أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء الدين احمد ابراهيم - سجين اللوحة














المزيد.....

سجين اللوحة


علاء الدين احمد ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 5869 - 2018 / 5 / 11 - 17:31
المحور: الادب والفن
    


غيِّرتُ مجرى الحديث بألاشارة من على النافذة صوب الحشد الذي التف حول بائع اللوحات الزيتية، اخذها صديقي بعد ان اتفقنا مع البائع على السعر. عدنا للمطعم مجددا، كانت اللوحة لشاب بمقتل عمره، يرتدي ملابس بالية و يرفع يديه النحيلتين الى سماء، تقف خلفه شجرة حراز طويلة بعثت روحها الى الخلود بعدما فشلت بتوصيل رسالتها في الارض، خلف الشجرة قرية صغيرة ترقد بأحضان جبل ضخم من الجماجم البشرية. اللوحة رُسمت بذوق فني منقطع النظير في الروعة و الابداع اقل ما يمكن ان يُوصف بها انها تجسيدا للجمال في أبهى صورة. فهو لم يكن اكثر من مجرد انسان بسيط، بدين الجسد الى حد ما، نحيل اليدين، قبل سَجنه باللوحة كان يبحث عن الحكمة بالمقاهي، صالات الرقص، المعابد، بيوت الداعرات، صفحات الكتب، عيني من يحب، البارات، يبحث عنها بكل الامكنة التي تخطر او لا تخطر بالبال. ذات مرة وهو كان جالسا على الارض يمارس فن التأمل و الخلو مع الذات. اقبل اليه رجلان من القرية، ثلاث ثم اربع ثم توالى الحضور الى ان تركوا جبل الجماجم يخلو بالقرية الخاوية في ذاك المساء. بدأ يسألهم عن اشياء تبدو بديهية الى حد ما، ماذا تعرفون عن الخير؟؟؟ - الشر؟؟؟ - الحب؟؟؟ - العدالة؟؟؟ - القدر؟؟؟ - الحظ؟؟؟. هذا يصفه بالساحر، ذاك بالجني، ذاك بالانسان الذي تسكنه ارواح شريرة، كانو يتهامسون بتلك الاقوال اثناء عودتهم للقرية بعد منتصف الليل. كان يدندن بموسيقاه بالسوق و الاماكن العامة فيغدق عليه مستمعيهِ بالمال، كل كلامه كان يتنافى مع معتقدهم بالثعبان نيكولاس اله البذور و المطر. فلسفة الحياة عنده بأنها اقرب ما تكون الى مسرح كبير يتقاسمها اكثر من ممثل بأداء دور مسرحي محدد يُوكل اليه «رسالة الحياة» و قد يشترك اكثر من ممثل/مهرّج بتمثيل الدور ذاته، و هكذا قد تتطابق ادق تفاصيل الحياة اليومية لأشخاص مختلفين بأمكنة و ازمنة مختلفة، لكني لا اعرف ما اذا كان الممثل الذي لا يتقن دوره سيكون ذلك خصما على نجوميته، اي لا استطيع الجزم بانه سيعاقب او لا يعاقب على ذلك، لأن منطقيا هناك فرضيتين لتلك المعضلة و لا تمثل اي منهما حلا مقبولا. فاذا كانت الاجابة بـ«نعم» اي سيُعاقب؛ ستجد من يقول ان ذلك من غير العدل و هذا الجواب قد يُغرق بجب من المغالطات و التناقضات اللانهائية. اما اذا كانت الاجابة بـ«لا» اي لا يُعاقب فذلك يعني انه لا يوجد ما يضمن عدم التخاذُل بتمثيل الدور او الحبكة الدرامية بأسلوب يرضي الذوق العام.
في بادئ كان الجميع يقف مشدوها مستنكرا كل ما يقوله من اقوال هدت فيما بعد كل معتقداتهم بآلهتم الاخرى على اختلاف اشكالها. احد الاساطير التي استقرت بالأذهان حتى بعد موته «مات منتحرا» هي قدرته على تحويل كل من لم له تطب له نفسه الى قبعة كتلك التي تنتعلها فروة رأسهُ و ما تلك القبعة الا مسخ لأبن احد الآلهة عندما اغضبه يوما ما. كلما وقع احد من القرية بمحنة او المّ به مكروه كان يأتي لصديقه المقرب محملا بالهدايا و المال مترجيا اياه التوسط بينه و بين الاله الجديد«الغريب».
عندما تسرّب الينا الملل استوقفتنا النادلة قبل مغادرة المطعم، كانت تحمل قائمة الاطباق المتاحة بالمطعم، احسست برغبة جامحة بالتعبير عن غضبي من تأخيرها المبالغ بطريقتي التي يغلُب عليها الشتم بمثل تلك المواقف الا ان ابتسامتها المتسللة من بين شفتيها تدخلت بالوقت المناسب. جلسنا مجددا بالطاولة، غادرت النادلة المكان و لم تترك ما يدل على وجودها سوى تعليقات صديقي و ابداء اعجابه بجمال عينيها التى لا تضاهيها جمالا سوى الريشة التي سجنت ذلك الغريب بتلك باللوحة.



#علاء_الدين_احمد_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الى عاشقة الوردي
- القدر
- فتاة الليل
- السبعيني
- وسط الزحام
- اللوحة المنحوسة


المزيد.....




- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء الدين احمد ابراهيم - سجين اللوحة