|
رياح التغيير في السعودية
كامل أحمد الشماسي
الحوار المتمدن-العدد: 1499 - 2006 / 3 / 24 - 11:38
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
المجتمع يخطو خطواته نحو التغيير ولو بشكل حذر ، لكن هذا التغيير بدأ يمس ما كان يعتبر إلى الأمس القريب " خطوط حمراء " المعارضة الصامتة ذات القاعدة العريضة والمتنوعة والتي كممت أفواهها لعقود من الزمن بعد القمع والترهيب بدأت تطل بتباشيرها النيرة ورؤيتها الواقعية لتسهم في عملية التغيير والتطور للمجتمع. وفي نفس الوقت يحاول المحافظون وقف عجلة التقدم وإعاقة التطور إرضاءً لتوجهاتهم التي عفا عليها الزمن ومعالجاتهم التي أصبحت تنتمي إلى الأزمان الغابرة. التيار الماضوي الذي كان يتحكم بمفاتيح هامة في الحياة السعودية بدأ يشعر بخطورة التطورات ومنحاها على مواقعه ومصالحه الضيقة فأخذ يستخدم جميع الأساليب من الترهيب والتكفير والإلغاء والإقصاء إلى محاولات التكيف مع تغييرات العصر والتراجع عن بعض مفاهيمه وغلوه فيما يخص الانتخابات التي كان يعتبرها من المحرمات أو استخدام الفضائيات التي كانت إلى الأمس القريب عمل من رجس الشيطان . هناك مؤشرات قوية وملموسة على الاتجاه الذي تسير نحوه بلادنا بقيادة الملك عبد الله حفظه الله وهو ولوج مرحلة التغيير المحافظ ومواكبة التطور العالمي مع مراعاة تجنب العنف والصراع التفجيري بين قوى التقدم والتطور والقوى المحافظة وأبرز هذه المؤشرات: تطور مراحل التفاهم الوطني التي رسختها مؤتمرات الحوار الوطني وجدية توجهاتها بما يخدم تأسيس مرحلة الاعتراف المتبادل بين مختلف التيارات وخاصة الاتفاق على الإلغاء التدريجي لسياسة إقصاء وتكفير الآخر وهو مكسب حققته الطائفة الشيعية والليبراليون عبر صراع طويل قدمت خلالها التضحيات الجسام وهو في نفس الوقت مكسب وطني في النهاية لأنه يعزز اللحمة الوطنية. الدور المتنامي للملتقيات الفكرية والثقافية المتعددة والتي أصبحت حقيقة واقعة ذات دور فعال لتنمية الوعي بكافة أشكاله في المجتمع ويمكن اعتبارها نواة التنظيمات السياسية والنقابية والجمعيات السياسية.ففي هذه المنتديات يجري مناقشة أخطر المشاكل والهموم التي تشغل بال المواطن وتتعلق بعمليات الصراع السياسي والاجتماعي والثقافي الجارية في المجتمع السعودي . توسع هامش الحريات في المجتمع وفي وسائل الإعلام المختلفة المقروءة والمرئية وضيق مساحة المحرمات في التناول الفكري والسياسي والاجتماعي وفي الندوة الأخيرة التي عقدت على هامش معرض الرياض للكتاب حول إصلاح التعليم في المملكة يتبين شراسة المعركة مع القوى المحافظة من جهة والهامش الديمقراطي الجديد الممنوح للتيار الليبرالي الذي كان رموزه إلى الأمس القريب يتهمون زوراً بالزندقة والفسق على أطروحاتهم الفكرية . . تصدع التيار المحافظ وضيق قاعدته الاجتماعية وتعرضه لهزات سياسية وتنظيمية أدت إلى تقوقعه وانفضاح ضعف حججه ومسوغاته الفكرية ولجوءه لأساليب التهديد والوعيد والتهديد بتصفية الآخر وحصول انقسامات حادة بين صفوفه وانسلاخ شرائح اجتماعية هامة منه واتجاه بعض رموزه للاعتكاف عن الحياة السياسية وبروز تيار محافظ معتدل متراجع عن انتهاج سياسة التكفير والإقصاء ومتبنياً أسلوب الحوار ومحاولاً التكيف مع الظروف المستجدة على الصعيدين المحلي والخارجي. تأثر المجتمع السعودي بما يجري حوله من تغييرات إيجابية عميقة على صعيد الاجتماع والسياسة والثقافة تشكل سنداً لحركة التغيير والإصلاح في الداخل ودعماً لها سواء كان ما جرى ويجري في دولة البحرين وفي البلدان المجاورة وعلى الصعيد العالمي من إصلاحات ديمقراطية ، كل ذلك أنعكس بشكل إيجابي على دفع عملية التغيير في البلاد باتجاه تحقيق ما هو ممكن دون التصادم مع التيار المحافظ. تبني الدولة لسياسة تحديث الأنظمة والقوانين بما يتناسب ومرحلة دخول البلد كعضو في منظمة التجارة العالمية. اندفاعة المجتمع الكبيرة والملحوظة نحو الاعتراف بحرية المرأة وحقوقها ومشاركتها الرجل في تنمية هذا البلد وتفجر الطاقات الكامنة التي خزنتها المرأة على مدى عقود عديدة منذ دخولها سلك التعليم وتكدس الخريجات المؤهلات لتبوء مكانتهن في عملية التغيير. إنها مرحلة مميزة تخيف المحافظين وتزيد الضغط عليهم للإقرار بأهمية أن يكون مجتمعنا جزء لا يتجزأ من هذا العالم الصغير وبخطأ سياسة تقسيم المجتمع إلى رجل وامرأة بشكل شاذ جعل من كلا العنصرين يعانيان من حالة مرضية غير سوية.لقد أثبتت المرأة عندنا وهي تنتزع حقوقها أنها لا تختلف عن جنسها في جميع أنحاء العالم من حيث القدرة الهائلة لديها على المشاركة الحية في عملية البناء الوطني وتمتعها بالحس والقدرة على تصحيح ما هو شاذ ومنافي للطبيعة البشرية في العمل سوية وجنب إلى جنب مع أخيها الرجل في عملية التغيير المنشودة.إن محاولة بناء مؤسسات مجتمعية نسائية صرفة مثل البنوك ومكاتب العمل والغرف التجارية وبعض الأقسام العسكرية وغيرها من المؤسسات الموازية ما هي إلا التفاف على الواقع واستجابة غير منطقية لعمليات التغيير التي أخذت تعصف بمجتمعنا لينقلنا نحو مصاف الدول الطبيعية في تطورها الاجتماعي. تشكل العديد من منظمات حقوق الإنسان والتي يمكن لها أن تلعب دوراً رقابياً على انتهاكات حقوق الإنسان والحد منه وهذه ظاهرة إيجابية سوف يتعاظم دورها في المجتمع. تشكل تنظيمات شبه نقابية للصحفيين والأدباء والكتاب والمحامين وغيرها سوف تراكم تجربة وستكون أساساً إيجابياً على صعيد تشكيل النقابات في المجتمع. بروز نخبة من المثقفين السعوديين طلائعيون في فكرهم وأطروحاتهم يقودون معاركهم الفكرية والسياسية على مستوى من الحرفية والذكاء وقدرة التحمل والإصرار اللامتناهي لإشاعة ثقافة المختلف وقبول الآخر في تحد . دخول البلاد مرحلة الانتخابات «الانتخابات البلدية مثلاً» وانتشار ثقافة الانتخاب الجانب المهم في هذه العملية وتمتع كافة شرائح المجتمع بمستوى عال من السلوك الانتخابي مما يثبت عدم صحة الآراء التي تطرح من عدم أهلية شعبنا على الانتخاب وسلوك طريق الديمقراطية. إذاً التغيير في بلادنا قادم لا محالة ،،،،، ولكن قد يقول قائل ما من وطني أن ما ذكر أعلاه ما هي إلا مؤشرات وما دامت هيئة الأمر بالمعروف وعناصر الحسبة تجوب البلاد وتزرع الرعب في النفوس سيبقى التغيير حلم جميل نتمنى أن يأتي قبل " أن نذبل ويدرك الشيب أبنائنا أيها الوطن المقبل " كما كان يردد الشاعر بدر شاكر السياب .
كامل أحمد الشماسي حقوقي – السعودية – القطيف
#كامل_أحمد_الشماسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إصلاح القضاء السعودي
المزيد.....
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|