|
تصدعات روح المغني
محمد علاء الدين عبد المولى
الحوار المتمدن-العدد: 1496 - 2006 / 3 / 21 - 11:22
المحور:
الادب والفن
يلتوي الروح مثل قضيبٍ محمَّى إلى أين أمضي بما فاضَ منِّي ؟ ومن يحملُ الشعرَ عني ؟ يعلمني اليأسُ ألاَّ أقول سوى اليأسِ... هذا مهبُّ الكلامِ تسرَّبَ منه دمٌ كنتُ شريانهُ. ليت عشبَ الزمانِ تجمَّد في قدَم الطفلِ ليت الطفولةَ مرآتيَ الأبديةُ لا يبلغ القلب شيباً ولا يشهد الروحُ حرباً ولا يهدم الحبُّ أركانه. ليتني أتدفَّق من آخرِ الأفقِ شلال نورٍ من القمر المتكسِّر تثقبه لوعة الكون أو يتشرَّد خلف الغمامِ يضيِّع عنوانه. قمري في الخلايا يضيء عذابَ الفصول الولود وما كنت فصل الربيع ولا الصيفُ أطلق في جسدي نهره الكرزيَّ وما أخصبَ الحلمُ أغصانه. قمري صفرةٌ أتآكل بين أظافرها عندما هارباً كنت من ولهٍ بانبلاجِ الخريفِ إلى عبقٍ ضائعٍ من عرائس تموزَ أقرأ شعري على ملأ من ملائكةٍ غبَّ من نورها جسدي جلَّ ميقاتهُ القزحيُّ وبارك – من عرفَ الحبَّ – ألوانَه. ليته زمن راجع من خوابٍ تشدُّ خيوطَ الكهولةِ للشهواتِ وتلبسُ هيكليَ المتصدِّع بنيانه. لا أرى اليومَ من يعصم الخلقَ من رغبة النفيِ والاحتضارِ فقد ضاعف الموت طوفانه. والتوى الروح خلف السجونِ وزُوِّجتِ الأرض من عدمٍ عندما عانقَ الكونُ قاتله وطوى البحر شطآنه. صار لليأسِ حجمٌ يُحَسُّ فمن يحمل اليأسَ عن كتفي ؟ صار وجهٌ له... يتطاولُ يلبسُ أقنعةً ما يشاءُ وأُدخِلَتِ الكائناتُ إلى معبدٍ نوويٍّ يباركه خالق الكيمياءِ تؤذِّن فيه المعادنُ يرتعشُ الخلقُ من لذَّة الصهر يضغط زرٌّ على القلب تنفجرُ النبضةُ البشريةُ بالحكمة العبثيَّةْ يلعن الطفل والده والمريدُ المغيَّبُ مرشده حيث للموتِ شكلٌ يُرى صار إيقاعُه يُشترى من طبولِ جهنّمَ تقرع في فجرنا المتوارثِ توقظُ أعضاءنا من هلام التأمُّلِ والإيديولوجيا المريضةِ بالانكسارْ ثمَّ من ينقذ الوقتَ من لحظةٍ حجَّرَ العقمُ عقربها والغزالةُ فيها استوتْ سلحفاةً تدثِّرها خيمةٌ من غبارْ ؟ كان لي في المزاميرِ صوتٌ يرقَّصُ خصرَ النباتِ ويُجري دموع الإناث الولوداتِ ... من يُنهضُ الوقتَ من عقمه قبلَ أن يتزوَّجَ عضوَ الدمارْ ؟ لا أغني لأُطرِبَ هذا الرحيلَ السديميَّ في الصحراء ولا لأقوِّسَ سهم البصيرةِ لا لأغازلَ قبراً تفسَّخ من عفنٍ إنما لشموخِ انهياري أغني ليس للسِّرِّ وقتٌ لنتلو مديحاً لسلطاننا الذهبيٍّ فاهبطي في دمي يا فضيحةْ حصد الفقرُ هاماتنا وهي تركعُ راضيةً مستريحةْ في مقامِ الوليّْ ليس للساقطينَ مدارٌ وقد ذهبت حسرةً أنفسُ الطالعينَ من الحزنِ كلٌّ يغني نبيّاً ويستنزلون الأسيدَ على الشجر العربيّْ ......! بالسماءْ بالذي سيَّر الأرضَ نحو الخواءْ والذي نامَ ناطورُه عن مواسمنا سأعـدِّدُ أسماء من سقطوا عاهراً بعد عاهرْ / وأنا أستميح القصيدة عذراً إذا كشفتْ فرجها اللُّغويّْ بعد أن أحصنته طويلاً فما قدَّستها الحناجرْ / * لعنتي في الزمان إلى حلقه يتقيَّؤنا شاعراً شاعراً وشهيداً شهيداً وشعباً من الفحمِ تُنحتُ منه المنابرْ لعنتي في تراتيلِ منْ يتمدّدُ خلفَ سياجٍ يُصهيِنُ زهر الصباحْ لعنتي في صباحٍ يقود الطفولةْ نحو مدرسةٍ هرم الدمُ وهو يرمّم هيكلها المستباحْ لعنتي في المخابرْ حين تمسخُ ذاكرةَ الجيلِ تحشو بياض الأناجيل بالجنة المستحيلةْ نحن نسلُ التمعدنِ والانبطاحْ نحن نسلُ الميوعةِ والانبهارِ بمرأى الدم المتسرِّبِ من سرَّةٍ نتنةْ لعنتي في مرايا رأينا غد الروح فيها يصاهرُ مستنقعاً من كهولةْ لعنتي في السلالةِ تنسلُّ من سلَّةِ السِّلِّ ساريةً في سعالِ البطولةْ لعنتي في البطولةِ حتى النخاعِ لنا آخرَ العمرِ تلويحةٌ عند قبر الوداعِ نشيِّع فيها توابيتنا الملكيَّةْ لعنتي في هواء يصوِّبُ طلقته باتجاه نوافذَ يمتصها الانتظارُ فيسقط في الأرضِ ظلٌّ يخبِّىءُ طفلاً بفكرته المؤمنةْ لعنتي في الأيادي التي تستبيح الجهادْ يستوي عندهم من يبيع ومن يشتري بل رأيت الأيادي تعانقُ من باع فجر البلادْ في كتابٍ يحوِّلُ سيرتنا حكمةً للطوافْ حول وهمٍ يشكِّلنا بمشيئته فنخافُ به ونخاف له وعليه نخافْ لعنتي في الشعار الذي يضع الكونَ في جيبه الجاهليّْ / وأنا أستميحُ القصيدةَ عذراً إذا كشفتْ فرجها اللغويّْ / ...... شيَّخَ اليأسُ... يا طفليَ العسليَّ تقدَّمْ عليَّ وخذ شبحي المتكسِّرَ مثل سنابلَ داستْ عليه الخيولْ احصد المتبقي من القلب يا سومريَّ الفصولْ يابسٌ زهَري يابسٌ نهَري يابسٌ كلُّ ما قلتُ أو سأقولْ لكَ أركع يا جسدي المتجدِّدَ إذ أتهجَّدُ في كنفِ الزَّرع حين تمدُّ يديك إليهْ. تستعيدُ النباتات دورتها والقبائل رقصتها وتفيضُ السُّيولْ ها أنا هاربٌ من مقاصير جوعي إلى قمحةٍ في يديكْ غذِّني فأنا ما أزال أدلُّ الحياةَ عليكْ يا بنيّْ من يدلُّ الحياةَ عليّْ ؟
#محمد_علاء_الدين_عبد_المولى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خماسيات
-
في مديح النهدين
-
رثاء لصهيل االفكرة
-
الأرض تمدح نفسها
-
قصيدة مهداة إلى مروان البرغوثي وأحمد سعدات وجميع المحاصرين
-
قلق صيّاد المجاز
-
نثريات أخرى للحب
-
نثريات للحب / مقاطع
-
حرائق تحت لسان المغني
-
الشاعر
-
آدم ووقت للردة
-
يوم من شعر، أبد من وجود
-
ريش الطير قوتنا الأخيرة
-
وجهة نظر في واقع اللغة العربية
-
مكاشفات في أفق السهروردي
-
البيان الإباحي
-
إعلامولوجيا سورية
-
قصتان قصيرتان
-
فئران
-
لوركا نموذج منسي للمقاومة : قراءة في مفهوم الروح المبدع
المزيد.....
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|