أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - إلِكْترا: الفصل التاسع 1














المزيد.....

إلِكْترا: الفصل التاسع 1


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5906 - 2018 / 6 / 17 - 00:35
المحور: الادب والفن
    


" الرانج روفر "، لاحت في العتمة كأنها إحدى نجوم السماء، الفضية، المتلألئة فوق رؤوسهم. يُقال، وفق عقيدة قديمة، أنّ النجومَ هيَ أرواحُ البشر الفانين. لئن كان الأمرُ كذلك، فإنّ " مسيو جاك " يتطلع إليهم من مكانه في الأعالي. مزقة من روحه، على أيّ حال، كانت ترافقهم حقاً: عدد من لوحاته، من المفترض أن يُشاركوا في معرضٍ بمناسبة ذكراه الأولى، سيقام في مساء الغد بغاليري كان يملكه في مدينة الصويرة.
وإنها لوحاتُ صديقها الراحل، المسببة قلق السيّدة السورية، التي قبعت صامتة وراء سائق سيارتها فيما عيناها ترقبان كتلَ الفولاذ تجري بسرعة الصاروخ فوق طريقٍ لا يصلح حتى لعربات تجرها الدواب. فبين تلك اللوحات، المرقّشة بفرشاة المعلّم الكبير، مَن تُصوّر نساء عاريات، أو أشبه، قد تثير شهيّة رجال البوليس لتأملها فيما هم يؤملون برشوةٍ كيلا يحتجزونها بحجّة أنها تنتمي للفنّ الإباحيّ ( بورنو ). وربما تتفاقم القضية في نظرهم، حينَ ينتبهون إلى حقيقة أنّ النماذج النسائية ذات ملامح محلية.
لم يكن لمخاوف " سوسن خانم " من أساس، بعدما مرت سيارتها بسلام من أمام آخر دورية بوليس تخفرُ الطريق. أكتفوا برؤية أوراق السائق، بينما عيونهم تقتحمُ الجمالَ الأنثويّ، الموزع على مقعديّ السيارة. " زين "، كانت تجلس بالقرب من شقيقها، قائد الرحلة، كي تسليه خلال الطريق حتى لا يدهمه النعاس أو الشرود. كذلك كانت أوامر الخانم، المستسلمة بنفسها إلى أفكارٍ تداعبُ الرأسَ المجلل بالشعر الأشقر الغزير، بينما بصرها المخترقُ بلورَ السيارة يودّ السباحة بين النجوم علّه يحظى بلمحةٍ من روح الصديق المصوّر. في غمرة فوضى النجوم الأرواح، ميّزت عيناها صوراً لا مرئية لعالمٍ قد أضمحل، أو كاد؛ عالم مراكش، كما عرفته هيَ في خلال الأعوام الخمسة من إقامتها في المدينة: " كأنكم روحُ المكان؛ ازدهر بحضوركم وانهارَ بغيابكم. أما مراكش، أما المدينة الحمراء؛ مدينة النخيل والبهجة ـ فإنها باقية لا تغيب ولا تضمحل سوى في أذهاننا، المشوّشة والمضطربة، خشية شبح الموت "، خاطبت في سرّها كائناتِ الأعالي فيما رأسها يميل رويداً على صدرها مستسلماً لعذوبة النسيم البحريّ.
صباحاً، استيقظوا ثلاثتهم على دويّ هبوب الهواء الخريفيّ، المصطكّ له أباجور نوافذ حجرات النوم. على أنّ السماء كانت كدأبها في الصيف المنصرم، صافية مع بعض السُحُب المعتادة على مداعبة الشمس. وكعادة الخانم خلال عطلتيّ الصيف المنقضيتين، نزلت مع جماعتها في رياض " دار الكردي "، الذي يقعُ في القصبة عند مدخل السقالة الداخلية من ناحية السوق القديم. صاحبُ الرياض، وكان رجلاً في السبعين ذا مظهرٍ حيويّ يجعله أصغر من سنّه، قال للسيّدة السورية في أول مرة حلّت لديه: " هذا النزل، كان بالأساس داراً لتاجرٍ من أصلٍ شاميّ، استقرّ في المدينة في أواسط القرن التاسع عشر ". آنذاك فوجئ الرجلُ بنفسه، حينَ ردت الخانم بالقول وهيَ تشير إلى معاونيها الشابين: " لقد نزلت هنا، في الحقيقة، بناءً على رغبتهما. لأنهما من سبط ذلك التاجر، الشاميّ! "
" إذاً فأنتما ولديّ السيّد راغب، رحمه الله، تاجر الأثاث المعروف؟ "، تساءل صاحبُ الرياض مدهوشاً فيما نظراته تعبرُ الشقيقين. ثمّ أضافَ، بعدما أومأ كلاهما رأسَه إيجاباً: " لقد حزرتُ ذلك من النظرة الأولى! فإنني عرفت والدكما عندما كنتما صغيرين، وكان يمرّ عليّ أثناء تمضيته شهرَ رمضان في الصويرة. كان يصطحبُ أحياناً ابنه الأكبر، ماذا كان اسمه؟ "
" اسمه لاوند، وهوَ مَن ورثَ صنعة أبينا. أما شقيقي هذا، فإنه أختار دراسة الاقتصاد "، أجابته الفتاة مبتسمة. وكانت هذه شيمتها، في كلّ مرةٍ يتوجّه فيها أحدهم بالسؤال في وجود " آلان "؛ وذلك لكونها تكبره بعامين كما نعلم. رداً على ما أبداه الرجل من فضول، بشأن اسم شقيقهم الكبير، الغريب، تعهّدت " زين " أيضاً إجابته بالقول: " إنه اسمُ أحد أسلافنا، بحَسَب ما علمنا من الوالد.. "
" آه، نعم. إنني أذكر الآنَ قوله لي ذات مرة بأنه من أصل تركيّ. "، قاطع كلامها فيما كان يمسح هيئتها بنظرة إعجاب. وكانت " زين " يومئذٍ مكتسية بفستان تقليديّ من النسيج الورديّ المخرّم، أكسَبَ قوامها الأهيف، الممتلئ، سحراً لا يُضاهى. قالت له مصححة: " بل إنّ جدّنا الأول كان كردياً من التابعية العثمانية "
" هذا شيءٌ طريف قياساً لاسم أبيكِ، العربيّ! "
" لقد ذكرَ لنا الوالد بهذا الخصوص، أنّ أباه سمعَ في إحدى ليالي صباه هاتفاً مجهولاً في المنام يطلب منه تسمية ابنه البكر راغباً "
" ولعل بعضهم، بسبب هذه الأسماء الغريبة، كان يظن أنّ والدكِ يهوديّ؟ "، عادَ العجوزُ المتظارف إلى نفس النغمة. تدخل شقيقُ الفتاة، فقال للرجل: " كانت علاقة أبي، كما وأجداده من قبل، وثيقة بيهود الصويرة. بل إن رياضكم هذا، وفق ما أعلمنا الوالدُ، انتقل إلى ملكية جدّنا الأول من رابي يهوديّ كان زعيماً لطائفته في ذلك الزمن ". صاحبُ الرياض، كان قد تضاحك بسرور لما عرفَ اسمَيْ الشقيقين. ثم مدّ يده، مرةً أخرى، ليصافحهما في حرارة بوصفهما ابنيّ صديقٍ قديم ـ كما عاد وكررَ، بينما كان نظره مركّزاً على الفتاة.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلِكْترا: الفصل الثامن 5
- إلِكْترا: الفصل الثامن 4
- إلِكْترا: الفصل الثامن 3
- إلِكْترا: الفصل الثامن 2
- إلِكْترا: الفصل الثامن 1
- سيرَة أُخرى 70
- إلِكْترا: الفصل السابع 5
- إلِكْترا: الفصل السابع 4
- إلِكْترا: الفصل السابع 3
- إلِكْترا: الفصل السابع 2
- إلِكْترا: الفصل السابع 1
- إلِكْترا: الفصل السادس 5
- إلِكْترا: الفصل السادس 4
- إلِكْترا: الفصل السادس 3
- الدهليز والكنز
- إلِكْترا: الفصل السادس 2
- إلِكْترا: الفصل السادس 1
- سيرَة أُخرى 69
- إلِكْترا: الفصل الخامس 5
- إلِكْترا: الفصل الخامس 4


المزيد.....




- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - إلِكْترا: الفصل التاسع 1