أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاتن واصل - طائر من شَوّكْ














المزيد.....

طائر من شَوّكْ


فاتن واصل

الحوار المتمدن-العدد: 5894 - 2018 / 6 / 5 - 23:54
المحور: الادب والفن
    


رأيت فيما يشبه الحُلم أنني كنت أعدو فوق رمال شاطئ خالٍ تماماً من كل شيء عدا شمس الغروب ورمال برتقالية ممتدة وطريق بمحاذاة الشاطئ يقطع المسافة بين البحر وجبل يقترب ويبتعد كلما تماديت في العدو نحو الغرب. كنت أحمل حذائي وأرفع ردائي خوفاً من البلل وعندما تقترب الأمواج من ساقي أثبُ مبتعدة .. كان يغمرني شعور بالسعادة وآخر غامض بأني أنتظر شيئاً لا أعرف ماهيته .. ربما توقع لقاء أو حدث. تعبت فتوقفت عن العدوّ وبدأت أسير ببطء أتأمل الجمال من حولي. النسمات تداعب شعري وثوبي. جلست كي ألتقط أنفاسي ثم تمددت على ظهري باسطة ذراعي مفتوحتان بجواري أحتضن صفحة السماء الزرقاء .. أغمضت عيني للحظات ثم فتحتهما فإذا بالوقت قد بات ليلا حالك السواد ليس فيه قمر جلست أتبين المشهد حولي، فئذ بي لم أعد أرى سوى مساحة شاسعة سوداء يتتابع فيها الزبد الأبيض وهو الشيء الوحيد الذي كان يدلني على موضعي .. صوت البحر ليلا مخيف يظن المرء أن ثمة هدير قنابل آت من بعيد. نظرت خلفي فلمحت أضواء مشاعل في نقاط متفرقة فوق الجبل، ثابتة في موضعها تخفت وتلمع دون أن تنطفئ مع أصوات نسائية تشدو بترانيم ملائكية هادئة آتية من بعيد. بدأت المشاعل تتجمع وتقترب من بعضها البعض ثم تحركت متجهة نزولا نحو السفح، عبرت الطريق متجهة إلى البحر وكأنها تشرع في عملية انتحار جماعي، الأصوات تقترب، تعلو ثم تعلو ثم بدأت تتحول إلى عويل وصراخ ثم لهتاف " هب لي" ، " هب لي ".
ابتلع السواد مشاعل النور صفاً تلوّ الآخر حتى لم يتبق غير شعلة واحدة أكملت الغوص حتى اختفت هي الأخرى في نقطة بعيدة من السواد.
ملأ الحزن قلبي على حاملات المشاعل وتمنيت أن أستيقظ من هذا الحلم الذي أضحى كابوساً أو أن يأتي النهار فأتبين طريق العودة حتى لا أضيع في بحر السواد، استأنفت السير لكن بعد برهة نال التعب مني فجلست مكاني مسندة رأسي على ركبتي
مر بعض الوقت لم تغفو عيوني فقد كان قلبي مفعما بالرهبة والتوجس. شعرت فجأة بحركة في الهواء من حولي وكأن طائراً ضخماً قد صفّقَ بجناحيه، فرفعت رأسي فزعة وشهقت من هول ما رأيت.. أشعة شمس مبهرة أضاءت الدنيا وطائر ضخم أجنحته ذات عيدان جافة مدببة، في نهاية كل عود شوكة طويلة حادة، له عينان على جانبي رأسه كسائر الطيور وأخرى في مقدمة رأسه كالبشر، كان يحول بيني وبين البحر مرتفعا في ضخامة الجبل.. ظله الكثيف يفترش الأرض حولي، صرخ صرخة مدويّة، فانطلقت من فمه رائحة بشعة كأنها لحيوان ميت. سدد بصره نحوي بعيناه الأماميتان فشعرت بحرارة وكأن نيرانا اشتعلت بجسدي .. تناهى إلى سمعي هدير صاحبات المشاعل مرة أخرى آت من جهة البحر " هب لي " ، " هب لي " إذن ثمة أمل في إنقاذي.. ثم تراجعت إذ تذكرت فجأة أنهن مِتن غرقا.. إذن من أين تأتي هذه الأصوات؟ هل التهمهن الطائر المرعب ؟؟... تمنيت الليل.. تمنيت ظلمة حالكة أضيع بين ثناياها .. فلا أرى كل هذا الرعب ولا أتطلع لأمل.. صوت الهدير يرتفع ويقترب .. فتملأ السكينة قلبي .. وياللعجب !! حجم الطائر يتضاءل ويتضائل ويخرُّ ويتحول لكومة من القش وينبثق مشهد البحر الساحرمرة أخرى بصفحته الزرقاء الصافية، ألملم ردائي وأبدأ في الجري عائدة من حيث أتيت، يركض من خلفي النساء حاملات المشاعل يهدرن بأصواتهن " هب لي " ، " هب لي "... " هب لي ".



#فاتن_واصل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنقاذ الغريق
- الأرملة السوّداء
- شارل في المطر
- حكاية ست إسمها مريم
- التُوْهة
- نصف غربة
- عجايب
- عبودة الوحش
- قمصان شفافة
- وضع متميز
- والقلب يعشق سراً .. ( الجزء الأخير)
- والقلب يعشق سراً .. ( الجزء الثالث عشر )
- والقلب يعشق سراً .. ( الجزء الثاني عشر )
- والقلب يعشق سراً. ( الجزء الحادي عشر)
- والقلب يعشق سراً. ( الجزء العاشر )
- والقلب يعشق سراً . ( الجزء التاسع )
- والقلب يعشق سراً . ( الجزء الثامن )
- والقلب يعشق سراً. ( الجزء السابع )
- والقلب يعشق سراً .. ( الجزء السادس )
- والقلب يعشق سراً .. ( الجزء الخامس )


المزيد.....




- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
- -المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية ...
- أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد ...
- الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين ...
- -لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...
- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاتن واصل - طائر من شَوّكْ