|
احتفالية عيد الميلاد
بوذراع حمودة
(Boudra Hamouda)
الحوار المتمدن-العدد: 5883 - 2018 / 5 / 25 - 11:11
المحور:
الادب والفن
احتفالية عيد الميلاد. ما الذي يمثله عيد الميلاد للإنسان؟ قد يكون الكثيرون من بني البشر يعيرون الكثير من الاهتمام لمثل اليوم الذي هم يولدون فيه أو ذلك اليوم الذي يخبرون بأنهم ولدو فيه، فتراهم يتراقصون ويتلاعبون في كل مكان، ويوزعون الابتسامات دون شح منهم ولكأنهم الفائزون باليناصيب، لعل كل ما يفرحهم في أيام عيد الميلاد هو أن هناك يوم خاص بهم فيه ولدو وعليهم الاستمتاع به، لأنه عيد شخصي، وما أعظم أن يكون للمرء عيد شخصي، أو هم يفرحون لحنينهم لذلك اليوم الذي فيه انبثقوا الى الحياة، أو لأنهم ممنونون لأن يوم ميلادهم قد وجد، وفيه وجدوا، وعلى الرغم من أن أسباب فرح الأشخاص بأعياد الميلاد مختلفة الى أن كلهم ربما يشتركون في شيء واحد، أو صفة واحد ولربما ميزة واحدة ألا وهي أنهم جميعا يشعرون بأن يوم العيد هو يوم خاص، يوم مميز فيه يشعرون بحنين طفيف يسري داخل أنفسهم بعمق ويشعرهم ببعض من الرضى، ومع أنهم يتوقعون أن هذا اليوم مميز، فانهم كذلك يتوقعون من الأخرين أيضا بأن يشعروا بخصوصية هذا اليوم وبقداسته، وما أشد سعادتهم عندما يهتم شخص ما، شخص آخر بمثل هذا اليوم الذي هو يوم خاص بالنسبة له، وفي مثل هذه الأيام -أعياد الميلاد- نجد هناك نوعان من الأشخاص، النوع الأول هم أولئك الذين يباشرون بالتخطيط والتحضير ليومهم بشهور سابقة لموعدها، يحضرون الصالة ويحضرون الحلويات، ،الشموع والأكلات، ودون أن أنسى فهم يحضرون الدعوات، ويعلنون على موعد هذا العيد المميز للآخرين بكل حرارة، بينما النوع الثاني فهم أولئك الذين لا يتذكرون مثل هذا اليوم الا قبل أيام قليلة أو في اليوم نفسه وأحيانا لا يدركون ذلك الا بعد فواته بأيام أو ربما بأشهر، لكن الجدير بالذكر هاهنا هو أن كلا النوعين يشعران بالفرح، ويشعران ببعض من الارتياح وبعض من السرور الداخلي فالأوائل جد متباهون، وجد مكترثين لأنفسهم في حين أن الصنف الثاني لا يكترث كثيرا بالشكليات الاجتماعية. ...... الليلة التي سبقت الاحتفال...... من يتأمل جيدا في شخصيات الكتاب سيلفت انتابهه الى أن أغلبيتهم من أولائك الذين يعيشون الليل أكثر من النهار وكذلك كونهم أشخاصا ينتبهون ويهتمون بالتفاصيل كثيرا، ويسجلون في أذهانهم جميع التفاصيل التي تحدث معهم أو بالقرب منهم، فمثلا وفي الليلة التي سبقة يوم احتفالية العيد لم تكن كثيرا مختلفة على باقي اليالي، لكن وقبل أن أسرد عليكم حيثيات الليلة التي سبقة يوم الاحتفال دعوني أستطرد بعض الشيء في عشية تلك الليلة، والأجدر بالأشارة أن تلك العشية كانت فسيفساء من البرد والحرارة بأسلوب عجيب بحيث أنه يستحيل على المرء بمكان أن يقر ما اذا كان الجو دافئ ومعتدل أو كونه باردا قارصا، فقد كانت الشمس تحول في السماء سابحة كما جرت العادة وترسل أشعتها بثبات وهدوء نحو الأرض لتنيرها وتدفئها في آن واحد ولعل أنها تملك أهدافا أخرى أنا أجهلاها، الا أنها ومع ذلك كانت دائما ما تغرق في كومات زرقاء مائلتا للسواد من الضباب فتغيب لفترة وتنبثق الرياح بعد ذلك من العدم تلوح المكان وتنتقل من الأماكن الأكثر ضغطا الى نضيرتها الأقل ضغطا وتحول الجو من الساخن أو المعتدل الى المتجمد، وكاحتياط فقد أفرطت في اتخاذ الحيطة فوضعة فوق صدري العاري كومة من الثياب وغلفتها بمعطفي الأسود الشتوي، وبعد أن انتهيت من أعمالي حوالي الساعة الثانية زولا توجهة نحو المطعم المعتاد الذي فيه اعتدت على تناول وجباتي المتأخرة، الى أنني وجدت أن صاحب المحل لم يعمل اليوم، وفي الحقيقة أنه قد عمل الى أنه لم يحضر أصناف الطعام وانما اكتف فقط ببيع المعلبات والسجائر وباقي الأصناف التي نجدها في المحلات والسبب في ذلك هو نقص عدد الزبائن في هذا اليوم، لكن المفروض على المحلات أن تفكر أكثر بتقديم الخدمات لزبائنها أكثر من التربح وكما أن تلك المحلات التي تهدف حقا الى التربح هي تلك المحلات التي تأخذ كل زبون لديها على قدر كبير من الاهتمام لأن الزبون هو أساس السوق وليست السلعة كما يعتقد الكثيرون، لذا استأت كثيرا من عدم تواجد الطعام فكان لزاما علي أن أتنقل ولمسافة طويلة من أجل اطعام نفسي وهذا ما لم يكن بمقدوري فعله فقد كنت مرهقا ارهاقا شديدا، لكن ما باليد حيلة ففد كانت معدتي تحتج بل وحتى تثور لأنني لم أستطع تناول فطور الصباح لأنني لا أستيقظ مبكرا ولا أنام سوى القليل من الوقت في أيام العمل، لذى رحت وقصدت أقرب مطعم في محيطي، وطلبت المصنفات التي أنا في حاجة اليها دون أن أنسى المشروبات الغازية، وبعد أن عدت لمحل اقامتي توجهت لزيارة صديقة لي في محل عملها، تناقشنا حول الكثير من الأمور الشخصية أو بالأحر فقد سردت عليها الكثير من أموري وشؤوني، لكن ولسوء الحظ فان المحادثة لم تسري على نهج جيد فغادرت المكان، واذا بي في منتصف الطريق تذكرت أنني أخلفت موعدا مع صديق لي كان اسمه ............، فتفقدت ساعة يدي فوجدت أنه بقي لي متسع من الوقت، فجدول أعمالي متراكم ومواعدي مضبوطة جدا، لذا قررت أن أزوره وفعلت، ولحسن الحظ أنني فعلت فقد كانت أوقاتا ممتعة جميلة هي كالحلم أو ربما أفضل فبالرغم أن الكلمات كانت قليلة الا أن اللحظات كانت جميلة ورائعة بحق، أما بعد ذلك فقد توجهت نحو مضجعي واستلقيت على ضهري للمرة الأولى بعد يوم طويل وشاق، وزفرت كل تعب يعتريني. بعد لحظات تذكرت الشخص صاحب يوم العيد وفي الحقيقة لم يكن العيد يجول في خاطري ولم أكن حتى أعي موعده ولا يمكنني أن أدعي عكس ذلك لأنني انسان صريح يرفض النفاق ويرفض التزيف ولا يأمن بفاعلية الكذبة فالكذبة كذبة مهما كانت غايتها، الا أن هناك الكثير ممن يظنون أن الكذبة لا تتحدد صفتها في كونها سيئة أو حسنة الا بعد تبيان غايتها وهذا في حقيقة الأمر لشيء معقول فما أقدس تلك الكذبة التي تعفينا من هولات الحقيقة التي تعقبها، وما أبشع تلك الحقائق التي لا تخلف سوى الأسى والدمار، لكنني وفي هذا الموقف أدركت أنه ما من حرج في أن أبدي الحقيقة فأبديتها لكم. وضعت سماعة الهاتف على أذني اليمنة حيث اعتدت دائما على وضعها واتصلت بصديقي *********، وتفقنا على المضي نحو المقهى وتبادل أطراف الحديث وكذلك استنشاق بعض الهواء النقي وكذلك الهروب من جدران الغرف ولو للحظات معدودة ففي حقيقة الأمر فان مصير كل انسان هو الاحتباس وراء الجدران، لذا تجدونني أحسد الناسكين المتجولين الذين وجدوا الشجاعة في داخلهم على تحطيم هذه الجدران والتجول في أصقاع العالم دون أن يضعوا لأنفسهم أي قيد مهما كان: بيت، عائلة، حب، وطن، قوم.....، فهم يمتلكون فقط أنفسهم ويمتلكون بذلك العالم كله، فمن يمتلك العالم ولا يمتلك نفسه فهو حتما لا يمتلك شيء، بينما من يمتلك نفسه فالعالم ملكه، وبينما نحن في طريقنا نحو المقهى وردني اتصال هاتفي آخر وفي الواقع أنني استغربت من هوية المتصل فقد خلت أنه غادر الى مكان أخر بيد أن خططه انحرفت لأغراض غير مهمة، لذا كلمني وأعلمني أنه قد سبقني للمقهى وكذلك فعل. **** لقد كانت ليلة باردة وقاتمة والملاحظ فيها كذلك بأن القمر كان غائما وهذا ما أضفها عتمة ما فوقها عتمة، كما أن الرياح كانت تهب بقوة غير آبهة بما يوجد أمامها ودون خوف من أن تصطدم بشيء ما حولها، بينما أغصان الأشجار وأوراقها فقد أضعنت للوضع الراهن وراحت تتلوى على حسب هوى الرياح الهوجاء، وهكذا فهي تبقى صامدة رغم فضاضة الرياح فهذه الأغصان التي تلتوي طائعة الجرف الهوائي هي في حقيقة الأمر تعلمنا شيء جديدا عن مفهوم القوة وشيء جديدا عن مفهوم الصلابة، فهي تريد أن تعلمنا أن القوة الحقة هي قدرة المرء على التكيف مع الضروف وليس التمرد عليها فلو أن الأغصان تمردت ورفضت الاضعان لهلكت بينما حبها للبقاء أكسبها حكمة لا تقدر بثمن وهي: لم يعرف القوة قط، من لم يعرف معنى الاضعان، فالأشياء في حقيقة الأمر ما هي الا مركبات من التناقضات ولهذا نجد الرومي يقول على لسان التبريزي: في هذا العالم، ليست الأشياء المتشابهة أو المنتظمة، بل المتناقضات الصارخة هي ما يجعلنا نتقدم خطوة الى الأمام.............، وها هنا يصبح الفرق بين القوة والضعف خيطا رفيعا في غاية الرقة، وبينما الدرس الثاني الذي تريده منا الأشجار أن نتعلمه فهو المرونة، فكل شيء مرن بالضرورة هو شيء قوي، لأن الصلابة لا تؤدي الا الى الانكسار وربما التدمير أو التحطيم فمثلا الكأس البلاستكي المرن والذي يتجاوب مع موجات الطاقة الأرضية يستمر بينما الزجاج الصلب فهو ولسوء الحظ يتحطم ومن دون رجعة، وهكذا لابد علينا من أن نتعلم الدرسين من الشجرة وأغصانها فهما حقا لا يقدران بثمن: التأقلم والاضعان (ليس بمفهوم الاستسلام)؛ والمرونة والانسياب( ليس لدرجة الغلو فالأغصان نفسها تعود لحالها بعد أن تهدء العواصف). وهكذا وبعد أن أكملت رسم هذه اللوحة في خيالي وبعد أن استعبت الدرس جيدا، قمت وأغلقت النوافذ كاملة وهكذا تجمع ثلاثة أشخاص في شقتي وواحد فقط من بينهم هو صاحب عيد الميلاد وهنا يجدر بي أن أذكر أنني وحتى هذه اللحظات لم أكن أمتلك أية فكرة عن العيد، وهكذا استعنت باثنين من أجل القيام بأعمالي العلمية، بينما استلقى الثالث وراح يهرول بين صفحات الويب والشيطان نفسه لا يعرف ما يحيكه أمام شاشته الصغيرة تلك، أما بعد ذلك فقد شعرت بالملل من العمل وشعرت كذلك بضجر من حولي فقررت تأجيل العمل فلدي متسع من الوقت لأجله، وهكذا اقترح واحد منا أن نلعب لعبة زهر النرد، وفي حقيقة الأمر أنني أكره ألعاب الحظ هذه لأنها لا تقوم على أساس: النتائج من صنف العمل، بل فيها العدل غائب، والغدر مسموح وكل شيء غير واضح ومبهم ولا أحد يمكن أن يقر بأنه الفائز حتى وان كانت المؤشرات تدل على ذلك، لأن وفي مثل هذه الألعاب كل شيء فيها يتغير وينقلب على مصرعيه في لمح البصر، لذا فأنا أميل لألعاب أكثر دقة وأكثر عقلانية وعملية كلعبة الملوك أو الشطرنج، الا أنني لم أرى طيرا في لعب زهر النرد هذه وخصوصا أنها مسلية بعض شيء، وما يزيدها متعة هم أولائك الأشخاص الذين تلعب معهم وهنا لبد منا أن نعرج لتحديد مفهوم السعادة، فما هي السعادة؟ ومتى يمكن لنا أن نقول أن الانسان سعيد؟ وهل السعادة شعور ينبع من الداخل أم أنه مجرد تحصيل حاصل لمتغيرات عالمنا الخارجي؟ وهل يمكن للمرء أن يصنع السعادة أم أنه عاجز؟ **** لقد كانت أمسية جميلة فيها تشاركنا الابتسامات وكذلك تشاركنا القهقهات وبعض الكلمات البذيئة في سياق اضفاء جو شبابي على الأمسية، وعلى حسب ما أتذكر أنني سبق وأشرت لموضوع بالغ الأهمية فيما قبل ألا وهو السعادة، ان ما يشغل جميع البشر في عصرنا المعاصر هو السعادة، ومن هنا ندرك أنها لحقا موضوع يستحق أن نعرج اليه، وفي الحقيقة نحن لا ندعي الخبرة في هذا المجال ولا النباغة فيه وانما ومن خلال ما سيأتي سوف نحاول أن نبدي رأينا بطريقة جد حيادية وابداء ما نقتنع به والتعبير عن أفكارنا، وقد سبق وأن طرحت مجموعة من الأسئلة فانني لا أرى ضيرا في اعادة ادراجها: فما هي السعادة؟ انه لحقا سؤال صعب يتطلب من المرء الكثير من التأمل الداخلي ومحاولة الارتقاء الفكري والاندماج الكوني من أجل الأجابة عليه، فالسعادة حقيقة الأمر هي ما يعتقد الانسان على أنها هي، فبالتلي فانه ليس للسعادة مفهوم واحد مفصل فما يشعر (أ) بالسعادة ليس هو بالضرورة ما يشعر (ب) كذلك، بينما كون السعادة كشعور فيقصد بها نفسانيا هي حالة من الاتزان النفسي التي تخلف على شخصية المرء نوع من الارتياح والبهجة، أو هو ذلك النشاط الذي من خلاله يتم تجميد جميع عوامل الضغط ومشاعر الألم واليأس بمكان أن يخلف هدوء داخليا يتخلف عنه نوع من الرضى النفسي، وهناك من يقول أن السعادة هي الأصل في الانسان وأن المشاعر المختلفة من ألم، أرق، يأس تكون دخيلة، فتحقق السعادة يكمن من خلال انعدام المشاعر الدخيلة وبتالي يبقى الأصل وتبقى السعادة. بينما كان السؤال الثاني الذي طرحناه في هذا الشأن هو: ومتى يمكن لنا أن نقول أن الانسان سعيد؟ ان الانسان السعيد هو بالضرورة ذلك الشخص الذي يمتلك من قوة الشخصية وجأش العزم الشيء الكثير، فالشخص السعيد قوي، واثق من نفسه بمكان أنه لا يمكن أن يتأثر بما هو خارجي أو داخلي من العوامل المحبطة، أو هو ذلك الشخص المرن الذي يستطيع أن يتعايش ويتعامل مع المشاكل التي تعصف به، أو هو الانسان الغصن وأظن أنكم تذكرون ما سردته عليكم من قبل عن قصة الغصن والعواصف فقد أشرنا أن الغصن الذي يبقى هو الغصن المرن والمتأقلم، كذلك الانسان السعيد هو ذلك الشخص المرن الذي لا ينكسر أمام المشاكل ولا ييأس، كما انه شخص متعايش ويقصد من ذلك هو أنه دائما على استعداد لتحمل نتائج أفعاله الصرفة أو تلك القرارات التي أجبر بفعل العوامل على القيام بها، وهكذا سيتبقى لنا سؤلان آخران عن السعادة سنعرج اليهما في حين آخر، وأما الأن فدعوني أصف لكم بعض من التفصيليات حول الشخص صاحب الاحتفال. انه فتى بريء في نحو العشرين من عمره، شاب يفع ومرح والابتسامة دائما بادية على شفتاه المنتفختان قليلا وهذا ربما ما يضفي رونقا خاصا للوحة وجهه المدور، تفاصيله مرحة وذو لحية سوداء خفيفة على الكفين، وذو عيون كبيرة بلون ممزوج ما بين الخضرة واللون البني وهذا ما يجعلهما غامضتان وساحرتان، مشدود القامة نحيف المنكبين، ذو شعر أسود خفيف، ربما هذه كانت تفاصيله الشكلية الا أن ما يهمني حقا هي تفاصيله النفسية وهي التي سوف أعرج اليها ببعض من الاستطراد فالحديث عن النفوس والطبعيات لأشقى شيء يمكن للكاتب أو الفنان المبدع القيام به. **** انما سردت عليكم من قبل بعض التفاصيل الشكلية عن صاحب الاحتفالية، وقد حان الوقت لأغوص معكم داخل أغوار نفسه لعلنا نتعرف على بعض مضاهر النفس البشرية التي لا يعرف لها ثبات: انما يغلب عليه استحياء معتدل يعود لطيبة قلب لم يخبر بعد أواجع العالم، ولم يتأجج بعد بجمرات الألم، فما الشيء الذي يجعل من المرء متجهم الوجه سوى كثرة الهموم التي تشغل باله وتأج مضجعه، أما........ صاحب الاحتفالية فهو مبتسم ولا يبالي ولكأن العالم من حوله لا يهمه، فهو يروح ويتراقص في الأرجاء يهرول ويستطرد تارة ويصمت في تارة أخرى من دون سابق انذار فهو ما يقوم بشيء الا و يكون قد خطر في باله في الحين أنه هاهنا لا يكون سوى مترجم حركي لتلك الأهواء والخواطر التي تقع على عقله، كما أنه ذو براءة حلوة تكاد تكون سذاجة، فهو في حقيقة الأمر لا يستطيع اخفاء الطفل الذي في داخله، فبالرغم من أن داخل كل انسان طفل في داخله الا أن جميع البشر الراشدون لمنافقون فهم يقمعون ويحجبون الطفل الذي يعشش في ذواتهم بينما الطيبون امثال.......، فهم لا يقدرون على قمع هذا الطفل لكونهم غير مهتمين فعلا بالحياة، أو أنهم يهتمون الا أنهم لا يعطونها القدر الأكبر أو أنهم فقط لا يضخمون الأمور فيرون كل شيء مقزم وما المستقبل لديهم سوى سراب لا يلزم الانشغال به، ولعلهم على حق في ذلك، فالانسان دائما ما يدعي أنه يمتلك الكثير في حين أنه وفي الحقيقة لا يمتلك سوى هذه اللحظة، فالماضي قد مضى وانطوى والمستقبل ما هو الا وهم لم يحدد بعد، ومن ذا الذي يستطيع أن يضمن لنا وجوده على أدنى تعبير بعد دقيقتين من الآن؟ وما بالك بالمستقبل البعيد الذي يظل أمثالنا عالقين فيه، وجل الأمر أنه متزن صابر غير قلوق، فما القلق سوى خوف متعلق بالمستقبل وما المستقبل بالنسبة له سوى سيرورة الحياة ولا شيء آخر فكيف يمكن أن يكون أمثاله قلقين على أية حال؟ أما طريقة الكلام فتدل على الكثير من دواخل الانسان فالشخص الذي يستطرد كثيرا هو بالضرورة شخص كتوم، والشخص عادي وتيرة الكلام اذ هو بدأ يثرثر على حين غرة فلا بد من أن يكون كاذبا بالضرورة، أما ذلك الذي يتكلم بشكل تهريجي فلا بد من أن يكون بداخل مستنقع مريع بالأحزان، أما صاحب الاحتفالية فهو من النوع المتحدث بعفوية مطلقة وما العفويون سوى أولائك الأنقياء كالبلور، فلا شيء يراؤون فيه ولا شيء هم له يحجبون وانما كما سبق وقلت لكم ان ما يقع على عقولهم يترجمون، وها هو الآن أمامي وهو غارق في لعبة زهر النرد مرتاح البال لا يشغله سوى حركات الأحجار داخل هذه اللعبة ولكأن الحياة بأسرها تنحصر هناك فهو ينشغل في اللحظة فقط ويعيش اللحظة فقط وما عدى ذلك فهو ليس من اهتمامه قط. وهكذا تمر الساعة وتليها الأخرى ونحن دائرون حول لعبة الحظ تلك، وأعقاب السجائر على الأرض، وأخرى جديدة على اليد منتصبة، نحو الأفواه موجهة، نستنشق النيكوتين ونزفر ضحكات ملؤها البهجة والمرح، ونسيم الرياح الباردة تتسلل من بين شراشف النوافذ المفتوحة، أحيانا تدور بيننا نقشات حادة، وفي الفينة الأخرى يسود هناك صمت القبور في الأرجاء لكن لا يدوم الوضع على حاله الا ويكسر أحدنا الجليد ونعود مجددا للحديث ولكأننا في أغنية دائرية بدايتها حزف مسيقي ووسطها كلمات ملحنة وصخب، لكنها لا تلبث وأن تعود من جديد لموسيقى البداية مجددا، أو يمكن لنا أن نطلق عليها موسيقى النهاية، لكنني وفي الحقيقة لا أميل لتصديق فكرة النهاية بل أفضل مصطلح الانتاكسة، فالانتكاسات ما هي الا بداية جديدة كما هي النهاية، فالمتأمل جيدا في النهايات فانه لا يجدها سوى مواد وأوليات لبدايات جديد وهكذا تدور الحياة كما تدور الأغاني الدائرية. هذا ما حدث في ليلة ما قبل الاحتفال بعيد الميلاد وما سيحل في حفلة عيد الميلاد هو ما سأسرده لاحقا........... في يوم الاحتفال: كوني إنسان لا يعيش النهار بقدر ما يعيش الليل، كانت الأمسية ما قبل الاحتفال طويلة جدا كما يجب أن تكون، بينما وفي يوم الاحتفال فلم أستيقظ مبكرا كما جرت العادة، لقد تجاوزت الساعة منتصف النهار بقدر كبير من الوقت، والشخص الذي يسهر كثيرا، ينام كثيرا، لكنه لا يرتاح كثير، لذا وباعياء وتثاقل توجهت نحو النافذة كأول انجاز لي يتوجب أن أوسم من أجله، لان ذلك تطلب جهدا كبيرا وعسيرا مني، ملئ النور أرجاء الغرفة كله، وتنفست الصعداء وملأت رئتاي على آخرهما بالهواء وزفرت كل ذرة من الاعياء في داخلي، ورحت أتئمل لبرهة من الزمن تلك اللوحة الطبيعية، الشمس في السماء مستقرة، وغيوم بيضاء قليلة تسبح في زرقة غامقة والهدوء يملئ المكان، وتنتهى الى مسامعي عذوبة زقزقة العصافير في السماء، انها موسيقى الحياة، مهما أبدع الجنس البشري في مجال الموسيقى، يضل للموسيقى الكونية رونقها الخاص وتأثيرها الخاص على قلوبنا وربما يكون هذا راجع لكوننا جزء من هذه السنفونية الكونية، ولربما كان أنصار وحدانية الكون على حق، فالانسان جزء من الكون والكون جزء منه، لم أرد أن أتزحزح على مكاني ذلك قط لكنني هرولت وصفعت وجهي بقطرات من الماء البارد ليقتل الخمول في داخلي وتوجهت مباشرة نحو الدكان الأقرب لي، فتناولت فطورا خفيفا وأتبعته ببعض الأنفاس العميقة من النيكوتين لتسترخي جميع عضلاتي المشدودة وينزلق الاعياء من داخلي، أما ما حدث بعد ذلك هو أنني توجهت مجددا نحو غرفتي، ياله من خراب! وقد استغرق مني اعادة ترتيبها برهة من الزمن، وبينما أنا أقوم بذلك أطلقت العنان لحناجر الفن ليطربونني وأنا أقوم بذلك. أول مرة تحب يا ألبي هكذا كان يصيح عبد الحليم حافظ. أعطني الناي وغني. وهكذا كانت تصيح السيدة فيروز. لم أتفرغ من كل ذلك الا بوقت قليل حتى دخل علي زملاي، الأول صاحب الاحتفالية، والآخر من أدمنت معه شرب قهوة المساء، لذا هندمة نفسي على عجالة وسرنا خارجين نحو العراء حيث تستطيع أن تتوهم وأخيرا أنك تحررت من قيود جدران غرفتك الراكدة. الجو جميل، هناك اضطراب قادم، نكت، حكيات، تعليقات على بني الانس: هذه كانت المواضيع التي كانت تدور بيننا، يتخللها بعض الصمت فينة وتنفجر ضحكات صاخبة في الفينة الأخرى ولعل هذه هي السعادة، مذا قلت؟ السعادة. نعم، لقد قلت السعادة، ربما تحدثنا عنها من قبل لكنني أظن أننا لم ننفذ منها بعد فقد بقي سؤلان أرى أنه من الضروري أن نعود اليهما ونحاول الاجتهاد والاجابة عليهما، لعلنا نوفق في ذلك وان لم نفعل فنكون على الأقل قد أبدينا رأينا في هذا المفهوم الجذاب " السعادة" ولربما السؤلان المتبقيان هما: وهل السعادة شعور ينبع من الداخل أم أنه مجرد تحصيل حاصل لمتغيرات عالمنا الخارجي؟ ان كينونة المشاعر بالنسبة لمصدرها للعالم الداخلي أو للخارجي لأمر شائك جدا، فالمرء وبدون شك يعيش حياة ملحمية داخلية لا يعي بها أحد، وعندما أقول لا أحد فذلك يعني لا أحد، لا الأهل ولا المقربون، لا الحبيب ولا الصديق، فالكثيرون يدعون تعجرفا معرفتهم لإنسان ما أخر وهذا عين الجنون لأنه ولكل انسان ركن مقدس، لا أحد يمكنه الولوج الى داخله، وهو العالم الحق للانسان، فما هذه المضاهر التي نراها أو نسمعها سوى تمثيليات شكلية، فنحن نعيش في مصرح كبير، وكل انسان يمثل دورا ما " الشخص الذي يريد أن يكونه" من أجل اخراج قصة الحياة والكون، فنحن نقوم بأداء أدوار من سيناريو كبير لا نعرف عنه الكثير، لكن وما يثير الاعجاب في هذا السيناريو هو كون الممثل مشاركا في الفحوى الموضوعي والدلالي للقصة، ولكأنه سيناريو مفتوح، لا أظن أن هولي وود قد توصلت الى مستوى مماثل، لكن هذه هي الحقيقة، فنحن لا نعرف البشر حقا وانما نعرف مايريده لنا البشر أن نعرفه، ولكي تعرف البشر حقا فذلك يتطلب منك هبات وقدرات خاصة،أما السعادة كونها شعور متدفق من الداخل أو الخارج، فرأي يستقر على كونها مستوردة من تغيرات واقع الحال فما يجعلنا نضحك هو ما نراه أو ما نسمعه يحدث أمامنا، وما يجعل الأم تبكي فرحا سوى كون أولادها بخير، كونهم ناجحين، كونهم معافون، وما يجعل العاشق يجن جنونه من السعادة سوى ايماءة أو قبلة أو كلمة من المعشوق، وما يجعل التاجر يسبح في نهر من السعادة سوى عدد زبائنه المتزايد، وما يجعل الأستاذ سعيدا هو نجاح تلامذته، وما يجعل القائد سعيدا هو نجاح فريقه ........ لذى فالسعادة دائما ما تكون مرتبطة بما يحدث حولنا، فمصدرها لا يمكن أن يكون داخليا، لأن الاحوال الداخلية ما هي الا عصارة تفاعلية للعوامل الخارجية، وتركيب معقد لها. اما فيما يخص السؤال الأخير الذي سبق وطرحناه على السعادة فهو: وهل يمكن للمرء أن يصنع السعادة أم أنه عاجز على ذلك؟ ان السعادة مشاعر، والمشاعر شيء معنوي ومفهوم الصناعة ههنا قد يكون شاعريا أكثر الى أن هذا السؤال سيتطلب منا استطرادا كثيرا قد يوهمنا ويخرجنا عن موضعنا " احتفالية عيد الميلاد" لذى ارتأيت أن أعالجه في قصة أخر قادمة بعنوان " مخابر صناعة المشاعر" أما الآن فأظن أن الوقت قد حان لنستكمل حيثيات يوم العيد. **** ان رمزية الأشياء تفوق كينوناتها المادية، وكل شيء مادي عديم القيمة من دون تلك الروحانيات والرمزيات التي نضفيها نحن عليها، وتلك الخلفيات التاريخية التي نضعها فيها، فما الحياة سوى ذلك التزاوج المعقد ما بين المادياة والروحانيات، بين الشيء وهويته المعنوية وهكذا يصبح لشيء مكوننين لكن هذا لا يعني أنه منشطر لقسمين بقدر ما يعني بأنه يتألف من قسمين. لقد قصدنا المتجر لشراء بعض اللوازم لاعداد العشاء، عشاء عيد الميلاد، والحق أقول لكم أن كل ما اشتريناه لم يكن الغاية وانما مجرد وسيلة لصنع مشاعر الود التي كانت تتجول بيننا دون انقطاع، تركنا الاغراض في مكان التخزين وانطلقنا ناحية المقهى المعتاد الذي يتواجد على آخر الشارع، موسيقى الطبيعة تطربنا وتتقطع بفعل صرير السيارات المزعج، ونسيم الرياح البارد يجدد حيواتنا مع كل نفس جديد نأخذه، قهوة برازيلية ساخنة على الطاولة، حلويات وحليب، وسجائر على الأفواه تحترق وتفنى ببطء وثبات، وتتحطم لحظات وتتولد أخرى من العدم ونهر الزمن السرمدي يجري غير مكترث لذلك الصخب الذي يحدث فيه ولا لتلك الفوضى العارمة. لمذا العالم أحر من الجمر؟ أوسمعتم ما حل بسوريا؟ هذا ما قاله صاحب الاحتفالية. انما الدول شعوب، وليس مجرد حكومات متعاقبة، أو حدود جغرافية معلومة، وان أردنا أن نحمل المسؤوليات فلابد علينا أن نحمل الشعوب نصيبها، رديت قائلا. _ وما شأن هؤلاء البؤساء بما يحيكه أصحاب ربطات العنق في قاعاتهم الفخمة تلك؟ ان الظاهر هو ذلك، فكيف يكون لهؤلاء البسطاء أن يكون لهم يد فيما يحدث لهم؟ وحتى أنه من القسوة بمكان أن نحملهم أية مسؤولية على أي شيء يحدث، لكن هذا ما يظهر لأعين ذوي الفكر الانشطاري، لكن الحقائق لا تبدى الا بعد دمج تلك العناصر المتشاطرة والمتناثرة، وادراك حقيقة منتوجات هذه التفاعلات التي تحدث ما بين العوامل، فكما يقال " كل أمة تستحق قائدها" وما الحكومات سوى انتاج وافراز هذه الشعوب، فالأسد لم يستورد من واشنطن ولا موسكو بل هو ابن الأسد وابن الشام، وفكرة الأحادية في السلطة والتفكير والعيش متأصل داخل العقل الجمعي لهذه الشعوب. _ وما شأن القوى العظمى في ذلك؟ وما شأن فرنسا وبريطانيا وأمريكا وروسيا وتركيا وايران.....؟ _ اياك وأن تقول لي: حقوق الانسان، أو الأمن القومي فقد تخمنا من هذه العبارات الساذجة. _ انما الواقع هو مؤامرة محبكة المعالم، نحو شرق أوسط جديد، وتطبيقا لمشروع الشرق الأوسط الكبير. ان معطيات واقع الحال حقا تشير الى ذلك، لكن وكلما زاد الرأي تعقدا كلما نقصت حظوظ أحقيته، ودعني أساريك في فكرة المؤامرة، لكن لبد لنا أن نعترف أنه مامن قوة على الأرض تستطيع التدخل في الشأون الداخلية للدول، أو المؤامرة عليها الا اذا كانت الأحوال الداخلية مشجعة لذلك؟ فلمذا لم نشهد مثل هذه التدخلات بتونس مثلا؟ أو بمصر؟ اذ اعتبرنا أن هذان النموذجين من الثورة أقرب للنجاح؟ انما المشكل في الداخل أكثر منه في الخاج. ان الثورة الحقة، هي أن تثور الشعوب على أفكارها، وتجددها وانفتاحها نحو العالم وتقبلها للآخرين. قال زميلي، وراح يكمل: ان الثورة الفكرية أولى من اسقاط النظام، فما الأنظمة سوى عصارات ذلك المزيج الاجتماعي والثقافي. ولقد تعاقبة عدة مواضيع متنوعة في جلستنا، قبل أن نحمل أنفسنا ونغادر، فتوجهنا نحو الغرفة مجددا لاعداد عشاء عيد الميلاد. تــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــتمة. يبد ان جو الأمسية استمر ليكون لطيفا، وغروب الشمس كان رائعا الى أن الكثير لم يكن مهتما لذلك، هكذا ترقبت الشمس تغيب ببطء السلحفات، وما أشد ما أمتعني الأمر، النور ينزلق نحو العدم والضلام ينبثق من العدم، أو ربما كان الظلام هو الأساس، والنور هو الدخيل، فما الظلمة سوى غياب النور، ان الغسق لشيء عجيب فهو يحاكي سر الكون والوجود ففيه يمتزج النور بالظلام، كما يمتزج الشر بالخير في هذه الحياة والحب بالكره، والرغبة بالنفور. لقد أحزنني حقا رأيت الشمس تغيب، الى ان ذلك شجعني على أن أبتعد أمام شرفتي، لأتوجهت نحو الخضار لأغسلها، ساعدني في ذلك صاحب الاحتفالية، في حين أن الثالث لازم شاشته، فهو حقا مدمن على مواقع الويب تلك، لحقا تترك آثارا بليغة على النفس لدرجة أنها تجعل الانسان مقيدا بها الى أبعد الحدود وفي حقيقة الأمر فانني لا ألوم الغير على ذلك لأنهم ومن خلال هذه المواقع يمكن لهم أن ينفسوا على أرواحهم وأن يجسدوا ذلك الانسان الذي يرغبون في أن يكونوه، فهم يختارون أسماء وأديان وطبقات اجتماعية وثقافية على حسب أهوائهم، لذى لم أشأ أن أقاطعه فرحت أقطع الخظار أطراف صغيرة، أوقد النار وأوزع أدوار الأطباق، لقد كان صاحب الاحتفالية جد سعيد، فهو انسان مرح، طوعي، ويتماشى بشكل كلي مع أحداث الواقع، سريع التأقلم هو، ولعل هذه الصفة لميزة ذهبية في الانسان أن يكون متماشيا مع ما حوله، ومن خلال ذلك يكون مرتاح البال قليل التفكير حول المستقبل وغير مكترث بالماضي، فالجروح قلما تجد منفذا لتعشش في أغوار الانسان ان لم يكن هو نفسه لا يعطيها من الأهمية قدرا كبيرا. تمر الساعات وتتجهز الأطباق ونعد الطاولة ونجتمع حولها بقلوب راضية، والكل يلتهم ما يمكن له أن يلتهم، والكل يعبر عن اعجابه بالأطعمة على الرغم من أنها لم تكن لذيذة جدا وربما لم تكن لذيذة في الأساس، فنحن نبدي اعجابنا بها فقط لنفضي لمسة من الرضى على ما قمنا به، فمن ذا الذي لا يعجب بما يصنعه؟ حتى النقص في مفهومه الشخصي يعتبر كمالا لحد ما، الا أنني لا أوافق هذه الفكرة كثيرا، فالراضي لا يتطور فما تطور البشرية سوى نتاج لعدم رضى البشر بما يتوصلون له، فلو كان الانسان راضيا بالأعواد والحمير والغلمان كمراكب لما تحتمة عليه أن يصنع مختلف السيرات التي هي أمامنا، ولو هو ارتضى بهذه السيارات لما أمكننا أن ننتقل من الهند الى ساحل العاج في ضرف قياسي كهذا. ان ما يعقب الوجبات الدسمة، ومشروبات الغاز لدى معظم الشباب لهي سجائر على الأفواه، ودخان في الهواء، وتنهيدات في الفراغ، وأذهان صافية، وضغوطات مرمية في الفراغ، وأنفاس في الداخل والخارج تناسق، نحو العدم تساق، وأحاديث من العدم تعاد، وابتسامات من قعر القلوب تشال، ولحظات من الجنة تسرق، الفرح والبهجة يعمان المكان. ان جل ما يبهجنا في الاحتفاليات ليس تلك البهرجة التي تقام وانما تلك اللحظات التي تعاش، لهذا فأنا أتحمس لجميع الأعياد، أي كانت، الدينية منها والوطنية، العالمية والمحلية، فكلها تهدف لشيء واحد وهو تنفيس الناس على أهوائهم والهروب من رتابة الأيام وتكرارها، مثلث الموت: العمل، النوم، الراحة ولذا فعلينا أن نستغل كل عيد، ونفرح في كل حفل، ونرقص في كل المناسبات، في أعيادنا وفي أعياد الآخرين، علينا أن نقدس أعيادنا وأن نحترم أعياد الآخرين، أن نتقبل التهاني من الحبيب والغريب، ونقدم التهاني للحبيب والغريب، وهكذا تتسلل لداخلنا مفاهيم التعايش والتقبل وتنزلق من داخلنا مفاهيم التعصب والرفض والتقوقع والكره. ومن خلال تقبل الآخر واحترامه، نتعرف على الآخر ونتقبله، تلتقي الثقافات والحظارات، تمتزج العقليات وتتولد عقليات جديدة، نصنع السلم ونحارب الخراب والفساد. النهاية. تحياتي، حمودة بوذراع.
#بوذراع_حمودة (هاشتاغ)
Boudra_Hamouda#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لعبة الموت
-
ماذا بعد
-
الطيبة المرضية
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|