محمد بن ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 5891 - 2018 / 6 / 2 - 06:28
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تحتل قصة أصحاب الكهف مكانة مركزية في الجدل الدائر بين الأوساط الدينية و اللادينية؛ ومجرد كونها كذلك يجعلها مثار شد و وجذب يعمي عن القول الموضوعي فيها لصالح تغليب المنطق الدفاعي والإيديولوجي في طرق مغاليقها؛ ونحن إذ نتطرق إلى هذه القصة المعقدة فإننا لا نستطيع الفكاك من خلفياتنا الإيديولوجية المؤسسة على تسليمنا بفرضية أصالة النص القرءاني وانحراف الفهم التفسيري نحو تمجيد الخرافة وإلغاء النسق العقلاني للنص بمبرر التسليم بسلطة القول السلفي. انه بإعلاننا نزوعنا الإيديولوجي الواضح في التعامل مع النص القرءاني بمنهج يدين القرءان بالقرءان ويضرب بعضه ببعض؛ فإننا مع ذلك نزعم أننا نحتفظ بمنسوب معتبر من الموضوعية؛ بالحرص على أن لا تخرج خلاصات أبحاثنا القرءانية عن نسق النص وعن أفق الفهم البشري المعلقن؛ بحكم كون العقل هو في الأساس مناط التكليف. كما نرفض بالتالي أن يخاطبنا الله بما لا نعقل كبشر؛ غير انه في نفس الوقت لا ندعي امتلاكنا لمناط الحقيقة المطلقة التي أرجأها الله في هذه القضية بالذات إلى يوم يبعثون حيث يُنظر أينا أحصى لما لبثوا أمدا ويقطع به قطعا فيتبدى حينها مراد الله على منوال احد الحزبين؛ والى ذلكم الحين فما علينا نحن أهل الابتلاء بإحصاء أمدهم إلا تقديم خلاصات أبحاثنا وعرضها على الملأ العلمي وفق أسس منطقية على أساسها يتحدد أينا أقوم قيلا.
وجهة نظر مغايرة:
تكشف مراجعة المقالات التي كتبت عن قصة أصحاب الكهف عن نزوع منهجي نحو أسطرة القصة وتقديمها ليس فحسب كأسطورة تشوهت معالمها تحت عوادي الزمن بل كخرافة احتطبت بليل؛ وهذا النزوع نتاج تعامل فاوستي ساذج مع مصادر القصة والتسليم باعتبار المصادر التاريخية السريانية والمسيحية لنهاية القرن الخامس مصادر أصلية تقول الحقيقة؛ والحال أنها مجرد تدوين متأخر للمعطى القابل للتلف؛ وهو معطى هش من جهة تفككه أصلا كروايات شفاهية جمعت ودونت بعد طول عهد في سياق تعزيز شرعية الديانة المسيحية ما بعد إنجيلية بجذور ملحمية ومناقبية؛ بالاستيلاء على أمجاد القديسين واستعادتها زمن المحن وإعادة إنتاجها كقصص قريبة العهد لتؤدي وظيفتها العلاجية كسلوان وعزاء آني للمضطهدين من كل عصر؛ وفي هذا السياق يكشف ناذر قريط في مقاله "تعقيبا على فرح السواح أهل الكهف نموذجا" عن وجود إشارات لانتعاش قصة النيام السبعة في عهد الإمبراطور جوستنيان 544 م وعلى اثر اندلاع الطاعون الذي ضرب أوربا خلال القرنين 12 و13 م كما ظهرت نصوص أخرى جعلت أحداث القصة في مرسيليا جنوب فرنسا. وهذا التكرار والنمذجة خاصية ملازمة من طبيعة النصوص المنقبية في حد ذاتها ترتقي بها خارج سلطتي الزمان والمكان. وأمام هذه الخاصية فان أي تقدير زمني لأصول القصة من الناحية التاريخية يجب أن يرتقي على اقل تقدير إلى أقدم مصدر وردت فيه الإشارة إلى سبعة نيام وهو كتاب الفيزياء الرابع لأرسطو في القرن الرابع قبل الميلاد والذي أشار إليهم كأسطورة منتشرة في صفوف الوثنين اليونان؛ وكونه أشار إليهم كأسطورة وهو في القرن الرابع قبل الميلاد فهذا يعني أن القصة أقدم من ذلك؛ وماذا بعد قوله أسطورة؟ الم تكن مدينة طروادة إلى عهد قريب مجرد أسطورة في الاليادة الاوديسا؟ البعض تطربه كلمة اسطورة ويفرح بدلالتها العامية المطابقة عنده للخرافة. لقد ثم القفز على هذه المعطيات التاريخية والمنهجية من طرف بعض الكتابات التي تسعى إلى إقامة رابط ما بين قصة أصحاب الكهف القرءانية والمسيحية المضطهدة زمن الإمبراطور الروماني والحال أن هذه المصادر المسيحية نفسها تؤكد أن هؤلاء الفتية كان يؤمنون بمذهب التثليث: الأب والابن والروح القدس؛ الذي كفر القرءان أصحابه بقوله الصريح " لقد كفر الذين قالوا أن الله ثالث ثلاثة " ولا مجال هنا لأي سفسطة تأويلية فقوله ثالث ثلاثة جامع مانع ويتعين الإقرار بان القرءان لا يعترف أساسا بديانة اسمها المسيحية. فهل يتعين علينا نحن لحل هذه الإشكال القول بالتطابق ما بين المسيحية والذين قالوا إنا نصارى ؟ إن أكثر لفظ قرءاني نشتبه بان القرءان يقصد به الديانة المسيحية هو تعبير " الذين أوتوا الكتاب " ودلت على ذلك سورة التوبة التي أمرت بقتالهم بعد أن شكلوا بمعية المنافقين وكفار قريش طابورا خامسا بمسجد الضرار يمتد من المدينة إلى بيزنطة؛ وتعبير "الذين أوتوا الكتاب" تعبير دال بالنظر إلى حالة التجزؤ والانقسام بينهم إلى فرق وطوائف متعددة زمن نزول الوحي.
من جهة ثانية فان المصادر المسيحية لقصة السبعة النيام تحتفظ بعنصرين أساسين يكشفان عن تفكك وتضارب في العدد والمدة من مائة وستة وتسعون سنة إلى ثلاث مائة وسبعة وسبعون سنة فما الذي يمكن أن نستفيده من هذا التضارب الكبير في الزمن؛ بل والى أي حد يمكن أن نعتبره فعلا تضاربا في الزمن أم هو لعبة أرقام وتقاويم وأنظمة عد؟ وهل يمكن إرجاع كل هذه التواريخ إلى أصل واحد؟ قبل الدخول في مناقشة هذه الأرقام لابد من طرح قضية أساسية وهي قضية رقن العدد فالمعروف_ إذا سلمنا بقدم القصة وبوجود لوح مرقوم _ أن العدد كان يكتب بالحروف وليس بالأرقام وهي مسألة تجعل من الصعب تحديد نظام العد و التمييز بين العدد الأصلي الطبيعي والصحيح والفاصلة فقد تقرأ الفاصلة عددا صحيحا؛ ولهذه الحيثية لم يعبر النص القرءاني عن لبث أصحاب الكهف ب: ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة وتسعة؛ بل ميز بين العدد الصحيح من السنين 300 والفاصلة بقيمة تسعا من أيام السنين بقوله وازدادوا تسعا وفصل بين الثلاث والمائة وجمع السنين بدل إفرادها لاعتبارات تستهدف أداء النص لأكثر من معنى لتحقيق الإحاطة بزمن أصحاب الكهف من جميع نواحيه؛ وإذا كان السائد هو الادعاء بان القرءان سقط في امتحان السؤال بتلفيق قصص مسيحية وسرقتها وتشويهها فإننا نرى على عكس ذلك أن المصادر المسيحية هي التي تأثرت بالنص القرءاني أو على اقل تقدير شوهت القصة الأصلية وتلاعبت بالعدد دون أن يكون لها أي ارتباط عضوي بالقصة لحيثيي التثليث والرجم وإنكار البعث وهي قضايا من صلب اللاهوت اليهودي وان لم يكن لها أي مصداق في التوراة الحالية ؛ وهذا أمر لا يتعين لزوما فالمفروض أن التوراة ( الأسفار الخمسة) أقدم من قصة أصحاب الكهف وهي شريعتهم التي احتجوا بها على أقوامهم الناكرين للبعث والعابدين لآلهة الأمم ومن هذا المنطلق تفتقت المعجزة على أيدي هؤلاء الفتية كحجة ملموسة وسلطان بين اصطنعه الله لعباده وكشف به عجز آلهة الأمم عن اصطناع مثله لعابديها وأقام به الحجة بعد عجز الطرفين : الفتية والقوم عن إقامة سلطان بين على صدق دعواه؛ ويلزم من هذا أن الفتية لم يناموا أمدا طويلا 300 عام وزيادة كما تدعي بذلك كتب التفسير الإسلامية والمصادر المسيحية لان الجميع فشل في قراءة الرقيم؛ فشل في تحديد أساس العد والتقاويم وفي تحديد معنى السنين وفي التمييز بين مستويات الآية 25 من سورة الكهف.
بالعودة إلى مقال ناذر قريط نجد أن نصوص مثل legend aurea تحدد زمن نومهم في 196 سنة وأخرى تحددها في 377؛ وينقل عن فرح السواح أن مدّة السبات حسب النصّ السريانيّ بلغت 307 سنة. مصادر أخرى تذكر أرقاما أخرى ( انظر مقال سامي منصور" أهل الكهف حقيقة قصة: 190 سنة؛ 376 سنة ؛ ) وفي كتب أصحاب الرواية: بحار الأنوار ج40 ص188عن شرح ملخص الجغميني في علم الهيئة وعن غيره نقلا عن موقع الميزان: أن اليهود قالت لما سمعت قوله سبحانه في شأن أصحاب الكهف: {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاَثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً ما نعرف التسع. والقصة ذكرها رهط من المفسرين كالزجَّاج وغيره: أن جماعة من أحبار اليهود أتت المدينة بعد رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فقالت: ما في القرآن يخالف ما في التوراة، إذ ليس في التوارة إلا ثلاثمائة سنين. فأشكل الأمر على الصحابة فبهتوا، فرفع إلى علي بن أبي طالب فقال:لا مخالفة، إذ المعبر عند اليهود السنة الشمسية، وعند العرب السنة القمرية. والتوراة نزلت عن لسان اليهود، والقرآن العظيم عن لسان العرب، والثلاثمائة من السنين الشمسية ثلاثمائة وتسع من السنين القمرية. أما النص القرءاني فنرى انه يذكر " ثلث مائة سنين وازدادوا تسعا ": 300,9 سنة.
شخصيا لا استبعد أننا في مختلف الأرقام الواردة أعلاه أمام اختلاف في تحديد نظام العد المناسب لقراءة رقيم أصحاب الكهف؛ ويتعين الاحتياط من استسهال تحويل العدد من صيغته الحرفية إلى صيغة رقمية؛ فعملية كهذه هي بالتأكيد المسؤولة عن مهزلة القوائم الفلكية لملوك سومر فقرأت قراءة ستينية الأساس؛ وما ينطبق على هذه القوائم ينطبق على الأعمار المتضخمة في التوراة نفسها.
من وجهة النظر العددية يمكن بسهولة تقرير علاقة عددية ورياضية بين الرقم القرءاني 300,9 و 377 أو 376 على أساس أن الرقم 300,9 قرئ قراءة ثمانية القيمة ورفع إلى القيمة العشرية : 300,9× 10÷ 8 = 376,125 سنة؛ ومن الوارد أيضا أن يكون الرقم 196 العشري مكافئة ل 304 ثمانية الأساس كما أن العلاقة التقويمية بين 190 و196 توضح أن الاختلاف بين الرقميين يكاد يكون اختلافا بين الحسابين الشمسي والقمري؛ فنحن في النهاية أمام عدد واحد قرئ قراءات عددية متعددة. وما ينطبق على المدة الزمنية ينطبق في المصادر المسيحية على عدد الفتية وهي قضية ليست في نظرنا أساس موضوع الآية 22 من سورة الكهف؛ فالسرد القرءاني لم يحفل نصا بعدد أصحاب الكهف بقدر ما اهتم بذكر اختلاف أصحاب الرقيم في تحديد الأساس العددي لقراءته مابين من قال ربما بالأساس الرباعي : ثلاثة رابعهم كلبهم؛ وبين من قال بالأساس السداسي: خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ( حدسا بالظن) وبين من قالوا بالأساسين السباعي والثماني لقراءة الرقيم؛ وذكر الكلب يفتح معاني الآية على العدد طيا وامتدادا للمعنى؛ لأنه لو كانت الأولوية لعدد الفتية لعبر النص بقل الله اعلم بعددهم لا بعدتهم؛ فالعدة تستعمل في القرءان لقياس الزمن والأجل: "وعدتهن أربعة أشهر وعشرا " إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا " لا في تحديد عدد معدود.
من خلال عرض هذه الأساسات العددية أومأ القرءان إلى عددهم بمنهج طي المعنى ومده بل واستنفاذه فهم 22 ثماني الأساس المكافئ ل 18 العشرية بكلبهم أي أنهم 17 فردا فالذين قالوا: والسين في "سيقولون" للمستقبل في الماضي بالأساس الرباعي : 3+ 4 ×10 ÷ 4 = 17,5 أما الذين قالوا بالأساس السداسي: 5+ 6 = × 10 ÷ 6 = 18,33 والشواهد في سورة الكهف على أنهم 18 متضافرة طيا . وهذا كله كما قلنا من باب طي المعنى ومده وليس من باب النص بالمعنى الأصولي لأن الآية 22 لم تحفل بذكر العدد بقدر ما انصب اهتمامها على تصوير اختلاف أصحاب الرقيم في اقتراح الأساسات العددية المناسبة لقراءته؛ وبنفس المنطق أومأ النص إلى الأساسين العددين الصالحين في حساب الرقيم: الآية 25 من سورة الكهف؛ بإخراجه للأساسين السباعي والثماني من دائرة الرجم بالغيب وميز بينهما بالواو فهذه الآية 22 هي المفتاح الذي لا غنى عنه في فهم الآية 25 .
دراسة الرقيم :
ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا الآية 25 من سورة الكهف على 110.
اللبث: هو الأمد الزمني المستغرق بمكان ما على سبيل ملازمة حال أو وضع معين؛ ويفترض انه حال النوم؛ غير أن النص لم يحدد الحال التي كانوا هنا عليها في الكهف ما يجعل النص مفتوحا على اللبث في الكهف كمكان بغض النظر عن الحال فالنص ترك الحال مفتوحا على تأويل المتلقي وان كان قد قيده بالضرب على آذانهم في الآية 11؛ وعلى هذا الأساس فاللبث في الآية شامل لجميع الأحوال التي تقلبوا عليها في منطقة الكهف ما بين الإيواء والدعاء والرقود والبعث بل وينفتح طيا وامتداد على مجوع أمدهم العام في الحياة الدنيا .
في كهفهم : يحتمل الكهف معنيين ماديين: معنى الغار؛ ومعنى المنطقة حيث الكهف؛ ويمتد معناه رمزيا إلى كهف الحياة الدنيا.
ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا: قراءة هذا النص العددي مفتوحة على تأويلات متعددة على مستوى النص والطي والامتداد؛ ففصل الثلاث عن المائة فضلا عن قراءتها قراءة متعددة؛ كما جمع السنين والفصل بينها وبين تسعا بازدادوا؛ كلها معطيات وصفية يجب أن لا يتم إغفالها عند أي دراسة. فهل هذا اللبث متوقف على لحظة الرقود أم مفتوح على لحظات زمنية أخرى؟ ومن زاد تسعا وبأي رسم؟ وهل الزيادة من القرءان على سبيل تصحيح الحساب التقويمي أم على سبيل إضافة أمد لم يحتسبوه؟ أم أنها زيادة منهم فوق الحساب وجب خصمها ليستقيم ؟ وهل نحن أمام ثلاث مائة من السنين وتسعا من أيامها أم أمام تسعا من السنين أم أننا أمام ثلاث ماية و زيادة تسع مئين و "تسعا" من أيام السنين؟ والى أي حد يسمح المبنى للزيادة بان تكون مظنة الخصم والإضافة؟ وفوق هذا وذلك من يضمن أساسا أننا في النص أمام رقم عددي عشري : 300 سنة ؟ هذه الأسئلة سنحاول الإجابة عنها عبر دراسة الرقيم : الآية 25 عبر ثلاث عتبات أو مستويات تأويلية بالاسترشاد بالآية 22 كمفتاح لا غنى عنه.
عتبة النص: ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا: من أيام السنين؛ وعلى المستوى العشري نعبر عن هذا العدد ب: 300,9 سنة: ذلك أن وحدة قياس الزمن المستعملة هي السنين؛ وحيث أن السنين الكاملة انتهت في العدد 300 فلم يتبقى إلا أيامها بقيمة 0,9 . وهذا الفهم هو قاعدة تسري عندي على جميع الآيات الشبيهة بالآية 25. فحيثما ورد العدد معرفا بالتنوين بعد ذكر العدد الأساسي ووحدة القياس الأساسية يجب أن يحمل على معنى الكسر: كسور الشهور: " فعدتهن أربعة أشهر وعشرا ؛ كسور الحجج: " فان أتممت عشرا فمن عندك" أما من زعم أن المعنى هو أن 300 سنة شمسية تساوي 309 سنة قمرية ففهمه يتصادم مع مقتضيات الآية 36 من سورة التوبة: إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله " لان العدد هنا في الآية 25 خبر من الله عن فتية في الدهر الأول فلزم من ذلك انه قمري نصا؛ فلو كان النص من قول إحدى الشخصيات القرءانية لجاز حينها الاعتبار بالشمسي والقمري نصا؛ أما وهو هنا خبر من الله فلا يجوز فيه كنص بالمعنى الأصولي للنص إلا القمري. أما الطي فهو مفتوح على التأويل بالحساب اليوبيلي وبالشمسي والقمري. وعلى هذا الفهم؛ وحيث انه سبق وحددنا مفهوم السنة في الاستعمال القرءاني بما هي حاصل قسمة عدد أيام العام المعتمد في الحساب على 7 في مقالنا "فواتح سورة الروم والجهل بالسنين " فان أصحاب الكهف لبثوا في كهفهم من لحظة الإيواء إليه إلى مغادرته 300,9 سنة قمرية أي 42,98571 عاما قمريا. أما تسعا فتؤدي معنى 9 سنين وفق فهم آخر ومستوى آخر من مستويات الآية 25. و بعد أن حددنا لبثهم العام في الكهف في 300,9 سنة عشرية قمرية فكم ضرب فيه على آذانهم عدد سنين؟.هذا ما سنبينه في مستوى عتبة الطي:
عتبة الطي: ولبثوا في كهفهم ثلاث مية سنين: تتضمن هذه المدة التي حددناها في 300,9 سنة المدة التي ضرب فيها على آذانهم في الكهف عدد سنين طيا نكشف عنها بالاسترشاد بالآية 22 وبالضبط " ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم " باعتبار ذلك أساسين عددين فاعلين في قراءة طي الرقيم في الآية 25. ومن هنا فان المدة التي ضرب فيها على آذانهم في الكهف سنين عددا هي حاصل العمليات التالية: 300 سنة ×7 ÷ 10 = 210 سنين عددا + 9 سنين × 8 ÷ 10 = 217,2 سنة قمرية؛ وحتى لا يبدوا هذا الجمع بين القيمتين السباعية والثمانية غريبا فسنعلله رياضيا ذلك أن الحساب في الكهف هو حساب شمسي بدلالة وصف حركة الشمس الظاهرة في الكهف؛ وليصح لنا هذا الجمع لزم أن يكون تقويمهم الشمسي ناقصا غير تام بقيمة 364 يوما وهو تقويم معروف في سفر اليوبيلات ويسمى في بعض الأدبيات بالتقويم القمراني نسبة إلى جماعة قمران ووجب بالتالي إتمامه قبل تحويله إلى التقويم القمري على الشكل الآتي بيانه:
210 سنة عددية × 365,25 ÷ 364 = 210,72115 فازدادوا بذلك تسعا:
( 0,72115 × 10÷ 8 = 0,90144 ).
210,72115 سنة شمسية × 365,25 ÷ 354,33 = 217,21531 سنة قمرية ÷ 7 لتحويلها من السنين إلى الأعوام:
31.03076 عام؛ وأمام غياب ميدان محايد للقياس والتأكد فليس بوسعي إلا دعوة القارئ المسلم بان هذا القرءان من عند الله إلى عد حروف الآية 11 من سورة الكهف والنظر بعين البصيرة والتبصر فلعل هذا ما دعانا القرءان إلى التبصر به وإسماعه فما لهم من دونه من ولي. وبتحديدنا للمدة التي ضرب فيها على آذانهم في الكهف نخلص الآن إلى تقرير أن أصحاب الكهف ناموا في الكهف 217,2 سنة وازدادوا فيه لبثا بقيمة 83,7 سنة فيكون مجموع لبثهم فيه 300,9 سنة قمرية.
عتبة الامتداد: ولبثوا في كهفهم ثلاث "ماية " سنين وازدادوا تسعا (قراءة ابن جمار عن أبي جعفر ).لدينا الآن أمد رقودهم وأمد لبثهم في الكهف وبقي استخلاص مجموع أمدهم في الحياة الدنيا . وفي هذه العتبة ندفع بالنفس التأويلي إلى الغاية ونقرر أن أصحاب الكهف لبثوا في الحياة الدنيا بما في ذلك مدة رقودهم ثلاث "مايات" وازدادوا تسع "مايات" وتسعا ثمانية القيمة 0,72 من أيام السنين فلبثوا اثنا عشر ماية ثمانية ( 9,6 ) القيمة نحسبها كما الأتي:
300,9 ÷ 3 = 100,3 × 8 ÷ 10 = 80,24 × (9,6: القيمة الثمانية ل12 العشرية) = 770,304 + ( 0,72 القيمة الثمانية لتسعا) = 771,024 ÷ 7 = 110,14629 عام يمكن حسابها أيضا ب 64,25 × 12 = 771 سنة موزعة كالآتي:
300,9 سنة بالكهف رقودا 217,21531 سنة وزيادة لبث 83,68469 سنة
470,124: سنة خارج الكهف غارا ومنطقة :67,16057 عام .
وعاشوا في الحياة دون احتساب رقودهم :553,80869 سنة قمرية: 79,11553 عاما.
وحتى أكون صادقا مع نفسي فان أول مرة اكتشفت فيها هذه الإمكانات التأويلية كانت انطلاقا من فهم آخر مغاير تماما؛ إذ انطلقت إلى الآية 22 فحدست فيها كما حدس أصحاب الرقيم رجما بالغيب بثلاثة أنظمة عد: هي الخماسي و السداسي والسباعي وكونت من كل نظام 3 مايات : 50 × 3 + 60× 3 + 70× 3 + 80× 3 حتى تحصل عندي 12 ماية ثم جمعتها فكانت 780 سنة وطرحت منها 9 سنين باعتبار فهم آخر وهو أنها زيادة فوق الحساب فوجب خصمها إذ فهمت أن الزيادة في سياق الآية قد تحتمل الخصم والإضافة بحسب من ازداد وبأي رسم. وعلى أي حال فهذا الحساب صالح في تكميم الأزمنة السردية للقصة باعتبار "تسعا" ليس فقط أمدا زمنيا بل عددا لإصلاح الرقيم الأصلي المجهول وهذه الأزمنة هي:
زمن الإيمان: هو 50× 3 = 150 طرح القيمة الخماسية ل 9 سنين = 145,5 سنة: 20,78571 عام.
زمن دعوة قومهم: 60× 3 = 180 طرح القيمة السداسية ل 9 سنين: 174,6 سنة :24,94286 عام.
زمن الإيواء إلى الكهف والدعاء: 0,9 ما أيام السنين: 0,12857 عام.
زمن الرقود : 70× 3 = 210 + القيمة الثمانية ل 9 سنين = 217,2:
زمن ما بعد البعث: 80 × 3 = 240 طرح القيمة الثمانية ل 9 = 232,8 سنة ÷ 7 = 33,25714 عام.
المجموع: 145,5 + 174,6 + 0,9 + 217,2 + 232,8 = 771 سنة.
ومن مجموع هذه العمليات والدراسة لا نستبعد أن يكون الرقيم الأصلي الذي أصلحه القرءان بتسعا وهيمن عليه بهذه الصيغة المركبة هو ثلاث مائة وستا بنظام العد الثماني: لان هذه الصيغة هي الأكثر فاعلية في الوصول بسهولة إلى قيمة اللبث العام بالمكافئة بالنظام العشري فحينها كل ماية ثمانية تساوي 100,2 وتكافئ عشريا 64,25 × 12 ماية = 771 سنة. كما تبين هذه الدراسة أن المعجزة انبثقت لإقامة الحجة على جيل الفتية وليس على من جاء بعدهم؛ وبهذه نؤكد من جديد فرضيتنا التأويلية القائمة على أساس اعتماد النص القرءاني لأنظمة عددية غير عشرية في السياقات القصصية عن الأقوام الغابرة وبحسب بنية الخطاب وطبيعته الصرفية والنحوية.
#محمد_بن_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟