|
في مديح الفصام
الريمي عبدالاله
الحوار المتمدن-العدد: 5917 - 2018 / 6 / 28 - 01:19
المحور:
كتابات ساخرة
في مديح الفصام مناسبة هذا القول هي ما يراكمه الملاحظ بعين الناقد المتفحص لسلوكات المغاربة في سكنتاتهم وحركاتهم، ليس فقط خلال شهر رمضان بل في كل ايام حياتهم، وهذا بالطبع ليس بالمطلق. علاقة المغاربة بالتدين او بمعنى اخر كيفية ممارستهم لطقوسهم الدينية ، من المواضيع التي تناولتها دراسات عديدة خصوصا في ميداني السوسيولوجيا والفلسفة والانتربولوجيا( الطوزي- منديب- الزاهي......) واخرون غيرهم. لماذا هذا الموضوع بالذات؟ الجواب يكمن في انني وبحكم ميلي للتفلسف، اعمد احينا ولو صحبة اطفال المستوى الابتدائي كلما سنحت الفرصة، ان اغير مجرى الدرس التلقيني وتوشيحه برداء فلسفي.كما قلت سابقا وبحكم تتبعي عبر وسائل التواصل ،لبعض ورشات التفلسف بالمدرسة الابتدائية الاوربية وخاصة الفرنسية منها-رغم البون الشاسع بيننا- ان اقف مندهشا لملاحظة اثار الدهشة على ملامح هؤلاء الاطفال،وهم ينشطون هذا الدرس الفلسفي. المناسبة في بيئتنا مختلفة تماما،حيث انني في كل مرة اقدم فيها درسا من دروس التربية الاسلامية (مراتب الدين)، على الخصوص، ونقف عند كل مرتبة من المراتب: الاسلام او الايمان او الاحسان وبعد توصلهم وفهمهم ان الاسلام ان تشهد الا اله الا الله وان محمدا رسول الله وان تقيم الصلاة وتوتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج بيت الله...ثم ننتقل الى المرحلة الثانية وهي الايمان ومعناه التصديق الجازم بالغيب اي الايمان بالله والملائكة والرسل والقدر خيره وشره... وبعد ذلك تاتي المرحلة الثالثة وتتعلق بالاحسان وتقتضي مراقبة الله في كل الاقوال والافعال وعبادة الله كانك تراه فان لم تكن تراه فهو يراك اي مراقبة الله في كل الاعمال... ولتجاوز مرحاة التلقين و الايمان ، ننتقل الى مرحلة التفكير المفقود في حياتنا، ونبدا في طرح الاسئلة و هي الركن الاساسي في التفلسف. - انت في اي مرحلة تضع نفسك؟ - من خلالا ملاحظاتك اليومية داخل الاسرة و في محيطك و المدرسة ....في نظرك ،في اية مرتبة تضع جل الافراد الذين تصادفهم من خلال سلوكاتهم وتصرفاتهم؟ هنا يبدا التعقيد، وشيئا فشيئا، ومع التحول في صياغة الاسئلة، والاحراج الذي يظهر من خلال ملامح المتعلمين، واحمرار وجناتهم، بفعل ما تحدثه الاسئلة في عقولهم الصغيرة، بفل ما ترسخ لديهم من يقينيات و واجوبة دوغمائية،تبدا مرحلة استقراء الاجوبة من بعضهم، والتي مفادها ان جل المغاربة ومن خلال ملاحظة سلوكاتهم وملفوظاتهم ونقلشاتهم لم يتجاوزوا مرحلة الاسلام، كما جاءت الاية في القران واكدته ( قالت الاعراب امن.....) كما اقوم بتذكيرهم بنتائج التقويم التشخيصي الذي اجريناه في بداية السنة الدراسية عندما طلب منهم ان يكتبوا على ورقة سورتي الفاتحة والناس، حيث لم يتوصل جلهم الى ذلك رغم انه كانوا يرددونها خلال سنواتهم الدراسية الاولى وبالطقس الجماعي...انها الكارثة العظمى التي تصدم، منظومة تعليمية مهترئة تنتج الفشل والهدر ومواطنا فاشلا، هذا ناهيك بالاضافة الى الصلوات الخمس والبرامج الدينية، ...والتي لم تنتج جميعها غير هذا موطن المصاب بالفصام وهو ما دل عليه العنوان. الخلاصة اذن، اذا كانت مرتبة الاحسان هي اعلى قيمة من كل المراتب، والتي لا يصلها الرء بسهولة، رغم انهم بوعي او بدون وعي منهم، يحاولون التظاهر بذلك، حيث نجد المرء طيلة يومه، يكذب ويغش ويسرق.... ويغتني بطرق غير مشروعة(بالمفهوم الكانطي وليس الديني) . ومع ذلك تجده منسجما مع ذاته، يستسهل الامر، دون استحضار جزاء افعاله، مبررا ذلك ب(الله غفور رحيم).او منتظرا الفرصة في ارذل العمر ونهاية حياته المهنية، فيشد الرحال الى بيت الله، ليغسل عظامه، والعودة منه "كما ولدته امه"، .... ويا للعجب، انها حالة تلبس بالاحتيال على اوامر الخالق!!!!!؟ ان للمغاربة ذكاء اجتماعي ،ديني لايستهان به، يوظفون ه في حياتهم لمطابقة فهمهم للدين مع مصالحهم الحياتية،ان المغاربة فصاميون، حقا ويحتاجون الى جلسات للعلاج النفسي، وبعده هم محتاجون للتنوير الفكري وعقلنة سلوكاتهم لتنسجم ومبادءهم الاخلاقية كما علمتنا اياه الفلسفة الكانطية النقدية بصرامتها.... والامر مستبعد ،وليس مستحيلا. انطلاقا مما سبق، نستنتج ان المغاربة يعيشون دينهم وايمانهم باريحية، تجعلهم لا يلتفتون ولا يهتمون بمراقبة الله لهم ،فهل هم متدينون حقا؟ الريمي عبد الاله مهتم بفلسفة الدين ماستر فلسفة الدين والسياسة والتواصل
#الريمي_عبدالاله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في مديح الفصام
المزيد.....
-
-الزمن الهش- للإيطالية دوناتيلا دي بيتريانتونيو تفوز بأرفع ا
...
-
مترجمون يثمنون دور جائزة الشيخ حمد للترجمة في حوار الثقافات
...
-
الكاتبة والناشرة التركية بَرن موط: الشباب العربي كنز كبير، و
...
-
-أهلا بالعالم-.. هكذا تفاعل فنانون مع فوز السعودية باستضافة
...
-
الفنان المصري نبيل الحلفاوي يتعرض لوعكة صحية طارئة
-
“من سينقذ بالا من بويينا” مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 174 مترج
...
-
المملكة العربية السعودية ترفع الستار عن مجمع استوديوهات للإ
...
-
بيرزيت.. إزاحة الستار عن جداريات فلسطينية تحاكي التاريخ والف
...
-
عندما تصوّر السينما الفلسطينية من أجل البقاء
-
إسرائيل والشتات وغزة: مهرجان -يش!- السينمائي يبرز ملامح وأبع
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|