أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبدالعزيز - الشاعر علي الشيال، يعزف الحان الحياة على سرير بارد !!















المزيد.....

الشاعر علي الشيال، يعزف الحان الحياة على سرير بارد !!


وجدان عبدالعزيز

الحوار المتمدن-العدد: 5886 - 2018 / 5 / 28 - 20:16
المحور: الادب والفن
    


الحقيقة عشت صراعا من نوع اخر، حينما تلقفت بفرح قراءة ديوان الشاعر علي الشيال الثاني الصادر حديثا، وكالعادة بدأت البحث بين سطوره، فوجدته قد حمل عنوان (كاهن الخذلان)، فدرجت أتأمله، عنوانه ومتونه، وتبادرت الى ذهني امور كثيرة، فالكاهن: هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل، وفي الإسلام هو الذي يتلقى الوحي من الشياطين، اما الخذلان هو إحساس ينتج عن الشعور بالصدمة، فهل رؤية الشاعر من خلال مرارة الحروب، التنبأ المستمر بحروب قادمة تلوح بالافق؟ اظن هناك ما يؤكد هذا من خلال الاهداء : (الى مخذول ماخرج من حرب ما، وسيُقتل في حرب ما!!)، وبما ان الشاعر بقيت "اناه" متعلقة ب"هي"، كانت عبارته الشعرية رقم 4 : (كل هذه الحرب لي ولك حرية التأويل)، والتأويل المأول يكمن في استمرار ويلات الحرب وصدماتها على النفسية الانسانية، لكني امام ديوان شعري يحتوي على محمولات جمالية لمعالجة قضية الحرب، وكل المعطيات تؤكد، ان هناك جمال حقيقي وجمال مزيف، يقول هيجل : (الجمال هو ذلك الجنّي الأنيس الذي نصادفه في كل مكان)، فهو يعكس العلاقات الشكلية بين الاشياء التي تدركها حواسنا، لذا قيل عن مريم عليها السلام ..( تلك المرأة الجميلة، العذراء التي في عفتها وجمالها، تلهم من يرتبط بها القوة والمحبة، كي يُستضاء بنورها من يسير على خطاها، فهي اللغة المقدسة، التي تعطي ترنيمات الحب، تتدفق من روحها الطاهرة)، فالجمال : مصدر الجميل، والفعل : جَمُل، والإنسان كائن جمالي بطبعه، فمنذ بدايات وجوده لديه منتوج جمالي، بمعنى أن لديه القدرة على إنتاج ماهو جميل، بل والتفاعل معه، ثم تحول الجمال إلى موضوع التفكير والدراسة، والظاهر ان اللغة عند الشاعر الشيال، هي جميلة الجميلات في أي ظرف يعيشه، ويتلمس تأثيراتها سواء في السراء او الضراء، يقول الشيال :
(ذات رصاصةٍ عابرةٍ
نحو قلب قيل انه لي
قالت لي الحرب : هل تجيد الغناء
كانت الاجساد المضرجة بالاحلام حولي
اجساد كثيرة قيل انهم كانوا اصدقائي
فغنيت وغنيت
حتى جاءت الحرب الجديدة
والرصاصة الجديدة
ولازلتُ اغني)
فالحرب تمسك به من جهة، والحياة والاحلام تمسك به من الجهة الاخرى، وبين الاجساد المضرجة بدماء الحروب، هناك اجساد مضرجة بالاحلام، ولايمتلك وسيلة للتعبير عن هذا الصراع سوى اللغة، وأي لغة هي؟ يقول ادونيس : (ان يكتب الشاعر الجديد قصيدة، لا يعني انه يمارس نوعا من الكتابة، انما يعني ان يحيل العالم الى شعر: يخلق له، فيما يتمثل صورته القديمة، صورة جديدة. فالقصيدة حدث او مجيء، والشعر تأسيس، باللغة والرؤيا : تأسيس عالم واتجاه لا عهد لنا بهما، من قبل. لهذا كان الشعر تخطيا يدفع الى التخطي. وهو اذن، طاقة لاتغيّر الحياة وحسب، وانما تزيد الى ذلك في نموها وغناها وفي دفعها الى الأمام والى فوق)ص92 مقدمة للشعر العربي، وها هو الشاعر الشيال يؤسس من خلال عالم الشعر رؤيا اخرى للحرب، رؤيا اخرى للحياة، يؤسس لغة من لغة، يّولد لغته الخاصة تلك التي تمسك مقود التعبير عن خلجات نفسه، فالاصدقاء رغم انهم مضرجون بدماء الحروب، يُضرجهم الشيال بالاحلام، لذا كرر كلمة : (فغنيت وغنيت)، فيلحن الشاعر مآسيه على الحان الوجع السومري، ويردد : (كم احتاج لحضنك الان/فكل هذه المواضع/ والشقوق والسواتر/لاتلم بعثرتي)، هذه الحاجة المولودة من رحم المأساة، لاتلم البعثرة التي يعانيها الشاعر، الا بذلك الحضن، ويعني جمال حضورها هي فالجمال والشعر عند الشيال هي الانثى، سادنة الوجع وسادنة الحب، هي الحياة، رغم ان قصة الجندي المنتصر/لزوجته على سريرها البارد .. اقضت مضجع الشاعر الشيال، وهو ما فتيء يعيش غربة الوطن قرب الموت .. ويحلم، مخاطبا الاخر : (خذني اليك/فغربتي قصيدة/وعمري بعثرته الحروب/احلم بوطن بحجم انملة/يجمع بقاياي من حرب ما)، والاشارة الاخيرة تدل ان هناك حلم يداعب الشيال في ان يُحب ويتنعم بدفء الحضن، انه يعزف لوحة موسيقية تعبيرية كلماتها الوجع والحب، ومتونها الاخرى الوطن والتمسك بالارض والحياة .. فهذه العوالم المأساوية، التي تحيط به، وتكتنف احلامه وطموحاته، محاولة وأدها، الا انه كان صديقا للغة، تسعفه احيانا كثيرة بكلماتها المغايرة والساخرة، والتي تؤكد عمق الجرح في حجيرات قلبه، ذلك القلب الموزع بين حب الأم والوطن والحبيبة، فقوله :
(حينما اقبلك
يسجد الياسمين
ويغني البنفسج
وتثمل الفراشات
وتموت الحرب
حينما صلتني البلاد
على جذع من ندوب
على الطريقة الوطنية
كنت اسمع المسيح
وهو ينظر اليّ
ويشكر مَنْ صلبه !)
وبقي يصنع عوالم الجمال في مختبرات الالم والوجع والدم، مقابل الحب والوطن والحياة، رافعا عشرات اللافتات، التي تحكي بلغة الساخر، غير انه ذلك الانسان الحالم، المحارب في تنبؤات ضد الحرب، ضد ذلك الغول الذي يجعل الزوجة تنام على سرير بارد، لذا تعالى صوته بحنق وغضب قائلا :
(انا المقتول سلفاً
اريد ان اموت
بطريقتي
هادئا وفي يدي سيجارة
وعلى شفتي أثار قُبلة
أنا المقتول سلفاً
اريد أن أموت
وأنا استمع الى بتهوفن
مرتدياً أجمل ثيابي
أريد أن أموت
وفي يدي قصيدة
والأخرى قبضة ياسمين
أريد أن أموت بطريقتي
لأنني اكره موتكم)
وكأني بالشاعر الشيال يضع لمسات ديباجة حقوق الانسان، مستثمراً ديباجة الاعلان العالمي لحقوق الانسان، التي نصت على ما يلي : (لما كان الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم. ولما كان تناسي حقوق الإنسان وازدراؤها قد أفضيا إلى أعمال همجية آذت الضمير الإنساني، وكان غاية ما يرنو إليه عامة البشر انبثاق عالم يتمتع فيه الفرد بحرية القول والعقيدة ويتحرر من الفزع والفاقة. ولما كان من الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكيلا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم.) وكانت المادة 3 ، قد نصت مايلي : (لكلِّ فرد الحقُّ في الحياة والحرِّية وفي الأمان على شخصه.)، وكان المعنى المؤول من ديوان (كاهن الخذلان)، يحمل هذه الرؤيا والرؤية في آنٍ واحد، مشكلة بالمجمل موقف الشاعر علي الشيال من ويلات الحرب واوجاعها ...
هوامش :
1ـ ديوان (كاهن الخذلان) للشاعر علي الشيال، ازمنة للنشر والتوزيع/الطبعة الاولى 2018م
2ـ كتاب (مقدمة للشعر العربي) ادونيس/دار الساقي/طبعة جديدة منقحة ومزيدة 2009م



#وجدان_عبدالعزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشاعرة اسماء القاسمي، عندها الشعر هو الجمال المدل على الخلو ...
- الشاعر مصطفى الشيخ، ووعي العلاقة بين الذاتي والموضوعي ..
- الشاعرة مفيدة الوسلاتي، وحالات القلق من اسئلة الوجود ..!!
- الكاتبة فاديا الخشن، وصراعها الجمالي بين الأنا والآخر ..!!
- الشاعرة نرجس الجبلي، والانفعال الذاتي الجمالي ..!
- الشاعرة مسار حميد الناصري، رغم الاوجاع تُسرج حلمها تحت سنبلة ...
- علي الفواز مثل حضورا فاعلا في الواح الغياب
- ليلى القواس في المحكمة الشعرية !!
- وسكتت شهرزاد، لكن الشاعر حبيب السامر لم يسكت !! /ديوان(شهرزا ...
- الكاتبة ذكرى لعيبي، الغياب وصراع البحث عن الذات ..!!
- الشاعرة اسماء صقر القاسمي، بين التراث ومحاكمة الذات ..!
- الشاعرة مها ابولوح، تتبنى الحزن المُبرر ..!
- الشاعرة ساناز داودزاده فر، تصنع حوارا شبه سري مع الاخر ..!!
- الشاعر رافد الجاسم، رومانسية بشكل كلاسيكي ورؤية حديثة ..!!
- الشاعرعبدالعزيز الحيدر ومحاولة ترويض اللاوعي للوعي ..!!
- الشاعر كريم الزيدي في كندا، مصطحبا الحزن العراقي معه..!!
- التشكيلية أفين كاكايى /رحلة البحث عن الوطن
- جنة عدنان .. موصلية ابداعها امتداد لحضارة بلدها
- الشاعرة حنين عمر/ورقصة الوهم
- الشاعر علاء احمد ، تتجلى معانيه بصور المفارقة


المزيد.....




- Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي ...
- واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با ...
- “بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا ...
- المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...
- -هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ ...
- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبدالعزيز - الشاعر علي الشيال، يعزف الحان الحياة على سرير بارد !!