هاله ابوليل
الحوار المتمدن-العدد: 5918 - 2018 / 6 / 29 - 12:54
المحور:
الادب والفن
انهمر المطر على السطوح وفي المزاريب وفوق رؤوس العباد , وكان ذو دوي عظيم وكأنه يصارع احدا
لقد صب جام غضبه على العباد هكذا كان تعليق الجنرال على ذلك الصوت القوي لصرخات الرعد المخيفة
كانت دموع سميحة تنهمر من مقلتيها ولا معرفة لي بالسبب
هل تخاف سميحة من المطر أم تخاف من روحها المتعبة ! هل تذكرت زوجها الشهيد ! أم تذكرت أولادها المشردين في كل بقاع الدنيا
هل يعقل أن تملك سميحة قلبا يخاف و يبكي !
كانت والدتي قد سمعت ما قلته أو ربما قرأت ما كنت أكتبه
فهمست في إذني بعبارة مؤلمة : عليك أن تؤمن أن البشر الذين يخفون عواطفهم وأحزانهم هم أكثر الناس نبلا
لو كنت تعلم كم كانت هذه الفتاة شفافة ورقيقة لما فكرت بتلك الترهات
ولكنها صروف الأقدار و قد عركتها الأيام و قلبتها حتى إستوت من التعب و تركتها مثل صخر أملس تحت الشمس ,
من طرف عيني التفتت إليها , ما تزال تعزل صوفها الذي لا ينتهي , إنها تصنع جرزات صوفية لأبنائها وبناتها المهاجرين في كل بقاع الدنيا
في وجهها أسف شفيف ,وقد بدا عليها التعب فكانت على ما يخيل لي إنها تفك غزلها من جديد و تعيده
وتساءلت في سري هل كانت أختنا تبحث عن سبب آخر للبقاء في هذه الحياة
وتذكرت جارنا المصري – و لا أعرف كيف خطر ببالي للتو و للحظة وهو الآن يجلس في شقته الملاصقة لنا حول المدفأة ربما كان يشرب الشاي الآن
بالعادة المصريين يشربون الشاي بكثرة , يحبونه ثقيلا , يغطسون حبيبات الشاي السوداء في الماء الساخن و ينتظرون تخميرها ثم يشربونه بنشوة وحشية
يا للمصريين و حياتهم !
كانت إمي تتسمع أفكاري وإذا بها تقول
الدكتور المصري مريض , لقد سمعت سعلته هذا الصباح , إنها سعلة ناشفة و كأنها تخرج من أعماق أعماق صدره, أخذت نفسا وتابعت " قد يكون لديه التهاب في القفص الصدري أو ربما يوجد ماء على رئتيه
هذه السعلة الناشفة لا تبشر بخير وقد تكون قاضية
كان لدي وصفة عشبية تعلمتها من والدتي " رحمة الله عليها " ولكن المشكلة أن المصريين لا يشربون الميرمية
إنهم لا يعرفونها ,وقد يرفض هذا الرجل المتين وصفتي
ياله من أعزب مسكين
علت ضحكات العائلة و ارتجت الصورة من الضحك و كادت تسقط من على رأسي, فنهضت لأعدلها و أنا أردد
عجوز تصف أدوية , ياللهول!
أما ابي فقد قلب يديه كفا بكف قائلا :" لم يتبق أمام العجوز الحكيمة سوى أن تصف أدوية هي الآخرى !
#هاله_ابوليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟