دينا سليم حنحن
الحوار المتمدن-العدد: 5917 - 2018 / 6 / 28 - 15:19
المحور:
الادب والفن
مشهد اليوم:
الكذب:
يستعرض عضلاته أمام الحضور الذي يصدّق أكاذيبه، " أنا خريج جامعة كذا، أنا عملت في مجال كذا، أنا رغم وعكتي الصحية استمررت وحدي بإنجاز كذا عندما تخلى عني هذا وذاك... " الخ من أكاذيب وأوهام.
تجولت داخل عيون الحاضرين، قراءة الشفاه مهنتي، وأصبحت قراءة العيون أيضا، مررت من وجه شاحب إلى آخر مُغيَّب، حتى وصلت إلى وجه بنظرة متعالية، وآخر ماكر وغيره شامت، وآخر لئيم وآخر كارها وجوده.
توقفت عند وجه ودود وناعم ورقيق، لم تتفوه زوجته التي تعرفه جيدا بكلمة وتصبرت بالصمت، سكنت في مقعدها مسلوبة الإرادة جدا، حتى خَيل لي أنها لا تتنفس، لأنها إن حصل وفعلت، سوف يوبخها زوجها الذي استمر بالتفاخر واستعراض عضلاته، يعوض عقدة النقص داخله أمام الجميع، مكررا أكاذيبه بأنجازاته التي لا تعد ولا تحصى!
أشفقت عليه كثيرا لأنه مهما فعل فسيبقى مفضوحا أمام زوجه التي تتنسم طهارة ورقيا.
حفزني هذا المشهد إلى كتابة قصة بطلها يشبهه، بطل بشخصية وحدث واقعي، رجل قتل امرأة وألصق التهمة لابنه الأصم، مستغلا عيبه بالتعبير عن نفسه إلا بلغة الإشارة وقراءة الشفاه، وكنت أنا المترجمة في قضيته الشائكة أمام القضاء، مر على هذه الحكاية عشرون سنة، في حينه، قرأت عينا المتهم جيدا وأدركت من خلال نظراته الحقيقة وذلك عندما خرج الأب بريئا من القضية مثلما تخرج الشعرة من العجين، وظهر شريفا أمام الجميع، إلا زوجته الشاهدة الوحيدة على كذبه وأنا، قارئة الشفاه والعيون.
الفرق بين الزوجتين
زوجة اليوم سمراء
وزوجة الأمس بيضاء.
سوف أكتبها
وقلمي هو الغالب دائما أيتها الزوجتين الجميلتين، وسأعوضكما عن صمتكما!
#دينا_سليم_حنحن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟