محمود شقير
الحوار المتمدن-العدد: 5882 - 2018 / 5 / 24 - 02:09
المحور:
الادب والفن
شعرة
قلت لها: لو كان بيني وبينك شعرةٌ لقطعتها في الحال.
لأنّني لا أحتملُ أيّة مسافة بيننا.
قالت: لو كان بيني وبينك شعرةٌ لطرحت السؤال تلو السؤال
عن تدخّل الشعرة في حبّنا.
وقالت: كنت أعلنت عليها حربًا شعواء، وليقلْ عنّي الناس: مجنونة، وليقولوا: حمقاء.
ورق الدوالي
اقتربتُ منها وتأمّلت خدّيها اللذين لهما حمرة التفّاح.
سألتها: منذ متى أنت هنا تبيعين ورق الدوالي بالقرب من باب العمود؟
قالت: منذ ابتدأ حلمنا الطائش.
رحت أستعيد مخزون ذاكرتي وقلت: أعرف أنّك معلّمة في مدرسة، ولم أكن أعرف أنّك بائعة.
قالت: عليك أن تعرف ذلك منذ الآن.
توقّفت عن طرح الأسئلة وانحنيت نحو ورق الدوالي، وتفحّصته بيدين جامحتين. اشتريت مقدار وجبة لشخصين، ثمّ مضيت مبتعدًا وظلّ ظلّي هناك.
وحين أويت إلى فراشي وجدتها مستلقية إلى جواري في أمان، تحلم بأنّ يدًا حانية تفرش تحتها أكداسًا من ورق الدوالي، واليد الحانية، يدي، لا تغادر السرير.
وورق الدوالي النديّ يغمر المكان.
نقص الهواء
حلّقنا، أنا وليلى، في الفضاء من دون أجنحة وبلا زعانف أو خياشيم. وكانت امرأة تسبح على مقربة منّا، كما لو أنّها تخشى علينا من خطر ما.
سألتني: من هذه التي تحلّق على مقربة منا؟
تأمّلتها وهي ترتدي معطفًا أبيض، واعتقدت لوهلة أنّها أمّي، ثم تبيّنت فيها امرأة أخرى، قلت: إنّها، كما يبدو، ممرّضة.
قالت وهي تتنفّس باستعصاء: ثمّة نقص في الهواء. دلّكت صدرها ونفخت من أنفاسي في فمها.
ارتاحت قليلاً وقالت: ليتنا نذهب إلى البحر.
بعد لحظة، وجدتها بالقرب منّي ونحن نسبح معًا في عمق الماء.
قالت وهي ترى الممرّضة وثلاث نساء أخريات وسمكًا كثيرًا من حولنا: كم هو مفاجئ هذا الحيّز الذي من ماء وهواء وسمك ونساء!
#محمود_شقير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟