أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شيرين يوسف - مسافر إلى السماء














المزيد.....

مسافر إلى السماء


شيرين يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1497 - 2006 / 3 / 22 - 10:57
المحور: الادب والفن
    


لطالما كانت لوحة الجد المعلقة فوق جدار قاعة الاستقبال في بيت العائلة مثار اهتمام (يحيى) الصغير ، حيث كان يستفزه الشريط الأسود على حافتها اليسرى فيزيد من الأسئلة و يلح في طلب الإجابة ، و حين يأتيه جواب جدته المسنة : حبيبي .. سافر جدك إلى السماء ..
يتعجب و يزيد فضوله في معرفة كيف السبيل يكون إلى السماء !! فتكتفي الجدة بدمعة ساخنة
يستمر مذاقها المالح تذكارا ً فوق شفتيها ، حينها يكف عن تكرار السؤال و يتجه إلى أمه ليعيد السؤال عليها فتجيب بابتسامة زائفة : حين يهرم الإنسان يسافر إلى السماء ، ظل السؤال عالقاً في ذهنه إلى أن جاء يوم ، و آنست صورة أبيه صورة الجد على الجدار مكللة بشريط أسود مما جعل الصغير يزداد حيرة حين سأل والدته عن سر الشريط الأسود فوق صورة والده و كان الجواب مستعارا ً من جواب الجدة التقليدي: حبيبي .. سافر أباك إلى السماء ..
لم يكن الجواب كافيا ً تلك المرة فكيف ذهب الأب إلى السماء دون أن يهرم ؟!، ظل السؤال حائراً فوق شفتيه و النساء المتشحات بالسواد يملأن البيت على مدى ثلاثة أيام متتالية يترحمون و يبكون ، حتى جاء اليوم الرابع و قد عقد الصغير العزم على سؤال أمه من جديد : كيف سافر بابا إلى السماء قبل أن يهرم ؟،اكتفت الأم بدموعها كرد تلقائي بينما ظل حائرا ً
قلقا ً من سؤال بلا إجابة ،خاف الصغير من السماء التي خطفت أباه و جده إلى أن لاحظت جدته أنه يتحاشى النظر إلى السماء ، فدخلت إلى غرفته و فتحت باب الشرفة و تمددت على الأرض و طلبت منه أن يجاورها فاقترب متحاشيا ً النظر إلى ضوء السماء القادم عبر الشرفة إلا أنه نام إلى جوارها متفاديا ً مساحات الضوء المنعكسة على أرض غرفته ، داعبت خصلات شعره و بدأت في سرد أحاديث الفردوس و حكايات النعيم و متعة السفر إلى السماء،و كيف سعد جده حين علم باقتراب صعوده إلى السماء و كذلك أباه حين باغتته الدعوة للسفر عبر السماء و هو عائد من رحلة عمله ،اطمأن بعض الشيء و بدأ يقترب و يتلمس الضوء المنعكس و يرفع عينيه إلى السماء فباغتها بسؤاله : و كيف تلقوا تلك الدعوة ؟
صمتت قليلا ً ثم أجابت بصوتها المتهدج الرخيم : كلنا سنسافر إلى السماء في يوم ما .
تابع سؤاله بآخر : متى سأسافر ؟، تسللت دموعها في تلك اللحظة فانزعج الصغير و راح يمسح الدموع عن وجهها المضيء إلا أن الدموع توقفت فجأة و بردت جبهتها على نحو ملحوظ فناداها الصغير و لم تجب كرر النداء و لا إجابة .. جاءت أمه على صوت صراخه و اكتشفت أن الجدة سافرت هي الأخرى إلى السماء !، في اليوم التالي كانت صورة الجدة تتوسط الصورتين و الشريط الأسود يتكرر للمرة الثالثة في حياة الصغير،مضى نحو عام و الصغير حريص على تلميع زجاج البراويز و تنظيف الأشرطة السوداء و الحديث إلى الصور إلى أن لاحظت أمه ذات يوم صورته إلى جوار الصور و عليها شريط أسود فانزعجت و صرخت : من فعل هذا بصورة (يحيى) ..و بدأت في البكاء إلى أن جاءها صوته الصغير مجيبا ً : أنا من فعلها ،و حين استفهمت عن السبب أجابها بصوت خفيض مرتعش لا يخلو من الألم : سأسافر غدا ً إلى السماء .. اشتقت إليهم فهل تتبعيني ؟؟
بكت الأم بحرقة و رفضت أن ينام بعيدا ً عنها في تلك الليلة ، احتضنته و ضمته إلى صدرها إلى أن أشرق النهار و داعب ضوء الشمس وجهها عبر النافذة ، هزت رأسه الصغير بحنو بالغ إلا أنه لم يجبها ، لقد سافر بالفعل إلى السماء !!!



#شيرين_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماريونيت
- كل عام و أنتم عرب
- جون لينون و 25 عاما ً من الحيرة
- أبتاه فلتبق قريبا ً
- حول ما كتبه إبراهيم محمود - بؤس الأدب الكردي في بئس النظرة ا ...
- عصفور بلا أجنحة
- سيلويت
- الرقص على قدم واحدة
- الدمعة العاشرة في عيون سربرينتشا
- قبل أن تظلمنا بريطانيا
- سأرتاح قليلا ً
- القدس ترقد فى البكاء المريمي
- نافذة على الأدب الإسرائيلي
- الرواية كان إسمها زينب


المزيد.....




- عائشة القذافي تخص روسيا بفعالية فنية -تجعل القلوب تنبض بشكل ...
- بوتين يتحدث عن أهمية السينما الهندية
- افتتاح مهرجان الموسيقى الروسية السادس في هنغاريا
- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...
- -القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب ...
- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شيرين يوسف - مسافر إلى السماء