سامي العامري
الحوار المتمدن-العدد: 5903 - 2018 / 6 / 14 - 05:54
المحور:
الادب والفن
قصة على لسان الحيوان
ـــــــــــ
عندليبان وغراب
ــــــــــ
كان العندليب يغرّد على غصن تينةٍ ناسياً العالم وهمومه وغائصاً في تجاويف روحه ممعناً في استنطاق ذاتهِ حينما قاطعه غرابٌ مرَّ فسمع صوته فحط على غصن قريب منه وقد كان الغراب مجهَداً ...
قال الغراب للعندليب : ألا تكفُّ عن إزعاج الناس والحيوانات والطيور وسائر مخلوقات الطبيعة الأخرى بصوتك البشع ؟
فالتفت العندليب له وقال : عفواً إذا أزعجتك ولكنْ على حد علمي أن صوتي مقبول ثم إني أغنّي لنفسي وأناجي حبيبتي الغائبة والتي هي على وشك العودة ، نعم أفعل هذا وبصوت لا يكاد يسمعه إلا القليلون القريبون مني .
فردَّ الغرابُ بامتعاض : أريد أن أستريح ساعة ثم أواصل الطيران لذا فإما أن تصمت أو تذهب وتنوح على غصن آخر بعيداً عني .
فردَّ العندليب : ولكنَّ عُشي هنا على شجرة التينة هذه وبيوضنا أنا وشريكة حياتي أعلى الشجرة .
قال الغراب : إذن إصمتْ .
فصمتَ العندليب محتسباً وبعد دقائق سمعَ شخيرَ الغراب يتعالى ...
عندها جاءت أعداد من الحيوانات والطيور والحشرات والهوام مستغربةً من انقطاع صوت العندليب الشجي ومستنكرةً شخيراً ثقيلاً
فقال لهن العندليب : الرجاء الصمت فزميلي مُتعَب ويحتاج إلى قسط من الراحة .
فردوا عليه بصوت واحد : أية راحة ؟ وماذا عن راحتنا نحن ؟
وهنا أطلت حبيبته عائدة ومتعجبة من هذا التجمع حول شجرة التين حيث عشُّها .
وبعد أن قصّ عليها شريكها القصة بصوت خفيض صاحت به : ما أكبر مثالياتك وخجلك ، دع الأمر لي ، فحطتْ جوار الغراب وراحت تغرد بأعلى صوتها وإذا بالحيوانات والطيور والحشرات تمسك بعضها البعض يداً بيد وترفل ، والغراب كأنه في بئرٍ عميق خارج كينونته ،
وحين أفاق فركَ عينيه ونظر تحته ثم قال لنفسهِ بحزن :
لم أتعلم الحسدَ لولا الناس فهم الذين أخرجوني عن محيطي الأم الرؤوم فهبط إلى الأرض وأمسك بيد حشرة وراح يدور معها وسط الحلقة ويغنّي ، والعندليبان يصفقان وحين أراد مواصلة الطيران والعودة إلى دارهِ
قالا له : بل ستبقى معنا الليلة أيها الليل الصغير ، أيها الليل القصير !
ـــ
برلين
#سامي_العامري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟