|
قراءة أولية للواقع في الضفة والقطاع
يوسف فخر الدين
الحوار المتمدن-العدد: 1498 - 2006 / 3 / 23 - 09:48
المحور:
القضية الفلسطينية
لا يبدو أن الواقع السياسي الفلسطيني المأزوم والذي انكشف عن الانتخابات في الضفة والقطاع قد أخذ بالجدية المفترضة على مستوى الحوار الوطني الفلسطيني. وبدلا عن ذلك استمر الصراع بين فتح وحماس على المستوى السياسي. وبخطوة متقدمة من فتح، بعد أن وضعت نتائج الانتخابات حماس أمام استحقاقات الخطوة الزائدة عن المخطط له. فبدل أن تحصل حماس على كتلة قوية في المجلس التشريعي تسمح لها باستمرار لعبة الاستقطاب الداخلي في المجتمع والحرية في الحركة، كما قدمت نظرياً من خلال محاولة التشبه بتجربة حزب الله في لبنان (وهو الدور الذي أعتقد أن الجهاد ستحاول تمثله) وجدت نفسها مدعوة لتشكيل حكومة لواقع سياسي كانت قد رفضت الاعتراف به، وعلى سلطة، سبق لها أن رفضتها، مصابة بمرض الانحياز الكامل للخصم، وهو وضع عجائبي يكشف عجز حماس عن قراءة الواقع الفلسطيني المميز. وبمقارنة النتيجة مع الرؤية السياسية للحركة قبل الفوز يجد المتابع نفسه أمام صورة من الصعب على بهلوانية حماس أن تزيل تناقضها، ولكن هذه النتيجة لن تكون نهاية الحدوتة بل بدايتها، فالانتخابات كشفت أزمة الواقع وغياب المشروع السياسي الفلسطيني برمته، ليس فقط لدى فتح بل ولدى شركائها وخصومها على حد سواء. وهو ما يبدو أن قيادة فتح أدركته، مما ساعدها على الدفاع عن قرارها بخوض الانتخابات بتقديمه كخيار الاستحقاقات لما بعد الانتفاضة، إذ وجدت بنفسها القدرة على استيعاب نتائج الانتخابات بحيث يؤدي غياب البدائل لدى حماس، إلى وقف الاستقطاب الحاصل بالمجتمع والمشتمل لبعض قواعد وكوادر فتح نفسها، لمصلحة حماس وربما لانعكاس الصورة بالاستقطاب المعاكس، واهتزاز التماسك الحماسوي الداخلي على أقل تقدير، ولكن الأكثر احتمالا أن يؤدي هذا الاضطراب إلى عودة التماسك الفتحاوي الداخلي على المدى القريب، مما يتيح لها حرية أوسع في العمل الجماهيري، والاستعداد بنفس الوقت للتعامل مع المشروع الأمريكي بواقع سياسي مستقر على أزمته، وهو الضمانة الوحيدة أن لا تنفجر الحركة على المدى المتوسط. وإذا كان هذا ما أعتقده دائرة الاهتمام للقيادة السياسية الفلسطينية، فإن للواقع الفلسطيني في الضفة والقطاع تعقيداته الأوسع. فاستحقاقات ما بعد الانتخابات بالنسبة لحماس، والتي لا يدل أداؤها على استعدادها لتدمير ما كانت ترفضه جملة وتفصيلاً وما كانت تعتبره مستتبعات أوسلو، بل بالعكس من ذلك تسعى لإيجاد توافقات تمكنها من إنجاح حكومة بقيادتها تكون دليل قدرتها على الحكم، وهو ما له منعكس داخلي فلسطيني وخارجي بالنسبة للأممية الإسلامية التي تنتمي إليها. أقول استحقاقات هكذا واقع فلسطينياً تبتدئ بتكريس الحل المأزوم القائم على دولتين، بما فيه من اعتراف بشرعية احتلال إسرائيل لأراضي 48 وتكريس القطع مع الفلسطينيين فيها بعد القطع مع الأرض، ولا تنتهي بالتخلي عن عودة اللاجئين والقطع معهم، وهو ما لن يساعد حماس التغطية عليه بتكرار ما سبق وقدم من تكتيكات. كل هذا مضاف إليه التساؤل عن مصير القطاعات الاجتماعية التي سبق وأن استقطبتها حماس بخطابها الجذري، وأضافت إليها الإيديولوجيا الإسلامية. فهل ستدفعها سياقات تراجع حماس عن خطابها إلى اليأس بمنعكساته المتباينة؟ وهل سيتم استقطابها من الجهاد الإسلامي المتمسكة بمواقفها المبدئية؟ أم سيدخل طارئ أكثر جذرية وعنفاً، كمنظمة القاعدة، مثلاً، على خط الواقع السياسي الفلسطيني مما يزيد من إرباكه، وهو احتمال يحمل مشروعية؟ وهل ستقف حماس مكتوفة اليدين أمام هكذا احتمالات أم أنه ستدفع بإتجاه إنتفاضة حجارة لتدارك الاحتمالات؟ ولكن أليس لهذا الاحتمال مخاطر، منها فتح المجال لبازار المزاودة الراديكالية؟ وهو نفس الوضع الذي وجد عرفات نفسه فيه في انتفاضة الأقصى مع حماس التي استغلت بلاوطنية فائقة الإنتفاضة كحملة انتخابية متواصلة؟ وإذا وجدت حماس نفسها في وضع مشابه هل ستنحو باتجاه قبول نتائج اللعبة سياسياً، أم أنها ستميل لقمع منافسينها؟ وإذا كان الحل القائم على دولتين مأزوماً ويفقد يوما بعد يوم الحد الأدنى من إمكانيته، نتيجة ضم الأراضي واصطدامه بالواقع المفروض على الأرض من قبل إسرائيل، فما هي إجابات حماس بعد سياسة التكيف التي برهنت عنها؟ هل ستدفعنا باتجاه كونفدرالية مع الأردن تحت عنوان إقامة دولة إسلامية فتكتمل لاوطنيتها؟ يبدو الواقع مفتوحاً في الضفة والقطاع على احتمالات لانهائية، والغائب الوحيد عنها هو فاعلية اليسار وبرنامجه المفترض دولة ديمقراطية علمانية .
#يوسف_فخر_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وجهة نظر في حل الدولة الواحدة والواقع السياسي الراهن
-
أسس المشاركة: الهياكل المدنية للاجئين الفلسطينيين في الشتات-
...
-
مشروع -كيفيتاس-: مغامرة جديدة لأكاديمي فلسطيني
المزيد.....
-
هوت من السماء وانفجرت.. كاميرا مراقبة ترصد لحظة تحطم طائرة ش
...
-
القوات الروسية تعتقل جنديا بريطانيا سابقا أثناء قتاله لصالح
...
-
للمحافظة على سلامة التلامذة والهيئات التعليمية.. لبنان يعلق
...
-
لبنان ـ تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت
...
-
مسؤول طبي: مستشفى -كمال عدوان- في غزة محاصر منذ 40 يوما وننا
...
-
رحالة روسي شهير يستعد لرحلة بحثية جديدة إلى الأنتاركتيكا
-
الإمارات تكشف هوية وصور قتلة الحاخام الإسرائيلي كوغان وتؤكد
...
-
بيسكوف تعليقا على القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان: نطالب بوقف ق
...
-
فيديو مأسوي لطفل في مصر يثير ضجة واسعة
-
العثور على جثة حاخام إسرائيلي بالإمارات
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|