أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبدالعزيز - علي الفواز مثل حضورا فاعلا في الواح الغياب















المزيد.....

علي الفواز مثل حضورا فاعلا في الواح الغياب


وجدان عبدالعزيز

الحوار المتمدن-العدد: 5871 - 2018 / 5 / 13 - 13:25
المحور: الادب والفن
    


لا شك حينما نتحدث عن انتاج ادبي لشخصية ما ، علينا استحضار تجربة تلك الشخصية وموقفها الانفعالي في رسم خطوط التجربة الادبية، باعتبار ان الادب في احدى تعاريفه، هو (اظهار مواضع القوة والجمال من الحياة وعرضها عرضا جميلا مؤثرا للعواطف والوجدان وباعثا للانفعال)، (والانفعال شعور حاصل عند الشعراء "النموذج"، وهو ما يسهم في تشكيل وحدة شعورية واحدة عند كل منهم، تهيمن على مجمل انتاجه)ص36 البنية، ودل بذلك الناقد عبدالله الغذامي على الانفعال العقلي، وهو اظهار جلي للمقصدية التي تتنامى من خلال الخبرة، (ورؤية الشاعر ترسمها خبرته المتنامية بتجربة يتضح فيها احساسه، ووجدانه ومعاناته وتتلاشى فيها ذاته، فهو يقدم من خلال سياقه الديني والاجتماعي، والتاريخي نمطا انسانيا يتماهى مع مجتمعه)ص46 البنية، لخلق نص شعري له (كيان مستقل، ووجود ابداعي يجب الا يفصح عن نفسه، ليعطي المتلقي فرصة البحث خلف كلماته واساليبه، وبنيته، لانه حين يفصح عن نفسه يفقد ابداعه وتميزه)ص71 البنية، وحينما اعالج ديوان (الواح الحضور، الواح الغياب) بالقراءة المتمعنة، اصطدم بالعنونة باعتبارها العتبة الاولى، واكتشف من خلالها مقصدية علي الفواز، والتي تدور حول ظاهرة الحضور والغياب، ولي في بحثي المعنى وغيابه، وللشاعر الفواز حضور التجربة التي تستدعي ذلك الغياب، لتصنع منه حضورا اخرا له ابعاد انسانية واخلاقية تجاه من غاب في تاريخ ما، بيد انه حضر اثرا، (ولا ينبغي ان نعزل النص عن اسقاطات الخارج وملابساته المحيطة، والتنقيب فيه وحده، وتصيد الاثر في الكتابة "النص" ومن خلالها ومعها كما يرى جاك دريدا)ص89 البنية، ولهذا فان (الواح الحضور، والواح الغياب)، هو كتاب (اهداءات)، وكانت الاسماء التي اعتمدها الشاعر في اهداءاته لها الحضور الفاعل في الساعة الثقافية العامة او حضورا نفسيا للشاعر نفسه، يقابله غياب مغيب من خلال الصمت الاختياري والاخر الاجباري، ثم تأتي متون النصوص التي تمتلأ بالاشياء المفعمة بتزاحم المعاني المبثوثة والمؤدية الى انشطارات في المعنى .. فارسل من خلالها اشارات باثة عن تلك الشخصيات التي لها مساس وتأثير وكانت قصائده المهداة، بمثابة التعبير عن غياب هذه الشخصيات، الا انه في الجانب الاخر اظهر حوارا حضاريا لاثار حضورها الثقافي وما تمثله من رموز لها فعالية الحضور وسط دنيا الغياب وهذا انتج فلسفة خاصة .. يقول الشاعر في قصيدة (ايها الدلموني ..ما تبقى هو الكلام) والمهداة الى/قاسم حداد :

(ترش الاخطاء على تفاحات آدم
اذ تدعو الى انوثة باردة
وغوايات لاخطائنا الطازجة
وخياناتنا الانيقة ..
ايها الدلموني ...
هذه الارض
تتسع لاوهامنا كثيرا، لحروبنا الخائنة
للاولاد الطلقاء ..
اللغات مكشوفة للمحاربين
والاسماء ضيقة بالمراثي
ومحشوة بالاكاذيب
اعرف انك
الوحيد الذي يشتري الهواء ويبادله
بالثياب الداخلية للشعراء ..)

وهنا حقق المتعة الشعرية وانطوت المعاني بمقصدية لغوية عكست تجربة الفواز في التعامل مع السياق بشفرة خاصة .. جعلتنا نبحث في مظان هذه التركيبات اللغوية عن ظاهرة (الغياب والحضور) بعدما عرفناها مسبقا من خلال عتبة العنوان .. لـ(ان التجربة الشخصية للشاعر هي المنجم الحقيقي، لشعره وان كل تجريب "لغوي" او رؤيوي يتجاهل هذا المنجم فانه يذهب بعيدا عن الشعر ولا يقترب)ص42اسئلة النقد، اما في قصيدة (ايها الكنعاني .. اخرج الى موتك حيا) والمهداة الى /روح محمد القيسي، فيقول:

(ماذا تبقى من الوقت الابيض،
لتبادلنا الساعات السود
اوهامها الباردة؟
ماذا تبقى من السلالات الكنعانية
ليبادلنا التتار والترك والفرس والانكليز
اوهامهم الرثة؟
ايها الحي البعيد الغامر بالاسئلة،
المغلول الى السعادات والمراثي
واغاني حمدة والمدن البعيدة .
كيف لي ان استحضر وقتك الابيض،
والساعات السود تركض حولنا كالعدائين؟
كيف لي ان ادعو الكنعانيين الى ولائم
.... )

حضر الفواز في منطقة الاسئلة المسكونة بالشعر، مخاطبا روح محمد القيسي، لعلمه مسبقا بموته، بيد انه في منطقته الشعرية، أي الشاعر الفواز، يحاول استحضار احداث التاريخ التي عزف عليها الكاتب الكبير القيسي في قصصه، وكانت عملية الاستحضار مثلت رؤية الشاعر المحملة بالاسئلة وتزاحم المعاني وانشطاراتها، عبر خلق اوهام باردة ورثة .. حيث تشكلت على تضادات الابيض والاسود السعادات والمراثي عكست انفعالات الشاعر مرة باللاشعور واخرى بوعي ومقصدية ..وهكذا يبقى الموقف الانفعالي الذي يرسم خيوط تجربة الفواز مع تلك الشخصيات المغيبة والحاضرة في رؤيته، فكل شخصية يعطي لها ابعادا تتماهى ورحلته الشعرية، والشعر هو ذلك المشروع الغير مكتمل ويستند على ذهنية المتلقي الذي يحاول استرداد المعنى، وسماها الناقد العراقي عبدالعزيز ابراهيم الشراكة الحداثوية التي فيها (يتوزع المؤلف والمتلقي الى مدرجين : الاول قدرة المؤلف على الابتكار والثاني قابلية القاريء على خلق المعنى او ما نسميه بالاسترداد)ص103 استرداد المعنى، ومن خلال هذا نجد ان الابداع هو القدرة على ابتكار معنى، يعتمد على المواهب الشخصية وتأثيرات المحيط ومنبهاته التي تخلق ايحاءات تربط بين قدرات المبدع الداخلية والمحيط، لتكون العملية الابداعية في اعتقادي غير بعيدة عن المقصدية ..وهلم جرى مع الشخصيات الاخرى (كزار حنتوش، عبدالخالق كيطان، ممدوح عدوان، الشاعر عباس اليوسفي، سعدي يوسف، نعيم عبد مهلهل، صالح زامل، فارس م، بيت حانون، عبدالرزاق الربيعي، جواد الحطاب، خزعل الماجدي، حاكم محمد حسين، مالك المطلبي، الى الحرب ابدا ..، ابراهيم الخياط)، وهذه بمثابة تجارب، هي قطع من الحياة رسمها الشاعر الفواز على شكل لوحات شعرية، امتلكت قدرة باثة لعدة معان، تبقى تحتاج الى تفكيكها، ومحاولة الوصول الى نسقها المضمر.. وهي محاولة في التأثير والمشاركة، (ولكي يكون الانسان جزءا فعالا في منظومة عصره لابد ان يكون واعيا بإرهاصات عصره الثقافية وقادرا على فهم المستجدات الثقافية ولاسيما في مجال الادب والفن وان تكون لديه القدرة على تحليل مظاهر الثقافة في عالمه المعاصر. وان يتميز بقدرته على ان يكون ناقدا لثقافة هذا العصر والكشف عن مكامن الخلل التي بالثقافة، لتكون احدى الوسائل المستخدمة في التسلط والهيمنة ورفض الاخر وتدميره والبحث بدلا من ذلك عن العوامل التي تجعل من الثقافة عنصرا فعالا في التغيير الايجابي وفي تقدم البشرية والارتقاء بقيم الانسانية) ص 79ـ 80 النقد الثقافي، من هنا كان ديوان (الواح الحضور .. الواح الغياب) للشاعر علي حسن الفواز، هو استحضار الغياب المؤثر ليسهم في حركة الواقع المعاصر، ويكون شاهد عليه، كما كانت تلك الشخصيات غائبة وحاضرة في نفس الوقت ...
مصادر البحث :

1 ـ كتاب (البنية النصية وتبدلات الرؤية) ، محمد بن علي الحضرين الزهراني ، النادي الأدبي في منطقة الباحة ، المملكة العربية السعودية ، الانتشار العربي ، بيروت ـ لبنان الطبعة 2012 صفحات 36و46و71و89

2 ـ كتاب (أسئلة النقد) جمال جاسم أمين / الموسوعة الثقافية 12 ـ دار الشؤون الثقافية العامة بغداد ط1 2004م ص42

3 ـ كتاب (استرداد المعنى) /عبدالعزيز ابراهيم / دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد الطبعة الاولى 2006م ص103

4 ـ كتاب (النقد الثقافي : من النص الادبي الى الخطاب الثقافي) الدكتور سمير الخليلي /دار الجواهري ـ بغداد ـ شارع المتنبي الطبعة الاولى 2012م ص79ـ80


5 ـ ديوان (الواح الحضور .. الواح الغياب) للشاعر علي حسن الفواز/مطابع دار امل الجديدة/سورية ـ دمشق الطبعة الاولى 2014م



#وجدان_عبدالعزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلى القواس في المحكمة الشعرية !!
- وسكتت شهرزاد، لكن الشاعر حبيب السامر لم يسكت !! /ديوان(شهرزا ...
- الكاتبة ذكرى لعيبي، الغياب وصراع البحث عن الذات ..!!
- الشاعرة اسماء صقر القاسمي، بين التراث ومحاكمة الذات ..!
- الشاعرة مها ابولوح، تتبنى الحزن المُبرر ..!
- الشاعرة ساناز داودزاده فر، تصنع حوارا شبه سري مع الاخر ..!!
- الشاعر رافد الجاسم، رومانسية بشكل كلاسيكي ورؤية حديثة ..!!
- الشاعرعبدالعزيز الحيدر ومحاولة ترويض اللاوعي للوعي ..!!
- الشاعر كريم الزيدي في كندا، مصطحبا الحزن العراقي معه..!!
- التشكيلية أفين كاكايى /رحلة البحث عن الوطن
- جنة عدنان .. موصلية ابداعها امتداد لحضارة بلدها
- الشاعرة حنين عمر/ورقصة الوهم
- الشاعر علاء احمد ، تتجلى معانيه بصور المفارقة
- الشاعرة رشيدة موني في صراع لاختراق المألوف
- افياء الاسدي : الشعر والحضور
- الشعر التلقائي والابتعاد عن الرقيب الاجتماعي في رؤية الشاعرة ...
- (حلمة الهذيان) في (تميمة قلب) للشاعر تحسين عباس
- شمس تبريزي ورباعيات مولانا صراع مرير مع القبح الأرضي
- صراعات فكرية ، تحملها قصيدة (ماهية السر)
- رواية (احببت حمارا) ، والسخرية الاحتجاجية


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبدالعزيز - علي الفواز مثل حضورا فاعلا في الواح الغياب