|
(حواس زهرة نائمة ) للكاتبة الدّكتورة سامية غشير/ بين روحيّة اللّغة والسّرد القصصي.
عامر الساعدي
الحوار المتمدن-العدد: 5921 - 2018 / 7 / 2 - 01:03
المحور:
الادب والفن
(سلسلة اضاءات) (حواس زهرة نائمة ) للكاتبة الدّكتورة سامية غشير/ بين روحيّة اللّغة والسّرد القصصي. تقديم "عامر السّاعدي" العراق. لأنّني أؤمن بأنَّ الكتابة هي نزف مجموعة أفكار تخرج شعوريًّا منَّا كأننّا نطلق حمامة للفضاء حينما نفكّ أسرها كي تحسّ بحرّيتها، هكذا هي الكتابة حمامة ويجب أن نطلق سراحها نحو الفضاء بعيدًا في الأفق، أمّا ما يدور في خلدي من أسئلة كثيرة ومنها كيف للإنسان أن يكوّر تلك الحروف بفكرة واحدة ليجعل منها، نصّا، قصة، رواية، أو أي جنس أدبي آخر. إنّ الأدب بحر واسع المداد، والكاتب أو الشاعر ربّان سفينة وهو القادر على تسيرها حسب مقوّمات وضعت تحت إمرته، مثلا لخريطة أو البوصلة، وهذا أقلّ وصف لما أريد الوصول إليه بكلامي هذا. فالكاتب والشّاعر عليه أن يجهزّ أدواته التي تُساعده على صياغة نتاجه الذّي شذّ العزم عليه، وجعل الفكرة من ضمن مقتنياته كي لا تخرج ولا تذهب بعيدا. العتبة الأولى الغلاف تبدأ من "العنوان" لتكون متصلّة بالكتاب، وأهمّ ما فيها الدّهشة، أي أنّ العنوان يعدّ مفتاح الولوج إلى أي نصّ أدبي، يختزل جملة الدّلالات الظّاهريّة والرّمزية التي يكتنفها النّص. كذلك القصّة تحتاج إلى استعارة لبناء القصّة وسبكها بصورة جميلة لتعطي روحيّة القصّة، فالقصّة إذن حكاية، والحكاية تتطلّب سماع لنهايتها، كذلك القصّة تصوير؛ أي التّصوير الدّاخلي بداخلها وتماسك اللّغة، نعود ونقول القصّة سرد بشرط أن تكون متصّلة ببعضها البعض، وإن خرج أيّ موضوع منها صارت باهتة دون معنى، وهنا يُمكن التّأكيد أنّ القصّة أصبحت خارجة عن نمط القصّة المتعارف عليه. بما أنّنا الآن في انفتاح الأدب وتصنيف الأجناس الأدبيّة ممّا جعل للقصّة أهميّة كبيرة في المشهد السّردي، نظرًا لتطوّر المواضيع بسبب الظّروف أو غيرها، لكن يبقَ الاعتماد على ثقافة القاصّ في وضع الفكرة واللّمسة الخاصّة به لجعل القصّة ناطقة تتحرّك بفكر المتلقي. إذن الكتابة ترويض للنّفس أو بالأحرى هي رياض للنّفس حيث هي محاكاة الذّات أي قد تكون متنفّس ذو هواء نقيّ؛ لأنّها تعبّر عن ما هو موجود بداخله، فالكاتب هو وحده صاحب الشّروع الحقيقي، وهو يُمسك أرضيّة الموضوع ليُدير الموضوع حسب رؤيته. الأدب الجزائري حافل بالكثير من الإبداع والتّميّز، الكثيرون برزوا على السّاحة العربيّة، فالجزائر بقيت محافظة على لغتها الأمّ، حيث أنّها بقيت متمسّكة رغم ما مرّت به من احتلال، إذن هناك علاقة بين الاثنين. اليوم تطلّ علينا واحدة من الأديبات الجزائريّات الدّكتورة (سامية غشير) التي أثبت وجودها خاصّة بالقصّة، واهتمامها بهذا الجنس الأدبي المهمّ لاحتوائِه على مقوّمات فكريّة كبيرة وكثيرة ووجود لغة السّرد كما قلت سابقًا، وأنا اليوم أتصفّح منجزًا مهمًّا يُضاف إلى المكتبات العربيّة مجموعتها القصصيّة (حواس زهرة نائمة)، فعنوان المجموعة مدهش وصادم، يأخذ القارئ ليفتح الكتاب بكلّ حريّة ليستمع إلى محتوياته، فالتنوّع القصصي مطلوب شأنه شأن أي جنس أدبي آخر. لنبتعد قليلًا عن مدح الكاتب كي لا يؤثّر على شخصيته بدل التّأثير على النّص أو محتوى النّص، فالأهمّ التّركيز على ما أنجزه الكاتب، والقصديّة التي أراد الوصول إليها، وهل وصل لمبتغى حقيقي ليجعل القارئ ممسوسًا بما كتب. هل الكلام دغدغ مشاعر المتلقي ليحسّ أنّ المكتوب هو المحسوس؟ سلفًا أقول إنّ المتلقي هو الحاكم الشّرعي الذّي يقرّر مدى جماليّة وحسيّة المكتوب، حسب إدراكه ووعيه. قد أختلف بعض الشيء بقراءتي هذه وأبتعد عن القراءة الكلاسيكيّة في شرح ماذا قال الكاتب، وماذا تحدّث وماذا يُريد، المهمّ بالأمر هو الكاتب الجيّد الذّي يجعل من النّص مهما كان جنسه يصل للمتلقي بسرعة، وبصورة سهلة كي يستطيع المتلقي العادي والنّخبوي الهضم بسهولة من دون أن يتعسّر، نعم وأنا أتصفّح القصص أجدني أُسرع للأخرى أتعامل مع روحيّة وحسيّة القصّة لوجود لغة السّرد بداخلها، فكلّ قصّة وكما هو معروف بعنوان مختلف، ويُمكن القول أنّها عتبة تستحق الوقوف عندها، كذلك يسهل الاسترسال بعدها، فالكاتب الجيّد يُمسك بالفكرة ويضعها داخل عقله حتى يُنهي ما تصوّره، بما أنّ القصّة جنس أدبي مهمّ جدًّا حسب ما أراه، وأجد من الأصح أنّ القصّة تحتاج أفق أوسع لذا فإنّ الكاتب مكلّف بأن يجعل من القصّة روحيّة التّحريك؛ أي عليه أن يجعل المتلقي يعيشها بكلّ أحداثها وشخوصها، كذلك العامل النّفسي مهمّ جدًّا بالنّسبة للكاتب ويتبعه المتلقي، ليكونا توأمين مشتركين معًا، فلولا الأوّل ما كان الثّاني والعكس. من جماليات القصّة أن تجد فيها نكهة السّرد المعبّر، وإن صحّ السّرد التّعبيري القصصي الذّي يحتوي شخوصًا وأحداثُا كما قلنا سابقًا، فالسّرد يشدّ المتلقي أكثر، وهذا ما وجدناه بالمجموعة القصصيّة (حواس زهرة نائمة) للقاصّة الدّكتورة "سامية غشير" التي عمدت لجعل أحداث القصص فيها سرد بلغة جميلة، تكاد أن تكون بعض المقاطع صور شعريّة لكثرة الأحداث بالقصص، ومن النّادر أن تجد هكذا قصص. عودة إلى موضوع عنونة القصص الذّي يعدّ مهمًّا جدًّا، فالقصّة التي تبتعد عن موضوع العنوان أصبحت باهتة دون ملوحة؛ أي أنّها أصبحت مقالة عادية ويمكن للمتلقي أن ينساها أو يهملها في أيّة لحظة من دون التّفكير حتى، لكن القصّة التي تنطبق عليها مواصفات العنونة، وارتباطها بالأحداث فهي القصّة التي تشبّعت بنكهة غريبة مختلفة؛ لأنّها مزجت بين الفكرة، والموضوع، والحدث، ويليها السّرد الحقيقي ،كما أنّ هناك عامل مهّم آخر ألا وهو عامل الحدث الحقيقي أي "الواقعية" للقصّة، ففي أغلب الأحيان القصّة الواقعيّة تكون أكثر دهشة للمتلقي . وأخيرًا فالعناوين بهذه المجموعة تكاد لا تخلو من الصّور الشعرية من بدايتها حتى انتهاء آخر قصّة. 1- حواس زهرة نائمة. 2ـ- موعد الحبّ مع المطر. 3- همس الحرير. 4- ستائر غراميّة. 5- خريف الذّكريات. 6- حلم باريسي. 7- حكاية اللّيل. 8- أشواق تنزف في صمت. 9- أحلام تنوح في ضبابيّة الوجع. 10- أوراق من ذاكرة الحياة. 11- حروف الظّل. 12ــ رسائل الشّوق. 13- مدينة الأشباح. 14- حلم الفراشات. تلك العناوين وحدها قادرة على صنع نص شعري ، لأن العنونة وضعتنا تحت طائلة الاختيار الأصحّ، لوجود حسّ شعري فيها، ثمّ خلق الجمال . إذن عملية التوظيف الجديدة التي اوصلت لها الفكرة جعلت القصة متكاملة ، أي ان الكاتبة وضعت اداوتها الصحيحة حيث مكنتها بسرد حكايات ذات معنى حقيقي ، أما الأسلوب فإنها عمدت واعتمدت بنفس على عنصر الدهشة وذلك من خلال وضع صور للأحداث بصيغة اقرب الشعرية. وكما قلت فالعناوين شاهد على هذا ، لازلنا نؤمن بروحية الكاتبة الدكتورة سامية ، التي جعلت بمجموعتها القصصية روحية الواقعية واجبرت متلقيها او جمهورها ينتظر منها المزيد بل ينتظر مواضيع مهمة مجتمعية لان المتلقي يحتاج إلى مساس مشاعره ، ابارك الدكتورة للقاصة على هذا الجهد الكبير الذي أثمر نتاجا مهما لتجمعه بدفتر مهم بعد ان تعيد ترتيب الأوراق لتطلق ما لديها في فضاء الأدب. وختاما أقول فان الكاتبة الدكتورة / سامية/ قد اشتغلت على جمع عناصر القصة وحسب رؤيتي للمجموعة ،يقول الفيلسوف : "فريديريك نيتشة" لا تمشي في طريق من طرق الحياة الا ومعك سوط عزيمتك وارادتك ، لتلهب به كل عقبة تتعرض طريقتك.
#عامر_الساعدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هيروين
-
جلباب الجُوع
-
نشوة الظن
-
حقولٌ شاحبة
-
رسالة الى نفسي
-
ما زلت حيا
المزيد.....
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
-
شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
-
حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع
...
-
تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|