعزيز ثقافة التسامح فما هو تعليقكم على ذلك ؟ رد قائلاً : هذا طبعاً جدال طويل أيهما يأتي أولا؟ السلام أم المحاسبة ؟و كلاهما مهم، أولا السلام مهم لأننا نريد أن نوقف الحرب و تعود الحياة إلى طبيعتها، و نريد للشعب الجنوبي أن يتقدم إلى الأمام، لكن العدالة الانتقالية أيضاً مهمة جداً لأننا لا نريد أن نشجع المجرم في الفلات من العقاب، فهناك فظائع ارتكبت جرائم حرب و جرائم ضد الإنسانية ارتكبت في هذه الحرب و لا نستطيع أن نغض الطرف عنها، و لذلك في الوقت الذي يسعى فيه الجميع إلى التوقيع على إتفاقية السلام لابد من مساءلة من ارتكبوا هذه الجرائم، و طبعاً هذا لا ينفي الشق الاخر للعدالة الانتقالية و هي المصالحة و تضميد الجراح حتى يتم رتق النسيج الاجتماعي بين أجزاء المجتمع المختلفة، لذلك نحن نرى أن من المهم أن يتم أحداث فهم واضح في قضايا العدالة الانتقالية فنحن لا نريد أن نشجع الآخرين باللعب بأرواح النآس و مصالحهم، فالاعتراف قد يكون مقبولاً في بعض الجوانب، و لكن من ارتكب الفظائع الكبيرة لا يمكن غض الطرف عن هذه الفظائع لأن هذا سيشجعهم على فعل نفس الشئ.
نعم، و لكن كيف تنظرون إلى نموذج المناضل الكبير و الثوري القوي نيلسون مانديلا الذي فضل في نهاية المطاف العفو و السماح و هذه صفات الأقوياء "العفو عند المقدرة"؟ و الله يعني حتى في جنوب إفريقيا لم يك الأمر بهذه السهوله ،فمفوضية الحقيقة و المصالحةtruth and reconciliation كانت تتعامل بشروط و ليس فقط انطلاقاً من مبدأ الإعتراف بالذنب، فهناك أشياء أخرى لابد أن تتوفر قبل أن يتم العفو عن شخص معين.
قلت له : و لكن الا تتفقون معي في أن المساءلة القانونية هي أحد الأسباب التي جعلت نظام الخرطوم متشبث بالحكم بأيديه و أرجله خوفاً من المحاسبة القانونية مما جعل من الصعب حدوث تحول ديمقراطي و أنتم الآن تريدون أن تتبعوا نفس الاسلوب و تطبقوه على الجنوب الشقيق، و أنتم تعلمون جيدا ان المساءلة القانونية تعرقل تقدم عملية السلام فما هو ردكم؟
رد قائلاً : طبعا لا يمكن أن ننفي ذلك فقد يحصل نفس الشئ.
لكن دكتور لام أكول هذا التشدد و التعنت حول بعض النقاط" المساءلة والعدالة الإنتقالية " على وجه التحديد المعرقلة لعملية السلام هل هذا وقتها؟ في الوقت الذي يصرخ فيكم إنسان الجنوب قائلاً :كفي كفي كفى، أعطوني حريتي و أطلقوا يدي، اني أعطيت ما استبقيت شيئاً، فأنا لاجئ شريد ،و نازح طريد بين الفيافي و المنافي فإلى مدى أستباحة الدماء؟ إلى متى يظل الشعب رهينة لتنفيذ مطالب الطرفين من معارضة و حكومة؟ إلى متى ترتقون إلى تحديات الوطن و المواطن ؟
أكيد أن المواطن هو الذي تحمل جميع هذه الجرائم و لا أظن أن المواطن سيقول أنه خلاص نتسامح و نترك الحبل على الغارب ،و كما سبق و ذكرت إن قابلية إسقاط كل هذه الجرائم ممكن و لكن بشروط و أشياء معينة لابد أن تتوفر حتى نتأكد أن هذا الشخص لن يعود و يرتكب نفس الجرائم مرة أخرى.
بخطابكم هذا دكتور لام أكول أنتم تؤكدون على الأقوال التي تستبعد أن يتحقق السلام و تقف الحرب في الجنوب يوماً ما و يصبح دولة سلام و أمان و إستقرار، و حديقة غناء تغرد فيها العصافير و يجري فيها ماء النيل و تزدهر فيها الورود و الزهور الحالمه التي تمد أعناقها لتتفتح في طبيعة الجنوب الخلابة الجذابة و ترعى فيها ابقار الجنوب مختالة بنفسها؟
رد قائلاً : الأمر ليس كذلك لا نرفض السلام ،و لكن السلام ليس فقط عبارة عن مصالحات و عفو عن الأطراف التي ارتكبت الجرائم.
قلت له مقاطعة :لا يا سيدي، أنا لم أتكلم عن تغاضى النظر عن الجرائم، و لكن تكلمنا عن العفو عند المقدرة و التسامح فالمسامح كريم و فتح صفحة جديدة، و لم أتكلم عن التنازل عن الحقوق ،و إضافة إلى ذلك على حسب علمي و تقارير الأمم المتحدة مجرمي الحرب و المتورطين من الجانبين حكومة و كذلك معارضة على حد سواء فماذا أنتم فاعلون من أجل تقدم السلام و تخطي العراقل و الصعاب؟ أكيد في أطراف متورطه من المعارضة لكن ليس جميع أطراف المعارضة متورطين و كذلك الحكومة فالمتورطين أقلية.
دكتور لام أكول من خلال حوارنا الطويل العريض معكم صرنا نتساءل :أين الخطاب المعهود لدكتور لام أكول الذي كان قلبه ملئ بالسلام و كان من الداعين لوحدة الشمال و الجنوب، و كان داعياً لمصافحة الأخوة الأعداء، فعندما حدث ذلك نسمع منكم خطاب غير المعهود، يا تري ما الذي غير الأحوال من حال إلى حال؟ أم هو التشائم و الإحباط ؟ خطابنا كما هو لم يتغير ، لابد من تحقيق السلام و مازلنا ندعو لذلك ،و لابد من أن ينعم الجنوب بالسلام، و لكن السلام له تبعات، حتى نضمن إستمرارية السلام لابد من إجراء عدالة انتقالية، هذه العدالة الانتقالية تضمن المصالحات و تضميد الجراح و لكن أيضا تنص على العقاب.
حسناً دكتور لام، ما هي رسالتكم الأخيرة لإنسان الجنوب؟ رسالتنا له إنه عان من الحرب في 2013 و في 2016 ،و لا يستطيع أحد أن يصف حجم هذه المعاناة فقد تسببت الحرب في ضحايا فاق عددها الآلاف من المواطنين، و منهم من يزيد عن المليونيين و نصف في الخارج أصبحوا لاجئين و حوالي مليون أصبحوا نازحين في الداخل، و لذلك نقول لهم رغم هذه المعاناة الأمل معقود حول هذه المفاوضات التي تدور في السودان، و نتمنى أن تتوج بنجاح سريع حتى تعود الأمور إلى نصابها، فهذه المباحثات إذا نجحت هي الأمل، لأنها ستجلب السلام إلى جنوب السودان و يبدأ المستقبل لأبنائه. و نحن لن نتنبأ و لكن نحن نتوقع أن يتم النجاح لأن سير المفاوضات حتى الآن مشجع.
#عبير_سويكت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نفى فوك بوث بالوانق مدير الإعلام في الحركة الشعبية في المعار
...
-
باقان اموم يؤكد على أن تقسيم السلطة قضية هامشية و فوقية و يط
...
-
أخطر صقور السياسة الجنوبية باقان اموم في حوار السلام يرفع غص
...
-
الجنوبيون يدينون بشدة البند خمسه من إتفاقية النفط و يصفونه ب
...
-
تحرر جبران خليل جبران من قيود الطائفية بصوفية أرم ذات العماد
...
-
الحركة الشعبية جناح الحلو تصف نداء السودان بالكتلة المرؤوسة
...
-
الطيب عثمان الموثق لمخالفات مستشفى بحري و مصور الجثة يتحدى م
...
-
بيان من الحركة الشعبية في المعارضة
-
أرم ذات العماد و النظرة الصوفية في مخيلة جبران خليل جبران 1
-
في خطبته بمناسبة عيد الفطر تحدث الإمام الصادق عن لقائه بوفد
...
-
الصادق المهدي ينفي وجود خلافات بينه و د. الصادق أبو نفسية و
...
-
الصادق آدم إسماعيل ينتقد و يرفض خوض الانتخابات
-
أمام الأنصار ينتقد قوي الإجماع الوطني و مشاركتها للنظام و ين
...
-
الصادق المهدي ينفي تجنيده للقبائل العربية و يتهم جون قرنق و
...
-
في حوار المئة سؤال الصادق المهدي ينتقد عبد العزيز الحلو و ير
...
-
السيد الإمام زعيم الأنصار يرد على حوار المئة سؤال 20_1
-
أسئلة لم تجد إجوبة من القيادي عادل بخيت نوجهها لأعضاء حزب ال
...
-
رئيسة هيئة نقابة الأطباء السودانية بالمملكة المتحدة سارة إبر
...
-
على محمود حسنين يتهم المعارضون المشاركون في الإنتخابات بخداع
...
-
على محمود حسنين يتهم المعارضين المشاركين في الإنتخابات بخداع
...
المزيد.....
-
دام شهرًا.. قوات مصرية وسعودية تختتم التدريب العسكري المشترك
...
-
مستشار خامنئي: إيران تستعد للرد على ضربات إسرائيل
-
بينهم سلمان رشدي.. كُتاب عالميون يطالبون الجزائر بالإفراج عن
...
-
ما هي النرجسية؟ ولماذا تزداد انتشاراً؟ وهل أنت مصاب بها؟
-
بوشيلين: القوات الروسية تواصل تقدمها وسط مدينة توريتسك
-
لاريجاني: ايران تستعد للرد على الكيان الصهيوني
-
المحكمة العليا الإسرائيلية تماطل بالنظر في التماس حول كارثة
...
-
بحجم طابع بريدي.. رقعة مبتكرة لمراقبة ضغط الدم!
-
مدخل إلى فهم الذات أو كيف نكتشف الانحيازات المعرفية في أنفسن
...
-
إعلام عبري: عاموس هوكستين يهدد المسؤولين الإسرائيليين بترك ا
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|