ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)
الحوار المتمدن-العدد: 1495 - 2006 / 3 / 20 - 07:42
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
كان الأب دفاناً ، يدفن الميت في النهار ويأتي قبره ليلاً ليسرق كفنه . وقد علم الناس بفعله هذا وكانوا يكرهونه ويلعنونه . أما وقد مات الدفان وورثه إبنه في مهنته فقد أقسم الإبن أن يجعل الناس يترحّمون على أبيه ، فصار لا يكتفي بما كان يفعل أبوه بالميت بسرقة كفنه بل يدقّ خازوقاً في دُبره ويترك القبر مكشوفاً .
ثلاث سنوات مرّت على خلاصنا من الدفان ، وكُشفت مقابر جماعية لشهداء من غير كفن ، ولكن حمام الدم والتفجيرات والقتل والإغتصاب والإختطاف جعلت الناس في حالة من الهلع والإضطراب والقلق لم تبلغها في شموليتها من قبل . فقد كان إرهاب الدولة سابقاً مركزاً على السياسيين الذين يحملون المبادئ غير المسموح بها من الطاغية ونظامه ، أو يصدر من أحدهم عمل يشير إلى عدم الولاء له ، فكان القصاص معروفاً ، إذ كان يؤخذ ولا يعود ، أو تعاد جثته ويطلب من أهله عدم إقامة مجلس العزاء . أما الآن فإنّ الشعب كله معرّض للموت بدون سابق إنذار أو بيان سبب . العامل أو الموظف الذاهب إلى عمله ، المرأة الناقلة طفلها إلى المستشفى لمرضه ، الطفل وهو يلعب في الزقاق ، الطبيب في عيادته ، الشيخ وهو يصلّي في معبده ، كلهم معرّضون أن يلقوا حتفهم بسيارة مفخخة أو عبوة ناسفة مزروعة على قارعة الطريق .
ثلاث سنوات ، بأيامها ، ليلاً ونهاراً ، بساعاتها الأربعة والعشرين ، ودقائقها التي تزحف ببطء ، وطاحونة القتل والتدمير فاعلة فعلها ، والرجال الميامين الذين إنتخبهم الشعب ممثلين عنه لاهون في معركة ليست هي معركة الشعب لتأمين حقه ، بل هو صراع من أجل المناصب والمواقع ، من أجل المكاسب الطائفية والعرقية والحزبية ، فهل يريدون جعل الناس تترحّم على عهد الطاغية ؟
ما كانت الإنتخابات لتفرز هذه الإستحقاقات لو أن هذا الشعب كان في مستوى من الوعي بحقوقه ، متمسكاً بها ومدافعاً عنها ، ولكن نظام الطاغية الذي مارس سياسة غسل الأدمغة لأربعة عقود هي عمر جيلين من أبناء هذا الشعب ، قد ترك خلفه تربة خصبة لزرع بذور التفرقة الطائفية والعرقية والحزبية ، وهذا ما فعله من خلفوه بإستغلالهم حالة شبه الغيبوبة المتفشية في الناس ، كأنهم تحت تأثير مخدّر وهم لا يعلمون .
سلاما لصاحبي أبي عذاب حيثُ قال :
كالوا الكمر مسلول هنيال للحرامية
ييلماز جاويد
18/3/2006
#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)
Yelimaz_Jawid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟