|
إقامة جهادي وترانزيت طفل
عادل صوما
الحوار المتمدن-العدد: 5878 - 2018 / 5 / 20 - 06:24
المحور:
كتابات ساخرة
المشهد الاول ورد في الانباء من شهر أن الحارس الشخصي لمؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، يعيش في ألمانيا منذ عام 1997، ويتقاضى راتبا اجتماعيا شهريا قيمته 1168 يورو لأنه لا يعمل، وكشفت الحكومة الإقليمية عن قيمة الراتب بعد أن قدم حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتشدد طلب إحاطة بشأن الرجل، ويدعى سامي أ، تونسي الجنسية. نفى الرجل منذ وصوله ألمانيا بتأشيرة دراسة أي صلة بالأعمال الجهادية، أو تلقيه دروسا قتالية في معسكرات "القاعدة"، وهو أمر مستحيل نظرا إلى الوظيفة التي كان يعمل بها مع رجل مطلوب من عدة جهات، واستُبعد ترحيله من ألمانيا إلى تونس بسبب مخاوف القضاء الألماني من تعرضه للتعذيب في تونس، ثم أجرت السلطات الامنية تحقيقات مرة اخرى معه بشأن مزاعم صلته بتنظيم القاعدة في سنة 2006، بدون توجيه اتهام له لعدم وجود أدلة، ويعيش سامي مع زوجته الألمانية وأطفاله الأربعة منذ ذلك الحين في مدينة بوخوم غربي ألمانيا، والتحق بعدة دورات دراسية على نفقة حكومة ألمانيا في مجال التكنولوجيا، لأنه حصل على تصريح إقامة موقت في ألمانيا سنة 1999، ورغم ذلك رفضت السلطات طلب لجوء تقدم به في سنة 2007، لأنه كان مدرجا على قائمة الخطرين أمنيا، ويتعين عليه التواصل مع قسم الشرطة يوميا. بعد وصول هذه المفارقات إلى الاعلام، سارعت وزارة الداخلية الألمانية إلى تطمين الرأي العام، قائلة إنها تعتزم ترحيل الرجل، رغم وجود موانع قضائية، بسبب عدم وجود ضمانات دبلوماسية من تونس بأن سامي لن يتعرض للتعذيب، لكنها لم تحصل عليها بعد. وقالت السلطات المحلية إنها حاولت في السابق طرده عدة مرات، لكن القضاء أحبط مساعيها، وقد تابعتُ يوميا معظم وكالات الانباء منذ ذلك الحين، ولم أقرأ عن شيء يفيد بتحرك هذه القضية، ما يعني انها ببساطة حُجبت عن الاعلام لسبب ما. المشهد الثاني في سنة 2004 كنت مع اسرتي في الطريق إلى الولايات المتحدة من لبنان، بعد قبول طلب الحصول على الجنسية الاميركية بشكل قانوني، وفي مطار فرانكفورت توقفنا ترانزيت، وفجأة سمعت اسمي يُنادى عليه في ميكروفونات المطار، فذهبت إلى مكتب شركة الطيران، وطلب موظف يضع على سترته بطاقة المطار التعريفية أن يرى تأشيرات دخولنا إلى الولايات المتحدة، بسبب التدقيق في أوراق المسافرين وتأشيرات دخولهم بعد هجمات سبتمبر، فقدمت له الظروف المغلقة التي تحتوي على مستندات الهجرة من القنصلية الاميركية في سورية، لعدم وجود قنصلية أميركية في لبنان تعطي تأشيرات هجرة آنذاك، فعاد الموظف بعد دقائق وقال: يؤسفني أن اقول لك ان رحلتكم قد أُلغيت وستعود إلى بيروت. - لماذا؟ سألته بدهشة. - لأن تاريخ ميلاد إبنك على ظرف السفارة غير مطابق لجواز سفر امه اللبناني. على ظرف الهجرة هو مولود في 12 تشرين الاول، وفي باسبور أمه اللبناني 17 تشرين الاول. - هذا خطأ مسؤول الهجرة في سفارة أميركا في دمشق وليس مسؤوليتي. - ويجب أن تعودوا ليصححوا الخطأ. - وجهتنا ليست ألمانيا وليس من حقك أن تعيدنا. نحن هنا ترانزيت فقط داخل المطار ولن نرجع إلى بيروت. - من حقنا أن نعيدكم. هذه هي التعليمات. - تعليمات من؟ سألته بانفعال شديد. - ليس من شأنك أن تعرف. هدىء أعصابك ياسيد صوما، فالانفعال لن يفيدك. - من شأني ان اعرف. هل تعرف ماذا ستكلفني الجملة التي قلتها؟ - لا شأن لي بما ستدفعه. - إسمع يا هذا. انا لن اتحرك من هنا سوى بأمرين. - وما هما؟ سألني. - حضور موظف من قنصلية اميركا هنا لأتفاهم معه، أو إتصالكم بالقنصلية الاميركية لبيان موقفي، وفي حال إتصالكم اريد رد السفارة مكتوبا إذا كان سلبيا ليدفعوا تكاليف الرحلة. الخطأ لم أفعله انا. - ما تطلبه مستحيل. - ليس مستحيلا. إسأل رئيسك وانا منتظر جوابه. لن نرجع إلى بيروت سوى بعد تنفيذ ما طلبته منك. غاب الموظف وعاد بعد حوالي عشرين دقيقة. - يا سيد صوما. إتصلنا بالقنصلية الاميركية هنا وقالوا: إسمحوا لهم بالسفر، وقولوا للأب ان يبلغ عن خطأ تاريخ ميلاد إبنه في مطار الوصول الاميركي لدائرة الهجرة. المشهد الثالث الحارس الشخصي لإبن لادن سافر سنة 1997 بتأشيرة دراسة لكنه اقام وتزوج من امرأة ألمانية زأنجب اربعة اولاد ودرس وتلقى معاشات اجتماعية شهرية، وتريد ألمانيا ضمانات ديبلوماسية من تونس بعدم تعذيبه لترحيله إلى وطنه بعد أكثر من واحد وعشرين سنة، وإبني كان عمره سنة ونصف سنة 2004 ومجرد عابر ترانزيت لمدة ساعتين لن يخرج فيهما معنا حتى من باب المطار لصورة تذكارية، وكانوا على وشك إعادة أسرة كاملة لتصحيح تاريخ ميلاده على أوراق رسمية سليمة، ترقيمها موجود في مطار فرانكفورت قبل سفرنا من لبنان. ما بين سطور الحكايتين واضح جدا وتصنيفه في الكوميديا السوداء التي تعيشها أوروبا كاملة اليوم.
#عادل_صوما (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دموع محي إسماعيل
-
مطربة ورسالة وبتر ثقافي
-
ساعة محمد رشدي وربابته
-
مستقبل مملكة ومصير قارة
-
قدِّس اسطورتك واحترم اساطير الاخرين
-
اليوم العالمي للمواطنة
-
عذاب القبر/الجزء الثاني
-
عذاب القبر/الجزء الاول
-
رسائل مبطنّة في الاغاني الجريئة
-
أعمق من الجيم القاهرية
-
أساطير المعارج السماوية
-
كل سنة وإنتم طيبين وبعودة
-
النفاق والاساطير المتبادلة حول أورشليم
-
ثورة المسيح على مفهوم الايمان
-
الاموات يحكمون الاحياء
-
شيما واخواتها
-
ذكرى الاربعين للربيع العربي
-
الاساطير أقوى من الوقائع احيانا (2)
-
الأساطير أقوى من الوقائع أحيانا
-
فارق التوقيت سبب عدم التوافق وكراهية الآخر (2)
المزيد.....
-
Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي
...
-
واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با
...
-
“بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا
...
-
المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
-
رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل
...
-
-هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ
...
-
-جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
-
-هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
-
عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا
...
-
-أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|