أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد قنوت - من يقدر الجمال, ينتصر.














المزيد.....

من يقدر الجمال, ينتصر.


خالد قنوت

الحوار المتمدن-العدد: 5924 - 2018 / 7 / 5 - 00:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في معرض حدثه عن الفن و الفنانين السوريين المبدعين, اسند الفنان رأسه لكرسيه و قال: (كان فاتح المدرس داهية إضافة لكونه أحد أهم مبدعي الفن التشكيلي في سورية).
قلت له معقباً: ( أذكر مرسمه الواقع بجانب نادي الشرق بدمشق القريب من منزلنا, لكن ما قصة دهائه هذه؟)
اجاب المبدع السوري و الصديق موفق قات, و قد ظهر بريق عينيه مع انعكاس ضوء النار المشتعلة امامنا و التي تقصدت أن تكون ضمن لوحة جميلة لسهرة عائلية في حديقة بيتي الخلفية, أجاب قائلاً: (كان يعرف كيف يلاعب نظام الاستبداد الأسدي ليس بفنه فقط بل باللغة السياسية الذكية التي تصور واقعاً جميلاً لكنها بالحقيقة تحمل بين طياتها نقداً يصل لحد الاشارة بكل وضوح عن مسؤولية الاستبداد عن كل كوارث الوطن.
فقد كان مقرراً فترة حكم حافظ الأسد أن يقوم وفد من كتاب و فناني قادم من الاتحاد السوفيتي السابق بزيارة لانقاض مدينة القنيطرة (المحررة) و كنت وقتها مكلفاً بالترجمة عن اللغة الروسية بحكم أني خريج أهم معاهد موسكو الفنية و كان ضمن الزيارة وجود الفنان فاتح المدرس.
جلس الجميع في غرفة المحافظة المطلة على جبل الشيخ و هضبة الجولان المحتل عبر نافذة على امتداد هذه الغرفة و تناوبت كلمات الترحيب بالوفد من قبل محافظ القنيطرة إلى أمين فرع الحزب إلى نقيب القنانين... و كنت أترجم كلماتهم إلى الروسية و طبعاً كل تلك الكلمات تستفيض في التهليل للرئيس المفدى و محرر القنيطرة و قائد الوطن و أبو الفنانيين و راعي الفن .....
إلى أن جاءت الكلمة لأهم فناني سورية و مبدعها فاتح المدرس.
وقف برهة ثم خطى خطوات بطيئة نحو الطرف الآخر من الغرفة ثم عاد و هو ينظر عبر النافذة الطويلة نحو جبل الشيخ و الجولان المحتل.
حبس الجميع انفاسهم بانتظار أي تعليق أو كلمة لفاتح المدرس.
توقف في منتصف الغرفة و مازالت عيناه نحو الجولان ثم قال: اسرائيل, تقدر الجمال كثيراً.
أحسست بالانفاس المنقطعة لاعضاء الوفد الحكومي الأسدي و لحظت عيونهم الجاحظة, لكني ترجمت ما قاله فاتح المدرس بأمانة للوفد السوفيتي, قبل أن يتدخل أحد.
أضاف المدرس: اسرائيل تقدر الجمال و لذلك أخذت منا جبل الشيخ و اراضي هضبة الجولان.
صمت قليلاً, فترجمت ما قاله بسرعة و هنا أحسست بالرقاب المتدلية للمسؤوليين الأسديين و كأنهم في غياهب الفاجعة و الحرج ليقطع تلك اللحظات الثقيلة كلمات فاتح المدرس: و لن نحرر جبل الشيخ و الجولان إلا إذا تفوقنا عليهم في تقدير الجمال, وعندها فقط, سننتصر.
تحول الزمن الثقيل و الحرج إلى حالة من الهرج و المرج و تبادل لنظرات الرضى و السعادة بين وفد الفنانين السوفيت و بين اعضاء الوفد الرسمي الاسدي, بعد أن ترجمت كلماته الاخيرة).
منذ انتهاء تلك الامسية الجميلة مع الصديق موفق, و تلك القصة تدور في ذهني و تفكيري عن علاقة الجمال و تقدير الجمال بتحقيق النصر و عن ماهية هذا النصر.
و كيف يمكن أن نسقط هذه العلاقة عن ما يحدث في سورية منذ ثمان سنوات و حتى اليوم.
هل كان حافظ الأسد يقدر الجمال عندما انسحب من الجولان؟ و هل يقدر بشار الاسد الجمال عندما شرع سورية لكل القوات الاجنبية المحتلة و الطائفية و حثالات النظم المافوية و الاستبدادية و الميلشيات المتوحشة؟
هل كانت شرازم المعارضات المهترئة و المرتهنة تقدر الجمال عندما عملت على تقسيم الشارع السوري و تفريق صفوف الثورة الشعبية الأصيلة خدمة لمشاريعها السلطوية؟
هل قدر الاسلام السياسي, الاخواني و غير الاخواني من سلفيين و دعاة الخلافة و دواعش, الجمال عندما استقطب المتطرفيين و المرتزقة و متعطشي الدماء إلى المناطق السورية التي حررها الجيش الحر, آنذاك؟
هل قدرت النخب المثقفة و المتثاقفة الجمال عندما احدثت الشروخ بين ابناء الوطن و اضاعت فرصة توحيد الصفوف تحت راية وطنية نحو هدف اقاامة دولة المواطنة و العدل و حرية الانسان؟
هل كان للجمال معنى لكل من أجهزة القمع العسكرية و الامنية للنظام الأسدي و للفصائل العسكرية المعارضة عندما كانت تتشارك في تدمير المدن و القرى السورية بحجة التحرير؟
و هل كانت روسيا البوتينية تفكر بالجمال عندما كانت تختبر اسلحتها الحديثة الفتاكة بأجساد السوريين و ببيوتهم و اراضيهم؟ أم أن قوات الملالي الايرانية و قطعان وحوشها الطائفية بالأصل ترى الجمال في الحياة؟ و كذلك ينطبق الحديث عن الولايات المتحدة و تركيا و و.
الحقيقة الوحيدة التي لا يمكن لأي عاقل أن ينكرها, أن شابات و شباب سوريين بعمر الزهور يعشقون الجمال كسروا ببداية الثورة حاجز خوفنا فصرخوا من أجل الجمال و من أجل الحرية و الكرامة الانسانية, فدفعوا ثمن عشقهم دماً و اعتقالاً و تهجيراً و تشرداً و ملاحقةً من كارهي الجمال و قاتليه.
باعتقادي, أن الموضوع لا يتعلق فقط بضياع النصر عندما نفقد تقديرنا للجمال, بل بحتمية تحويل هذا الجمال إلى أكوام من الخراب و القبح و الدمار و ضياع الوطن.



#خالد_قنوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوتشي, لماذا؟
- استحقاقات سورية مصيرية
- الشعب الايراني و حتمية القيامة من جديد
- ما بين باريس و سوتشي
- زمن انهيارات القيم الوطنية
- بالنار كللت يا شام
- لماذا علينا و ليسوا معنا؟
- صور من المقالب الآخرى
- سورية بين دولة العدالة و سراب الدولة
- استدعاء الماضي لخسارة المستقبل
- دروس سريعة من ليلة الانقلاب
- زنوبيا السورية
- هدف الحرب هو الحرب
- القبعات الزرق في سورية
- أين الصين من الثورة السورية؟
- جواز سفر سوري, و جثة ارهابي
- أوهام الانتصارات
- مصالح الدول, بين الشر المطلق و الخير المطلق
- آذن القلعة, ينادي!
- لا تنسوا كي نذكر العالم دائماً بجريمته


المزيد.....




- لاستعادة زبائنها.. ماكدونالدز تقوم بتغييرات هي الأكبر منذ سن ...
- مذيع CNN لنجل شاه إيران الراحل: ما هدف زيارتك لإسرائيل؟ شاهد ...
- لماذا يلعب منتخب إسرائيل في أوروبا رغم وقوعها في قارة آسيا؟ ...
- إسرائيل تصعّد هجماتها وتوقع قتلى وجرحى في لبنان وغزة وحزب ا ...
- مقتل 33 شخصاً وإصابة 25 في اشتباكات طائفية شمال غرب باكستان ...
- لبنان..11 قتيلا وأكثر من 20 جريحا جراء غارة إسرائيلية على ال ...
- ميركل: لا يمكن لأوكرانيا التفرّد بقرار التفاوض مع روسيا
- كيف تؤثر شخصيات الحيوانات في القصص على مهارات الطفل العقلية؟ ...
- الكويت تسحب جنسيتها من رئيس شركة -روتانا- سالم الهندي
- مسلسل -الصومعة- : ما تبقى من البشرية بين الخضوع لحكام -الساي ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد قنوت - من يقدر الجمال, ينتصر.