هيثم الأمين تونس
الحوار المتمدن-العدد: 5913 - 2018 / 6 / 24 - 11:17
المحور:
الادب والفن
أعشقُها تلك الطفلةَ الشهيّة التي كانت تجعلُني أضحكْ! تُلملِمُني من أرصفة حُزني، تلُفُّني بلفافة حلمٍ و على مهلٍ تُدخّنُني، تصنعُني قصصا للأطفالِ و بكلِّ شغف الطّفولة تقرؤُني، تصنَعُني فراشاتْ ثمّ كَمَرْجِ ورود جوريّةٍ تُراقِصُني و حين تكبُرُ على صدري، امرأة فاخرة الأنوثة، تَخْلِقُ من ضلعي الأعوجَ قصائدَ حبٍّ ثملةٍ و أغنياتٍ ورديّة. فكيف لا أعشقُها تلك الطّفلةَ الشّهيّة؟! رغمَ كان و كنتُ و كانتْ مازلتُ أعشقُها. رغم تفّاحها الجافّ من أحلامي و رغمَ الرّيح العازف على ناي خوائي مازلتُ أعشقُها. رغمَ معاطف الصّقيع التي أدمنتني، رغم احتراقي، رغم انطفائي، رغم ضفائرها المنادية بشنقي، رغم الشّوقِ و رغم معاول الحنينِ التي تحفِرُني مازلتُ أعشقها. تلكَ الطّفلةُ الشهيّة التي كانتْ تجعلُني أضحكْ، كيفَ أنساها؟! و هل تنسى الأرض موعدها مع الرّبيع؟ هل تنسى الحقول رُضاب السّماءِ بعد سنين القحطِ و الأشجارُ هل تنسى زقزقة العصافير؟! فكيف أنساها و كيف أعشق سواها تلك الطفلة الشهيّة التي كانتْ تجعلُني أضحكْ؟! مازالت القوافل المحمّلة بي تُسافر إليها و تعودُ لي محمّلة بصمتها و بجوعي، مازالت الأنهار تتدفّقُ من أصابعي و تنتحرُ على عتبة بابها، مازال الزّاجلُ يحملُ رسائلي إليها و لا يعودْ و مازلتُ أعشقها تلك الطفّلة الشّهيّة التي كانت تجعلُني أضحكْ! و ليتكم تعلمون كم هي شهيّة تلك الطفلة التي باستطاعتها أن تجعل مُدمنَ حزنٍ يضحكُ و يضحكُ و يضحكْ... و أنا مشتاقٌ جدا لأن أضحكْ.
هيثم الأمين تونس
#هيثم_الأمين_تونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟