أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبدالعزيز - الشاعرة مسار حميد الناصري، رغم الاوجاع تُسرج حلمها تحت سنبلة ..!!















المزيد.....

الشاعرة مسار حميد الناصري، رغم الاوجاع تُسرج حلمها تحت سنبلة ..!!


وجدان عبدالعزيز

الحوار المتمدن-العدد: 5873 - 2018 / 5 / 15 - 20:04
المحور: الادب والفن
    


حمل لنا ديوان (هناك ...حيث أنت) للشاعرة مسار حميد الناصري خطابا موجها للاخر، عبر لغة تارة انفعالية، واخرى هادئة، بيد ان كلا الحالتين كانتا لغتهما، لغة شعرية انفلاتية، بمعنى انها تحمل مغامرة جريئة، وفعالية عقلية راقية ومن نوع خاص، تحاول أن تفسر العالم، أو بالأحرى، أن تعطيه معنى، وأن تجبره على البوح بشيء من حقيقته خارج اطار قاموسيتها المتعارف عليها، يقول الشاعر الصيني (لوتشي):‏ (نحن الشعراء، نصارع اللاوجود لنجبره على أن يمنح وجوداً، ونقرع الصمت لتجيبنا الموسيقى.. إننا نأسر المساحات التي لا حد لها في قدم مربع من الورق، ونسكب طوفاناً من القلب الصغير في مساحة بوصة..)، وهكذا فعلت الشاعرة الناصري من خلال خطابها الاحتمالي بنبرة ذاتية وبلغة مكثفة، حملت افتخارا بالذات، الا انها ذات تماهت بالموضوع، وراحت تصنع من هذا الخليط صورا جمالية، ليس خطابا موجها بأوامر، انما كان يحمل طروحات تمثل رؤية في الترويض .. داعية يطرح دروسه، يحاول ايصالها الى اذهان ناسه، لكنه لايبحث عن النتيجة النهائية، فيترك النهايات مفتوحة، كون الشعر مشروعا احتماليا يقوم على الافتراض والحلم ولا يملك الوصول الى الحقيقة كما هي، تقول الشاعرة الناصري :
(آياتهم غربان
والكف فارغة
اعطوه لي
اختلط الصوت بأذني
والندم ينمو
ناراً في الأحداق
موتاً منسي الأكفان
استيقظت والناس موتى
في رفات الجمرة
بقيتُ وحدي)
هذه الاحتمالات صاغتها لغة خيالية، وكما اسلفت تراوحت بين الانفعال والهدوء ومحاولة ايجاد دالة رؤيوية خاصة بالشاعرة، يقول الدكتور عناد غزوان : (إن هذه الأبعاد الثلاثة : الانفعال والخيال والفكر لاتظهر إلى واقع الحياة، إلا من خلال اللغة التي تعبرعن الانفعال فنيا ـ اللغة الانفعالية ـ أو الخيال ، اللغة الخيالية (ذات الدلالات الجمالية والبيانية او البلاغية) والفكر ـ اللغة الفكرية ـ التأملية التي قد تمزج بين الانفعال والخيالية في آن واحد . نظرا لان هذه الأبعاد لايظهر أثرها أو تتجلى استجابتها وأخيرا تقدير قيمتها الفنية ـ الجمالية في ذات المتلقي ـ العنصر المهم والفعال في العملية النقدية ـ من غير فن ومهارة في الصياغة والتشكيل وهو البعد الذي تتوحد فيه الأبعاد الثلاثة وضوحا وغموضا أو تقصيرا .. وهذا يعني ان فن الصياغة والتشكيل الشعريين هما روح "الترويض" في النص)، فكانت محاولة الشاعرة في ترويض نصها بدلالة قولها : (وأهمس لنهر الغرباء/خذوا مزامير الرحيل/ودعوا زهد الموت لي/لايرثيني الا الله/آه من وطني ... إنه وطني)، والعبارة الاخيرة (إنه وطني) اثبتت من خلالها موقفا ورؤية من خلال الابعاد الثلاثة، ومسكتْ بالمعنى، ثم تقول :
(اسقط ارتفاعا بمئذنتي
ليصحو صراطك المستقيم
تمنحني سجدة سهو
فأمنحك مغفرة نحو حبي ...
وبإنحناء عفيف
سأقاتل بقصب الناي)
فحتى سقوطها ارتفاعا بقوة اللغة الانفعالية، وبأسلحة مغايرة للواقع المرّ الذي ما أنفك يحاصر ذاتها وذات الاخر توأم روحها، حتى انها كتمت حبر المواجع، اي انها سكتت عن بعض الكلام، غير انها تعلن في مواضع اخرى، لترسم في قصيدتها (نافذة بلا مطر) مشاهدا بصرية، الا انها حولتها من خلال اللغة المغايرة الى صور لامرئية، ومثل قولها : (نجما أعلقه في ظلام السؤال)، فمن صورة مرئية (نجما) الى صورة لامرئية (سؤال)، وقولها : (أضيء بساتين عيني)، و(فيصلي الضوء في أناملي)، ومن خلال هذا رسخت خطابها للاخر وجعلته خطابا ذاتيا، أقترب كثيرا من الصدق، وصنعت دائرة مغلقة، مفتوحة ذاتيا، مفتوحة موضوعيا، مغلقة موضوعيا، مثال قولها : (يلفحني شوقان/ أولهما لكَ والثاني إليكَ) واخذ خطابها يتعالى بصور تترادف، لتعلي شأن الاخر وتساويه مع حب الذات الباحثة عن الحقيقة، وعززت في قصيدة (موعد مع الفجر) استمرارية البحث عن الاجوبة من خلال رسم علامات الاستفهام، تقول الشاعرة :
(كيف الماء في لهب؟!
انا لم اعهد
الغيث يبدد احلامي
ويقتل الشجر
ما بال نبضك يئن
شراعا مكسورا بين الضلوع
وشاطيء الثواني يملأه الضجر)
والشاهد هنا يتمثل (ما بال نبضك يئن) وبدلالة بين الضلوع، وهي اشارة صوفية الى قوة الالتحام الروحي بين ذات الشاعرة، التي تمثل الذاتية والاخر الذي يمثل الموضوعية، والمقصود بالذاتية معالجة موضوع ذاتي في داخل الانسان، وكذا استخدام وسائل ذاتية في التعامل مع الموضوع الخارجي او الداخلي, الذاتي أو الموضوعي, بما في المعالجة من انفعال وخيال, فالذاتية هي في الموضوع والأسلوب، وهي في الشكل والمضمون وهي في المادة واسلوب المعالجة، وكذلك الموضوعية والمقصود منها معالجة موضوع في خارج الذات، أي معالجة الموضوع الداخلي او الخارجي الذاتي أو الموضوعي بأسلوب موضوعي.. وهناك خلاصة توصلت لها الشاعرة، أي انها عززت الموضوعية واعطتها بُعدا اخرا من خلال التمسك بحب الاخر، لكن الحب في الوطن بقولها :
(لأني بحت بحبك
وتلوت فاتحة الغرام
وعلى جرف موال
احكي قصة عشق
اني بقربك
والحب في وطني
أوصدوا دونه الابواب
عمياء أناملهم)
بمعنى ان الحب يسكن دهاليز القلب، الا انه يكون اكثر جمالا، حينما يكون هو الوطن، والخلاصة ان الحبيب هو الوطن، او العكس لايفرق عند الشاعرة، وهي دلالة ان الابداع يشتمل على سائر المستويات الاجتماعية والثقافية والنفسية… بحيث لا يمكن أن نفصل الأثر الأدبي عن مبدعه، لأنه جزء منه مهما ادعى الحياد والموضوعية في عملية الإبداع، كون العملية الابداعية تنطوي على بنيات لاشعورية يحدث دون أن يتحكم فيها المبدع بشكل مباشر، بحيث ينطوي الابداع على ذات تحاول الذوبان في الاخر، اي أن كل فن جيد هو ذاتي وموضوعي في ذات الوقت، لذا فان الشاعرة الطائي سلاحها في ايصال رؤاها هو الجمال بدلالة قولها :(سيهب نخلي ذات بياض/ليحز قامة الظلام)، او قولها : (أسرج احلامي تحت سنبلة/وأنفض الجدار عن الذراع/فأولد من جديد)، فعبارات : ليحز قامة الظلام، وتحت سنبلة، واولد من جديد، هي ايحاءات جمالية لولادة جديدة بعد تمزيق الظلام وتبديد العتمة، وهذا الامر يعزز موقف الشاعرة باتجاه خلق رؤية جمالية، واستمرت تلحن تراتيل الذات وسط الغياب، تعد الاوجاع، اوجاع روحية من الاحساس بالوحدة، الا انها دلت على تمسكها بالجمال، وهي في اتون الوحدة والغربة وراحت تستعمل حرف "لو" وهو حرف شرط غير جازم يفيد التعليق في الماضي أو المستقبل ، يُستعمل في الامتناع أو في غير الإمكان ، أي : امتناع الجواب لامتناع الشرط المتمثل بقولها :
(اجهشت مرايانا
فراغ اللحظة
اجد نفسي على مسيرة عام
وانا ارسم ابتسامة حائرة
احرث ماتبقى من الكلمات الصدئة
الوذ بالاشجار
بغابات الوحدة
لو غادرته فماذا بعده اجد؟
لو اني اعود لأبيت تحت
حلم سنبلة)
وهنا صنعت معنى اخر للامل، ثم تعود تحتسي الكلام مع المطر، حاملة سرها الى تلال الدفء، وهكذا كان مسارها الشعري خطابا موجها له معززة ذلك في قصيدة (غيمة في قارورة) الى قصيدة (اغنية لاتشيخ) التي تقول فيها : (انا المغيبة فيك عشقا وانكسارا) والى اخره من القصائد والمقاطع التي توالت في الديوان، تعزز تلك الرؤية الجمالية ...

هامش :
ديوان (هناك ... حيث أنت) للشاعرة مسار حميد الناصري/مطبعة المنتدى ـ بغداد ـ شارع السعدون/الطبعة الاولى 2017م



#وجدان_عبدالعزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علي الفواز مثل حضورا فاعلا في الواح الغياب
- ليلى القواس في المحكمة الشعرية !!
- وسكتت شهرزاد، لكن الشاعر حبيب السامر لم يسكت !! /ديوان(شهرزا ...
- الكاتبة ذكرى لعيبي، الغياب وصراع البحث عن الذات ..!!
- الشاعرة اسماء صقر القاسمي، بين التراث ومحاكمة الذات ..!
- الشاعرة مها ابولوح، تتبنى الحزن المُبرر ..!
- الشاعرة ساناز داودزاده فر، تصنع حوارا شبه سري مع الاخر ..!!
- الشاعر رافد الجاسم، رومانسية بشكل كلاسيكي ورؤية حديثة ..!!
- الشاعرعبدالعزيز الحيدر ومحاولة ترويض اللاوعي للوعي ..!!
- الشاعر كريم الزيدي في كندا، مصطحبا الحزن العراقي معه..!!
- التشكيلية أفين كاكايى /رحلة البحث عن الوطن
- جنة عدنان .. موصلية ابداعها امتداد لحضارة بلدها
- الشاعرة حنين عمر/ورقصة الوهم
- الشاعر علاء احمد ، تتجلى معانيه بصور المفارقة
- الشاعرة رشيدة موني في صراع لاختراق المألوف
- افياء الاسدي : الشعر والحضور
- الشعر التلقائي والابتعاد عن الرقيب الاجتماعي في رؤية الشاعرة ...
- (حلمة الهذيان) في (تميمة قلب) للشاعر تحسين عباس
- شمس تبريزي ورباعيات مولانا صراع مرير مع القبح الأرضي
- صراعات فكرية ، تحملها قصيدة (ماهية السر)


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبدالعزيز - الشاعرة مسار حميد الناصري، رغم الاوجاع تُسرج حلمها تحت سنبلة ..!!