|
رمضان أو زر إعادة ضبط المصنع الاسلامي .
صالح حمّاية
الحوار المتمدن-العدد: 5881 - 2018 / 5 / 23 - 05:54
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بالنسبة لأي مجتمع من المجتمعات غير الإسلامية فإن مسيرتها الإجتماعية قابلة للتطور مع الزمن ، حيت سيرورة الزمن تجعلها تغير عادتها ، افكارها ، معتقداتها ، للولوج أكثر نحو عالم معاصر أكثر أنفتاحا ، وأكثر مرونة ، و لكن حين نعود للمجتمع الإسلامي نجد أن هذا لا يحصل ، فكل سنة يقوم الإسلام بكبح هذه السيرورة بالظغط على زر " إعادة ضبط المصنع" كما في الهاتف ، حيث كل ما تقدم به المسلمون من خطوات يذهب أدراج الرياح ، فالمساجد تمتلئ بالمصلين و العصاة يتوبون ، فمن لم يكن يصلي تجده كل يوم في المسجد ، ومن من لم يكن يقرأ القرأن طوال العام يعود لقراءته ، ومن كان يفعل ما تسمى منكرات يتوقف عنها راضيا أو مكرها في ظل الظغط المجتمعي ، والناس تلبس ثوب الثوبة الخ ، وبهذه الطريقة التي تفطن لها محمد في العام الثاني للهجرة ، بات الإسلام يعيد المسلمين إلى نقطة الصفر كل سنة بحيث يضمن استمرارية التدين بحيلة الصوم ، وهكذا يبدو الامر وكأنه يرخي لهم الحبل باقي العام ، و لكن في النهاية يعودون إلى حيث كانوا ، و بالنسبة لكل من عاش رمضان في بلاد اسلامية ورآى المسلمين في شهر رمضان سيلاحظ عودة الصحوة الدينية التي تطال تقريبا الجميع ، فالكل راضخ خانع الا قليلا ، أما بعدها طبعا فأفعل ما شئت ولكن في النهاية أن غسل دماغك ، وحتى ولو ؛ و مع نهاية رمضان كنا نرى بداية مظاهر التحلل من الدين الإسلامي حيث تخلوا المساجد و يعود الناس لعاداتهم ، و لكن حتى لا يؤدي الى شيء لانهم سييعيشون بدون أن يتجاوزوا ما كان في السابق ، فهم محرومون من المزيد من التحرر من الدين ، عدى من يعودون ليتوبوا تماما ، لهذا يعتبر رمضان من أخطر حيل الإسلام للجم المسلمين ، فهو طوال العام يسمح للمسلم بأن يلهوا و يعربد ، و لكن مع مجيء رمضان يصبح داعية وبغدادي جديد ، وهنا نقطة مهمة يجب ذكرها وهي أن الإسلام يمنع أي تراكم معرفي لدى الفرد بهذا الفعل ، فهو كل عام يمسح أفكار المسلم بشكل كامل ، ليعاد أنتاجه كمسلم جديد تابع وخاضع للوصايا الدينية ، فخلال شهر كامل وغسيل الدماغ الإسلامي يعمل على مسح أي فكرة أو سلوك كان يمكن أن يتجذر لو ظل الامر مفتوحا هذا مشاعا ، وهذا نراه جليا في برامج التلفاز وفي الشارع حيث كل شيء يتحول لقضية دينية ، و أكثر موسم عمل لرجال الدين هو في رمضان حيث تتهاطل على الدعاة عروض تقديم برمج الفتوى و الدعوة ، في الوقت الذي يتم حصار خصومهم بإخراسهم بفزاعة الدين ، و يا ويح من تسول له نفسه إنتهاك هذا الشهر المقدس ، و قد لاحضنا هذا مثلا في مرات سابقة حين حاولت بعض الفئات في الجزائر و المغرب تنظيم تجمعات إفطار علني ، حيث هوجموا هجوما رهيبا وصل الى حد العنف ، هذا مع أن محمد لم يضع عقوبة للمفطر العلني ، بل شرع فقط كفارات لهذا ، و لكن لكون رجال الدين هم أيضا ساهموا في بناء الإسلام وتعزيز آليات إرهابه ، صاروا يطاردون هؤلاء المفطرين و يعتدون عليهم كما حصل في باكستان ( و الفيديو موجود على النت) حيث قام بعض رجال الأمن في باكستان بالاعتداء على شباب مفطرين ، وحصل الأمر في الجزائر حين هجمت مجموعة من السلفية على مجموعة قررت تنظيم تظاهرة للإفطار العلني ، وكل هذا لانهم يعلمون ان التحرر من اعادة ضبط المصنع الديني ، سوف تؤدي بموجة من التمرد التي ستتضخم مع مرور الوقت لتمسح الدين من جذوره ، وهو الأمر غير المقبول لديهم ، لهذا يسعى هؤلاء لتحجيم هذه الظاهرة وظواهر غيرها كما أقر مثلا مجلس الشعب المصري قانون بالرقابة على محتوى المسلسلات و الأعمال الفنية خاصة في رمضان بحجة الخوف على مشاعر الصائم ، مع أن نفس هؤلاء لا تهتز لهم شعرة على مناظر الذبح و التقتيل في الفضائيات ( إن لم يطربوا عليها ) و لا على غلاء الأسعار في رمضان الذي يثقل كاهل الفقراء وهو الأمر الذي من الأمور المضحكة حين تطلب منهم التبريرات ، فجل التبريرات التي تقدم من قبلهم أن مشاعر المسلم حساسة اذا افطر أمامه أحد ، ولكن لا احد يتكلم عن باقي العام وهم يرمون الطعام و ملايين الجياع لا تجد ما تأكل ، عدى السخرية العبثية في فكرة الصوم حين يقال أنه لتهذب النفس عن الشهوات ، و كأن الفقير المعدم كان يجد أصلا ما يأكل لكي تزيد عليه رمضان الذي يعيشه حياته كلها .
على هذا يجب الإنتباه إلى أن فكرة إنتهاك رمضان علانية امر ضروري لمن يقدر عليها ، فهذا يزعزع اساسات التحايل الديني لإرجاع الجميع للحظيرة الدينية ليعلفهم بالمخدر الديني الذي سيستمر للسنة القادمة ، و سنة بعد سنة وكما ترون و بمرور 1400 سنة فهذه الخطة ناجعة لغياب أي تمرد صلب ضد غسيل الدماغ الذي يمارس في شهر رمضان لمنع أي تطور أو تقدم في الفقه الإسلامي على الأقل ، حتى لا نقول ذهاب نحو الحذاة والعلمنة ، فمع كل رمضان يعود المسلمون لنقطة الصفر ، و لا تقدم ولا يحزنون بل مزيد من الخنوع و الذل و المهانة ، خاصة حين ترى اطفال ومضى وعجائز غير قادرين يصومون فقط بسبب ترهيب الفقاء ليبقى الدين كله لهم ولجيوبهم و لفلاتهم الفخمة ،و أبحث أنت عن مصر هؤلاء و احصاءيات من قتله الصوم ، ولكن ومن سيتكلم و الاسلام مصحف وسيف .
#صالح_حمّاية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شيزوفرينا عشيرة اردغان .
-
صحافة الإرهاب و تشويه ثمثال عين الفوارة .
-
لغة اهل الجنة الذين حلت عليهم اللعنة .
-
دولة الخلافة المصرية وما شابهها .
-
مصر و نشر التطرف الديني .
-
محمد ونهاية التاريخ
-
عن غياب الفن في الإسلام وسبب همجيته.
-
حروب دولة الرسول .
-
الغرب و صدمة الهمجية .
-
الجزائر تعود إلى محمد.
-
مِحنة الديوث .
-
العرب من دون إسلام 3/3 .
-
العرب من دون إسلام 3/2 .
-
العرب من دون إسلام 3/1 .
-
المرأة الجزائرية و ثورة النواعم الناعمة 3/3.
-
المرأة الجزائرية و ثورة النواعم الناعمة 3/2.
-
المرأة الجزائرية و ثورة النواعم الناعمة 3/1.
-
جورج أورويل ، و الأخ الكبير الإسلامي 3/3 .
-
جورج أورويل ، و الأخ الكبير الإسلامي 3/2 .
-
جورج أورويل ، و الأخ الكبير الإسلامي 3/1 .
المزيد.....
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
-
اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو
...
-
الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
-
صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
-
بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|