غادة علوه
الحوار المتمدن-العدد: 5920 - 2018 / 7 / 1 - 08:44
المحور:
الادب والفن
************
اشتدت ثورة البحر، طمر رمال الشاطئ بزبد هائج وماء جارف، لذعت ملوحته روحاً تبحث عن ملاذ يقي وجدها من القيظ، فتبعثرت لآلئ الوعد.. كم أدمت حملاته زهرات اللهفة! ليته يطوي أشرعة الغياب المائجة فيه داخل سفن الغوث..
هكذا أنتَ ..يا بحر..غموضكَ يغلق على مقلتيّ الأبواب، يعد بالبوح، وبوحه يتلوه انتظار مواعيده في رزنامة وجع ووجد...أرى فيكَ لججاً باردة تستعد للاختراق والإحراق والاحتراق..قل لي: كيف ينهمر سيل الزبد من سُقيا الحبّ؟ بل كيف يفتك بأجنحة الدفء..؟ أيعقل أنّ تصهال الشوق فيكَ قد خرس؟ لقد أخَفْتَ فيّ الأحلام، وأنتَ ما زلتَ في الجوار يأتي موجكَ ويغيب، يضرب خيامه حول القلب، ولا من نبض مجيب إلّا لتسبيح الوجد...
حدّثني كيف يسرّح موجكَ حبات الوعد، وأنا أراها تنزلق بين يديك بصوت الرعد.. سأعترف لك أنّي تعلّمتُ منها تسبيحة الصّمت حتى سقط مني الوهن، صارت نوارسكَ تخترق ضلوعي، تجتمع بين ورقة وقلم، تحطّ قليلا، تطفئ هجيرا، تدفع زمهريرا، ثمّ تسافر بين خيوط الفجر... قل ما شئتَ، أعلم أنّكَ تسهّد رسائل العشق، وتنتظر إشراقة القلب..لكن قل لي: كيف كيف كيف تزرع جمرا يوقد وجعا فوق وجع؟ اسمع.. هوذا نداء الفجر، نداه يطهّر الربيع في القلب ، نوره يملأ كؤوس الحياة، يوقظ منابع الحبّ الآتي من السماء.. رويداً رويداً أمام شلالات القلب...هي أقوى من الموج..
ستبقى عيناي تبثّانكَ حكاياتي؛ لتحملها شمسكَ الغاربة في أقاصيكَ، الذائبة فيكَ حمرة تبرعم فوق مداكَ نوراً ينثّ سلاماً فيروزيّاً يشذّب ما أفسده القذى فوق مطايا الموج، سلاماً يستنبت بياضاً يلوك سواد الغربة الغائرة فيكَ..سأبقى أنتظركَ عند شواطئي حين يتزاحم الزبد حاملاً لواعج الشوق، وسأخبركَ عنكَ؛ لأنّكَ الصارخ الأبكم بين لجج الحياة، تحمل لون السماء، وتصرخ بلون الأرض، فأنتَ الرافض ترهات القلق.. وأخبركَ عني، فأنا أمامكَ أتنعّم ببوحكَ الغامض الفائض من غور عينيكَ البعيدتين سحراً وشوقاً وأملاً...
د. غادة علوه/لبنان
#غادة_علوه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟